العدد 4806 - الثلثاء 03 نوفمبر 2015م الموافق 20 محرم 1437هـ

التوحش والهمجية لا يمثلان ثقافتنا

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

القُدرةُ على الابتكار تُحدّد إمكانيَّةَ النُّهوضِ لدى البُلدانِ، وهذا الابتكارُ الخلاّقُ يَحتاجُ إلى بيئةٍ منفتحةٍ على الأفكار والمستقبل بما يتناسب وتطلُّعات الإنسانِ نحو غدٍ أَفضل. هذا المنحى الإيجابيُّ ينقلب إلى العكس عندما تفتقد البيئة المحيطة بالإنسان الحُريَّةَ في التَّفكير، ويفقد الانسان قدرته على العطاء الايجابي، وبالتَّالي يتَّجه العقلُ البشريُّ إلى التفكير السَّلبي الهادف الى سلب الحضارة من قِيمِها وعُمرانِها. هذا المنحى السلبيُّ في نمط التفكير هو ما تقوم به الحركاتُ الإرهابيّةُ التي تبْتدعُ كُلَّ يوم وسيلةً جديدةً للقتل والتَّدمير، وتراهم يَتفنَّنون في أساليب حرمان الإنسان من حقه في الحياة الكريمة، وتراهم يتفننون في أساليب تَدميرِ كُلّ ما أَنتجتْه حَضارةُ الإنسانِ منذ آلاف السّنين حتَّى الآن.

وهكذا نرى الفرق في التفكير هو الفرق بين التَّحضُّرِ القائمِ على إبداعِ الإنسانِ في تَعميرِ الأرضِ وتَطويرِ إمكاناتِ الحياةِ، والتخلُّف الذي يَسيرُ في الجانب العكسي لذلك. فحاليّاً تَقرأُ الأخبارَ عَنْ آخرِ ما تَوصَّل إليه المبتكرون في تسهيل حياة الإنسان على الأرض، وفي تحسين صحَّته وجودة الحياة، وفي المقابل تَقرأُ الأخبارَ عن كيفيَّةِ القتل والتَّدمير وسفك الدماء بأبشع الوسائل، ومن ثمّ بثّ ذلك باسم الدين الإسلامي، وكأنَّ هدف الإسلام هو نشر كل ما هو بَشِعٌ ومُتوحّشٌ وقَبيحٌ.ولو أَجرينا مُقارنةً لما كان يَقولُه العالم عن مَنطقتِنا في مطلع 2011، وما يَقولُه عنَّا حاليّاً سَنجدُ أنَّ الصُّورةَ انقلبت رأساً على عقب. فقبلَ سنواتٍ كان العالم يقف منبهراً كيف خرج الشباب في الميادين لِيُطالبَ بالعيش الكريم وبالحُريَّة والكرامة، وكيف أنَّ هؤلاء الشباب استلهموا ثقافة عصرهم، واستخدموا وسائل التواصل الاجتماعي لإطلاق ربيعهم العربي. سنجد كيف تحدَّث العالم عن شباب المنطقة، وكيف انعكس ذلك في الخطاب المُستخدمِ، إذْ إنَّ العربَ أصبحوا يُقرَنونَ بِالأُممِ الصَّاعدة التي تساهم في صنع المُستقبلِ المُستنير.

أمَّا حاليّاً فقد انعكس الأمرُ، وتم ربط التوحُّش بالإسلام، وأصبح الناسُ في كل مكان يستذكرون القتل البشع، كلما ذُكرتْ أسماءُ لها علاقةٌ بالإسلام، وعادتِ النَّظرةُ السَّلبيَّةُ التي تربط الهمجيَّةَ والتخلُّف بمنطقتنا.

هذا ربما هو أسوأُ ما حدث خلال السَّنوات الأخيرة، إذ إنَّ انقلاب وجهات نظر الآخرين نحونا مرتبط بالتَّصرُّفات والسلوكيَّات التي يمارسُها من يحملُ هويَّة ديننا أو منطقتنا.

إن علينا أنْ نرفض التوحُّش والهمجيَّة، وأنْ نستعيدَ السُّمعةَ الحسنةَ التي تستحِقُّها مُجتمعاتُنا وبِلدانُنا، وأَنْ نستذكر أنَّنا كنَّا ركناً أساسيّاً في إنتاج الجوانب الجميلة للحضارة الإنسانيَّة، وأن بإمكاننا أن نعيش متسامحين ونقبل بالتعددية ونبذل ما بوسعنا للمساهمة الإيجابية في إسعاد البشرية.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4806 - الثلثاء 03 نوفمبر 2015م الموافق 20 محرم 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 2:39 م

      الشهور القادمة ستكون الأسوأ على المنطقة .... ام محمود

      هناك حروب كبيرة تحضر للمنطقة
      و من صنع داعش يعلم بان التنظيم سيعمل ما ستعجز عنه اي حرب عسكرية كونية لانه تغلل الى الداخل و فتك بالشعوب وسفك الدماء و قطع الرؤوس و دمر الآثار و قتل الآلاف و هناك جرائم مخفيه لم تكشف ووضع الناس في الاقفاص و حرقها او رماهم من اعلى البنايات وفي الروايات اذا ظهر السفياني و انتهى من معركة قرقيسيا سيتجه الى بغداد او الزوراء و يقتل عدد كبير اكثر من 3الاف و بعدها سيتجه للنجف و يقتل الكثيرين قبل ان يتجه اليه جيش عقائدي و يقضي عليه اذن التوحش مستمر و بشكل كارثي

    • زائر 9 | 2:20 م

      بعد ظاهرة القمر العملاق او الخسوف الدموي والاعاصير سيحدث زلزال عظيم ... ام محمود

      بعد القمر الاحمر والاعاصير والزلازل سيحدث شيء في منطقة الشرق الاوسط
      حدث للجرم الأقرب إلى الأرض خسوف نادر يتغير معه إلى دموي اللون، ويسمونه "القمر الأحمر" في ظاهرة سبقها خسوفان من النوع نفسه العام الماضي، ويليهما هذا الخسوف، وآخر رابع بعد 6 أشهر، وقبله أو ربما بعده بوقت قصير "سيقع في الشرق الأوسط حدث يهز العالم"، طبقاً لتوقعات كتاب أميركي فسر تزامن الخسوفات الأربعة مع مناسبات دينية مسيحية ويهودية هذه المرة، بأنه إشارة إلى اقتراب الحدث الموعود.
      تحالف امريكا مع روسيا مع داعش سيؤدي الى الزلزال

    • زائر 8 | 7:23 ص

      هؤلاء

      هؤلاء التكفيريوون ليس اسلاميين انهم كفرة عبدة الشيطان وينفذون اجندته لتدمير البشريه
      النبى محمد \\ص\\ بري عنهم لانهو علمنا الاخلاق وكيف نتعامل مع الناس حتى لو اختلفو معاه فى الدين
      هؤلاء التكفيريوون همج واتو من سلالة الجهل القرشى والخوارج اللهم اهلكهم

    • زائر 7 | 2:04 ص

      احم احم

      صح هذا مو من ثقافتنا ؟ قبل اكثر من الف سنة كنا ننشد الشعر ونؤمن بخلود الانسان وقدسيتة وكنا ندفن الانسان على ضفاف الخليج ؟
      لكن سبحان مغير الاحوال تضرب سكنير اتحذر شخص بانك راح تطلع عليه ايزيد السرعة حتى ايقول طلعت عليي ؟
      هدي خاصية في البحرين فقط
      يا ايها المواطنون اتعلموا من ثقافتنا

    • زائر 6 | 11:52 م

      داعش

      داعش وومن يؤيدها هذا الجماعات الارهابيه التكفيريه هي من تشوه صورة الاسلام نحن وين والغرب وين شتان بيننا وبينهم ..اما بخصوص نحن كنا وكنا هدا الكلام ما يرجع الماضي اذا اردنا ان ترقي يجب ان نعمل بجد وخلاص وبدون تمييز

    • زائر 5 | 11:00 م

      ومن قال لك اننا لا نبتكر ؟

      نحن نبتكر أيضا: انواع التعذيب
      نبتكر انواع النفاق والدجل والتلميع

    • زائر 2 | 10:06 م

      صدقت يا دكتوور.

      نعم هكذا يا دكتور ولكن ماذا تعمل عندما يصاب صاحب الكلمه والقرار فى المجتمع با الزهايمر ماذا سيصبح المجتمع؟

    • زائر 1 | 9:54 م

      البحرين لا زالت

      البحرين لا زالت قيادات المعارضة فيها تقود الوضع الإجتماعي الى السلم و لو لا ذلك لانزلق الوضع الى ما يشبه الوضع في سوريا ، الحمد لله قيادات المعارضة هنا في البحرين كلهم من ابناء ذلك الخط العظيم و الثقافة المستنيرة التي أرساها الجمري الأب العظيم رحمه الله ...

    • زائر 3 زائر 1 | 10:16 م

      السلام

      اي والله صدقت الله يرحمه ذكرتني بالشيخ الجمري المجاهد.

اقرأ ايضاً