العدد 4773 - الخميس 01 أكتوبر 2015م الموافق 17 ذي الحجة 1436هـ

الإعلام في معادلة بناء السلوك البشري والتنمية المستدامة

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

الإعلام بمختلف وسائله المقروءة والمسموعة والمرئية أداة فاعلة في تعميم الرسالة البيئية، وإن توظيف الوسائل الإعلامية الحديثة بشكل مؤسس وممنهج وواعٍ يعضد من المنجز النوعي لخطط العمل البيئي في بناء السلوك البشري وإنجاز أهداف التنمية المستدامة.

الفكر الاعلامي كمنهج تربوي وتنويري متداخل في أدواته التوعوية ووسائله في نشر القيم والثقافة البيئية، وعلى رغم ايجابية فعله في بناء الثقافة القيمية للمجتمع فإنه اذا ما أُسِيء استخدام أدواته من الطبيعي يصبح وسيلة هدم ومصدر خطر على الأمن الاجتماعي.

والشواهد على ذلك كثيرة ونلمسها في طبيعة حيثيات الأحداث المتواترة في عالمنا المعاصر، وتتمثل في نشر الحقائق والبيانات غير الدقيقة عن وقائق الأحداث، ما يتسبب في الإثارة من جانب، والتضليل من جانب آخر، كما هو عليه الحال في حقائق تلوث الهواء نتيجة الكوارث المفاجئة التي تتعرض لها المصانع الكبرى، ومحطات الطاقة النووية، وكذلك نتيجة مخالفات المصانع بعدم وضع نظام التحكم للرقابة على مستوى الأبخرة التي تصدرها وتتسبب في تلويث الهواء والمحيط البيئي للإنسان، وإحداث الأضرار الصحية للمجتمع المحلي.

الاعلام البيئي من القضايا التي حظيت بجل اهتمامنا، وكان محور ورقة العمل بعنوان: «رؤى حول علاقة الاعلام بالعمل البيئي» جرى تقديمها في الندوة الفكرية عن «الاعلام والبيئة» التي نظمت في الشارقة في (فبراير/شباط 2002) وتشكل جدلية العلاقة بين الإعلام والقضايا البيئية محور معالجاتنا، ويدخل في سياقها البعد الإنساني لعلاقة الإعلام بالقضايا البيئية.

ويجرى تصنيف القضايا البيئية التي ينبغي على الاعلام أن يخصها باهتمامه، وتتمثل في: المخاطر البيئية، والتدمير البيئي، والحروب العدوانية على النظام البيئي، والتدهور البيئي، والمخاطر البيئية للخطط الصناعية غير الملتزمة بالمعايير السليمة، والمخاطر البيئية للاستراتيجيات التنموية مختلفة الاتجاهات، والتلوث البيئي والمشكلات المائية، واستنزاف الموارد والرأسمال الاكيولوجي، وحماية البيئة والموارد البيئية وحقوق الأجيال القادمة.

ومن المفيد في إطار العمل الموجه لإنجاز أهداف الاستراتيجيات البيئية أن يكون للإعلام البيئي حرصه المؤسس والموزون في معالجته للقضايا البيئية، والعمل بمهنية عالية في توضيح أبعاد المخاطر البيئية، وكشف حقائق نشاطات التدمير البيئي، وإبراز حقائق الحروب العدوانية على البيئة، وإبراز أهمية التخطيط الاستراتيجي في ترشيد استخدام الموارد البيئية وحمايتها، ومخاطر عملية استنزاف الموارد والرأسمال الاكيولوجي على مستقبل حياة الأجيال المقبلة، ومخاطر الاستراتيجيات غير الرشيدة على الأمن الاجتماعي والوطني، وأهمية حماية البيئة في الحفاظ على الأمن الاجتماعي، والارتباط الروحي والوجداني والتفاني ونكران الذات والمبادرة الذاتية، والتركيز على دراسة المشكلات البيئية بشكل واقعي ومنهجي.

كما أن البعد الاجتماعي والوطني لعلاقة الاعلام بالقضايا البيئية مسألة في غاية الأهمية، ويتمحور جوهر ذلك البعد في الاهتمام بقضايا الأمن الصحي والأمن الغذائي والأمن المائي والاقتصادي والأمن السياحي والأمن البيئي والأمن الحضاري، وينبغي أن تنحصر معالجة الإعلام لهذه القضايا في إبراز المخاطر، وتوضيح المسالك والحلول والمساهمة في تفعيل القضايا، وفي تنمية مدركات ووعي المجتمع، وحفز المشاركات المجتمعية، وتجسيد واقع وأهمية الحماية والدفاع عن المصالح الحضارية للانسانية.

وللإعلام موقعه الاستراتيجي في خريطة العمل التنفيذي لإنجاز اهداف الاستراتيجيات الوطنية للبيئة، ويُمكنه المساهمة الفعلية في تطوير آليات العمل البيئي بدعم العمل الموجه لصناعة القرار البيئي في العمل على إبراز المشكلات البيئية، وتوضيح ضرورات حلها، ودعم القرارات السليمة والواقعية، وجعلها أكثر قوة ووضعها في مقدمة أولويات سلم القضايا، وإبراز ما يجب ان يكون، ويؤكد ضرورات اتخاذ القرارات والسياسات المهمة في تفعيل العمل البيئي، وبنائه المؤسسي، ويرتبط جودة ذلك الجهد بفاعلية جودة مساهمة الإعلام في تقويم العمل البيئي بالعمل على إبراز جوانب الإيجاب والسلب في إدارة آلية العمل البيئي، والكشف عن مكامن الصواب والخطأ في ركائز مناهج إدارة عملية تنفيذ الخطط البيئية، وإبراز جوانب الخلل القانوني والمؤسسي في آلية تنسيق العمل البيئي.

ويسهم الإعلام في تطوير خطط التربية والتثقيف البيئي ويتعزز ذلك بالتفاعل مع المنهج التربوي البيئي في إبراز أهمية إدخال المفردات البيئية في المناهج التعليمية، وتوضيح جوانب الخلل في تدريس مفردات البيئة في المدارس، وتوضيح الوسائل المنهجية في تدريس المفاهيم البيئية، وتقويم عمل وطرق المؤسسات التربوية إيجاباً وسلباً في مجال تنمية المدركات والمعارف البيئية، وإبراز المقترحات والرؤى والأفكار العلمية التي يمكن أن تساهم في تطوير الخطط التربوية في المجال البيئي، واستشفاف الرؤى المجتمعية بشأن ضرورات وجود المناهج التربوية المختصة في المجال البيئي.

ويتسق مع ذلك التوجه الاهتمام الاعلامي بقضايا تنمية الثقافة البيئية في التركيز على الموضوعات البيئية التي تلامس مشاعر وإحساسات ووجدان المجتمع، وتناول القضايا البيئية ذات الارتباط بالحياة اليومية للمجتمع، وطرح الموضوعات والقضايا التي يمكن أن تساهم في التنبيه، وتعديل الاتجاهات والسلوك البيئي للمجتمع، وجعل القضايا البيئية في مقدمة اهتمامات الوسائل الاعلامية المختلفة، وطرح المسائل التشويقية والجمالية في عرض مكونات البيئة، وإبراز أهمية الموارد البيئية لحياة الانسان، وكذلك ابراز الفعاليات الاجتماعية في الشأن البيئي.

ويؤكد فاعلية ذلك المنهج التفاعل الاعلامي مع خطة الطوارئ البيئية وذلك بالعمل على وضع آلية فاعلة للاعلام البيئي، وتحديد منهج ومرتكزات عمل الاعلام في خطة الطوارئ تختص بجمع المعلومات والبيانات وتحليلها والاستفادة منها في التوجيه الإعلامي للمجتمع لصونه من مخاطر الكوارث.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4773 - الخميس 01 أكتوبر 2015م الموافق 17 ذي الحجة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً