حول تنويع مصادر الدخل

لعلنا اليوم في دول مجلس التعاون الخليجي يجب أن نعطي الأولوية لموضوع اقتصادنا؛ لأنه بات اليوم من أهم المواضيع التي يجب أن نتطرق إليها، وخصوصًا عندنا في البحرين، إذ ازداد الاثنان «الدين العام» و»العجز» في موازنة السنتين 2015 و2016 بسبب انخفاض أسعار النفط إلى حوالي 50 دولاراً بعد أن كان يزيد على مئة دولار، ودخل النفط عندنا وفي باقي دول الخليج العربي يشكل أكثر من 80 في المئة من الموازنات العامة.

إذن، اقتصادنا مربوط بحبل متين بمستوى دخل النفط، لكن معظمنا يتذكر أنه في أواخر الستينات شاع أن من أهم سياسات الدولة الاقتصادية عندنا هو «تنويع مصادر الدخل». وطبعاً كلمة «الدخل» هنا كانت تعني بالأخص الدخل الحكومي إلى جانب زيادة المداخيل في الأنشطة الاقتصادية الأخرى التي يمارسها القطاع الخاص. وما حدث بالفعل انه زاد دخل القطاع الخاص ورافقته زيادة الدخل العام مع الزيادة العالمية لأسعار النفط، أي بكلام آخر إننا كنا مرتبطين بمستويات دخل النفط.

تصور، لو كنا نجحنا في سياسة تنويع مصادر الدخل بنسبة 5 في المئة سنويّاً لكان الاعتماد على دخل النفط اليوم لا تزيد نسبته على 30 في المئة. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا ترك القطاع الخاص ليستمتع بتنويع مصادر دخله؟! أكان هذا القطاع الخاص محليّاً أم استثمارا خارجيّاً؟!، أليس مكونات مدخول الدول المتقدمة هي الضرائب بمختلف أنواعها يدفعها الجميع من دون تمييز، وهم لديهم القدرة والصلاحيات من خلال مجالسهم التمثيلية للتأكد من أن هذه المبالغ تصرف بنزاهة وأمانة؟.

وبالرجوع إلى دول مجلس التعاون الخليجي، ألم يحن الوقت لكي تشكل لجان اقتصادية من خبرائها والخبراء الآخرين المختصين في هذا المجال؛ كي تقوم بدراسة المسارات المختلفة بما فيها الضرائب المتنوعة التي تساهم في تنويع مصادر دخل هذه الدول، فمثلا من يستفيد ماليّاً من مجيء المستثمر الخارجي إلى الوطن؟ أليس القطاع الخاص الذي لا يدفع ضرائب على أرباحه... هو المستفيد الأكبر من الاستثمار الخارجي، بينما المستفيد الأقل هو القطاع العام. وربما كان الخاسر؛ لأن دعمه المالي الذي يشمل السلع والخدمات يحصل عليه جميع قاطني البحرين ويصل إلى حوالي 600 مليون دينار.

إذن، الهيكل الاقتصادي البحريني بحاجة إلى دراسة عميقة؛ لكي تنوع مملكة البحرين مصادر دخلها العام بالتنسيق مع بقية دول مجلس التعاون، وتكون دائماً رائدة في بث الأفكار الجديدة.

عبدالعزيز علي حسين

البنية التحتية التي نجهل

عجيب أمر الإنسان، يضع المصطلحات لكي تعينه على تعلم العلم، ثم يتقدم في العلم وقد يأتي على هذه المصطلحات وقت تفشل في مهمتها بعد أن تجاوز الحاجة إليها في درجته العلمية الجديدة، لكن يأتيه النداء من الأدنى علماً أن دعها لا تلغيها فكما كانت وسيلتك للتعلم فهي وسيلتنا للتعلم والوصول إلى درجتك .

مصطلح البنية التحتية ليس معناه أن تتخلى عن تاريخك السابق، ولا عن الترتيب لبقاء وسائلك البدائية السابقة. في عدة أنواع من التطور العمراني.

مخطئ من ظن أنه بعد التطور العمراني وإدخال المكيفات فإن التصاميم السابقة التي تعتمد مواءمة البيئة من أجل التغلب على الحر لم يعد لنا بها حاجة. لقد وصل أجدادنا إلى درجة من التعامل والتكيف مع البيئة، كان لابد أن نبني عليه و نطوره جنباً الى جنب مع إعتمادنا على الأجهزة الحديثة، ولو فعلنا ذلك ما كنا لنقضي على البيئة الطبيعية، ما كنا لنقضي على النخيل والسواحل.

كانت لدينا قرية تراثية في المالكية، أين ذهبت؟ طيب إذا تطلب الأمر إزالتها فأين البديل؟ لماذا لا تقام قرية تراثية ويدعى الناس للعيش فيها؟ لا لا يعتقد أحد أني أمزح، أنا بالفعل أدعو لبناء قرية تراثية ليس فقط للتمثيل وإقامة المسلسلات التلفزيونية بل للعيش فيها وتطوير مواءمتها مع البيئة.

مخطئ من ظن أنه إذا تمكن من السيارة وركبها واعتمد عليها فإن البنية التحتية للتنقل بين المدن والقرى يجب أن تكون شوارع للسيارات فقط ولا مكان لسير البشر. بالأمس أصبنا بعطل شديد على مستوى البلد بسبب الازدحامات المرورية. والبعض بالفعل أوقف سيارته في أقرب موقف في سوق أو غيره وأراد أن يمشي للعمل لكنه وجد أسواراً بعض الشوارع الرئيسية (الهايوي) تمنعه ولأن الشوارع لم تأخذ في الحسبان أنها كبنية تحتية للسائرين والعابرين كما أنها للسيارات، أو قد ترى مكان عبور وحيداً بعيداً جداً.

كذلك البنية التحتية لتوفير الغذاء، ستجدها برادات ومواصلات جوية وبرية بحرية، هكذا حكم علينا البترول أن نذكر كل شيء وننسى المزارع والنخيل! النخلة هي أعظم بنية تحتية ليس فقط لتوفير الغذاء بل لأشياء وتجارات أخرى، أين ذهبت أراضي النخيل والزراعة، عندما ضاع مفهوم البنية التحتية ضاع معها الاهتمام بالبنية التحتية الرئيسية.

لؤي عباس

افتح جناحي قلبك

إن اعتقدت أنك حقاً عرفت الحب فهذا يعني أنك لم تعرف شيئا، لأنك الذي أنت عنه بحثت وخلفه هرولت وإليه سعيت في كل الأماكن عدا اللامكان، عدا هذا اللامكان الذي هو في قلبك، قد لمسته في أحلامك ولم تحيَ كل آن في أسمى وأعلى وأرفع سماء.

إذهب إلى أي مكان في العالم لكنك أينما ذهبت وأينما حللت فإنك لن تلاقي ولن تجد اللامكان الذي هو مركز ذاتك، حيث يضيع أول وآخر الزمان ويتوقف كل شيء عدا حي يحيا هائما في أثير متصل في ما وراء أعالى السحاب.

وإنه من يحيا هائما في الحب لا يسمع إلا صدى الصوت، ذلك الصوت ما لا صوت له، لذا لن تريد سماع أي شيء آخر، وإن من يعي ويعلم بسر وعطر الأحوال يصاحب الصمت ويبتعد كل البعد عن الكلام، يعيش في صمت حتى يتلاشي ويفنى في من يريد.

افتح جناحي قلبك لترتفع بهما عن الأرض فلا شيء تخافه، لا شيء تخسره، لا تخف شيئا فها أنت على شفير الذوبان والتلاشي إلى الأبد وسط وعي هائم خلف السحاب أبعد من كل الأبعاد، لا مكان لتذهب إليه فقط استسلم حتى يسلم عقلك، حتى يسلم جميع ما بداخلك وما يكون شخصيتك، يسلم ويستسلم وينحني، وعن الطريق يبتعد مختفيا خلف الأفق البعيد حتى تتلاشى من أمامك كل الحدود وتتنحى من أمامك كل العقبات ولا تبقى سوى المساحات، مساحات فارغة يملؤها الصفاء.

علي العرادي