العدد 4761 - السبت 19 سبتمبر 2015م الموافق 05 ذي الحجة 1436هـ

«الوسط» في المحرق: بين «ستيشن» و«الحياج»... «فرجان» التعايش و «دواعيس» القومية

التقت المحرقيين في «فرجانهم» ومقاهيهم... وأعادت ملف مسجد بن خاطر

مسجد بن خاطر حكاية إهمال وعراقة
مسجد بن خاطر حكاية إهمال وعراقة

انقضت الساعات الأربع التي ظلت خلالها «الوسط»، تتنقل بين «فرجان» المحرق وبيوتها و «دواعيسها» ومعالمها، دون أن تنقضي المهمة التوثيقية، التي بدت عاجزة عن الإحاطة بالتاريخ الممتد لمدينة التعايش والقومية في مملكة البحرين.

واختارت الزيارة معقل الناصريين في البحرين ممثلاً في «فريج ستيشن»، منطلقاً لها، والذي يطل بمئذنة مسجده، على «فريج الحياج»، راسماً بذلك أيقونة الوطنية في المحرق، حيث التداخل والتعايش الذي لايزال صامداً بين أبناء الطائفتين الكريمتين.

ومن «الحياج»، سارت «الوسط» بين «دواعيس» المحرق، بحثاً عن قهوة السلام الشعبي، حيث التلاقي المستمر لرجالات المحرق، وعن مسجد بن خاطر الذي يحتل مكانة بارزة في ذاكرة التاريخ، و «يعيش واقعاً لا يتناغم مع تلك المكانة»، كما يقول المحرقيون.

«ستيشن»... معقل الناصريين

من محل الحاج علي جاسم مال الله، الكائن بـ «فريج ستيشن» كانت البداية، حيث يتجشم الحاج علي عناء القدوم اليومي من حيث يسكن حالياً في عراد، للمحرق، التي يقول عنها «المحرق غير... سنوات عمري قضيتها هنا، ولا أجد لها بديلاً».

يحاول الحاج علي عميد أهالي «فريج ستيشن»، والجالس أمام صورة للزعيم المصري الراحل جمال عبدالناصر، استرجاع الزمن، وهو يقول «اشتريت هذه الصورة بروبية وربع من سوق المنامة في الستينيات، ولن أبيعها اليوم حتى لو منحت مقابلها مليون دينار»، في إشارة لهيمنة عبدالناصر على قلوب أهل البحرين، التي «اتَّشحت بالسواد في يوم وفاته، حيث علق السواد على صدور البحرينيين، وصلوا عليه صلاة الغائب في مسجد الفاضل»، كما يقول الحاج علي.

وبجوار محل الحاج علي، القريب من ملعب المرحوم هشام الشهابي، كان المكان المركزي لتجمع «عشاق ناصر»، حيث تتجمع الأعداد الغفيرة من الرجال والصغار، للاستماع لصوت المذيع المصري أحمد سعيد، عبر «صوت القاهرة».

قريباً من المحل، كانت الوقفة في «ديوانية الخالدين»، والتي تحوي صوراً لشخصيات «الفريج» الذي سمي بـ «ستيشن» نسبة لكونه موقعاً لمحطة السيارات القديمة بعد أن كان يحمل مسمى «الدروازة» في عشرينيات القرن الماضي، ويتحدث عنها الناشط عبدالله مطيويع بالقول «هنا يلتقي يومياً، أبناء «الفريج»، وهنا نخلد بالقدر المتاح، تاريخ الشخصيات الراحلة عبر تعليق صورها على جدران الديوانية».

وتخلد الصور التي ازدانت بها الديوانية ذات المساحة المتواضعة، أسماء بحرينية «لها بصماتها المحفورة، لكن تاريخها يعاني من التغييب وعدم التقدير»، وفقاً لحديث الحاج علي صالح البدل، أحد أشهر اللحامين والذي طاف بمهنته هذه، دولاً من بينها السعودية وإيران.

وشرحاً لبعض الصور، يتداخل مطيويع وهو يشير لصور الديوانية «هذا هو المرحوم جاسم الشكر، وهذا هو المرحوم حسن المير، أما هذا فهو المرحوم يوسف عبدالملك، والذي يعتبر من أبرز عناصر انتفاضة مارس/ آذار في الستينيات، حيث اعتلى «دجة» مسجد الشيخ حمد، ليهتف من هناك بسقوط الاستعمار»، ويضيف «وهذا، هو المرحوم إبراهيم محمد حسن فخرو، أحد الأعضاء القياديين في هيئة الاتحاد الوطني».

«الحياج» و«ستيشن»... أخوة الرضاعة

في الطريق إلى «الحياج»، «الفريج» الذي تجمعه علاقة وثيقة بـ «فريج سيتشن»، عبر عنها الحاج عيسى الحايكي بالقول «بيننا وبينهم أخوة بالرضاعة»، كان لزاماً المرور ببيت أحمد درويش، أحد البيوت القديمة القريب جداً من مسجد «ستيشن»، والذي بدا مهملاً وفي طريقه للانهيار رغم مساحته الكبيرة وعمره الذي يقدره الأهالي بنحو مئة عام.

وفي «فريج الحياج»، كان اللقاء بعدد من الأهالي داخل بيت المواطن عيسى الحايكي، البيت الذي يستقبلك بصورة للزعيم جمال عبدالناصر، ويشكل بمعروضات وتصاميم غرفه ذات الطابع القديم، قطعة من التراث البحريني العريق.

يجيب الحايكي عن سؤال عن طبيعة العلاقات بين أهالي المحرق بالقول «بين الصاغة والحياج والمحميد، البيوت كانت مفتوحة على بعضها البعض، والعلاقة لم تقتصر على الصداقات والزيجات المشتركة، بل امتد ليصل إلى الرضاعة، التي جعلتنا إخوة».

ويضيف «شعورنا الموحد بالقومية، وبفلسطين كقضية مركزية، كان أحد العوامل التي ساهمت في تعزيز كل هذا التجانس، كما كان لأناشيد المدارس في السابق دوره المؤثر كذلك».

ويطلق الحايكي العنان لذاكرته التي تختزن مشاهد خالدة للتعايش، من بينها ما حدث في الستينيات، حيث يقول «أتذكر أن الشباب من السنة والشيعة كانوا في تلك الفترة يلعبون لعبة «القمار»، وحين يبدأ الملا سيد محمد المشخص قراءته في مأتم بن نايم، يترك الجميع اللعب ويتجهون للمأتم، سنة وشيعة».

قهوة السلام... بين ضيافة المحرقيين

في الطريق إلى قهوة السلام، المعروفة أيضاً بقهوة إسماعيل، كان عبق الخمسينيات والستينيات، حاضراً في «داوعيس» المحرق، ممثلاً في شخصيات أثرت وتأثرت في تلك المرحلة، لكنها اليوم تعيش على الهامش.

وفي المقهى الشعبي، كان التنوع وكرم الضيافة سمة الحاضرين في المحل الذي يكتظ بمرتاديه كل يوم، ويمثل ملتقى للحديث عن الشئون والشجون المحلية وحتى الإقليمية، وسط صور للزعماء العرب تملأ المكان وتغطي جدرانه كافة.

ليس بعيداً عن ذلك، يقع مطعم زعفران الذي أحالته يحتضن تاريخاً يمتزج بالحداثة، في مزيج ألبس المكان، طابعه الخاص.

وحيث السوق، القريبة من سوق القيصرية، كانت ورشة النجارة التي تصنع أبواباً بطراز قديم ومتقن، مستعينة على ذلك بالحرفيين الآسيويين والذين يؤكدون أن سعر أحد الأبواب يصل إلى 7 آلاف دينار، ويحتاج العمل عليها شهرين ونصف.

مسجد بن خاطر... تاريخ عريق ومهمل

في أحد «دواعيس» فريج بن خاطر، يتموضع مسجد بن خاطر الذي يعود بناؤه لعقود بعيدة.

رغم ذلك، يعيش المسجد واقعاً لا يتناسب مطلقاً مع هذا التاريخ، والذي يشرحه مطيويع بالقول «يمثل هذا المسجد الذي يعود تاريخه لأكثر من مئتي عام، قيمة تاريخية بالغة الأهمية، حيث حط فيه الملك عبدالعزيز آل سعود رحاله، قبل استعادته للحكم».

وبدت جدران المسجد الذي عاينته «الوسط»، متشققة، فيما كانت لافتته الموجودة أعلى بابه، من دون اسم، حتى غدا «ثروة تاريخية مخبوءة»، كما يصفه مطيويع.

وفي وقت سابق (29 مايو/ أيار 2013)، تحدثت وزارة الثقافة عن وضع دراسة شاملة لتطوير مسجد بن خاطر وبيت بن خاطر، وأشارت إلى العمل خلال شهرين على وضع الموازنة بالتعاون مع الإخوان في المملكة العربية السعودية والبحرين.

مواقف السيارات... همٌّ مشترك

في كل «فريج» من «فرجان» المحرق، تتكرر شكوى قلة المواقف المخصصة للسيارات، وذلك بسبب الزيادة المضطردة للسكان، وبطء الاستجابة لنداء الأهالي المستمر والقديم بتخصيص الأرض المعروفة بكراج بلدية المحرق، لمواقف سيارات الأهالي.

يقول المواطن أحمد جاسم شمسان: «تعبنا من تكرار هذا النداء، والنتيجة هي استمرار قلة المواقف، وبسبب ذلك نعاني كثيراً من المخالفات المرورية التي لا ترحم»، مضيفاً «نحن أمام مفارقة، تراخٍ في حل المشكلة، وشدة في توزيع المخالفات».

أما المواطن عيسى الحايكي فيقول «نضطر لإيقاف سياراتنا، تحديداً في المناسبات وفي نهاية الأسبوع، بعيداً عن مناطق بيوتنا، وهذا الحال مستمر منذ فترة دون تغيير يذكر».

مطيويع: هنا كان يطرق نافذتي قاسم حداد
مطيويع: هنا كان يطرق نافذتي قاسم حداد
قهاوي المحرق حيث التراث يزاوج العصرنة
قهاوي المحرق حيث التراث يزاوج العصرنة
بيت أحمد درويش في طريقه للانهيار
بيت أحمد درويش في طريقه للانهيار
كراج بلدية المحرق من شأنه حل أزمة مواقف السيارات في فرجان المحرق
كراج بلدية المحرق من شأنه حل أزمة مواقف السيارات في فرجان المحرق
ديوانية الخالدين في وسط فريق ستيشن
ديوانية الخالدين في وسط فريق ستيشن

العدد 4761 - السبت 19 سبتمبر 2015م الموافق 05 ذي الحجة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 18 | 3:19 م

      من المحرق

      من العائلات المشهوره و المشهود لها في إستيشن عائلة عبدالله هاشم جد المحامي عبدالله هاشم التي تجمع الفريق علي إفطار 7 سفر في رمضان هذا التاريخ لم يذكره من قام بإحضار الصحيفة الي الفريج ولم يذكر هذه العائلة الكريمة.

    • زائر 17 | 12:05 م

      مدينه بلا هويه

      المحرق والمنامه وكثير من مناطق البحرين صبحت بلا هويه بسبب التجنيس والعماله الوافده
      تمشي في الحرق تحسب انك في الاسكندريه!!!

    • زائر 12 | 4:27 ص

      أول تحول

      أول اهل المحرق يد وحدة و اهل و لا في فرق بين سني و شيعي لكن الفتن اهي اللي فرٌقت بين الاخوة
      و استفاد أهل الفتن من هالتفرقة و أتى التجنيس ليغير الملامح الاصيلة الباقية من المحرق الغالية على قلوبنا

    • زائر 11 | 4:24 ص

      راحت عليها

      المحرق مو مثل قبل
      المحرق صارت واجهتها مختلفة و غير متجانسة
      التجنيس ضيع ملامح ديرتنا الحبيبة المحرق
      وين أهل المحرق عن هاللي صار فيها ؟
      فرجان أصيلة و دواعيس محرقية أصبحت جلها للتجنيس
      انظلمت المحرق

    • زائر 9 | 1:57 ص

      حداوي

      الحمدالله اني طلعت من المحرق مافيها شي عدل لا مواقف سيارات ولا مواطنين بحرينيين والمخفي اعظم

    • زائر 8 | 1:56 ص

      تاريخ شنو

      هذه الازمه خلقت شرخ كبير بين البحرينيين واعتقد صعب تعود المياه الى مجاريها
      مادام الحل الامني هو الموجود والشحن الطائفي.....

    • زائر 14 زائر 8 | 7:13 ص

      سلامتك

      الرجال من الطلئفتين ما زالت وستظل علاقتهم طيبه لأبعد الحدود .. اما ما ذكرته فهو مصيبه للي يتبع الميهل من الطرفين

    • زائر 4 | 12:26 ص

      تغطية إعلامية جيدة ..

      الرجوع والتذكير بعبق ماضي المحرق والمنامة وسائر مناطق البحرين شيء ممتع وجميل .. شكرا للوسط .

    • زائر 10 زائر 4 | 2:32 ص

      عزيزي

      ممتع و جميل افتر في المناطق إلي ذكرتة المنامة كأنك في بنغلادش ولثانية في احدي قري الشام...الله كريم.

    • زائر 2 | 11:29 م

      مآساة أحد ابناء المنطقة المرابطين

      هذا التاريخ العظيم في الوطنية و التعايش مخلد و لكنه انطوى بالنسبة لأبناء اليوم
      و العوامل عدة، و الكل يعلم أهمها و من يجهل هذه العوامل التي دثرت او بالأحرى لم تجعل لتاريخ أبآونا في الاستمرار
      يبي له كشمة عوده

    • زائر 1 | 10:33 م

      هذي خرايب

      مادري شعاجبكم فيها.
      الحمد لله طلعنا منها ... بيوت متلاصقة على بعض ... تسولف و يا مرتك جيرانك يسمعون سالفتكم!

اقرأ ايضاً