العدد 4709 - الأربعاء 29 يوليو 2015م الموافق 13 شوال 1436هـ

من دروس الشعوب

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ليس هناك عاقلٌ يدعو إلى جرجرة بلاده إلى مستنقع العنف والإرهاب والقتل. وكل الشعوب المتحضرة ترفض العنف والإرهاب والقتل وسفك الدماء.

ليس هناك بحريني واحد أصيل، يدعو إلى سفك دم بحريني آخر أو حتى غير بحريني، فالدم الإنساني له حرمته، ولن تجد بين البحرينيين من يدافع عن سفك دم أي إنسان، مهما كانت الخلافات السياسية بينهم.

العنف لا يجر إلا إلى العنف، والعنف عقيم. هذا ما أثبتته تجارب الشعوب في آسيا وأفريقيا وأوروبا وأميركا اللاتينية. فكيف بشعبٍ يختزن تجربةً طويلةً من العمل السلمي، والنزعة الفطرية نحو الصلح والسلم، حيث يعلّم الآباء أبناءهم بأن بلدهم ثاني بلدٍ –بعد المدينة المنوّرة- استجاب للدعوة بمجرد وصول رسالة من النبي محمد (ص).

الجمعيات السياسية التي تمثل ثقلاً في الساحة الوطنية، سارعت إلى إدانة «تفجير سترة»، بلا تردد ولا تلكؤ ولا غموض. فالرؤية واضحة للجميع، والقناعة بالحراك السلمي محسومةٌ لدى الغالبية العظمي، ولذلك لا تلقى دعوات العنف أي صدى أو استجابةً في الشارع.

قبل عام تقريباً، حاول أحد الأشخاص غير البحرينيين المشبوهين في الخارج الطنطنة على موضوع التجنيس السياسي، محاولاً استغلال هذا الموضوع الحسّاس، ليحرّض بطريقةٍ مبطنةٍ على استخدام العنف. يومها تصدّينا وغيرنا لهذه الدعوة المشبوهة التي تهدف لدفع البحرين إلى حلقةٍ مفرغةٍ من الاقتتال. نختلف حول التجنيس وغير التجنيس، وقد لا نتفق على أيّ حلٍّ مرضٍ في هذه المرحلة أو تلك، لكن سنبقى متفقين كلمةً واحدةً على حرمة الدم من أي طرف كان، ليس فقط لأننا عرب ومسلمون... بل لأننا بشر.

في اليوم الأول، وفي أسرع ردٍّ على ما جرى، أصدرت أبرز الجمعيات السياسية (الوفاق، وعد، التجمع القومي) بياناتٍ مندّدة بتفجير سترة، وذلك عن قناعةٍ تامةٍ وليس مجاملة أو «تقية»، بل انسجاماً مع مبادئها ومواقفها المعلنة، وإيماناً بعبثية العنف وعقمه، ومآلاته المكلفة على البلد. فليس عاقلاً من يرى ما يجري في سورية والعراق واليمن وليبيا وتونس، من قتل واقتتال، ثم يدعو لتكرار الفاجعة في بلده. وإذا كانت هناك أصوات خارجية تدعو لتبني العنف في الداخل، فلن تجد من يستمع لها على الإطلاق. فالبحرين بلدٌ نزّاعٌ للسلمية بفطرته وسجاياه، ولن تغيّر طبيعته أية حوادث عابرة أو دعوات مشبوهة.

البيانات الثلاثة تضمنت مبادئ مشتركة، في مقدمتها رفض العنف رفضاً باتاً، وبشكل تام، والالتزام بالحراك السلمي ضمن العرف والقانون (الوفاق)؛ مع إدانة هذا العمل الذي يزيد الوضع السياسي تعقيداً، ويزيد حدة التوترات والاستقطابات، ونبذ العنف والعنف المضاد تجنيباً للبحرين ويلات الإرهاب في الإقليم (وعد)؛ والتمسك بالعمل السلمي كخيار استراتيجي، ورفض شتى أعمال العنف أياً كان مصدرها، والحوار كسبيل للخروج من الأزمة (التجمع).

هذه الأفكار ليست جديدةً، وإنّما تكرار للمبادئ التي تؤمن بها هذه القوى السياسية، وسبق أن ضمّنتها في «وثيقة المنامة» و«وثيقة اللاعنف» قبل عامين.

البحرين لمن يعرفها، ليست بيئةً حاضنةً ولا متعاطفةً مع العنف والإرهاب. وهو العامل الذي وقاها من التردي في مستنقعات النزاعات الدامية، كما حدث في دول عربية شقيقة أخرى. فالدخول في هذا المستنقع ليس له بابٌ للخروج، كما نشاهد في سورية وليبيا واليمن ومصر والعراق.

حين نتحدّث كثيراً عن شخصياتٍ مثل غاندي ومانديلا ومارتن لوثركنغ، فليس ذلك من باب الترف الفكري، وإنّما عن قناعةٍ تامةٍ بتجارب الشعوب المحبة للسلام حتى في أصعب وأحلك الظروف.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4709 - الأربعاء 29 يوليو 2015م الموافق 13 شوال 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 28 | 8:09 م

      مشكلة التفجير

      علينا معالج الوضع. ناس تشوف روحها مهددة أقتحام ............للوظائف والخدمات وعدم توظيف الشيعة وحرمانهم من الحقوق وهناك تحريض عليها وترى أمورها ومستحقات وحقوقها تضيع ويضايق في أرزاقهم.. هذا كله قد يولد أنسان منتحر يعمل أي شيء للانتقام.. علينا أن نساوي بين المواطنين ولا نقسمهم طائفة تستحق وطائفة لا تستحق..
      لنعمل بالمساواة وتحقيق مطالب الشعب بذلك ندفع البلد من الطامعين فيه ومن المستغلين للوضع.

    • زائر 26 | 8:47 ص

      الحل لاياتي إلى بتوافق المكونين والمشاركة اما التهميش لبعضنا

      لايورث إلى مزيد من انعدام الثقة وهذا لا يزول بالكلام بل تقبلنا لبعض وبالأخص في العمل السياسي

    • زائر 25 | 7:57 ص

      ارهاب

      لاحظ سيد رقم قساوة المشهد والاحداث الجارية و تفجيرات داغش في الجوار القريب و سبايكر و ما جرى لم يتلفط احد سراا او جهرا بكلمة ارهاب سني فهم اخوتنا في الدين واللانسانية و الوطن ولا نقبل ان يمسهم سوء فهم جيراننا و انفسنا و عرضنا لكن بعض المعتوهين قالها مع الاسف ارهاب شيعي الا يخجل من نفسه

    • زائر 24 | 7:53 ص

      الحل

      الحل لهاده البلد العزيز اعطاء الناس حقوقه وافراج عن جميع المعتقلين السياسيين واتباع الله فى شرعة ويه المعاملة ويه الناس وتنفيد وثيقة المنامه هاده هو الحل والا الازمة ستستمر والله ياخد الحق

    • زائر 23 | 6:45 ص

      لا للعنف لا للتفجير لا للتحشيد الطائفي ...حفظ الله الوطن و الشعب من كيد الأعداء... ام محمود

      العالم من حولنا يغرق في القتل و العنف الدموي و الاقتتال و السبب المؤامرات المستمرة و ادخال الارهابيين باعداد كبيرة محليا بين فترة و اخرى نسمع تفجيرات و سقوط شهداء من الشرطة و لكن الوضع غامض بالنسبة للشعب فبعد تفجير العكر قبل سنوات و الادانات الخارجية و الاستنكار نسمع عن تفجير في نويدرات و سقوط شاب قتيل و تفجير في كرانة و تفجير في الدراز و تفجير سترة و الادانات من جميع الدول العربية و الاجنبية فاين هي الحقيقة و هل هذا سيجرنا الى العنف و المواجهات و التخوين و هذا ما يريده....

    • زائر 22 | 6:02 ص

      وين اصحاب المنابر والعمائم

      ليش ما نسمع تكفير لهؤلاء ال...من اصحاب العمائم؟؟ لا يكفى الكلام العام ،،نريد كلام محدد يكفر هؤلاء ويخرجهم من الملة ،،فقط حينذاك سنصدقكم ، بعدين ماذا قالت الوفاق ،، عندما قام الامن بتمشيط سترة بحثا عن الارهابيين ،، صرخت بأعلى صوت : هذا ارهاب دولة وعقاب جماعي !!!! هل يستقيم هذا الكلام مع من يدين الارهاب ؟؟ ام هو فعلا ادانة لفظية ودعم فعلي للارهابيين وحمايتهم،، وقريبا سنرى اولئك المحاميين يتحدثون عن تعذيب والخ

    • زائر 20 | 5:23 ص

      هذا هو الدرس للجميع اللي لازم يسمعونه زين

      البحرين لمن يعرفها، ليست بيئةً حاضنةً ولا متعاطفةً مع العنف والإرهاب. وهو العامل الذي وقاها من التردي في مستنقعات النزاعات الدامية، كما حدث في دول عربية شقيقة أخرى. فالدخول في هذا المستنقع ليس له بابٌ للخروج، كما نشاهد في سورية وليبيا واليمن ومصر والعراق.

    • زائر 18 | 4:01 ص

      العمل

      العمل الارهابي الاخير مدان من جميع الاطراف وخصوصا من الطائفتين الكريمتين ولكن يجب أن توقف وتكسر الاقلام المآجورة لشتم ولعن طائفة بأكملها بسبب حدث هنا وهناك .

    • زائر 17 | 3:41 ص

      صدقت ام محمود والاقلام الوطنية المخلصة كلها مكسّرة ويمنع الاستماع لها

      شكرا ام محمود والشكر لكم شعب الوفاء والاخلاص للوطن سنة وشيعة من عمل من اجل الله والوطن فلن يضيع عند الله وان اضاعه الناس. العدالة والمساواة هدف سماوي ومن يعمل من اجلها فلا يتوقع اجرا او ثناء من الناس بل على العكس طريق الاصلاح مليء باشواك بني البشر

    • زائر 16 | 2:13 ص

      العنف لا يجر الا للعنف و العنف عقيم .. صدقت .... ام محمود

      يا استاذ قاسم من سنوات وانا اكتب في الوسط و كنت خائفة و أحذر من وصول موجة العنف و الارهاب الدموي الينا عن طريق المتوحشين و الصاق التهم بالناس البريئة من مذهب معين مثلا او يقوم تنظيم داعش بعمل تفجير في المساجد او اي مكان كما حدث في القديح الدمام و الكويت كل شيء جائز في هذا الزمن
      قبل سنوات حدث تفجير العكر و ادانته جميع الدول و الجمعيات و الشخصيات
      الان حدث تفجير في النويدرات غامض و في كرانه و الدراز و سترة
      و يمكن غدا تفجير في الديه و السنابس
      فما حقيقة ما يحدث
      و هل هناك اعداء يريدون لنا
      الاقتتال

    • زائر 15 | 1:45 ص

      استاذ قاسم

      لن ينصلح الحال الا اذا سجنت اقلام الفتنة والمحرضين ، فكيف للبلد ان تهدأ وهناك من يريد اعادة ( امن الدولة ) لأنه يقتاة على الطائفية والحقد واذا نعمت البلد بالأمن خرج هذا النكرة من المولد بلا حمص ، وغيره كثير ( عنبوه كل هذا وطنية عنده ) اذا لم يوقف المتمادون في كتاباتهم الطائشة عن حدهم لن ينصلح الحال ، تستنكر يقولون ( تقية نفاق ) تسكت قالوا اين الأدانات ؟ تدين يقولون غير كافي مذاذا يريدون بهذا الأسلوب غير التحريض على مكون كبير في المجتمع وسحقه ليرتاح اولئك النكرات .

    • زائر 14 | 1:42 ص

      طالما كلنا متهمون في نظرهم لماذا لا تفتح سجون لكل الطائفة

      فليفتحوا سجون كبيرة تكفي لكل الطائفة الشيعية وليزجوا بها كلها في هذا السجن لنعيش مع بعضنا بعيدا عنهم لكي يخلصوا منا وتشفى قلوبهم وغليهم علينا

    • زائر 13 | 1:40 ص

      في الكويت ادين العمل وأدينت الجهة الواقفة وراءه اما في البحرين فالطائفة كلها متهمة

      نعم في الكويت اتحد السني والشيعي مع بعضهم في ادانة العمل وادانوا من الجهة التي تقف وراءه.
      في البحرين وقبل كل شيء اصبحت الطائفة الشيعية كلها متّهمة

    • زائر 12 | 1:36 ص

      ادنتم ما أدنتم لو شنو سويتم الشتم والسباب عليكم حاصل لا محالة

      حسنا فعلت الجمعيات من مقتضى ارضاء الضمير وفق القناعة الشعبية، لكن هناك الكثير من كال للطائفة الشيعية بأكملها سباب وشتما وكلام بذيئا.
      العالم عرفنا شعبا اهل سلم وسلام لكن في البحرين الكثير من شركائنا لا يرونا فينا الا ارهابيين وقتلة ومجرمين. وهذه الاتهامات لو صحّ نصفها لما اصبحت في البحرين قطعة ارض يمكن لاحد ان يطأها خاصة والبحرين بلد صغير
      لو كنا اهل ارهاب هذه مجمعات اهل السنة في وسط قرى الشيعة سار وبار بار والمرخ وكل شارع البديع مجمعات ومحلات لاهل السنة والاجانب لم يمسها احد بسوء

    • زائر 9 | 12:43 ص

      صدقت وكفيت ووفيت.

      شكرا لك علة المقال الجرئ الصادق الذي يلامس الواقع فالتفجير أيا كان مصدؤة وسببة ليس إلا إرهابا مقيتا تذهب فيه أرواح أبرياء ويراد منه تقويض أمن بلد آمن . رحم الله الشهداء وتقبلهم عنده. وإن شاء الله سوف يتم القبض على المجرمين ومحاكمتهم والقصاص منهم.

    • زائر 8 | 12:41 ص

      الناقد

      أحسنت بارك الله فيك أستاذ قاسم.. ويجب الإنتباه لشيء مهم.. عندما يقوم شخص ما بعمل علينا أن لا نعمم هذا الفعل على طائفته وجماعته.. عليك بأخذ (فرة) في تويتر لترى حجم السب والشتم على الشيعة بسبب هذا الإنفجار المدان جملة وتفصلا.. دون أدنى مبررات..وإلا علينا قبول وصم الإسلام بالإرهاب لأن هناك جماعة ضالة تسمى (داعش) تعيث فسادا وقتلا وتدميرا بإسم الإسلام..وهو منها براء.. كما لا أحد يتبجح لنا بالتقية.. مواقفنا معروفة ومعلنة.. حرمة دم الإنسان أي كان لونه وطائفته ونسبه وحسبه..والسلام

    • زائر 7 | 12:36 ص

      الوعي

      أكبر الادلة على الوعي الذي يمتلكة شعب البحرين في رفض العنف و الحفاظ على مؤسسات الدولة هو ما جرى في مارس 2011 في المنطقة الدبلوماسية تحديداً عندما اغلق المتضاهرون شارع الشيخ خليفة و كانت المنطقة الدبلوماسية و محيطها خاليين من رجال الامن لكن لم تمس اي من مباني الدولة او السفارات الاجنبية بأي سوء و هذا يدل على مدى الوعي الذي يتمتع به المجتمع حتى المحتجين الذين نختلف و نتفق مع الاساليب التي يتبعونها في التعبير عن رأيهم.

    • زائر 5 | 12:33 ص

      محمد

      أحسنت
      البحرين بلد التسامح على الدوام
      رحم الله شهداء الواجب

اقرأ ايضاً