العدد 5329 - الأحد 09 أبريل 2017م الموافق 12 رجب 1438هـ

اختيار الوظيفة

صالح حسين comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

النظر في خبرات المبدعين والمخترعين يعطي فكرة دقيقة عن نوعية الحرفة أو الوظيفة التي اختارها كل منهم، وأوصلته إلى مراتب الإبداع التي عرف بها. إن اختيار الحرفة أو المهنة التي تناسب الفرد ليست عملية سهلة. فالفرد عندما يتم مراحل دراسته المعينة، يكون في الغالب يحمل هما واحدا وهو الحصول على أي وظيفة. فليس لدينا ترف البحث عن الوظيفة المناسبة من أول يوم نبحث عنها. وما يحدث لكثير من الأفراد في عالمنا، هو حصوله على وظيفة قد لا يجد نفسه فيها، وتمر به السنون حتى سن التقاعد، وهو لا يدري كيف وصل إلى هذه السن، وقد لا يتذكر ما أداه من مهام في الوظيفة التي قضى الجزء الأهم من عمره فيها.

ولذلك من الصعب أن يكون هناك إبداع أو تطوير فعلي على المستوى الشخصي للموظف، أو على مستوى المؤسسة في حالة عدم قيام الشخص بالعمل في الوظيفة المناسبة. وفي المقابل، إذا كان هناك توجه من أصحاب ومالكي الشركات بالحرص الشديد على وضع الموظف المناسب في الوظيفة المناسبة، تكون فرص تطور الشركة أكبر. ولكن كيف تتم عملية الاختيار؟ وما هي الأسس التي تبنى عليها عملية الاختيار؟. ونحن نقدر أن من الصعب على كل شركة معرفة ميول المتقدمين للوظيفة وخصوصا إذا كانوا ممن يتقدمون للوظائف أول مرة، أي ليس لديهم خبرات سابقة.

في هذه الحالة تكون برامج الموارد البشرية موجهة إلى توجيه المسئولين في معرفة ميول موظفيهم لنوعيات الوظائف، ومن ثم تخطيط إحلالهم في الوظائف المناسبة بطريقة منظمة ومخططة. وقد يستغرق الأمر بعض الوقت حتى تحقق الشركة النتائج المرجوة. ولكن من الأكيد بأن الشركات التي تجعل أمر اختيار الموظف المناسب للوظيفة المناسبة هدفا لها، فإن فرصتها في تحقيق النتائج الإيجابية أفضل.

ولكن السؤال الملح بالنسبة للفرد أو الموظف، كيف يختار الوظيفة؟ إن الأمر ليس سهلا، ولكن الوصول إلى قرار شخصي ليس مستحيلا. فالفرد هو الأقدر على معرفة ما يحب أن يعمل وأي وظيفة يختار. وإذا وصل إلى معرفة الوظيفة التي يرى في نفسه حبها والاهتمام بها، فعليه أن يجعلها هدفا يجب تحقيقه. ربما لا يستطيع تحقيق الهدف اليوم؛ ولكن بإصراره على بلوغ الهدف، فلا بد من الوصول عاجلا أو آجلا.

وحتى يستطيع الفرد معرفة الوظيفة التي يرى نفسه فيها، فيمكن القيام بإعداد قائمة من 15 أو 20 وظيفة يحلم بها. قد تكون القائمة تحتوى على وظائف مثل سائق، نجار، حداد، محاسب، موظف استقبال، مديرتسويق... إلخ. عندما تكتمل القائمة، تترك لبعض الوقت وتتم مراجعتها وحذف الوظائف التي لا يميل إليها الفرد. وتتم المراجعة لفترة أخرى وحذف المزيد من الوظائف غير مرغوبة. وبعد أيام ومرات من المراجعة قد يبقى في القائمة 3 وظائف فقط. عند الوصول إلى هذا العدد فالنتيجة تكون معروفة بأن الخيارات هي تلك الثلاث وظائف. ولذلك عملية المراجعة والتمحيص ستظهر بأن إحدى الثلاث وظائف هي الوظيفة الأكثر مناسبة للفرد ليقوم بعملية الاختيار. وحتى لو تم اختيار وظيفة واحدة وبعد فترة، رأى بأنها ليست الأنسب له، فيمكن الرجوع للوظيفتين الأخيرتين والشروع في تجربة إحداها.

نعود للقول بأن اختيار الفرد للوظيفة أو العمل المناسب له، والذي يجد نفسه فيه، يزيد من إمكان الإبداع في الإنتاج وتحقيق الذات. وإذا أحب الفرد عمله فإن حدود التطوير والإبداع كثيرة وكبيرة.

ونحن في مجتمع لا يبذل الجهد الكافي لتشجيع الإبداع، بل قد ينظر لإعطاء وظيفة لأي شخص بمثابة معروف، وإذا أعطيت الوظيفة ظل صاحبها من غير تدريب كاف، فلا الشركة تستفيد فائدة قصوى من إمكانات الموظف ومهاراته، لأنها باختصار لم تجرب أو تشجع الإبداع، ولا الموظف يبادر بالإصرار على الحق في حصوله على التدريب والتطوير.

أي فرد يستطيع اكتشاف مواهبه من خلال الجلوس مع النفس، والتفكير فيما يمكن أن يعمله، وبالإصرار والمثابرة يصل إلى هدفه. أن يتوقع الفرد بأن الآخرين سيبادرون بمساعدته والأخذ بيده إلى الأمام، فهذا التوقع في أغلب الأحيان ليس في محله. فكل فرد له طموحاته وأهدافه. فلا تفكر بأن الآخرين سيطعمونك العسل في ملعقة من ذهب، ولكن بادر بأكل العسل بأية ملعقة وبيدك أنت. الثقة في النفس هي مفتاح تحقيق الأحلام، والإصرار والعمل الجاد هما الطريقان للوصول إليها.

إقرأ أيضا لـ "صالح حسين"

العدد 5329 - الأحد 09 أبريل 2017م الموافق 12 رجب 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 9:50 ص

      تعتبر الخبرة هي أساس الحصول على الوظيفه..الكثير من الشركات و البنوك تعتمد على ذوي الخبرة بل و تفضلهم على غيرهم خصوصا المتقاعدين الذين أفنوا جل أعمارهم في ممارسة مهامهم الوظيفية، و لا ننسى أيضا تأثير الشخصية ألتي تلعب دوراً كبيرا في ذالك... ولد النبيه صالح

اقرأ ايضاً