العدد 4669 - الجمعة 19 يونيو 2015م الموافق 02 رمضان 1436هـ

تفعيل مجلس الموارد المائية في البحرين... خطوة أولى مباركة نحو تأكيد استدامة قطاع المياه

وليد زباري - عبدالمجيد عبدالله
وليد زباري - عبدالمجيد عبدالله

ضمن التفكير الاستراتيجي والعصف الذهني لمجلس الوزراء في ختام مداولاته في الدورة الماضية، فقد ناقش المجلس في جلسته الأخيرة موضوع المياه وضرورة صياغة استراتيجية مائية بعيدة المدى للمياه تهدف لاستدامتها في المملكة، وتكون مسئولة عنها جهة مركزية واحدة مع وضع مؤشرات الأداء المناسبة لها التي تعكس مدى تنفيذ الاستراتيجية.

وبذلك، وصف أستاذ الموارد المائية، منسق برنامج إدارة الموارد المائية بكلية الدراسات العليا، وليد زباري، ومستشار وزير الطاقة عبدالمجيد عبدالكريم: «كيفية إعداد الاستراتيجية المائية في البحرين وإعطاء موضوع المياه الأهمية القصوى، فقد وافق مجلس الوزراء في جلسته بتاريخ 25 مايو/ أيار 2015 على إعادة تشكيل مجلس الموارد المائية برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة وعضوية الوزراء المعنيين بقطاع المياه في البحرين، كما تم تحديد وزير الطاقة عبدالحسين ميرزا ليكون الوزير المسئول عن أعمال هذا المجلس أمام السلطة التشريعية على أن تتمحور مهام ومسئوليات مجلس الموارد المائية في إعداد الاستراتيجية المائية بعيدة المدى».

أهمية توافر البيئة التمكينية

لإدارة الموارد المائية الكفء

وقالا «بشكل عام، تعتمد الإدارة المتكاملة للمياه على وجود التنظيم والترتيب المؤسساتي المناسب، والإطار القانوني الفعال، والموارد الفنية والبشرية الكفؤة. بمعنى آخر، يجب توافر «بيئة تمكينية» للوصول إلى إدارة فعالة للمياه. وفي مجال الترتيب المؤسساتي لقطاع المياه، فلقد بين وزير الطاقة ميرزا في لقاءات سابقة عدة أن مسئولية إدارة وتشغيل مرافق وموارد المياه على المستوى الوطني تتوزع على ثلاثة جهات حكومية وهي «هيئة الكهرباء والماء» وهي مسئولة عن «مياه الشرب المحلاة المزودة للقطاع البلدي»، و«شئون البلديات والتخطيط العمراني» وتتضمن مسئوليتها إدارة المياه الجوفية وقطاع الزراعة، و«شئون الأشغال» التي يقع ضمن دائرة اختصاصها تجميع مياه الصرف الصحي ومعالجتها وإعادة استخدامها بالتعاون مع القطاعات الأخرى. ولقد أدى هذا الترتيب المؤسساتي المجزأ إلى غياب التنسيق والتكامل بين القطاعات المسئولة وهيمنة التخطيط والإدارة القطاعيين، وغياب التخطيط المتكامل الاستراتيجي للمياه في المملكة، وفي بعض الحالات تكرار وازدواجية الجهود وتشتتها، وفي بعض الأحيان تعارض القرارات والأهداف والخطط. كما أنه بسبب هذا الترتيب المؤسساتي المجزئ أصبح التنسيق بين قطاع المياه والقطاعات الأخرى ذات العلاقة مثل قطاعي الطاقة والزراعة والبيئة محدوداً. ولذا دعا وزير الطاقة ميرزا الى إعادة تشكيل مجلس الموارد المائية وتفعيل دوره وتولي مسئولياته على المستوى الوطني. وقد ذكر الوزير ميرزا في مناسبات علمية عدة أن إنشاء مجلس الموارد المائية في المملكة سيضمن توافر البيئة التمكينية للإدارة المتكاملة للموارد المائية من حيث أولاً التنسيق بين الجهات المتعددة ذات العلاقة بالمياه في المملكة، وثانياً في توافر جهة تخطيطية مركزية عليا تضع السياسات المائية للبحرين بشكل متكامل، وتترجم هذه السياسات إلى استراتيجية مائية شاملة ومتكاملة بعيدة المدى وتتابع تنفيذها لضمان استدامة المياه في المملكة، وضمان استدامتها في خدمة أهداف التنمية فيها».

تفعيل مجلس الموارد المائية

واضافا انه «يرجع تاريخ تأسيس مجلس الموارد المائية إلى 33 عاماً، وتحديداً في العام 1982 حينما قامت حكومة البحرين بإنشاء أول تشكيلة لهذا المجلس الوزاري، بحسب المرسوم بقانون رقم (7) لسنة 1982، وتم تحديد أهم اختصاصاته آنذاك برسم السياسة المائية للبلاد على ضوء نتائج الدراسات والمسوحات المائية، وحماية وتنمية الموارد المائية بما يكفل استمرارها وكفاءتها، والعمل على اتخاذ الاجراءات الكفيلة بحسن استغلال المياه لمختلف الاغراض الزراعية والصناعية، وتنسيق العمل مع الجهات ذات العلاقة باستغلال المياه وضبط جهود هذا الاستغلال بحيث تكمل بعضها، والنظر في المسائل التي قد تنشأ من جراء تطبيق السياسة المائية، وتنظيم حفر الآبار والإخطار عنها وغير ذلك من المسائل المتعلقة بالآبار، ويشمل ذلك منع حفر الآبار في طبقات معينة أو مناطق معينة، ومباشرة الاختصاصات في المسائل المنصوص عليها في بعض المواد التي احتواها المرسوم بقانون رقم 12 لسنة 1980 بشأن تنظيم استعمال المياه الجوفية».

وتابعا «وفي ظل التطورات التي مرت بها البحرين في السنوات الأخيرة من تنمية اقتصادية واجتماعية متسارعة، والتي صاحبها تزايد كبير في الطلب على المياه أدى إلى استنزاف مصادر المياه المحدودة وتهديد استدامتها في خدمة أهداف التنمية، والحاجة الملحة للتعامل مع القطاع المائي بشكل متكامل، وفي ظل التحديات الراهنة التى يواجهها قطاع المياه على المستوى الوطني وكذلك على المستوى الإقليمي، فلقد كان لزاماً أن يتم إعادة تفعيل مجلس الموارد المائية السابق وإعادة تشكيله ومراجعة اختصاصاته بما يتماشى مع المتغيرات والمعطيات التي استجدت على الواقع المائي في المملكة. وبناء عليه أصدر نائب جلالة الملك القانون رقم (36) لسنة 2009 بشأن تعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم (7) لسنة 1982».

دور السلطة التشريعية في التأكيد على استدامة الموارد المائية

من جهة أخرى، فلقد كان للسلطة التشريعية في مملكة البحرين دور كبير في الدفع لإعادة تشكيل مجلس الموارد المائية، حيث أبدى المجلس الوطني بغرفتيه في دورته الماضية اهتماماً كبيراً بموضوع آلية عمل وإعادة تفعيل أعمال مجلس الموارد المائية من خلال العديد من المراسلات والاستفسارات للسلطة التنفيذية.

مهام مجلس الموارد المائية

وقالا زباري وعبدالكريم «لقد تم تعديل مهمات المجلس الجديد لتكون أكثر وضوحاً وتحديداً، لتشمل رسم السياسات الاستراتيجيات المائية، ومراقبة تنفيذها للتأكد من سيرها وفق الخطط المرسومة، وتقديم الدعم الكافي للأجهزة التنفيذية المعنية لضمان تنفيذ السياسات الموضوعة، واقتراح التشريعات والقوانين المتعلقة بالموارد المائية، وتفعيل آليات الرقابة على تنفيذها، والتأكد من وجود آليات للتنسيق والتكامل بين مختلف الجهات ذات العلاقة، ومتابعة ومراقبة تنفيذ أنشطة وبرامج وخدمات مشاريع قطاعات المياه كافة بكل مصادرها، وتقديم المشورة الفنية والإدارية لمجلس الوزراء، وزيادة الوعي لدى الأفراد وقطاعات المجتمع كافة بضرورة الحفاظ على الموارد المائية وحسن استخدام المياه».

وتابعا «من إيجابيات القانون (36/2009)، إضافة إلى ما ذكر أعلاه من توفير البيئة التمكينية للتخطيط المتكامل لقطاع المياه، اهتمامه بالجوانب التخطيطية والاستعانة بالخبراء المختصين من خلال إنشاء لجنة فنية استشارية داعمة تتكون من ممثلين عن الجهات المختصة بالكهرباء والماء والبلديات والأشغال والإسكان والصحة والبيئة والصناعة والتجارة، ومن يراه مجلس الموارد المائية من ذوي الخبرة والاختصاص، وتختص هذه اللجنة بتقديم المشورة الفنية للمجلس، وصياغة السياسات والخطط المائية، والإشراف على سير العمل والتنسيق بين الجهات المعنية في كلّ ما يختص بمتابعة تنفيذ قرارات وخطط وبرامج المجلس».

وذكرا «يتطلب القيام بهذه المهمات توافر الموارد والقدرات الفنية والبشرية والإمكانيات التقنية المتقدمة والمساندة. ففي حين أنه من السهل وضع الخطوط العريضة للسياسة المائية العامة للبحرين، فإن صوغ الاستراتيجية المائية ووضع خططها المستقبلية ومتابعة تنفيذها سيتطلب وجود متخصصين في اللجنة الفنية الاستشارية من مختلف مجالات المياه، وكذلك في مجالات البيئة والاقتصاد والقانون من الوزارات المعنية والجامعات ومعاهد البحوث لتشكيل فرق عمل متعددة التخصصات ومتكاملة. كما سيتطلب ذلك الاستعانة بأحدث المنهجيات والتقنيات المستخدمة في بناء النماذج الإدارية المائية المطلوبة. ولذلك؛ فإنّ المطلوب إيلاء أهمية خاصة لجانب بناء القدرات الوطنية في مجال التخطيط الاستراتيجي لإدارة الموارد المائية كي يؤدي المجلس دوره بفعالية، وترتفع كفاءة عملية اتخاذ القرارات فيه، ولضمان استمرارية هذه العملية في المستقبل».

الربط مع الاستراتيجية

الموحدة لدول المجلس

وقالا أستاذ الموارد المائية، منسق برنامج إدارة الموارد المائية بكلية الدراسات العليا، وليد زباري، ومستشار وزير الطاقة عبدالمجيد عبدالكريم «يأتي هذا القرار متزامناً ومتوافقاً مع التطورات في مجال الموارد المائية على مستوى دول مجلس التعاون، حيث يتم حالياً إعداد استراتيجية موحدة للمياه في دول المجلس وذلك بإشراف الأمانة العامة بعنوان «إعداد استراتيجية موحدة لقطاع المياه وخطة تنفيذية لدول مجلس التعاون للفترة من 2015 - 2035»، ومن المتوقع أن تعرض على الوزراء المعنيين بالمياه في دول المجلس في سبتمبر/ أيلول المقبل لإقرارها. ويتم القيام بهذا المشروع تنفيذًا لقرار وتوجيهات قادة دول المجلس في القمة الواحدة والثلاثين في أبوظبي العام 2010 والتي ركزت على المياه والطاقة والغذاء، وصدر عنها وثيقة (إعلان أبوظبي)».

واضافا لقد أشارت وثيقة أبوظبي إلى «... أهمية قطاع المياه في دول المجلس وضرورة إعداد استراتيجية مستقبلية يراعى فيها احتياجات المحاور الثلاثة للتنمية المستدامة وإلى النهضة التنموية الكبيرة التي تشهدها دول المجلس في القطاعات والمجالات كافة وما يصاحبها من تحديات جسام». ودعت إلى «اتخاذ خطوات جادة نحو استراتيجية خليجية شاملة بعيدة المدى بشأن المياه يعتمدها المجلس الأعلى لمجلس التعاون كأولوية قصوى وتأخذ في اعتبارها تأثير تغير المناخ على الموارد المائية وترشيد الاستهلاك في مختلف القطاعات التنموية والتأثيرات المتبادلة بين قطاعي الزراعة والمياه وتأثير التحلية على نوعية مياه البحر وتغير المناخ وكذلك التخزين الاستراتيجي للمياه».

وتابعا «تشمل الاستراتيجية محاور وأهداف استراتيجية عدة يتطلب القيام بها على نحو خليجي مشترك وعلى المستوى الوطني، حيث تهدف إلى توطين تقنيات التحلية في دول المجلس وتعظيم القيمة المضافة من التحلية في دول المجلس، وتنمية واستدامة موارد المياه (مياه التحلية، المياه الجوفية، ومياه الصرف الصحي المعالجة)، واستخدام الموارد المائية بكفاءة وعدالة في القطاعات الرئيسية المستهلكة لها (البلدي والزراعي والصناعي)، وتعزيز تأمين إمدادات المياه البلدية في حالات الطوارئ، والحوكمة الفعالة والتوعية، والكفاءة الاقتصادية والاستدامة المالية لقطاع المياه».

الربط مع الاستراتيجية

العربية للأمن المائي

وقالا «كما أنه من المؤمل أن تتكامل الاستراتيجية الموحدة لقطاع المياه بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مع استراتيجية الأمن المائي العربي (2010- 2030) الصادرة عن المجلس الوزاري للمياه بجامعة الدول العربية في العام 2011، وتتفق مع أهدافها الرئيسية من حيث تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد المائية، وتوفير خدمات مياه الشرب والصرف الصحي، وحماية الموارد المائية من التلوث والاستنزاف، وتوطين تقنيات تحلية ومعالجة المياه، ومواجهة التأثيرات المحتملة لظاهرة تغير المناخ، وإرساء مبادئ الإدارة المتكاملة للموارد المائية، وتنمية القدرات البشرية، وتعزيز دور البحث العلمي، ورفع الوعي لدى شرائح المجتمع كافة، وتفعيل دور المجتمع المدني».

واختتما حديثهما بقولهما «إن قرار إعادة تشكيل المجلس الحالي والذي يتعلق أساساً بالترتيب المؤسسي لإدارة الموارد المائية في البحرين يعطي البحرين فرصة التعامل مع المشكلات المائية التي تواجه قطاع المياه بشكل متكامل وبعيداً عن الحلول المجزأة والقطاعية التي تنتج عن الترتيب المؤسسي السابق، ووضع الاستراتيجيات المائية المتكاملة بعيدة المدى لتحقيق استدامة الموارد المائية في المملكة. كما أن تزامن إعادة تشكيل مجلس موارد المياه في مملكة البحرين وإعداد الاستراتيجية الموحدة للمياه في دول المجلس يمثل فرصة كبيرة للمجلس المعاد تشكيله للقيام بمهامه الرئيسية، وأبرزها رسم السياسات والاستراتيجيات المائية العامة بعيدة المدى الهادفة إلى حماية وتنمية الموارد المائية بما يكفل حسن استغلالها لمختلف الأغراض.»

واضافا «فإننا نتطلع إلى أن يقوم مجلس الموارد المائية بالاسترشاد بالاستراتيجية الموحدة لدول المجلس في رسم السياسات والاستراتيجيات المائية للبحرين، ومراقبة تنفيذها للتأكد من سيرها وفق الخطط المرسومة، والمضي يداً بيد مع دول المجلس في تأسيس قطاع مائي مستدام وكفء وعادل وآمن لكي يسهم في التنمية الاجتماعية - الاقتصادية المستدامة لدول المجلس».

العدد 4669 - الجمعة 19 يونيو 2015م الموافق 02 رمضان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً