العدد 931 - الخميس 24 مارس 2005م الموافق 13 صفر 1426هـ

صامتون "ولاء للوطن"...!

عبدالله الميرزا abdulla.almeerza [at] alwasatnews.com

نغمتان جديدتان لم يعهدهما قبلا شعب البحرين الذي عجنت طينته بماء الأخوة والتلاحم في سنوات المحنة والرخاء. .. استحدثتهما بعض "الأقلام" على "السلم السياسي" في السنوات الأخيرة، وأخذت تتلاعب بهما كيفما وأينما ومتى ما تشاء، وتعزف بهما إما على أوتار النوايا البريئة أو المصالح الدنيئة... هما مصطلحا "الوطنية" و"الطائفية".

في الماضي لم يحتج أجدادنا وآباؤنا ومن قبلهم إلى من يطبل ويزمر ليل نهار ليعلمهم معنى حب الوطن والتآخي والترفع على ما أفرزته القرون السالفة. كما لم يكونوا بحاجة الى صحافة عقيمة تهول لهم ما صغر من توافه الامور الخلافية، زاعمة انها تدعو إلى التسامح العقائدي. على رغم الامية التي عاشها سلفنا والظلام المطبق الذي حرمهم من التعليم فإنهم كتبوا جميعا بماء الفطرة على صدورهم:"فلنتفق على ما يمكن الاتفاق عليه، وليعذر بعضنا بعضا فيما نختلف". هذه القاعدة لم يدرسوها في المدارس أو الوسائل الاعلامية "الحريصة" على الوطن، وانما أملتها عليهم فطنة العقول وصفاء النفوس وعفويتهم فحسب.

أما نحن اليوم، وفي عصر "الانفتاح"، عصر التفتق الذهني الذي يخترق حدود العقل والمنطق باسم التحرر، فإننا صرنا نحتاج في كل صباح إلى من يعلمنا فنون التعاطي مع الآخر، وإلى من ينبهنا ويذكرنا بانتمائنا الوطني. واصبحنا نتقاذف بتهم خيانة الوطن وشق الصف ونتأرجح بين الرجعية والحداثة في كل لحظة!

لمن هذا الوطن؟

هذا السؤال يستوقف ذهنك كلما طبل مطبل في فتنة عمياء على دفوف "الولاء الوطني". وتقفز معه أسئلة كثر عن معنى الوطنية وحدود المواطنة ومزايا المواطن وكيف يطعن الوطن وممن، ولماذا لعبة "ولاء الوطن". عند ذلك تجر نفسا عميقا تختزل فيه جميع تلك الأسئلة وغيرها ثم تتنفس الصعداء في محاولة لاستنطاق الواقع، لعله يملك الجواب الشافي.

طبيعي أن الوطن أولا هو ملك لكل من عاش بأصله وتمرغ وترعرع على ترابه ردحا من الزمن مهما اختلف عرقه وانتماؤه العقيدي. وطبيعي أكثر من ذلك أن من يعشق تراب الوطن لن يرضى ببيع ولو شبر منه وان كان على حساب نفسه فضلا عن الآخرين... وهذه بديهة الانسان على وجه الأرض. ولكن ما ليس طبيعيا أن تتشدق باسم الوطنية من اجل غرض "آخر" في نفسك، وتتحامل على اخيك بغية جر النار إلى داره من دون ذنب أذنبه سوى اختلافك معه في الرأي او المذهب. كما انه ليس من الطبيعيا ان تراهن على تراب وطنك وتراثه من أجل أن تكدس الملايين التي لا ينتفع أبناء الوطن بشيء منها يسد رمق فقرهم. فهل التفت المنشغلون بالإدانة وتجريد الآخرين من ولائهم الوطني إلى خطورة وصفهم؟ وهل ادركوا معنى المواطنة الحقة وحدودها ومزاياها، ام ان النفس تخفي ما هو أخطر من ذلك؟

اقل ما يمكن ان يقال في هذا الجو المشحون بغبار التخوين الاسود ورياح التكفير العاتية: "هونوا عليكم ايها المحبون لوطنكم جميعا، والتفتوا إلى الخطر المحدق حواليكم وإلى ما هو مقبل... واسعوا إلى ان تكفوا الوطن شره".

ما هو حواليكم احتلال لوطنكم بلون جديد، فالمحتلون من داخل الوطن "متنفذون حتى النخاع"، والمحتلة هي اراضي هذا الوطن وخلجانه وتراثه "بدءا من الأحزمة الممتدة بطول وعرض البحرين، وصولا إلى خليج توبلي، وليس انتهاء بمقابر عالي". مئات الامتار تستباح كل يوم لتباع في سوق "المتزلفين" وتستقر في بطون لن تشبع حتى ترتشف دماءكم بعد ترابكم.

اما ما هو مقبل فهي تلك الحملة الارهابية العارمة التي قد وصلت إلى "جاركم" فلتحسبوها في "داركم"، وان تغافلتم عنها فستنزل عليكم الطامة الكبرى بعمليات انتحارية لا تستثني أحدا.

هنا يبرز الولاء الصادق للوطن... هيا، اشحذوا اقلامكم النبيلة وبياناتكم الحريصة على امن الوطن من اجل الاستنكار والرفض. وتهيأوا لفضح المتخفين وراء اقنعة التكفير، وان كانوا من اقربائكم نسبا أم فكرا. فحماية الوطن لا تحتمل القرابة مهما تكن... فهل انتم فاعلون؟

إقرأ أيضا لـ "عبدالله الميرزا"

العدد 931 - الخميس 24 مارس 2005م الموافق 13 صفر 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً