العدد 4856 - الأربعاء 23 ديسمبر 2015م الموافق 12 ربيع الاول 1437هـ

غاب الجمري فغابت «اللقاءات المشتركة»...حضرت العزلة وتعمَّقَت القطيعة

القطان يدعو للتلاقي... الصبحي يراه مرهوناً بالتغيير... والبوري متفائل بحذر

عبدالحكيم الصبحي - الشيخ عدنان القطان - يوسف البوري
عبدالحكيم الصبحي - الشيخ عدنان القطان - يوسف البوري

هي ذكرى الرحيل التي حلت بعد مرور 9 سنوات، لتعيد للبحرينيين طيف لقاءاتهم المشتركة والنادرة، والتي كان المرحوم الشيخ عبدالأمير الجمري، أحد أبرز أبطالها وصناعها.

عُرف عن الجمري، براعته واهتمامه في مد جسور التواصل، تارة داخل البيت الشيعي، وأخرى مع المختلفين من التيار الوطني والإسلامي، على حد سواء، حتى حل ضيفاً في (24 مارس/ آذار 2001) على جمعية الإصلاح، في لقاء وُصف بالتاريخي بعد أن جمعه بالمرحوم الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة.

اليوم، تستعيد «الوسط» الذكرى عبر زاوية اللقاءات المشتركة، والتي غابت، لتحضر العزلة وتتعمق القطيعة.

يبدأ الحديث حول ذلك، عالم الدين الشيخ عدنان القطان، ليتطرق لأهمية اللقاءات المشتركة، بالقول «لا شك أننا ندعو على الدوام للتقارب وللتآلف، لأننا نعيش في وطن واحد ولا بد لنا من التعايش مع بعضنا البعض وعدم إثارة الخلافات إن وجدت، حيث نشدد على ضرورة النأي عنها».

وعبر سطور حديثه، أثنى القطان على جهود الجمري التقريبية، معبراً عن ذلك بالقول «ما نعلمه عن الشيخ الجمري، محبته للتجميع وللتأليف بين قلوب الإخوة في الوطن الواحد، وشخصياً تواجدت في اللقاء الذي حضره الشيخ في جمعية الإصلاح والذي دعا إليه المغفور له بإذن الله الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة، وهي كلقاءات تعمل على إذابة الجليد بين طوائف المجتمع وتدعو للوحدة والتوحد من اجل مصلحة البلاد والعباد».

وأضاف «مثل هذه اللقاءات، لا مانع منها بل ندعو إليها، ونبتهل لله عز وجل أن يؤلف بين قلوب الجميع».

من جانبه، خص رئيس مجلس بلدي الشمالية السابق يوسف البوري سيرة الشيخ الجمري ببعض من تصريحه الذي قال فيه «كبحريني أعتز أن هذه الأرض أنجبت قامة وطنية شامخة وجامعة وغير مؤطرة لا بإطار ضيق أو عنوان، ممثلاً كل ذلك في الشيخ الجمري».

وأضاف «عاش الشيخ الجمري، هموم وطن وحمل آماله وآلامه في فترة حرجة وقاسية ومضطربة، وكل من عايش تلك الفترة قد يراه الواجهة الوحيدة، حيث تحمل الشيخ كل التبعات بكل شجاعة، في ظل غياب لأية قوى وطنية أو تيارات مؤثرة ظاهرة للعيان في ذلك الوقت».

وتابع «بحسب رؤيتي، فإن الشيخ الجمري انطلق، وهذا ما استنتجه من خلال خطبه وحواراته ولقاءاتنا المباشرة معه، إلى جانب أحاديث تطرقنا لها في المجالس بما في ذلك مجالس المحرق في العام 2003، أوضحنا من خلالها ان الشيخ الجمري وهو ينطلق من اجل الاصلاح كان يرى ان ذلك لا يتأتى الا عبر التوافق الوطني، ولم يكن ذلك مقتصراً على الاقوال، وخطابات الشيخ تصب في هذا الاتجاه وتشدد على الوحدة الوطنية بوصفها حجر الارتكاز».

وأردف «انعكس كل ذلك على خطاباته التي يمكن توصيفها بأنها متعددة الأوجه والأبعاد، وترجم ذلك عبر لقاءات مختلفة تابعناها، كما أن خطابه يوم الجمعة كان موعداً مرتقباً لخلق حالة وعي حول مفاهيم العيش المشترك والوحدة، في ظل حرصه على تناول لقاءاته بكل شفافية عبر خطب الجمعة وكان في تلك الفترة يتصدى لأية أفعال أو خطابات من شأنها أن تمس من الوحدة الوطنية».

وواصل «وظف المنبر من اجل تفنيد كل هذه الافعال التي من شأنها ان تمس او تحدث شرخا في سفينة الوحدة الوطنية، ولم يكتف بذلك بل تواصل مع الجميع حتى توج ذلك بلقائه الشهير في جمعية الإصلاح، ورأينا حفاوة الاستقبال هناك في المحرق، في دليل على ان شخصية الشيخ مقبولة عند كل الاطياف، وما عليك الا النظر ليوم تشييعه ومجالس العزاء التي شهدت حضور الجانب الرسمي والدبلوماسي والشعبي، من مختلف الأطياف التي أبنت فقيد الوطن».

أما عضو جمعية تجمع الوحدة الوطنية عبدالحكيم الصبحي، فأدلى بدلوه، حيث قال «إن الأمر الطبيعي، هو وجود اللقاءات المشتركة بين البحرينيين، ولا أرى إيجابية للحديث بصيغة الطوائف، قدر إيجابية الحديث بالصيغة الوطنية الجامعة»، مضيفاً «هنالك حاجة للقاءات مستمرة بين القوى الفاعلة في المجتمع، والتواصل يجب ألا ينقطع بالمرة».

ورصداً للواقع، قال الصبحي «التباعد حاصل وواقع، تحديداً بعد أزمة 2011 حيث تشبث كل طرف برأيه وموقفه، لكن الوضع على هذا النحو يبقى غير طبيعي».

وبدءاً من «سوء الفهم»، تشرع تأثيرات غياب اللقاءات المشتركة في ترجمة تداعياتها، وصولاً لحالة من القطيعة والخصام.

يعلق على ذلك القطان بالقول «اللقاءات تكتسب أهمية، وما ينبغي على أبناء الطائفتين الكريمتين ان يلتقوا ليتباحثوا في الأمور التي تؤدي لمصلحة الوطن وكل ما فيه الخير لهذا البلد».

من ناحيته، يرى الصبحي ان «تأثيرات استمرار حالة التباعد بين البحرينيين، تطال بسلبياتها البلد والمجتمع، سياسياً واجتماعياً، ما يعني الحاجة لوقفة من الجميع لعلاج مكامن الخلل، واستعادة عنوان اللقاءات المشتركة مجدداً»، منوهاً إلى أن السبيل لردم الهوة بين مختلف الأطياف، يتركز في التواصل والنقاش، وصولاً لخلق مساحة تقريب بين الجميع.

وبشكل محدد، يلفت الصبحي إلى أن حالة التباعد تتركز لدى القوى السياسية، أما القوى الاجتماعية فتبدو قادرة على الحفاظ على حالة من التواصل فيما بين أطيافها.

بدوره، عقب البوري على تأثيرات غياب اللقاءات المشتركة، بإشارته إلى «أننا نكن كل الاحترام للجميع، الا ان هناك شخصيات يصعب تكرارها، وبالنسبة للشيخ الجمري فانني استذكر هنا سعيه للتقريب حتى داخل البيت الشيعي، وحتى مع من اختلفوا معه، كان حريصاً على ترميم هذا البيت وكان يطلعهم على المستجدات ويبادلهم كل الاحترام، ومن خلال ذلك كان ينطلق للبيت الوطني، ما مكنه من قيادة المرحلة بكل نجاح واقتدار، لأن العناوين والمرتكزات التي أسسها تقود لنتائج مثمرة».

وأضاف «اليوم، بعض هذه العناوين غائبة جداً، فاليوم هناك تراشق وتباعد ونفور، بل اننا امام عدم وجود تعايش، وليس علينا تجميل ساحتنا فهنالك واقع يجب أن نعيشه، فغياب الكاريزما ترك تأثيراته بعد غياب رجل يقول رأيه بكل شجاعة ويقود خطوات من شأنها خلق حالة وطنية»، مشيراً إلى أن «ما نفتقده اليوم هو وجود مثل هذه الحالة، حيث الحاجة لرجال دين مبادرون للقاءات المشتركة على غرار شخصية الشيخ الجمري التي لن تتكرر في تاريخ البحرين».

إزاء كل ذلك، وبين متشائم، ومتفائل بحذر، ظل الحديث يدور حول ما يمكن تسميته بـ «بصيص أمل، يخرج البحرينيين من نفقهم المظلم».

الصبحي يصطف في خانة المتشائمين، حيث يقول «بالتأكيد لا وجود لأمل حيال ذلك»، قبل أن يستدرك لينبه إلى ما ان يحصل في البحرين والمنطقة عموماً ان يترك تأثيراته السلبية أو حتى الإيجابية على هذه اللقاءات، فمع حدوث تغييرات معينة قد نرى عودة للقاءات المشتركة، ولعل هذا ما حصل مع لقاء الشيخ الجمري والشيخ عيسى رحمهما الله».

رغم ذلك، لا يتفق الصبحي مع من يرى أننا امام سحابة صيف، مضيفاً «هي أكثر من ذلك، فسحابة الصيف هي كما يعرف الجميع مؤقتة، لكننا مجدداً نؤكد على ان حالة القطيعة متصلة بعدة أمور تحدث على مستوى المنطقة، فكلما سعى طرف للتخلص من هذه السحابة، يعود ما يجدد الاحتقان لممارسة دوره، وهنا تكمن المشكلة بحيث أننا بحاجة لجملة تغيرات تسهم في نهاية المطاف في تغيير الواقع، تماماً كما حصل في العام 2001».

من جانبه، يفضل البوري البقاء على تفاؤله الحذر، موضحاً قناعاته بالقول «ما أكرره دائما ان الروح البحرينية لديها القدرة على ان تخلق حالة من التعايش والتسامح، والمنعطفات التي مررنا بها عبر السنين هي خير دليل ومصداق، لكن في ظل هذا التصاعد قد لا أكون متفائلاً، وتفاؤلي مرهون بتحرك الأغلبية الصامتة وحينما يتواجد الحكماء والعقلاء في المشهد بأكثر قوة وتأثير، فعلينا الاقرار بوجود تطرف فكري في الساحة من مختلف الاطراف، وحتى ان بعض الشخصيات الفكرية خليجيا وعربياً، حين تحدثت عن الشان البحريني أشارت لذلك».

واختتم البوري حديثه بالقول «مع تصدر العقلاء للمشهد، وفي حال كانت هنالك مرونة في التعاطي من قبل الدولة، فانني ارى ان الامور ستسير في الاتجاه الصحيح، وما دون ذلك فانني ارى ان الترشيحات تنبئ عما هو أسوأ، مع تمنياتي ان نرى خلاف ذلك».

الراحلان الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة والشيخ عبدالأمير الجمري شكلا نقطة بارزة في تاريخ اللقاءات المشتركة
الراحلان الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة والشيخ عبدالأمير الجمري شكلا نقطة بارزة في تاريخ اللقاءات المشتركة

العدد 4856 - الأربعاء 23 ديسمبر 2015م الموافق 12 ربيع الاول 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 3:27 م

      مافي مثله

      الله يرحمك ياشيخنا ويحشرك مع النبي وآله ... انجان زين بينا اليوم

    • زائر 6 | 4:15 ص

      ما في مثله

      البحرين بحاجة لمثل الشيخ الجمري
      رحمة الله عليه و يغمد روحه الجنة و نعيمها

    • زائر 3 | 11:58 م

      نهجه مستمر

      ما طالب به الشيخ الجمري من مطالب وطنية على رأسها العمل بالدستور والمجلس النيابي كامل الصلاحيات لم يتحقق
      وهي نفس المطالب التي ينادي بها رفاقه المعتقلون اليوم والمعارضة عموما
      فَلَو كان الجمري رحمه الله حاضراً أين سيكون وكيف سيكون موقفه من عدم تحقق العدالة والمساواة في وطننا؟

    • زائر 1 | 11:00 م

      موضوع قيم ورائع

      ويدعوا للمحافظة على النسيج الوطني

اقرأ ايضاً