العدد 4855 - الثلثاء 22 ديسمبر 2015م الموافق 11 ربيع الاول 1437هـ

أسئلة ضرورية قبل أن نعلن حالة الإفلاس

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

الأخبار المتكرّرة عن قرب الإعلان عن حالة الإفلاس، تطرح الكثير من الأسئلة الكبرى، خصوصاً مع استمرار هذا الأفق السياسي المسدود.

اللجوء إلى القروض من أجل سد الحاجات الضرورية، ومحاولة معالجة مشكلة القروض بطلب المزيد من القروض، يدخلنا في هذا النفق الاقتصادي المظلم. فما يحدث على مستوى الأفراد حين يتورّطون في مستنقع القروض الشخصية، يتكرّر في حالة الدول، مع فارق مهم، هو أن الحالة الأولى يقتصر ضررها على حياة الفرد وعائلته، أما في حالة الدول فلا يقتصر ضررها على صاحب القرار، بل يعمّ كل المواطنين، ولا ينجو من تبعاتها أحد، لأنها تُسجّل ديوناً عامة، يتحمّلها البلد برمته.

اليوم، يدور الحديث عن دَيْنٍ عامٍ ناهز 7 مليارات، ولو وزّعناها على المواطنين البحرينيين، لكان حصّة كل مواطن منّا 10 آلاف دينار، مستحقةً علينا حالياً كديون، نساءً ورجالاً، وشيباً وشباناً، وكهولاً وأطفالاً. وحين بصم المجلسان (الشورى والنواب) بصورة غريبة على طلب الحكومة برفع سقف الدين العام إلى 10 مليارات، فمن حقّ المواطنين أن يٍسألوا عن ضماناتٍ عن طريقة صرفها، لأنها ستُسجّل ديوناً مستحقة عليهم، قد يعجز حتى الجيل الحالي عن الوفاء بها، في ظلّ انهيار أسعار النفط وصعوبة عودته لسعره السابق في المدى المنظور، ومن ثم ستُرحّل أعباء خدمة الديون بفوائدها، إلى أبنائنا وأحفادنا.

إن خطورة سياسة الاقتراض بسقفٍ مفتوح، وانسياق المجلسين الكامل لرغبات الحكومة، يثير الكثير من المخاوف والشكوك. فهذه السياسة قد تعيد البحرين 80 عاماً إلى الوراء، يوم كان الغوّاصون يخرجون إلى عرض البحر، ويعملون أربعة أشهر لاستخراج اللؤلؤ، ولكنهم يعودون بخفَّي حنين، إذ يتحكم تجار اللؤلؤ في السوق، ولا يحظى الغواص بغير المؤونة التي لا تغطّي حاجة عائلته السنوية، فيلجأ إلى الاستدانة من النوخذة، ليدخل الموسم التالي بعد أن اقترض سلفاً لتوفير مأكلة عائلته بالدين. وهو نظامٌ اقتصادي بشع، تورّط فيه أهل الخليج لقرونٍ طويلة، ولم يعشه جيلنا، إلا من خلال قراءاتنا ومشاهدتنا للمسلسلات والمسرحيات الكثيرة التي كانت تعرض في السبعينيات والثمانينيات، للكشف عن مظالم هذا النموذج من نظام السخرة الخليجي.

اليوم نحن أمام إعادة إنتاج نظامٍ اقتصادي مماثل، حيث يمكن أن يرتهن اقتصادنا وقرارنا السياسي للجهات المقرضة، كما حدث للدول الأخرى، في آسيا أو أميركا اللاتينية أو اليونان في الثمانينيات.

لقد مرّر مجلس الشورى المرسوم بقانون رقم (30) لسنة 2015م بإصدار سندات التنمية، الذي يمهّد لرفع سقف الدين العام إلى 10 مليارات دينار، في جلسته الحزينة التي يجب أن نتذكّرها جيداً (الأحد 20 ديسمبر/ كانون الأول 2015)، لأنها ستمثل يوماً سيئاً في تاريخنا. والمؤسف أن أربعة فقط، من بين 40 شورياً، اعترضوا على تمرير هذا الأمر، مع عدم توفر ضمانات بشأن صرفها لتسديد الديون، خصوصاً مع وجود سابقةٍ مزعجة، طرحها النائب الأول لمجلس الشورى جمال فخرو، حين أثار قضية اقتراض مبلغ مليار دينار في نهاية 2011، لمعالجة عجزٍ قدره 30 مليون دينار فقط، فيما لم يعرف الشعب أين ذهب المبلغ الباقي (970 مليون دينار)!

إننا أمام أسئلة كبرى، في هذه المرحلة الصعبة التي يحذّر فيها العارفون، بأن الأسوأ قادمٌ قريباً، مع بداية العام 2019 حيث سيّحل موعد تسديد الكثير من القروض الماضية، حينها قد تعلن الدولة عدم قدرتها على السداد. ومع ذلك يخرج رئيس اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس الشورى خالد المسقطي، ليبرّر السياسات التي أوصلتنا إلى هذا المأزق، بقوله إن «الاقتراض شرٌّ لابد منه، والحكومة مشكورة عليه»!

إن من الصعب أن تقنع الرأي العام بمعالجتك وضعاً اقتصادياً متأزماً مثقلاً بالقروض، بالمزيد من القروض، على طريقة أبونواس: وداوني بالتي كانت هي الداء!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4855 - الثلثاء 22 ديسمبر 2015م الموافق 11 ربيع الاول 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 19 | 5:33 ص

      بنقترض

      بنقترض و بنحملكم ذل السداد
      و لن نعترف ان هنا شعباً لو تم تقديره و احترامه لحول التراب الى ذهب
      فهو شعب يميل للتسامح
      يعشق العمل
      متعلم

    • زائر 17 | 3:59 ص

      ابو هاشم

      المشكلة الوضع بصير نظام ضرائب والشعب مو لاقي ياكل عياله

    • زائر 15 | 2:30 ص

      ديرة صغيرة

      نص الشعب في السجون والله مهزلة.على اتكلمو وقالو كلمة حق .ما اشوف ......فادوكم يوم قاطعنه اللحم وغيره .استحو عاد.

    • زائر 14 | 2:26 ص

      احم احم

      عشرة الف دين كل مواطن ؟ وهو لو طلب قرض بخمس الف صار مهزلة معقولة ؟ بنك التنمية وتمكين اللي راح تدفع بالمواطن للانتاج بعد اجتياز كل التعقيدات ما راح تعطيك قرض بنصف المبلغ ؟ اليوم هذا المواطن السمين ايكون مديون بعشر الف ؟
      انا اعرف شخص قال ليه بنك التنمية جيب ولي امرك يكفلك

    • زائر 13 | 2:22 ص

      لماذ لم تشارك المعارضة في الانتخابات

      من الأفضل عدم إلقاء اللائمة على النواب الحاليين؛ لأن الشعب هو من أوصلهم إلى قية البرلمان. وكان الأجدر هو لوم المعارضة التي قاطعت الانتخابات. إذ لو أنها لو شاركت ووصلت إلى قبة البرلمان، لكن لها كلمة الفصل في التشريعات الحالية التي يحتج عليها حالياً.

    • زائر 12 | 2:14 ص

      ونفوض

      ونفوض امرنه الى الله الناس تركو شرع الله واتبعو الشيطان لهادا راح يدمر الوطن والنتيجه العناد والتسلط كل الميزانيه تذهب لقمع الشعب والى حد الان ماقدرو ان يوقفوا الحراك لو اعطو شعبهم حقوقه شان البحرين بخير الله ياخد الحق المنهوب

    • زائر 11 | 2:00 ص

      كتبنا وما كتبنا ويخسارة ما كتبنا كتبنا مية مكتوب لهلّا ما جاوبنا

      سيدنا كتبت انت وكتب الكثير من اصحاب الشأن والعقول وذوو الخبرة والمخلصون لهذا الوطن كتبوا وناشدوا ولكن من يسمع او يستمع.
      الجماعة بس همّهم في قوت المواطن وتاركين الملفّات الكبيرة بجانب بعيد عن المتناول

    • زائر 10 | 1:01 ص

      البلد غرقان والجماعة مواصلين تجنيس

      جنسوا وزيدوا الطين بلة لا توقفون حتى يدمر البلد ويدفع الناس ثمن سياسة فاشلة

    • زائر 9 | 12:32 ص

      عام

      احترامي الى الكاتب المفروض قبل لا يكتب الكتاب في الوسط تستوي ندوره حول الاقتصاد كم دخل البحرين او كم المصروفات او اتا متاكد مافي افلاس ولاشي،من هل الكلام اصلن البحرين على جبل من الخيرات عكس الدول الثانيه البحرين شعب،قيل حت مع الجنيس البحرين دخل في،السنه اكثر من 75 مليار بس كلشي،في ناس،معينين فقط

    • زائر 8 | 12:00 ص

      هذا مستقبل ومصير وطن يا عالم لا تتركوه لتلاعب تلفنزية

      مجلس شبهه احد اعضاؤه بالتلفنزية هل معقولة ان يترك لهم مناقشة مستقبل ومصير وطن بأكمله

    • زائر 7 | 11:57 م

      الكاسر

      الفساد وما ادراك ما الفساد

    • زائر 6 | 11:56 م

      المشكلة أكبر من مجلسين كسيحين لا انقاص منهما لكنه الواقع المرّ

      المشكلة مشكلة وطن يراه اهله يغرق ثم توكل حلّ المشكلة لمجلسين لا هما من ناحية التأهيل مؤهلان لحلة مثل هذه المشاكل كما قال احدهم (نييب لكم تفلنزية) ولا هما من ناحية الصلاحية يملكون ادنى مستوى للبت في قرارات مصيرية تخص الوطن اجمع وكما قال بعضهم

    • زائر 5 | 11:37 م

      الشعب نايم في العسل

      هل تعلم يا سيد ان الحكومة تناقش رفع دعم الكهرباء و الماء و في حال فعلت ذلك سيرتفع سعر الفاتورة الى ما يقارب 6 مرات ؟؟ تخيل ان تكون فاتورتك الشهرية لبيت صغير تتجاوز ال 120 دينار ؟ حتما سنرى بيوت الفقراء بدون كهرباء و ماء و ايضا الطبقة الوسطى

    • زائر 4 | 11:35 م

      ماهي خبرات اعضاء مجلس الشورى؟

      اليس منهم الاقتصاديين والتجار اين هم من تلك السياسات التي اوصلت البلد الى الاقتراض والافلاس
      في رأيي يجب ان يحاسب اعضاء الشورى بالذات ومن ثم اعضاء البرلمان لقلة خبرتهم وانصياعهم للحكومة وسوء ادارتهم ونصائحهم الفاشلة
      والا فيعترفوا بقلة خبرتهم وينسحبوا من مناصب الدولة

    • زائر 3 | 11:25 م

      يسلم قلمك والله

      عندي اهم اقتراح ينقذ البحرين وأهلها من العجز لو يطبق احنا بخيرررررر
      اولا طرد .......من الديرة
      إطلاق سراح المعتقلين كي يبداو العمل في جميع المجالات
      إزالة النواب جميعا وإغلاق مقرهم خير شر
      واسترجاع الأراضي والبحار المنهوبة
      وتغير جميع الوزراء
      وراح تنعمون ببحرين جميلة كما تمنيتم وتعود لكم الأيام الجميلة التي لم نعشها بعد.
      الي موافق يرشحني اصير #بابا_زابط

    • زائر 2 | 10:58 م

      الكاتب العزيز

      الحطمة واللطمة عليي وعليك أما المتنفذين موشدوا الأحزمة بل بعد ترس المخابي وبس حتى الأحزمة ترسوها ومخابي أطفالهم مليانة .

    • زائر 1 | 9:15 م

      الاستثمار من عائدات النفط و ليس صرفها

      كان لدينا فرص للاستثمار كنا يمكن ان نجعل النفط واحد من الموارد نن مجموعة موارد تتقاسم معه الأهمية و ليس موردا متصدرا

اقرأ ايضاً