العدد 569 - السبت 27 مارس 2004م الموافق 05 صفر 1425هـ

جبهة التحرير الوطني البحرانية وذكرى عاشوراء

عبدالرحمن خليفة comments [at] alwasatnews.com

قبل أيام عبّر الأخ العزيز عبدالله العباسي في زاويته (العوسج) عن استيائه وغضبه الشديد لما جاء في بيان غامض صدر عن جبهة مجهولة الهوية بعنوان «المنبر الديمقراطي التقدمي يميط اللثام عن وجهه القبيح»!! ذلك بمناسبة اصدار المنبر بيانا مكرسا لذكرى عاشوراء وثورة الامام الحسين (ع) ضد الظلم والطغيان. أنا شخصيا والكثير من الاخوة ممن عاصروا الحركة الوطنية قد أثارنا ما جاء في ذلك البيان المشبوه من تهجم وعبارات غير لائقة ضد تيار جبهة التحرير.

يبدو لي ان كاتب وناشر تلك الوريقة، إما أنه لا يعلم شيئا عن تاريخ الحركة الوطنية وروافدها وان معلوماته القليلة تنحصر فقط في ظرف تاريخي محدد من تطور الحوادث وبالتالي ربط نضالات وانجازات شعبنا بفصيل واحد من دون غيره أو انه قرر نشر ذلك بسبب حقد دفين في نفسه أراد المجاهرة به وهذا أقرب الى الواقع. ان الحركة الوطنية لم تبدأ قبل خمسة أو عشرة أعوام بل جذورها تضرب في العمق، فابناء جيلي والجيل الذي سبقني يدركون تماما الدور البطولي لجبهة التحرير الوطني البحرانية، التي غرست البذرة الأولى لقيام حركة ثورية منظمة في بلدنا ضمت في صفوفها الكادحين والمثقفين الثوريين والطلبة على امتداد مدن وقرى البلاد، يجمعهم هدف مشترك في التخلص من الوجود الاستعماري البريطاني البغيض، ذلك في وقت كان الكثيرون لا يجيدون حتى الف باء التحرر والديمقراطية.

ان مناضلي جبهة التحرير الوطني البحرانية كانوا على الدوام ومعهم أنصارهم من كل أطياف المجتمع في طليعة المشاركين في المواكب الحسينية، يساهمون بكل حرص وحماس في احياء ذكرى عاشوراء، رافعين الرايات والشعارات الداعية إلى التحالف والتلاحم، ممجدين ثورة الإمام الحسين (ع)، ثورة الأمم المقهورة والمضطهدة ضد قوى الامبريالية والتخلف. شعبنا العظيم لن ينسى أبدا الدور البطولي الكبير الذي لعبته جبهة التحرير الوطني البحرانية المتمثلة في قيادتها التاريخية وقواعدها منذ تأسيسها في 15 فبراير/ شباط 1955م، ولاتزال ذاكرة الوطن تحتفظ بذلك الشعار الوطني، الذي اطلقته نشرة «الجماهير» - لسان حال جبهة التحرير الوطني البحرانية- في النصف الأخير من خمسينات القرن الماضي «عاشت الوحدة الوطنية، الصخرة التي سيتحطم عليها الاستعمار ومؤامراته الدنيئة» كرد فعل جريء على سياسة «فرق تسد» التي مارسها المستعمرون على مدى سنوات وبالذات في عهد االبريطاني المستشار تشارلز بلغريف، الذي طالما عزف على التوتر الطائفي بقصد ضرب وحدة الشعب وتشتيت صفوفه، لقد عمل مناضلو جبهة التحرير الوطني البحرانية في ظل ظروف قمعية قاسية وصعبة للغاية لتوعية الجماهير، سواء عن طريق توزيع المنشورات السرية أو الكتابة على الجدران وفي الطرقات العامة للشعارات المعادية للوجود الاستعماري البريطاني، إذ كان النشطاء يخاطرون بحياتهم في الخروج إلى الطرقات والازقة ومعهم الطلاء بأنواعه غير آبهين باجواء القمع، التي خيّمت على البلاد في ظل قانون الطوارئ وحملات الاعتقال الكيفي لخيرة شبابنا المثقف، وتمادي عصابة القتل والارهاب آنذاك ومارستها لشتى أنواع وصنوف التعذيب الجسدي والنفسي بحق المناضلين الشرفاء في غياهب السجون المظلمة، سواء في قلعة الديوان أو بين صخور ومنحدرات وزنازين جزيرة «جدا» إذ كان جلاوزة الاستعمار وزبانيته من أمثال الضابط الانغلو-قبرصي بوب دلمان وغيره ممن عرف ببذاءته والفاظه النابية والجارحة خلال التحقيق والتعذيب ومعهم نفر من المرتزقة.

إن الدعوة إلى التحالف والتلاحم بين القوى الوطنية من الضوابط المبدئية الثابتة لجبهة التحرير الوطني البحرانية والادبيات الحزبية التي صدرت كانت مرارا وتكرارا تؤكد على هذه النقطة الاستراتيجية في مرحلة النضال الوطني.

كان بيان ذكرى عاشوراء يزين الصفحة الرئيسية من «الجماهير» في العاشر من محرم من كل عام، عنوانا لبطولة جماهيرنا الكادحة وكفاحها ضد الممثل الاجنبي وقوى الظلم والطغيان. هكذا يبرهن الوطن الذي نحبه جميعا على الدور التاريخي لهذا التنظيم الذي آمن بمبدأ الثورة الحسينية واقتدى بالتاريخ المفصل لملحمة المقاومة والاستشهاد في سبيل نيل الحقوق والمطالب.

ان مناضلي جبهة التحرير الوطني البحرانية يتمتعون بخصال حميدة واخلاق عالية وليس من صفاتهم الصاق التهم بالآخرين وتشويه صورتهم، واظن بأن الأمر كذلك بالنسبة للمنبر الديمقراطي التقدمي، الذي لابد أن يحرص على الوحدة ويكرس جل وقته مسترشدا بمواقف وتعاليم التنظيم الأم وقيادته الواعية في حل قضايا الوطن والانسان.

مهما قيل من قبل بعض المغرضين فإن ثقة جماهيرنا لن تتزعزع في مواقف جبهة التحرير الوطني البحرانية أو المنبر الديمقراطي التقدمي، الذي أرى أن ما يصدر من بيانات صادقة هو امتداد طبيعي لتقاليد تاريخية لوجه جميل وتراث حافل. والمنبر حاله حال جبهة التحرير الوطني البحرانية (على رغم بعض تحفظاتي عليه) لابد وان يتعامل مع الواقع والمتغيرات على الساحة المحلية بواقعية ويستمر في نهجه الوطني المرتبط بإرادة الجماهير والايمان الكامل بحتمية تحقيق اهداف شعبنا في بناء أوالٍ حرٍ سعيد

العدد 569 - السبت 27 مارس 2004م الموافق 05 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً