العدد 4779 - الأربعاء 07 أكتوبر 2015م الموافق 23 ذي الحجة 1436هـ

ملف اللحم ورفع الدعم!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

اهتمت الصحف المحلية بقرار رفع الدعم عن اللحوم، طوال هذا الأسبوع، وتغطية ما تكشّف عنه حتى الآن من آثار وتداعيات.

الأنظار كانت تتركز على سوقي المنامة والمحرق (يعمل بهما 124 محلاًّ)، حيث يمثلان قلب عملية التوزيع على المستهلكين، ومن خلالهما يمكن بسهولة رصد ردود فعل الجمهور. العناوين كانت تتحدّث عن خلو سوق المحرق تماماً، وعزوف واسع عن الشراء في سوق المنامة، وهي قضية أصبحت خاضعةً للجمهور، فهو الذي يؤثر على معادلة العرض والطلب، ولم تترك لقوانين السوق كما يبشر به دعاة الليبرالية المتوحشة.

المسألة ليست اقتصاديَّةً بحتةً، وإنما ذات بعد اجتماعي عميق، كما أنها لحسن الحظ، لم تخضع لأية مجادلات طائفية أو مساومات سياسية. إنها ببساطة صدمةٌ أصابت المجتمع برمته، حيث تمس لقمة عيش الجميع، برفع الدعم عن مادةٍ أساسية، تدخل في الوجبات الغذائية، كل يوم وليلة تقريباً. كما أن رفع الدعم أدّى إلى ارتفاع كبير وصارخ في السعر، بين 50 و350 في المئة (كيلو الدجاج من 1.2 إلى 1.8 دينار، واللحم من 1.0 إلى 3.5 دنانير).

ما حصل حتى الآن، هو أن الجمهور، وفي رد فعل تلقائي، لجأ إلى مقاطعة اللحم، ليس رغبةً في الصدام، وإنّما لأن السعر المطروح يمثل عبئاً كبيراً على موازنة غالبية الأسر البحرينية، بدليل أن وزارة التنمية الاجتماعية سجّلت 118 ألف أسرة بحرينية للحصول على المبلغ التعويضي. وعلى المدى القريب، قد تتخلّى الأسرة عن شراء اللحم حتى لو حصلت على المبلغ الذي لا يغطّي إلا ربع احتياجاتها الفعلية. وعلى المدى المتوسط، ستضطر غالبية الأسر إلى التقليل من اللحوم والبحث عن بدائل غدائية أخرى، «فمُكرَهٌ أخاك لا بطل»، وخصوصاً عندما تتعرّض موازنتها إلى ضغوط أكبر وأشد، مع ما يتمُّ تسريبه عن وجود مواد وخدمات أخرى على قائمة رفع الدعم، بدءًا بالبترول والماء والكهرباء، وانتهاءً بالرغيف.

الأسرة البحرينية، ونعني هنا 90 في المئة من مجموع الأسر التي تشكل الطبقتين الوسطى والدنيا، ستضطر إلى تقليل استهلاكها للحم، ويتوقع الكثيرون أن يقلّ استهلاك اللحوم بنسبة 40 إلى 50 في المئة، في الفترة المقبلة، ما لم تُصحّح الأسعار بطريقةٍ أو بأخرى.

هذا ما يتوقع حدوثه إذاً في الأمد المنظور: تقليل استهلاك اللحوم وخصوصاً الحمراء، والاقتصار على العطل الأسبوعية أو المناسبات الاجتماعية والمواسم الدينية، مثل شهر رمضان المبارك. أما على المدى البعيد، فإن القرار وما ستتلوه من قرارات مرتقبة، سيؤثر على إضعاف القدرة الشرائية للمواطن، وإنهاك موازنته. وكما حدث للمواطن قبل أعوام مع موجة ارتفاع الأسعار، سيلجأ إلى تقليل ما يصرفه على اللحم، اضطراراً لا زهداً. فقبل عشرة أعوام، كان بإمكانك أن تدخل السوق لتشتري مختلف أنواع الفواكه والخضراوات بعشرة دنانير، ما يكفي العائلة الصغيرة لمدة أسبوعين، أما بعد 2008 فقد أصبح هذا المبلغ عاجزاً عن شراء أكثر من خمسة أو ستة أصناف.

اقتصاديّاً، ستوسّع قرارات رفع الدعم عن السلع والخدمات، من رقعة الفقر، وتزيد أعداد الأسر الواقعة تحت خط الفقر، وتضعف القدرة الشرائية لبقية أسر الطبقة الوسطى من المجتمع. وقد تتكيّف الأسرة البحرينية مع ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء، وقد تقلّل استهلاكها إلى الحد الأدنى في حدود موازنتها، لكن كيف ستتكيّف مع ما يتم التلويح إليه من رفع الدعم عن الماء والكهرباء والرغيف إذ ستضاعف الأسعار؟

كنّا نتمنى أن تكون لقمة العيش آخر ما يتم التفكير فيه على طريق تصحيح أخطاء السياسات الاقتصادية العميقة.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4779 - الأربعاء 07 أكتوبر 2015م الموافق 23 ذي الحجة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 28 | 5:02 م

      احم احم

      اهوووو رجعنا للبرالية انت قبل شهر جاي بكلكليتر خراب اتقول 27 راح يعطونك + 30 دينار تدفعه انت حسب كلامك = 57 دينار وسعر الدجاج 1500 فلس لشهر تساوي 45 دينار كل لما اتريش ؟
      وبما انك متعمق في التفاصيل اعتقد ماراح ايفوتك تستبدل اللحوم بالقيمة لانك تعرف القيمة 300 فلس ؟ وانا اعرف انك ادق مني انا في الحساب ؟ واتصور انت ما تدفع ازيد من عشرين دينار ؟ وبعد تطلب تخفيض ؟
      اما عن قرار السوق اذا السعر ما ايناسب المستهلك راح تضطر الشركة مال اللحوم الى تخفيض السعر وتصديره ؟ او ترضخ للواقع ؟ مو قرار لبرالي

    • زائر 20 | 2:36 ص

      بند دعم الغاز

      لماذا لا يتم رفع الدعم ولو نسبيا عن الغاز المدعوم للشركات بنسبة دعم اللحوم والدواجن التي سوف تترك أثار وخيمة ع المجتمع منها اجتماعية وأقتصادية ومن ثم سياسية.

    • زائر 27 زائر 20 | 10:25 ص

      رفع الدعم عن الكبار

      اوفر ةافضل واقل ضررا من رفع الدعم عن الصغار لأن الكبير يتخمل والصغير عكس ذلك والنتائج تكون عكسيه فأين المفكرون.

    • زائر 17 | 2:02 ص

      يا جماعه الحلول جاهزه

      كل شخص يقدر يدبر روحه اهم شي تقدرون تواصلون في مقاطعة اللحم واللي يبغي يشتري يقدر يروح السعوديه يشتري ماجلة الشهر منها ويرجع بس الاهم انكم تواصلون على مقاطعة اللحم

    • زائر 16 | 1:56 ص

      اللي صار بالعكس.....

      كنّا نتمنى أن تكون لقمة العيش آخر ما يتم التفكير فيه على طريق تصحيح أخطاء السياسات الاقتصادية العميقة. أول ما بداوا بلقمة المواطن.

    • زائر 13 | 1:31 ص

      المواطن الهدف الأسهل

      المواطن هو الطوفة الهبيطة مثل ما يقولون لذلك يتم التركيز على كل ما يخصّه ام الامور الأخرى فلا احد يتكلم عنها رغم انها تكلّف الكثير.
      في وضع مثل هذا يتم بناء ملاعب كركيت
      و التبرع بمستشفيات لدول اخرى

    • زائر 12 | 1:24 ص

      ترك الملفّات الكبرى والتركيز على الاصغر

      الكل يعرف ان ملفّ لقمة المواطن هي ابسط بند في الميزانية والتركيز عليها له ابعاد اخرى والا فهو لا يمثل شيء بالنسبة لباقي البنود التي تلتهم الميزانية باكملها

    • زائر 11 | 1:13 ص

      لماذا

      لماذا لا نرى التقشّف الا في لقمة عيش المواطن؟
      لماذا الملفّات الأكبر التهاما للأموال بعيدة عن التقشّف؟

    • زائر 10 | 1:03 ص

      كما يقول المثل

      يبدوا ان هذه هي السياسة القادمة، والا كيف تفكر في قطع ارزاق الناس ، كلنا فقراء الى الله، نتمنى ان يعتبر المسؤلين بان يد الله فوق ايديهم، ويقولون قطع الاعناق ولا قطع الارزاق.
      سنأكل اي شيئ يسد رمقنا وجوعنا، ولكنكم هل ستأكلون أي شيئ؟؟؟

    • زائر 9 | 12:50 ص

      اسد الفاتح

      نحن اسود الفاتح اشد المتضررين من مقاطعة اللحم لانه غذائنا الرئيسي والوحيد, ورغم هذا سنصمد حتى نتمكن من اكل اللحم بحرية كما السابق

    • زائر 8 | 12:45 ص

      القصاب

      أستميحكم عذرا، هذي مسأله في ايدينا جميعا وهي ليست مسأله سياسيه ليدعي البعض الخوف من نتائجها، يا اخوان شنو يعني لو ما أكلنه لحم بنموت جوع، يا أخي خبز وغلاص شاي بيسد جوعك، نواصل مقاطعة اللحوم وننطر النتايج والي أكيد بتكون في صالح المواطن وهي في نفس الوقت رسالة لما سيكون عليه الوضع لباقي الأمور، نشكرهم على توحيدنا والى الأمام

    • زائر 7 | 12:35 ص

      فلنكن يد وحدة ضد الإضطهاد

      ان لم نتوحد ونكون يد وحدة سنة وشيعة فسوف يكون إمامنا نفق أسود مظلم وسوف يضطهد هذا الشعب أكثر وأكثر فكلما سكتنا عن حقوقنا كلما نهش الضباع فينا

    • زائر 5 | 12:19 ص

      لاجئين. ..

      أمر البحرين غريب جدا ...انا اتوقع في بداية سنة 2016 سوف يقف الشعب البحريني في طوابير لاستلام مؤن من منظمة غوث اللاجئين " أونروا " ، -حالنا حال الفلسطينيين و دول المجاعة.

    • زائر 4 | 12:08 ص

      المقهور

      استاذ قاسم الوضع سيء جداً وهاجس الخوف بدء يتسرب بين الناس عن رفع الدعم عن الكهرباء والماء والبترول .. الخ ، ولانستبعد ذلك لطالما الحكومة ضربت النواب انفسهم عرض الحائظ واعتبرتهم رموت كنترول ومررت قرارتها .. هل ستفتكر بالشعب وبمعاناته ؟؟

    • زائر 3 | 11:26 م

      الجوع يوحدنا

      الشعب الذي تمزق بسبب الحرية والكرامة ربما يوحده الجوع

    • زائر 2 | 11:18 م

      عساهم الفقر من يسعون لفقر المواطن

      عليك ابهم ياربي اغنوا الاجنبي وأفقروا المواطن وظفوا وسكنوا الاجنبي وذلوا المواطن انتقم منهم ياربي بين شرهم على الوطن لاخلوا شيء الاسرقوه عربة باموال الشعب وكله الله يغير علينه زر في عيونكم أنتم وهم.

    • زائر 1 | 10:17 م

      الكاسر

      لحد الان الأمور طيبة
      خلكم صمود لايقصون عليكم الحكومة راح تنشر رسائل مكتوب فيها مقاطعة الحوم هي مقاطعة لعوائل بحرينية وهي ليس لديها مدخول ثاني

اقرأ ايضاً