العدد 4788 - الجمعة 16 أكتوبر 2015م الموافق 02 محرم 1437هـ

مشروع برعاية وزارة الثقافة الأردنية... أعمال فنية من نفايات

اعمال فنية من النفايات المستخلصة من الاشجار
اعمال فنية من النفايات المستخلصة من الاشجار

عمّان - عزة عبدالمجيد 

تحديث: 12 مايو 2017

 لمسات فنية بارزة تعلو أحد الجدران في حي هادئ من أحياء عمّان، يتميز بطراز عمراني قديم ويطل بشرفات على سفوح العاصمة الأردنية وتلالها التي تموج بالحياة. تلك اللمسات تتراءى من خلال لوحة جدارية على مدخل أحد المعارض الفنية الرائدة، بما تنطوي عليه من رؤية فنية للمكان ومقدرة إبداعية في الشكل والتكوين، بل وتعزيز قيمة جدار البناء العريق.

ما يميز تلك اللوحة، التي تمتد عبر مساحة مئة متر مربع وتسبق خطوات زائر «غاليري الأندى»، أن الفنان التشكيلي غسان مفاضلة استخدم في صنعها مواد مستهلكة تضمنت أخشاباً وحديد خردة. وهو يقول إن تلك المكونات التي تشكل حالة جمالية تخلق أيضاً ألفة لدى الناظر إليها، إضافة إلى ما تنطوي عليه من عنصر توعية للأفراد.

يشكل المكان بتنويعاته وعلاقته بالإنسان ووعيه ووجدانه محور أعمال مفاضلة، التي بات عدد منها يقف شامخاً في بعض المحافظات الأردنية، ضمن مشروع ترعاه وزارة الثقافة.

يستخدم مفاضلة الحديد والخشب بكثافة. أما الخشب فيقوم بتطويعه بنفسه في مشغله الخاص، فيما يتم تطويع الحديد وإعادة تدويره في أحد المصانع، وهو الأكثر بروزاً في أعماله نظراً لديمومته. كما يستخدم القوارير البلاستيكية وأجزاء من سعف النخيل وخامات أخرى. وفي وصفه لتلك العمليات، من تطويع وتدوير للمواد، يقول إنها تصبح سهلة إذا ما كانت رؤية العمل واضحة، فتكون حينئذ شريكة في التصميم الفني. وفي رؤيته لمعنى التدوير يقول إنه «المحافظة على طبيعة الأشياء من دون مبالغة».

في أحد أعماله الفنية بعنوان «ذاكرة السرو» استخدم أخشاب أشجار السرو والصنوبر التي اقتلعتها عاصفة ثلجية من حرم الجامعة الأردنية في شتاء 2014، وقدر عددها في ذلك الوقت بنحو ألفي شجرة. فشكل تصميماً فنياً بارتفاع خمسة أمتار وبعرض متر واحد، ضم 27 قطعة خشبية صممت بحيث تتحرك 25 منها بصورة تماثل حركة الهواء. واستخدم إحدى الأشجار التي قاومت العاصفة الثلجية، لتصبح جزءاً من بنية العمل التكوينية والتعبيرية، تحفظ الاتزان العمودي للتصميم في حين يسندها هو كرمز للتشبث بالحياة، خاصة إذا تعرضت لاحقاً للعواصف أو الثلوج.

الإنسان والمكان

تبرز معظم أعمال مفاضلة العلاقة الأزلية بين الإنسان والأمكنة، التي بطبيعتها تساهم في اقتراح الشكل المناسب للتصاميم أو الأعمال الفنية التي يستهدف إنشاؤها في الأماكن العامة تعزيز أهمية هذه الأماكن وعناصر الجمال فيها. فعبر مساحات ثلاث مدن أردنية، هي عجلون وجرش والطفيلة التي حملت جميعها لقب «مدينة الثقافة الأردنية»، تتنوع عناصر الطبيعة وتزخر بمكونات جمالية تختلط فيها معالم تاريخية عريقة. وهذا ما يساهم في استخلاص القيم الجمالية وخلق علاقة تفاعلية متجددة ترتسم في النصب الفنية التي يبنيها مفاضلة في مختلف محافظات البلاد.

شكّل الفنان تلك النصب من صفائح معدنية وقضبان حديد تراوح ارتفاعها بين خمسة وثمانية أمتار ومحيطها بين مترين وثلاثة أمتار. ويقول إن رؤيته الفنية للمشروع تنطلق من الإيقاع البصري لتضاريس تلك المدن. ففي الطفيلة، مدينة الثقافة الأردنية للعام 2014، يحتل النصب الذي أنشأه بقعة بارزة تطل على جبالها وسفوحها، ليعكس لمحات من تشكيلات المنطقة الطوبوغرافية. وفي مدينة عجلون، عكس التصميم الفني للنصب الذي بلغ ارتفاعه خمسة أمتار الإيقاع البصري لتماوج الجبال والسفوح. وقد صُنع أيضاً من خمسة قضبان حديد وصفائح معدنية ترابطت بخطوط انسيابية لتعكس انحناءات الجبال.

يرى مفاضلة أن إنشاء تلك النصب الفنية في الأماكن والمساحات العامة، عبر محافظات الأردن التي تتميز بتنوع بيئي وخصائص طبيعية متفردة ضمن المشروع الذي بات يحمل عنوان «الإنسان والمكان»، هو تعزيز للذوق الجمالي عند الأفراد، فهي منفتحة ومتاحة للجميع، وهي تمثل قدرة الإبداع في مهارات استخدام المواد، ووجودها يؤكد القيم الجمالية لتلك الأمكنة.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً