العدد 4848 - الثلثاء 15 ديسمبر 2015م الموافق 04 ربيع الاول 1437هـ

اليقظة السياسية الواجبة من أجل الإصلاح السياسي

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

لاحظ عزيزي القارئ، العبارات الدستورية، مثل «وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون»، ومفاد ذلك أن لكل حق دستوري أو إباحة أو منع، أو الاستثناء من ذلك الحق، أو تلك الإباحة أو المنع، يتوجب سن قانون، يبين التعاريف والشروط، ووصف الأفعال الموجبة لإيقاع العقاب، وحدود تلك العقوبة، وما على المعنيين من السلطات التنفيذية في الدولة، إلا الادعاء أمام القضاء لتطبيق القانون، فالسلطة التنفيذية لا تتداخل وظائفها مع وظائف السلطات الأخرى القضائية والتشريعية، ولا تنوب عن أي منها.

وبالتالي فإن أي قانون يحيل إيقاع العقاب إلى غير السلطة القضائية، يكون باطلاً دستورياً، وكذلك إيقاع العقوبة المسندة دستورياً، إلى رئيس الدولة أو الملك، لابد لها هي الأخرى أن تُحال إلى القضاء، للحكم والفصل في دواعيها من الاتهام، وذلك قبل إصدار الرئيس أو الملك مرسومه بإيقاعها، وإلا سقط المبدأ القانوني والحقوقي، الذي عادة ما يُذيل به القرار بعبارة «وعلى المتضرر اللجوء للقضاء»، وفي حال اكتمال الحكم والتصديق عليه، تتم إحالته إلى الجهات التنفيذية لتطبيق العقوبة، من بعد أن يحكم القضاء بها، عبر استنفاد جميع مراحل التقاضي، انتهاءً بمحكمة التمييز أو المحكمة الدستورية، وذلك حسب طبيعة العقوبة ومشروعية إجراءاتها وقانونها، هنا فقط يجوز للرئيس/الملك إصدار مرسومه الخاص بإيقاعها، وذلك أن الحاكم عادة لا يصدر مراسيمه وأوامره إلا بناء على توصيات من الأجهزة الحكومية.

فليس هناك من عقوبة إلا بقانون، وليس هناك من ناطق بتحديد العقوبة وفارض لها غير القضاء، وليس هناك لتنفيذ العقوبة وإيقاعها سوى السلطة التنفيذية، شراكة بين الحاكم من جهة، سواء كان الأمير أو الملك أو الرئيس، وشراكته مع الحكومة، والعقوبة هي غيرها الجزاءات الإدارية والتأديبية، الخاصة بكل وزارة أو ديوان أو هيئة أو مؤسسة، في داخلها وشمولاً لمنتسبيها.

وكذلك تكييف الاتهام والمطالبة بإيقاع العقوبة، سواء في الحق العام أو الخاص، هي سلسلة إجراءات تبدأ بشكوى المجني عليه، ضد الجاني لدى الجهات الأمنية الإدارية، المختصة فقط بسماع وتوثيق أقوال الطرفين وشهودهما دون التحقيق، واستحصال تواقيع الأطراف المعنية، ورفع أوراق الحدث الاتهامي للمجني عليه وطلباته في حقه الخاص، وكذلك الجاني ورده بخصوصه، ما لم تتمكن من حل الخلاف ودياً بين الأطراف، إلى النيابة العامة التي بدورها تجري التحقيقات اللازمة وتَدَّعي بها أمام القضاء.

وبنفس المنوال لا تختص المؤسسة الدينية بإيقاع العقوبات، ولكن بإحالة لوائح الاتهام إلى السلطة القضائية، للحكم فيها بمقتضى القوانين المدنية المعالجة للمسائل الدينية، أما ما يتصل بالأحكام الشرعية، وعقود الزواج والطلاق والتركات، فحكمها شرعي، وتنفيذها مدني تهتم به الدولة إجراءً وتنفيذاً، ويمكن أن تناط بالمؤسسة الدينية أيضاً إدارة المساجد والعمل الخيري والوقفي

بالأخذ في الاعتبار كل ما سبق، وخاصة مهمات واستقلالية سلطات الدولة الثلاث، التشريعية للرقابة والتشريع، والقضائية لنشر العدالة وإقامة الحق وإزهاق الباطل، والتنفيذية لترجمة التشريعات، في استراتيجيات وخطط تنفيذية للتطبيق العملي، بما يخدم الوطن والمواطنين على قدم المساواة، وبهكذا علاقة بين السلطات دون التعدي من أيها على الأخرى، يثق المواطن في سلطات دولته التي هو مصدرها، فيلتفت للعطاء والوفاء.

وفي حال فقد المواطن تلك الثقة، بما يضع الوطن في أولى مساحات خلل العلاقة بين الدولة والشعب، والحل لجميع المعضلات والمشاكل، السياسية والحقوقية والأمنية والاقتصادية، ومنظور العلاقة بين مكونات المجتمع المتقابلة، الموالي والحكومي في جانب، والمعارضة السياسية والحقوقية في الجانب الآخر، وباقي المواطنين من الصامتين، هو الحوار الوطني، الذي تحكمه المطالب المصاغة بألوان الأحبار الثلاثة، الأحمر والأخضر والرمادي، متكررة بعدد فرق الحوار والقوى السياسية الأساسية، سواء الرسمية أو الشعبية، وهذا ما سنفصله استكمالاً في مقالنا القادم.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4848 - الثلثاء 15 ديسمبر 2015م الموافق 04 ربيع الاول 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 9:23 ص

      اليقظة السياسية الواجبة من أجل الإصلاح السياسي

      هي تكاتف المجتمع بكل اطيافه وانبثاق جمعيات تتكون من كل الأطياف كلن على حسب توجهه السياسي ولا تقصي أحدا لنتماءه القبلي أو العرقي أو المذهب والحرية السياسية مكفولة للجميع والكفاءة وخدمة الشعب هي فقط معيار نجاحها أو أحد افرادها

    • زائر 2 | 1:18 ص

      اليقظة السياسية مكانها المعتقلات والسجون

      هكذا هو الحال من لديه فكر وعقل ومخلص لوطنه يطالب بحقوقه في هذا الوطن وكرامته من كرامة الوطن فالسجن والمعتقل مأواه

    • زائر 1 | 12:29 ص

      يقولون لك لا في ازمة اقتصادية ولا شيء

      لو في ازمة اقتصادية لرأينا تأثيرها في الوزارات التي يوجد بها تضخم وظيفي وسيارات تشفط ليل نهار

اقرأ ايضاً