العدد 5257 - الجمعة 27 يناير 2017م الموافق 29 ربيع الثاني 1438هـ

بين هيلاري كلينتون وأنجيلا ديڤيس

رضي السماك

كاتب بحريني

في الوقت الذي كانت الاحتجاجات الشعبية ضد تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب قيادة البلاد في يوم تنصيبه على أشدها، وعلى الأخص النسوية منها، كانت المرشحة المهزومة هيلاري كلينتون، والتي كانت تراهن في جزء كبير من حملاتها الانتخابية على جذب أصوات النساء لصالحها، كأول امرأة تصل إلى الرئاسة وتتطلع الناخبات لإسهامها من موقعها في تحسين أوضاع وحقوق المرأة، نقول: كانت مشغولة حينذاك مع زوجها الرئيس الأسبق بيل كلينتون في تمضية ساعات طوال لحضور مراسم تنصيب الرئيس الذي هزمها (ترامب). وفي اليوم التالي (السبت) كانت مشغولة أيضاً مع زوجها لحضور مأدبة غداء أقامها ترامب نفسه، وهذا مجرد مثال بسيط يرينا حقيقة هذه الطبقة السياسية الانتهازية الفاسدة التي تتاجر بالشعارات السياسية البراقة، لخداع الناخبين من أجل مصالحها الشخصية، ومصالح من يدعمها بالمال من كبار الرأسماليين لإيصالها للسلطة. أو ليس أولى بهيلاري، بل والرئيس السابق أوباما أيضاً، أن يكون مكانهما الحقيقي في ذلك الوقت في شوارع نيويورك وواشنطن مع الجموع النسائية والسود الغاضبة، وليس في «البيت الأبيض»، لمجرد إثبات التزامهما وحرصهما على حضور مراسم بروتوكولية في تداول السلطة ثم حضور مأدبة الغداء التي دعاهما إليها ترامب!

ولنقارن هذا الموقف السلبي لهيلاري من الحركة الاحتجاجية ضد ترامب، بموقف امرأة أميركية سبعينية العمر من جيلها ذات أصل إفريقي، والتي برزت في أواخر ستينيات ومطلع سبعينيات القرن الماضي، كواحدة من أبرز المناضلات الشابات الصلبات في أميركا والعالم ضد سياسات حكومة بلادها داخلياً وخارجياً، بل وكانت لها مواقف مشهودة لا تلين في مناهضة إسرائيل والحركة الصهيونية، ونصرة القضية الفلسطينية، وحركات التحرر العربية والعالمية كافة، ألا هي الأستاذة الجامعية أنجيلا ديفيس Angela Davis والتي عُرفت أيضاً بنضالها السلمي العنيد الذي لا يكل من أجل الإفراج عن المعتقلين السياسيين في بلادها، وضد العنصرية حتى وصفها الرئيس الأسبق نيكسون بـ «الإرهابية»، وهي مازالت إلى اليوم على العهد قابضةً على الجمر، وكأنها في فورة شبابها النضالي، ولنترك تالياً سطوراً مُنتخبة من خطابها على مسرح نُصب في الهواء الطلق، أمام حشد من آلاف النساء اللائي شاركن في حركة الاحتجاجات الجماهيرية الأخيرة ضد ترامب، وهي تتحدث عن دعمها القوي هذه الحركة:

«إننا نستلهم قيادة السكان الأصليين الذين لم يتخلوا عن النضال من أجل الأرض والماء والثقافة وشعبهم، على رغم عنف الإبادة الجماعية الهائل. ونحُيي بشكل خاص ستاند روك سو. لا يمكن محو نضال السود من أجل الحرية الذي صاغ طبيعة تاريخ هذا البلد. ولا يمكن أن نُجبر على نسيان حقيقة أن حياة السود مهمة. هذا بلد تأسس على العبودية والاستعمار، ما يعني أن تاريخ الولايات المتحدة بحد ذاته هو تاريخ الهجرة والرهاب والاستعباد. إن نشر رهاب الغرباء وتوجيه التهم بالقتل والاغتصاب وبناء الجدران لن يمحو التاريخ».

ومثلما كان شعار «فلسطين حرة» حاضراً في الاحتجاجات الشعبية الأميركية الأخيرة، فقد كان حاضراً أيضاً في خطاب ديفيس «إنه النضال من أجل إنقاذ كوكب الأرض، ووقف التغير المناخي، وضمان الحصول على الماء من روك سو إلى فلنت، ميشيغان إلى غزة. النضال من أجل إنقاذ الحيوانات والنباتات، وإنقاذ الهواء. هذه هي ساحة المعركة الرئيسية للنضال من أجل العدالة الاجتماعية». مُضيفةً «نُحيي النضال من أجل حد أدنى للأجور، ونكرس أنفسنا لمقاومة أصحاب البلايين المستفيدين من العقارات، الذين يدمرون المدن، مقاومة خصخصة الرعاية الصحية، مقاومة الاعتداءات على المسلمين والمهاجرين، مقاومة الهجمات على ذوي الاحتياجات الخاصة، مقاومة عنف الدولة الذي ترتكبه شرطتها داخل السجون».

إقرأ أيضا لـ "رضي السماك"

العدد 5257 - الجمعة 27 يناير 2017م الموافق 29 ربيع الثاني 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 3:07 م

      صعوبة المقارنة بين الواجهات النفعية الأنتهازية للنظام الرأسمالي،والشخصيات المثقفة بالوعي الإنساني والمرتبطة بقضايا شعوبها ومعاناة الإنسان في العالم

    • زائر 1 | 11:14 م

      بين هاري وانجيلا

      لو خليت لخربت لا يخلو مكان من عارف للحق عامل على نبذ الظلم

اقرأ ايضاً