العدد 570 - الأحد 28 مارس 2004م الموافق 06 صفر 1425هـ

نتائج فرض الجهل

عبدالله العباسي comments [at] alwasatnews.com

لا أدري ما الذي يخيف الأنظمة العربية وأجهزة الأمن من انتشار الثقافة والوعي، ما الذي يجعلها تقف حجر عثرة أمام الوعي الجماهيري، علما بأن الذي أوصل الأمة العربية والعالم الثالث إلى هذا المستوى من الضحالة الفكرية واختراق التيارات الراديكالية لها وجعلها هشة في مقاومتها هو الجهل الفكري والسياسي الذي تساعد على خلقه وزارات الإعلام والثقافة في كثير من البلدان، اعتقادا منها أنه كلما اتسعت رقعة الجهل ابتعدت الجماهير عن المطالبة بحقوقها المشروعة، لكن الأيام كشفت عكس ذلك، فكلما اتسعت رقعة الجهل والضحالة الفكرية والسياسية سهل على أصحاب التيارات السياسية المتطرفة أن تحصل على تربة خصبة لبث أفكارها ونشر سمومها، وفي ظني أن سقوط نظام الشاه كانت وراءه هذه النظرية الفاشلة.

تذكرت ذلك وأنا جالس مع اللجنة الثقافية في «مسرح الجزيرة» التي كان أعضاؤها يتحدثون بحماس كبير عن خطتهم لخلق موسم ثقافي متميز ونشط. ويبدو أن أهالي المحرق شديدو الاعتزاز (بمحرقيتهم) لا من منطلق (السلفشية) والشوفينية وحب الذات بل من خلال إحساسهم بأن مدينتهم العريقة هذه أنجبت الكثير من المثقفين وكان لها دور نضالي بارز في مرحلة الاستعمار البريطاني مع عراقة هذه المدينة وما يخلق ذلك من عبق والتاريخ له عبقه وعنفوانه اللذان يفرضان الاعتزاز على أولئك الذين يعيشون على تلك الرقعة من الأرض صغرت أم كبرت.

اقترح أحد أعضاء اللجنة أن يكون تميز عمل اللجنة الخروج على الأسلوب التقليدي فقالت أنيسة فخرو: لنُقِمْ ضمن فعاليات الموسم معرضا يضم مقتنيات أثرية للمحرق، فأجابها رئيس اللجنة: «ما نبغي نتورط» مع وزارة الإعلام فتحتج أن ذلك ليس من اختصاصنا. واقترح آخر أمرا ثانيا أو عنوانا آخر لمحاضرة ما فكان الجواب يتماثل وهو الخوف من وزارة الإعلام وهكذا، ما أعاد إلى ذاكرتي عددا من الفعاليات الثقافية والفكرية والسياسية والمسرحيات التي تم منعها خلال العقود السابقة وكأنها لم تكن عملية تنويرية بل هي عدوان على الحكومة، فانتشار الوعي والثقافة أمران يجب تضييق الخناق عليهما محاضرة كانت أو فنا أو مسرحا.

أذكر أنه خلال السبعينات قدم «مسرح أوال» مسرحية من تأليف الكاتب الكبير راشد المعاودة تحت عنوان «سبع ليالي» وكانت من بين روائع الأعمال التي كتبها، فما كان من جهاز أمننا العتيد الذي كان ذا صلة وطيدة بوزارة الإعلام إلا أن أوقف المسرحية وتم استدعاء المخرج والمؤلف وحتى الأعضاء لاستجوابهم. ترى هل وزارات الإعلام وأجهزة الأمن في بلادنا العربية بمحاربتها للثقافة تخدم النظام أم تضرّه؟

العدد 570 - الأحد 28 مارس 2004م الموافق 06 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً