العدد 4785 - الثلثاء 13 أكتوبر 2015م الموافق 29 ذي الحجة 1436هـ

تحديات الوضع المالي

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

الحديث عن الأزمة المالية، وخطر ارتفاع وتيرة الدين العام بشكل متسارع جداً، حديث ليس فيه مبالغة، بل هو دق لناقوس خطر مقبلين عليه، تداعياته غير معروفة بعد، وحجم «التضحيات» التي ستفرض ستكون كبيرة وقاسية وكذلك «مُرة» سيتجرعها الجميع.

الدين العام البحريني بلغ مستوى «مقلقاً» جداً، إذ وصل مع مطلع الشهر الجاري (أكتوبر/ تشرين الأول 2015) إلى 6 مليارات و876 مليوناً و600 ألف دينار، ومع تأكيدات الحكومة باستمرارها في الاقتراض من أجل سد عجز الموازنة العامة، فإنه مع نهاية العام قد نصل إلى السقف الأعلى للدين العام والبالغ 7 مليارات دينار والذي لم يمض على إقراره سوى أقل من أربعة أشهر، وسط حالة من الجدل والقلق بشأن ذلك الإقرار.

سيناريوهات ارتفاع وتيرة الدين العام ليست جديدة، فقد تضاعف مرات عدة منذ العام 2008، إذ بلغ حينها نحو 705 ملايين دينار، وارتفع إلى 1.34 مليار دينار في 2009، و2.44 مليار دينار في 2010، ونحو 3.16 مليارات دينار في 2011، ونحو 3.86 مليارات دينار في 2012، ونحو 5.1 مليارات دينار بنهاية 2013، وانخفض بنهاية يوليو/ تموز 2014 إلى 4.8 مليارات دينار، ثم عاد ليرتفع في سبتمبر/ أيلول 2014 إلى 5.35 مليارات دينار، ومع تطبيق موازنة 2015/ 2016 واقتراض الحكومة لتغطية العجز فيها، فإن الدين العام سيرتفع إلى 9 مليارات دينار، وهو ما يعني أن الحكومة ستضع مجلس النواب من جديد أمام اختبار صعب في إقرار أو رفض مرسوم بقانون جديد يتضمّن رفع سقف الدين العام من 7 إلى 10 مليارات دينار.

الكل يعلم أن البحرين تعيش أزمة مالية حقيقية في ظل أزمة تراجع أسعار النفط، وهبوطها إلى مستويات تشكّل تهديداً حقيقياً للوضع المالي في البحرين، حتى ذهبت الحكومة إلى التأكيد على حتمية وضرورة الاستمرار في سياسة الاقتراض وزيادة الدين العام لإنقاذ الموازنة من العجز، مع انتهاج سياسات تقليص الإنفاق، ومراجعة آليات الدعم للسلع الرئيسية التي تقدم للمواطنين.

في جلسة خاصة مع نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس اللجنة الوزارية للشئون المالية وضبط الإنفاق، الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة الخميس الماضي (8 أكتوبر 2015) تم الحديث عن المبادئ العامة التي ستتخذها الحكومة لتقليص النفقات، وزيادة الإيرادات، ومنها رفع الدعم عن الشركات والاستثمارات على مدى ثلاث سنوات، ورفع الدعم عن السلع الرئيسية على غير البحرينيين بشكل تدريجي على مدى أربع سنوات، مع الأخذ بسياسة «تعويض» البحرينيين عن ذلك الرفع للدعم كما حدث في اللحوم مثلاً، وتخفيف الدعم على المقتدرين مادياً، وتطبيق مبدأ استرداد كلفة الخدمات الحكومية المقدمة.

مع السياسات الجديدة التي ستنتهجها الحكومة، فإن الواقع يؤكد أيضاً أن الحكومة لن يكون لديها خيار لمواجهة العجز المتنامي في الموازنة لعامي 2015 و2016 إلا المزيد من الاقتراض، وذلك نظراً لاعتمادها على النفط بنسبة 86 في المئة من إجمالي الإيرادات ومع استمرار تراجع أو ثبات أسعار النفط بشكلها الحالي فإنه من المتوقع أن يصل الدين العام بنهاية العام 2018 إلى أكثر من 12 مليار دينار.

ما أفصحت عنه الحكومة وكذلك المصرف المركزي ولو بشكل غير علني بعد وعبر اللقاء الخاص أن الوصول إلى «نقطة التعادل» في الموازنة سيحتاج لتطبيق الرؤية الحكومية الجديدة (الرؤية التقشفية) مع دورتين ماليتين للموازنة.

على رغم كل الحديث عن عدم المساس بالمكتسبات التي حصل عليها المواطن، خلال السنوات العشر المقبلة، فإن الواقع يؤكّد أننا مقبلون على سنوات عجاف، سيكون فيها الجفاف سمةً رئيسيةً أساسها التقشّف في كل شيء له علاقة بالمواطنين.

وبعيداً عن المجاملات، فإن القلق الشعبي حقيقي ومبرر، في ظل ما نحن مقدمون عليه من خطورة الموقف وتفاقم الدين العام، مع استمرار العجوزات المالية وعدم القراءة الصحيحة للمؤشرات العالمية بشأن أسعار النفط، إذ أصرت الحكومة على سعر 60 دولاراً للبرميل في الموازنة، بينما كل المؤشرات كانت تشير بوضوح إلى أن أسعار النفط كانت تتجه للانخفاض، لذلك لم يكن من المنطقي أن يظل سعر برميل الموازنة بسعر أعلى من السعر المتوقع الوصول إليه، والحكومة كانت على علم بأن أسعار النفط في طريقها للانحدار أكثر، ولكنها فضلت أن تضع سعر البرميل عند 60 دولاراً على رغم ذلك!

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 4785 - الثلثاء 13 أكتوبر 2015م الموافق 29 ذي الحجة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 16 | 6:53 م

      احم احم

      ما في شي مقلق ولا معقد ؟ انت اذا امفلس محتاج تشتغل زيادة وتنتج حتى اتغطي ديونك ؟
      البحرين لا تنتج نفظ زيادة معادن زيادة وحتى لحوم بسعر مقبول 1500 فلس للكيلو وما يزيد اتصدره تعطي تسهيلات للشركات والافراد بفتح مشاريع ؟ وبالنهاية تحصيل رسوم تسجيل مؤسسة وووو
      اخيرا عندما يصل الامر لحد الازمة هناك اصدار سندات وخفض سعر العملة اخير هو الخيار المميت

    • زائر 15 | 11:52 ص

      التوظيف في القطاع العام

      نتمنى من الاستاذ هاني التطرق الى موضوع التوظيف في القطاع العام ... حيث المتقدم يعطى رقم طلب من قبل الديوان لا يستفيد منه في المراجعة او التقديم على وظائف. كما أن فترة الانتظار تطول لتمتد الى اجل غير مسمى ، كما لا يعلن عن اسماء المقبولين في الصحف اليومية كما في عدد من الدول الخليجية الشقيقة .

    • زائر 14 | 5:42 ص

      العجز المالي

      السبب ليس اسعار النفط... أسألوا النائب قراطة شنو قال وشنو ردوا عليه

    • زائر 13 | 5:41 ص

      لا توجد سياسة مالية صحيحة

      ولا توجد سياسات صحيحة...

    • زائر 10 | 3:50 ص

      النفاق يطغى على البعض

      لا احد يريد ان يتنازل عن مميزاته حتى النواب وهم ممثلين عن الشعبي ويحملون هموم الناس لا تغيير ولا تنازل يريدون يحطون على المواطن الفقير

    • زائر 9 | 2:20 ص

      الوضع المالي مزري

      ولكن يجب ان لا يكون ذلك على طهر المواطن ارجعوا الخيرات التي سرقت اقفوا الفساد سيتحسن الوضع

    • زائر 6 | 1:39 ص

      سؤال بقوة

      موضوعك يا أستاذ مهم لكن يوجد ما هو أهم سؤالي ليش وزارة التربية ما نزلت مبلغ البعثة الدراسية لحد الحين لو تطرقون هذا الموضوع أظن انه مهم جدا

    • زائر 5 | 1:34 ص

      مقال اقتصادي احترافي

      كالعادة مقالاتك احترافية ورائع وتعكس حقيقة الواقع

    • زائر 4 | 1:33 ص

      ليس تحديات

      انها سرقات

    • زائر 3 | 1:00 ص

      انشاء الله ينخفض سعر برميل النفظ

      متعودين على التقشف الحكومة تصرخ لا توظيف فبالواسطة لازال التوظيف قائما وأخيرا قنبلة ذلك المذيع الذي كان احد إعلامي ................و الذي فجرها قنبلة مدوية في موضوع التجنيس جعل آلة البطالة تتحرك ضده وعموما يارب اخفض من قيمة برميل النفظ فلم نستفد منه نحن المواطنين وانما اصحاب الدماء الخالصة رفاهية ونهب

    • زائر 2 | 11:15 م

      أهو السبب يعني

      السرقات وإلا التجنيس العشوائي أم السياسات الخاطئة وإلا جلب الأجنبي وإعطائه الوظيفة والسكن وعلاوة الإسكان والغلاء ويرسل الأموال لبلاده لو سياسة إفقار المواطن وتهميشه وقهره حوبته جلبت الكارثة الإقتصادية والمالية ....

    • زائر 1 | 10:25 م

      ماكلينها الفقارة

      ما بياكلها غير الفقارة والمطحونين؛ أكلناها في رفع الدعم عن اللحوم، وبناكلها في أمور ثانية. وأما اللي يرقدون على وسائد من ريش النعام، فلا يهتمون بما ستصير إليه الأمور!

اقرأ ايضاً