العدد 690 - الإثنين 26 يوليو 2004م الموافق 08 جمادى الآخرة 1425هـ

إذا... أنتم مطمئنون

محمد فاضل العبيدلي

مستشار في مركز دبي لبحوث السياسات العامة

على مدى شهور، كان التجار يعلنون غير مرة قبل أن يقرروا نهائيا أنهم يعتزمون دخول المعترك السياسي والمحطة الاساسية هي انتخابات العام 2006. أما بعض النواب فقد طرحوا مشروع «تقاعد النواب» في إشارة دالة على التفكير في المستقبل. الجمعيات المعارضة الاربع لاتزال عند موقفها من انتخابات 2006 على طريقة إن «لكل حادث حديثا». أما الناشطات النسويات فيؤكدن من حين إلى آخر ضرورة اقتحام المشهد السياسي في انتخابات 2006.

هكذا اذا وعلى رغم كل علامات التذمر والشكوى، فإن الجميع يتحدث عن الانتخابات المقبلة في 2006 أو يتعاطى معها سلبا أو إيجابا، وهذه علامة إيجابية بلاشك أيا كان نوع الحديث. المدلول الاهم في كل هذا الحديث عن المستقبل يعني أن هناك ثقة ترسخت بأننا سنصل إلى انتخابات أخرى مقبلة، أو بعبارة أخرى أن المسيرة الديمقراطية ستستمر.

الثقة في الوضع الراهن على رغم كل ما يعتريه والتفكير في المستقبل، أليس هذا مكسبا مهما؟ كم بودي أن استخدم مفردة أخرى غير «المكسب» لكثرة ما استهلكها جدل عقيم ظل مهيمنا علينا منذ 3 سنوات. ولأولئك الذين يهمهم المستقبل، يمكنهم أن يروا أكثر من هذا في خضم الصراخ.

في ابريل/نيسان الماضي، اصدرت المحكمة الكبرى المدنية الثالثة حكما قضى بإلزام وزارة الداخلية بدفع تعويض لعائلة محمد جمعة الشاخوري الذي توفي بطلقة مطاطية أثناء تفريق تظاهرة أمام السفارة الاميركية في العام 2002.

هل تعرفون ماذا يعني هذا؟ إنه يعني أن المحكمة أرست بذلك الحكم مبدأ «مسئولية الدولة عن أعمال موظفيها». هذه المسئولية التي كانت مغيبة في «قانون المخالفات المدنية» القديم الذي ظل معمولا به منذ الستينات حتى العام 2001 قبل أن يصدر «القانون المدني» ويقر هذه المسئولية ويسمح بمقاضاة الدولة.

إقرار مبدأ المسئولية التقصيرية للدولة وبالتالي امكان مقاضاة الدولة وموظفيها تحول مهم في العلاقة بين الدولة ومواطنيها أو بالاصح تصحيح لعلاقة مختلة. الدولة محاسبة على أعمالها، وموظفوها محاسبون على أعمالهم. هذا لا يعني أننا استرددنا حقا اصيلا لنا باعتبارنا مواطنين في مواجهة جهاز الدولة وبيروقراطييها فقط، بل إن على أولئك الذين يقترحون القوانين في الدولة أن يتذكروا هذا جيدا. العلاقة اليوم لم تعد كما كانت في السابق، بل إن لنا باعتبارنا مواطنين افرادا حق الرجوع على موظفي الدولة اذا ما ارتكبوا أية اخطاء بحقنا، لذلك فإن المنطق يقتضي أن ننأى بأنفسنا عن ذلك النوع من القوانين الذي من شأنه أن يحدث أي اختلال في مبدأ هذه العلاقة.

لا تفكروا في ذلك النوع من القوانين الذي يعطي موظفي الدولة سلطات اضافية من شأنها أن تضر بمبدأ المسئولية التقصيرية لان هذا معناه «قضم حقوقنا» باسم القانون، ليست الحكومة فقط معنية بهذا بل النواب ايضا. بعض هؤلاء أثبت أن لديه استعدادا لاعادة الاختلال الى علاقة الدولة بالمواطن من دون ان يدري.

لكن، هل لاحظتم أي تغيير في عمل موظفي الدولة؟ هل لمستم أي تغيير في طريقة التعامل مع الطوابير والمراجعين؟ هل تحسنت معاملة موظفي الدولة؟ هل أبلغ موظفو الدولة بالتغيير الذي حمله «القانون المدني» واقرار مبدأ المسئولية التقصيرية لكي يدفعوهم للتجويد في اعمالهم والابتكار والابداع وتخفيف الشكاوى؟ هل ثمة لمسات ابداع في أدائهم؟ هل أصبحتم تشعرون بلمسة محبة في تعاملهم؟ أو أنهم قادرون على الابتسام؟ كيف هي الحال في قسم الطوارئ؟

إذا لمستم أي تغيير، سأكون مسرورا لو أبلغتموني لأضاعف من جرعة تفاؤلي في المستقبل

إقرأ أيضا لـ "محمد فاضل العبيدلي"

العدد 690 - الإثنين 26 يوليو 2004م الموافق 08 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً