العدد 4866 - السبت 02 يناير 2016م الموافق 22 ربيع الاول 1437هـ

وَهْم دولة الخلافة

جميل المحاري jameel.almahari [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

حتى الآن قتل عشرات الآلاف (وربما مئات الآلاف) وشرد مئات الآلاف (وربما الملايين) من الأبرياء من أجل تحقيق حلم إنشاء دولة للخلافة الإسلامية على جميع أقطار العالم العربي والإسلامي، تحت قيادة خليفة للمسلمين وظل الله على الأرض.

حلم إنشاء دولة الخلافة الإسلامية أو الامبراطورية الإسلامية التي سيتم إنشاؤها على أنقاض الحكومات العربية والإسلامية في العصر الحديث بدأ كفكرة حديثة بعد سقوط الدولة العثمانية في عشرينات القرن العشرين، وذلك على يد شخصيات وجماعات إسلامية وضعت نصب أعينها هدف العودة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في الحياة اليومية وإعادة الحكم الإسلامي. وحتى يومنا هذا فإن أغلب الحركات الاسلامية تدعو إلى مثل هذا الفكر بأنماط مختلفة، بعضها يؤمن بالتدرج والآخر يؤمن باستخدام القوة.

ويمكن أن يكون الحالمون برجوع الخلافة الإسلامية على الطريقة التي نشاهدها أكثر مما نظن بكثير، وبالتالي فتنظيم «داعش» ليس سوى انموذجاً لجماعات سياسية عديدة تتبنى مثل هذا الفكر الدموي الذي لا يؤمن بإمكانية التعايش مع رأي آخر.

على مدى التاريخ لم تستمر دولة الخلافة الإسلامية الراشدة سوى فترة وجيزة، حكم خلالها أربعة خلفاء راشدين، ليتحول بعد ذلك النظام السياسي الى النهج الذي سارت عليه الدولة الأموية والدولة العباسية، ثم الدولة العثمانية. ومع ذلك لا يمكن لأي من الداعين حالياً لإقامة دولة للخلافة أن يقول بأن أياً من النماذج بعد الخلفاء الراشدين قد كانت مثالاً يحتذى به لتطبيق الشريعة الإسلامية، وفي نفس الوقت ليس هناك انموذج واضح يسعون اليه سوى تنظيرات طوباوية ومنتقاة من التراث.

الآن يخرج لنا أكثر الناس غلواً ورجعية ووحشية لينشئ دولة الخلافة الإسلامية عن طريق الإرهاب ونحر الرقاب وتفجير المساجد بالأحزمة الناسفة... ليبني الدولة الإسلامية المستقبلية المنشودة على الأشلاء، وهي التي من المفترض بها تطبيق الشريعة الإسلامية والتي تسودها الرحمة والعدالة الإلهية. هؤلاء يودون نشر الإسلام في جميع أرجاء العالم بالسيف والجهاد في سبيل الله عبر تفجير الناس وقتلهم، وليحكموا العالم - باسم الإسلام - وليطبقوا شرع الله، وليأخذوا الجزية من الذين يرفضون الدخول في الإسلام، ما يعني أن أميركا وروسيا وألمانيا وبريطانيا، عليها جميعاً دفع الجزية لهذه الدولة الإسلامية المفترضة وهي ذليلة صاغرة.

الغريب في الأمر أن هنالك حتى الآن من الذين استولوا على عدد من المدن والقرى المعزولة واستعبدوا أهلها وسبوا نساءها، في دول تعمّها الفوضى، كسورية والعراق وليبيا، يصدقون أنه حتى وعلى افتراض إقامة الدولة الإسلامية على أرض الواقع فإنها ستستطيع أن تفعل ما تشاء بالناس في كل مكان تحت اسم الدين، والأغرب من ذلك أن هنالك من يساندهم علناً، وتراهم على مواقع التواصل الاجتماعي يفخرون بذلك، ولكنهم أبعد ما يكونوا عن مسلك الإسلام، وترى أجنداتهم واضحة، وهم ليس لديهم أي هدف إنساني أو ديني، سوى الفراغ الأخلاقي.

إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"

العدد 4866 - السبت 02 يناير 2016م الموافق 22 ربيع الاول 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 8:07 ص

      ألا لعنة الله على القوم الضالمين إلا أن اليوم سفك الدماء المطلية بـ..... لاتميز بين المشرك والكافر والمنافق والعدو. فعدو الله كما بين في التورات بين في 114 كتاب من الكتب السمواية إبليس لعنة الله عليه. فأين وجد إبليس كان هناك واحدة من الدول الأستعماريه او عميل لها. فما العمل؟

    • زائر 3 | 2:52 ص

      و هل تأتي المصائب إلا من الدول الدينية؟

    • زائر 1 | 12:37 ص

      سؤال واحد فقط

      هل سمعت او قرأت ان لداعش من 5 سنوات وزارة تخطيط او وزارة تصنيع او احتفلوا وكرموا بمخترع او مبدع وقبلها طالبان حكمت 4 سنوات ، هل توجد دولة قائمة بذاتها تقوم بغير ذلك ، لا تقول لي اول التحرير والاسقرار لكن الدول الناجحة من اول يوم تقوم بالبناء والتعمير والتخطيط موازات مع الاعمال الاخرى هذه الثورات والدول الناجحة ، اما الثورات الفاشلة فيحتفلون بقطع الرؤوس وكم اباد منهم من الانسانية لانهم لا يؤمنون بالانسان ، الرسول الاعظم من اول يوم اقام دولة امر بالزراعة والرعي والبناء وهو القدوة الحسنة .

اقرأ ايضاً