العدد 4882 - الإثنين 18 يناير 2016م الموافق 08 ربيع الثاني 1437هـ

"التدين الزائف" هل هو سلعة رائجة في وقتنا الحالي أم ادعاء باطل؟   

قبل فترة نشرت صحيفة "الوسط" خبراً "طريفاً" يحكي عن لص (مؤمن)! اقتحم أحد البيوت لسرقتها وقد وجد أثناء (مَهمّته) تلك، نسخة من القرآن الكريم، فما كان منه إلا أن قبّله ووضعه بعيداً عن (ميدان) عمله وواصل رسالته في السرقة بمنتهى الخشوع والإخلاص!

وقبل أشهر كشفت الصحف العربية قضية فساد كبرى في إحدى الدول العربية بطلها كان وزيراً (والذي اُقيل وسُجِن على إثرها)، وقد تبيّن في التحقيقات أن الوزير حصل على رشوة متعددة الأشكال نظير تسهيلات وخدمات غير قانونية، وكان من ضمن الرشا عدد 16 رحلة حج لبعض أقربائه! وإفطاراً في شهر رمضان بأحد الفنادق الكبرى!!

كما ولابدّ أنك شاهدت الكثير من مقاطع الفيديو لفتيات "محجّبات" محتشمات وربما بعد فراغهن من مناسك الحج! وقد تآمرن في ان يشغل بعضهن البائع لتقوم الأخريات بسرقة المحل وبعضهن يقمن بالسرقة بجشع وصفاقة بسرقة أشياء للزينة، ما يدل على أن الغرض من السرقة هو الرغبة في المزيد من الرفاهية والتباهي، كما أن مظهرهن الذي يوحي بالمستوى المعيشي الجيد ينفي وجود الفاقة أو الحاجة على الأقل.

وإذا المرء توسع أكثر سيجد أن مثال هذا النفاق والازدواجية يلفّ جميع مناحي حياتنا ومجالاتها، وقد لفت انتباهي كثرة مواقع المنتديات التي تخصص قسماً للأفلام العربية والأجنبية التي تعجّ بالمشاهد الجنسية فضلاً عن توفير طرق لفك شفرات القنوات الاباحية المقفلة، وهي بعد ذلك تخصص قسمًا للحديث عن الدين ومكارم الأخلاق وغضّ البصر وتعنون منتداها بقوله تعالى: "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" (ق:18).

تلك مجرد عيّنات بسيطة جدّاً لما نعرفه ونسمعه مما يعانيه مجتمعنا من ازدواجية في الشخصية والسلوك والمبادئ! ومن نافلة القول ان جميعنا مُبتلى بقدر من النفاق والتحايل و"الجمبزة" وهو كما قال ابو الطيب: "والظلم من شيَم النفوس، فإن تجد ذا عفّةٍ، فلعلةٍ لا يظلمُ!".

و إذا لم يكن الإنسان نفسه ملتفتاً أو غير معتقد بأنه يمارس النفاق، وربما كان ذلك صحيحًا إلى حدٍّ مَّا، فلابدّ أنه يعيش التدين الشكلي والسطحي، و مثل هذا التديّن لا يكلّف الإنسان (نفسيًّا)؛ لأنه يكفيه ان يشعر براحة الضمير، وانه راضٍ عن تصرّفه ويحترم دينه وعقائده (مثل السارق أعلاه)، وليس مهمّاً ان يقوم بذلك فعليا الا فيما يسعه من أداء طقوس وشعائر جوفاء ولكن بمنتهى الخشوع، وهو مع ذلك ليست لديه مشكلة في أن يرشو أو يرتشي أو يسرق ويتحايل مادام يصلي ويصوم ويحج!

المشكلة في هذا التدين السطحي هو انه خادع ومربك، فنحن كمجتمع متديّن غالبا ما نضع ثقتنا بالشخص الملتزم دينيا (ظاهريا) ونتعامل معه بكل شفافية وأريحية، في حين اننا نتفاجأ بعد ذلك بأن ذلك المتديّن لم يكن أهلاً للثقة وليست له مصداقية، عندما ترى كيف خدعك في عمل أو كذب عليك في قول، لتكتشف أن تلك السبحة وأثر السجود وغيرهما من مظاهر التقوى والورع ما هي الا ديكور تمّ وضعه بحسب ما تستلزمه عادات المجتمع وظروفه، وهو كما قلنا ليست له تكلفة تُذكر!

 

جابر علي





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 6:10 ص

      المتدينات

      تجيك وحدة متدينة تنصحك عن الحجاب لو عباية الكتف وأفضلية عباية الرأس وبناتها يروحون اشغالهم بدون حتى عباية كتف

    • زائر 12 | 6:09 ص

      النفاق الديني

      الكثير من الأشخاص يدخرون الأموال او بالأحرى يحرصون على الأموال للسفر للأماكن المقدسة ولكن عندما يكون في المنزل يلعن أهله واولاده اذا احتاجوا منه فلس
      الله ما يرضى
      وأهل البيت عليهم السلام يقولون : رضا الله رضانا
      ولكن من يسمع

    • زائر 10 | 1:39 ص

      بغى يقتل الناس من السرعة ولا يسلم على احد وبركن سيارته غلط وعطل مصالح الناس
      عشان يلحق على الصلاة
      انما الدين الاخلاق والمعاملة

    • زائر 9 | 12:55 ص

      المجتمع هوا من يطلب من المتدين النفاق؛انا رجل دين انهيت ظ،ظ¤ سنة دراسية خارج وداخل البحرين ولازلت ارتدي البانطلون والتي شيرت ولاكن المجتمع البحريني يستنكر علينا هذا اللباس!! لاافهم اذا كان لباسي هوا معيار ورعي وتقواي ! بل طردت من صلاة الجماعة لسبب تواجدي مع الشباب في مقاهي الشيشة! ويحكم كيف تحكمون وهل يعقل ان اتغلغل بين الشباب بلباسي الديني وفي هذه الأماكن كيف اخترق الشباب وارشدهم الى الله اين اجد التائهين ؟هل في المساجد ام في الحانات والمقاهي ! هذا شيئ بسيط وماخفي اعظم...

    • زائر 8 | 12:45 ص

      ياكثرهم في الديره.

      متدين من تحت لتحت.

    • زائر 7 | 12:08 ص

      اي في رجال يسوون روحهم متدين وبالماتم اول واحد وحق اقرب الناس مثل امه او زوجته او اخته لايراعيه
      الافضل انك تعامل اهلك بمايرضي ربك بعدين سوي روحك متدين

    • زائر 6 | 12:07 ص

      تعال عندنا في المجمعات تجيك اجنبيه لابسه برقع وتسوي روحها من هذيلاك وتستغل برقعها في السرقه او في اي شي وهذا لا من عاداتهم ولا تقاليدهم وزوجها لا ملتحي ولا هو شيخ بس معلمنها تتبرقع عشان الناس يفكرونها بحرينيه من طبقه فوق فيستغلون هالمواقف

    • زائر 5 | 11:54 م

      عنوان المقال موضوعي ولكن المقال نفسه لا يحتوي على شي مفيد. نحن اليوم نعيش تحت ضغط مستمر من الناس والمجتمع لا لكي نكون متدينين في أعماق قلوبنا بل لكي نظهر بالتدين أمام الناس. أهلنا وزملائنا ومن حولنا يطالبوننا أن نتظاهر بالتدين لكي نستحق الاحترام في هذا المجتمع حتى إذا تقدم أحدنا للزواج يسألون عن مسجده قبل عمله أو دراسته أو عقله. طبعا هناك من يسرق ويكذب ويتدعي التدين كأنما الدين مجرد سلعة رائجة في سوق النحاس ولكن هل يوجد سوق بدون تجار. للأسف المقال لم يتطرق لتجار سوق هذا النحاس (رجال الدين)

    • زائر 4 | 10:25 م

      التدين الزايف هو الشرك بالله

    • زائر 2 | 10:18 م

      التدين الزايف هو الشرك بالله العلي العظيم

    • زائر 1 | 9:56 م

      زبدة المقال في خاتمته فلأننا نضع ثقتنا بالشخص الملتزم دينياً ظاهرياً، هذا مايدفع الأشخاص للتمثيل والتلبس بلباس التدين والإلتزام وبها يتم الضحك علينا واستغفالنا واستغلالنا أيضاً

اقرأ ايضاً