العدد 763 - الخميس 07 أكتوبر 2004م الموافق 22 شعبان 1425هـ

السلوك والممارسة عند الديمقراطيين

منى غزال comments [at] alwasatnews.com

إن المجتمع الذي يفتقر إلى المساواة والحرية والديمقراطية عاجز وسيعجز عن تحقيق المطلب الحقوقي النسوي ما لم يرتبط بتحول نوعي في العلاقة البنيوية للمجتمع العربي، فتحرر المرأة وممارستها لحقوقها الاجتماعية رهن بتحرر الرجل وانعتاق المجتمع من واقع التخلف بكل رموزه الإنتاجية والثقافية، وأمام عجز المنظومات الفكرية السائدة: «القومية» و«السلفية» و«السلفية المعاصرة»، عن عتق المجتمع العربي من مأزقه الحضاري.

وهكذا تظهر توجهات التيارات السياسية المختلفة نحو المرأة ونظرتها لفكرة التحرر. ويهمنا هنا تلخيصها السريع للخطاب الإسلامي للتيار السلفي المعاصر إذ يقف متشدداً من موضوع الاختلاط بالمشركين الذين يتحدثون بمنافع الخمر وينسون إثمه الكبير، وهم ينظرون إلى الخطاب السلفي نظرة غير واقعية ومخطئة في أن الخطاب السلفي يعارض التعليم الحديث باعتباره وافداً غربياً، ويؤكدون ضرورة التعليم الديني للفتاة تشبهاً بالسيدة عائشة، كما يرون أن التعليم الجامعي غير أساسي والأصل في هذه المرحلة أن تكون المرأة وصلت بيت الزوجية وأسست أسرة جديدة، عملاً بتوجيهات الاسلام بضرورة الزواج المبكر.

وفي العلاقة بين الرجل والمرأة في المجتمع يحرم الدعاة السلفيون على المرأة التعامل والتخاطب مع الاجنبي عنها (أي كل من لا تربطه بالمرأة صلة دم من الدرجة الأولى)، وطبعاً هناك الكثير من الاتهامات للتيار السلفي، وقد يكون بعضها مبالغ فيه.

إن مضمون الخطاب السلفي المعاصر بشأن المرأة وأبعاده وآثاره في تخلف وتزييف وعيها، قد تبدى في دفاعه عن الخيارات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية القائمة في المجتمع العربي، وذلك باقتصاره على رفض الفساد الأخلاقي وتحويله الأنظار عن فهم التناقضات الاجتماعية والأسباب الحقيقية للتدهور والتخلف والتبعية. والمطالبة والدعوة إلى عودة المرأة لملازمة البيت، تشكل في واقع الأمر حلولاً آنية لأزمة البطالة في المجتمع، والرغبة في إيجاد فرص عمل للملايين من العاطلين من الرجال الذين انسدت أمامهم آفاق العمل.

هكذا تبدو الازدواجية في الفكر والواقع، وتصل إلى ذروتها فيما تعيشه المجتمعات العربية اليوم من أوضاع، وفيما تعانيه المرأة العربية من تراجع وانحسار.

ومن خلال بحث موثق وتحليل حديث لأقوال الشباب والشابات عن مجتمعهم نقرأ من دراسة جديدة للباحثة مي يماني من السعودية، عن الشباب والشابات السعوديات، إذ تقدّم توثيقاً وتحليلاً لأقوال الشباب والشابات عن مجتمعهم السعودي وحكومتهم وعن آمالهم تجاه المستقبل تظهر نتائجها، هناك نوستالجيا واضحة، مع اعتقاد سائد أن الحكومة كانت أفضل في ظل الحكام السابقين. كما أن تعليقات الشباب تتمحور حول شعورهم بكونهم مهمشين بالنسبة إلى الحكومة وإلى المجتمع عموماً، وهذا يؤدي الى انتقاد واسع لتجاهلهم ويريدون شكلاً من المشاركة في أعمال الحكومة ويتمنون أن يشعروا أن اهتماماتهم الحقيقية على الأقل تم الاستماع اليها وأخذت في الاعتبار من قبل السلطات.

الموضوع الدائم الذي طرح في كل المقابلات هو رغبة الجيل الجديد في التحرر من القيود سواء كانت سياسية واضحة أم اجتماعية عامة. وبعيداً عن كونهم محافظين أو ليبراليين أو إسلاميين، ذكوراً أم إناثاً، أغنياء أم فقراء، فكل الذين تمت مقابلتهم عبَّروا عن رغبتهم في الحصول على حرية أكبر والحصول على مساحة أوسع يستطيعون من خلالها تشكيل رغباتهم وحاجاتهم.

وعليه فإن مسألة المعايير المزدوجة تظل محل اعتماد كبير بالنسبة إلى الجيل الجديد، كذلك فإن توقعات الجيل مطبوعة بحس الفقدان الكبير حينما يفكرون بالمنافع التي كان يعتبرها آباؤهم حقاً من حقوقهم، ولكنها أصبحت الآن وبشكلٍ متزايدٍ صعبة المنال، وتبدو أفكارهم متأثرة بأفكار من خارج المجتمع السعودي وهي تتعلق بالتقدم، التجارة، التعليم. وعموماً فإن أعضاء الجيل الجديد المفعم بحس أكيد بهويته الوطنية، يريدون لبلدهم أن يزدهر، وبطريقة مترادفة مع هذا يريدون فسحة في داخل المجتمع السعودي من أجل تطوير مواقفهم وأفكارهم من دون طغيان الحضور الكلي للدولة والعلماء فقط.

كاتبة بحرينية

العدد 763 - الخميس 07 أكتوبر 2004م الموافق 22 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً