العدد 4882 - الإثنين 18 يناير 2016م الموافق 08 ربيع الثاني 1437هـ

المفكر العالمي بوزان: ملايين الأطفال لا يحصلون على فرصهم في الموهبة والإبداع

دعا للاستثمار في «الإبداع» والتنمية البشرية لمواجهة التحديات الاقتصادية

المفكر العالمي توني بوزان دعا إلى الاستثمار في تنمية الموارد البشرية  - تصوير : عقيل الفردان
المفكر العالمي توني بوزان دعا إلى الاستثمار في تنمية الموارد البشرية - تصوير : عقيل الفردان

دعا المفكر العالمي ومبتكر الخرائط الذهنية توني بوزان في مؤتمر في المنامة أمس الاثنين (18 يناير/ كانون الثاني 2016)، إلى الاستثمار في تنمية الموارد البشرية، في الوقت الذي قال ان ملايين الأطفال لا يحصلون على فرصهم ليكونوا في موقع مناسب يسمح بإخراج أفكارهم وإبداعاتهم، لافتاً إلى أن جميع البشر يولدون وهم مبدعون، لكن ذلك يتطلب الرعاية المناسبة لمهاراتهم.

وشارك صباح أمس نحو 300 مشارك من مختلف الشركات والهيئات الحكومية في مؤتمر المؤتمر السنوي الثاني للقوة الكامنة تحت عنوان «الإبداع في بيئة العمل»، بفندق الريتز كارلتون تحت رعاية وزير الطاقة عبدالحسين ميرزا وبتنظيم من مجموعة أوريجين للاستشارات.

وقدم المفكر توني بوزان برنامجا عمليا خلال المؤتمر حول هذا الابتكار وأحدث استخدامات الخرائط الذهنية في العمل لتعزيز ثقافة الإبداع والابتكار وورشة حول تنفيذ الخرائط الذهنية، كما شهد المؤتمر منتدى يشارك في علم التنبيه الذهني وعلم البرمجة اللغوية العصبية والذكاء العاطفي وعلم اختراق الذهن.

ولقب بوزان البريطاني الجنسية بأستاذ الذاكرة، إذ ألف عدداً من الأعمال والكتب في حقل الذاكرة، كما أنه واضع خرائط العقل، والتي تعد أداة التفكير متعددة الأساليب لتقوية الذاكرة.

قصتي مع «باري» غيرت تفكيري

وفي بداية المؤتمر شرح المفكر العالمي سبب وجوده وسبب وجود المشاركين في المؤتمر، ملخصا قصة تعرض لها في طفولته؛ ففي طفولته درس في مدرسة في إحدى القرى في مقاطعة «كنت» في إنجلترا، ويقول أنه كحال الجميع لم يكن يحب الدراسة وتدوين الملاحظات والمذاكرة والقيام بأداء الواجبات.

ويقول المفكر العالمي: «الجميع يحب سماع صوت جرس المدرسة الذي يشير إلى وقت الاستراحة والفسحة والألعاب، وبالطبع جرس انتهاء اليوم المدرسي (...). يوم كنا أطفالا في المدرسة نشعر اننا مقيدون في صندوق، لكن السؤال لماذا نشعر بذلك».

ويستطرد المفكر في قص حكايته حيث كان لديه صديق صغير كان يذهب معه إلى الطبيعة لمراقبة الفراشات والنهر والتجول في الطبيعة، حيث كانت تلك هوايته هو و«صديقه الصغير» كما يطلق عليه، وفي المدرسة تم تقسيم الصفوف إلى 4 فئات؛ الأولى للطلبة الأذكياء وهو A بحسب رأيهم، والأقل ثم الأقل إلى أن يصل إلى صفوف D وهي للطلاب الأغبياء كما كان يتم تصنيفهم حينها.

وقد حالف الحظ المفكر بوزان أنه تم إدراجه في صف A، ولكن كان حزيناً لأن صديقه الصغير كان في صف D.

ويشرح المفكر العالمي قصته التي أثرت على حياته «حين كنت في صف A كانت هناك الكثير من الأسئلة والاختبارات، وكان الطلاب يتم ترتيبهم في الصف بحسب الحصول على الدرجات الاعلى، ولم أكن انا في بداية الصف أبداً، في حين كان صديقي الذي وصل لصف الأغبياء D في المقعد الأول دائماً».

وأضاف «كنت طالبا عاديا جداً في صفي، وكان الامتحان يعقب الآخر، وكان مدرسي يسأل أسئلة سخيفة مثل ماالفرق بين العنكبوت والحشرة، أو أن اذكر نهرين من انجلترا التي كان يوجد فيها أنهار كثيرة».

ويستدرك بوزان عن صدمة أثرت فيه كثيرا «تفاجأت في أحد الأيام بأن المدرس يقول إن أحد الطلاب حصل على درجة كاملة، والمفاجأة أنني كنت هذا الطالب، الذي لم يصل يوما للمقاعد الأولى وكنت طالباً عادياً في صفي، استلمت ورقتي ورأيت اسمي مدونا عليها والكتابة هي نفسها مدونة بخطي، نعم إنه أنا من حصل على الدرجات الكاملة 100 من 100، لم يكن هناك خطأ في الموضوع».

ويقول المفكر العالمي إنه ذكر في الإجابات ما تعلمه هو وصديقة من مراقبة الطبيعة «كانت الإجابات التقليدية هي الصحيحة في الفرق بين العثة والفراشة، تعرفت على ذلك من الطبيعة، وهي المرة الأولى التي أجلس فيها على المعقد الأول في الصف».

وتابع يقول: «أدركت أن ذاكرتي ليست سيئة، وأدركت أن هناك علاقة بين الذاكرة والعلوم (...)، أدركت أن هناك خطأ في الموضوع، هناك امتحان لكنه لم يكن يختبر معلوماتي، لكنني أدركت شيئا آخر يثير الألم أمرا سيئا وهو أمر صديقي (باري) الذي لو كان معي في الصف فإنه سيحصل كذلك على درجة كاملة، لقد كان في صف الأغبياء، لكنه كان عبقريا وكان ينبغي له أن يذهب أبعد من ذلك لأنه يعرف الكثير».

ملايين الأطفال مثل «باري»

ويقول المفكر العالمي إن قصته مع صديقة باري (الصغير) كما يسميه، تلخص مشكلة ملايين الأطفال الذين لا يحصلون على التقدير والاهتمام الكافي لإخراج مافي جعبتهم من ذكاء وأفكار «هناك الملايين من الأطفال يجب أن يصلوا لأماكن أفضل، هم ساحرون ورائعون ومبدعون (...) كل طفل هو عبقري والمستقبل يكمن في عقولهم وعقول آبائهم وعقول الإدارات الحكومية المسئولة عنهم (...) علينا أن نعرف كيف نستطيع أن نطلق مخزون الأفكار والمهارات من الأطفال».

الاستثمار البشري رغم الأزمة

وذكر الرئيس التنفيذي لشركة «أوريجن» أحمد البناء أنه ينبغي الوقوف وقفة تقدير أمام الكثير من الشركات التي استثمرت في الموارد البشرية رغم الأزمة الاقتصادية التي يمر بها العالم.

وأشار البناء إلى أن شركات عملاقة لم تتوان عن الاستثمار في التنمية، ومنها مثلاً شركة أي بي أم الأميركية العملاقة التي تنفق أكثر من مليار دولار في هذا الجانب.

الموارد البشرية والإبداع

وبعد تكريم الجهات الراعية للمؤتمر، فتح المجال إلى الحضور لتوجيه الأسئلة إلى المفكر العالمي فكان سؤال من أحد المشاركين حول دور الموارد البشرية والمؤسسات وتأثيرها على موضوع الإبداع.

ورد بوزان لافتاً إلى أهمية الإبداع في المؤسسات التجارية وأهمية الاستثمار في الموارد البشرية في هذا السياق، ويقول المفكر العالمي أن الأعمال تبدأ وتتطور من الأفكار التي تنشأ لدى الإنسان في أحلام اليقظة وهو مستلق وهو في المنزل، واشار إلى أن كثير من الشركات بدأت بأفكار في مرآب للسيارات أو على متن قارب.

ويرى بوزان «أن القادة والعباقرة يحلمون أحلام يقظة لكن هناك من يعمل على تحقيق هذه الأحلام ويعمل لتحقيقها إلى واقع». واستشهد المفكر العالمي بالمخترع توماس أديسون والذي كانت لديه أحلام يقظة بإنارة الكرة الأرضية ونجح بتحقيقها على الرغم من أنها بدت حينها أحلاما مجنونة.

وعاد المفكر العالمي ليشدد على أهمية الاستثمار في الموارد البشرية «الموارد الأساسية هي الموارد البشرية وليس النفط أو الذهب، لكن الأفكار التي لدينا وذلك على جميع المؤسسات الاستثمار في الموارد البشرية وعلى المدراء قيادة العقول».

الإبداع مهارة أم موهبة

وسأل أحد الحضور عن مفهوم الإبداع وهل هو مهارة يتم اكتسابها من خلال الممارسة والحياة أم هي موهبة تخلق لدى الإنسان مع ولادته، ورد بوزان بأنها خليط بين أمرين «الطفل يولد وهو مبدع ويتعلم من خلال حواسه المتعددة ويبدأ التعامل مع العالم من خلال المنظور الذي تعلمه (...) لا أحد منكم يشبه الآخر وكل منكم مبدعين».

لكن المفكر العالمي عاد ليقول إلى أن تطوير الإبداع يحتاج إلى اهتمام ورعاية «أستطيع تشبيه الإبداع كالبذرة التي تتم العناية بها ومنحها الغذاء والماء لكي تنمو وتكبر، ولكن عندما يتم إهمالها فإنها تموت، فالمهارات الإبداعية تحتاج إلى تعذية».

وشرح المفكر العالمي الإبداع على أنه القدرة على خلق الأفكار وتحويل الأحلام إلى فكرة والعمل عليها ومتابعتها.

ماذا حدث لصديقي «باري»؟

وعاد المفكر العالمي بوزان للحديث عن قصته مع باري الذي أودع في صف للأغبياء والمتأخرين دراسياً، في حين كانت لديه معرفة لم يتم تقديرها «دعوني أخبركم ماذا حدث لباري، لقد أصبح يقود شاحنة نقل ثقيلة ومنزله مليء بالحيوانات المريضة والتي يقوم بمعالجتها».

وخلال المؤتمر، قام المفكر العالمي توني بوزان بعرض سيرته الذاتية عن طريق «الخرائط الذهنية» التي قام بابتكارها، وحين سأل الحضور عن بعض المعلومات التي أزالها عن شاشة العرض، ظهر أن البعض قام بحفظ المعلومات بصورة لا إرادية. وقال بوزان: «الصورة عن ألف كلمة».

وطلب بوزان من الحضور تلخيص سيرتهم الذاتية عن طريق استخدام الخرائط الذهنية ثم مقارنتها مع الخرائط الذهنية لزملائهم المشاركين والاستفادة من الطرق المتبعة فيها؛ من أجل تحسين طرقهم في رسم هذه الخرائط.

أهمية استخدام الألوان

وتناول المفكر العالمي موضوع استخدام الألوان وطلب عقد جلسة «عصف ذهني» للحصول على إجابات بخصوص مدى تأثير استخدام الألوان في تدوين الملاحظات وكيف يمكن لها المساعدة.

ومن بين المميزات التي تنجم عن استخدام الألوان بحسب بوزان: الألوان تعتبر أداء لتنشيط الذاكرة وليس للزينة فقط، تثير الألوان لدى الإنسان الأفكار الإبداعية، الألوان تساعد على التصنيف، استخدام الألوان يحث على التواصل، استخدام الألوان وخصوصاً لدى قادة الأعمال يساعد على تخفيف التوتر، الألوان تنشط خلايا العقل، كما أن الألوان تبعث على المتعة والبهجة.

ووصف بوزان استخدام الألوان في تدوين الملاحظات مثل «العصا السحرية» في قصص «هاري بوتر» والتي تستطيع بها الوصول إلى الكثير من المزايا.

تجربة سنغافورة والاستثمار في العقول

وتساءل المفكر العالمي «لماذا تفلس بعض البنوك والشركات أقصد الإفلاس في الأفكار (...)، الاستثمار يجب أن يكون في العقول وهو الثروة الحقيقية فالعقل هو بئر لا متناهٍ من الأفكار والإبداع.

وتحدث المفكر العالمي كيف استطاعت سنغافورة التي لم يتعد عمرها 50 عاماً حين تم تأسيسها بأقل من نصف مليون نسمة ومساحة صغيرة جداً وموارد تكاد تكون معدومة «لم يكن لديهم شيء، لكن كان لديهم البشر لذلك بدأو يفكرون كيف يستفيدون من مواردهم».

وقال بوزان: «سنغافورة الآن تعتبر الأولى على مستوى العالم في التحصيل التعليمي فخلال 20 سنة استطاعوا تحقيق قفزه كبيرة ليحصلوا على رقم واحد في كثير من الأمور من خلال تبني مبادرات لتعليم الأطفال التخطيط الذهني (...) لقد قاموا بتدريب نحو 5 آلاف معلم على الخرائط الذهنية ليقوموا بنقلها».

البحرين يمكنها الاستفادة

وأشار المفكر العالمي إلى أن مساحة البحرين الصغيرة بمواردها الكثيرة مقارنة مع سنغافورة سابقاً ومع وجود نحو 1.2 مليون عقل تستطيع الاستثمار في الموارد البشرية «هناك ازمة اقتصادية حالياً وقد لا تكون مشكلة كبيرة إذا استثمرنا في الثروة البشرية وتم تدريب العقول».

وذكر بوزان للحضور «60 في المئة منكم ربما يعتقدون أنهم يخططون بالطريقة الصحيحة لكن النسبة أقل من ذلك عندما تقوم بعمل الخرائط الذهنية بطريقة صحيحة قد يتضح ذلك».

وأعتبر بوزان أن عدداً من «المدن الذكية» أو «الشركات الذكية» التي يتم الإعلان عنها هي في الواقع ليست مدناً ذكية.

العدد 4882 - الإثنين 18 يناير 2016م الموافق 08 ربيع الثاني 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 10:23 ص

      أولادنا مبدعون

      وينالون المراكز المتقدمة في الكثير الكثير من الأنشطة والمسابقات والمهرجان على كافة الأصعدة
      المشكلة في الأنظمة التي تقتل الابداع ولولا ذلك لما رأينا خريجينا عاطلين عن العمل بينما يوظف عوضاً عنهم من هب ودب ومن كل حدب وصوب

    • زائر 1 | 5:01 ص

      المشكلة الرئيسية تكمن في النظام التعليمي يا صديقي ، نظام تقليدي متخلف يعود الاطفال على التبعية و يستخدم اسلوب الاجبار على التعليم من دون ان يتيح اي مجال للابداع والاستقلالية

اقرأ ايضاً