صدق بيت الشعر النبطي الذي نسمعه منذ نعومة أظافرنا: «احرص على اللّي دايم الدوم شاريك، واحذر من اللي لا قسى الوقت باعك»

هناك من لا ينظر حوله، ولا يرى أولئك الذين يحرصون على حبّه من غير مقابل، ولا ينظر الى من لا يريدون شيئًا منه سوى سعادته، ويُقرّب المنافقين والدّجالين، الذين يبيعونه في قسوة الوقت، وعندما يكتشفهم، يكون الوقت ضاع، والعمر ضاع، والحياة ضاعت، فالذين حرصوا على حبّه سيبقون، لكن المستفيدين منه فقط لا يريدون منه الاّ شيئاً واحداً، المصلحة والتمصلح، فإن ذهبا ذهبت العلاقة.

يا تُرى، لماذا لا نستطيع رؤية قلوب البشر الذين حولنا؟! لماذا ننجرُّ في علاقة حب وأعيننا في عمى تام عن رؤية الحقيقة، مهما نصحنا الناصحون؟! علاقة الحبّ قد لا تكون بين اثنين حب وعشق وغرام فقط، بل قد تكون بين صديقين، وبين رئيس وموظّف، وبين معلّم ومدير، أيّا تكن العلاقة، علاقة الحب والروابط، الحذرُ مهمٌّ في العلاقات، فهي قد تكون خالصة نقيّة، وقد تكون كاذبة بشعة، وعندها تدمّر الأوطان، أقصد أوطان القلوب!

مهما تحاول نصح الذي تحبّه بالبعد عن أولئك الذين ينزلون من قدره، ويخطّطون حياته ويفصّلونها، ويتكلّمون بلسانه، لا تستطيع النجاح؛ لأنّهم مثل الأفعى والاخطبوط، إن وضعوا جسمهم على جسمه لا يتزحزون الاّ بعد أن يسلبوه كلّ شيء.

يسلبون البيت والمال والجاه والعيال، كل ما تتصوّره، فهؤلاء لا يخافون الله في حبّك، بل همّهم مصالحهم فوق كل شيء وأي شيء، ويرمونك في النهاية؛ لأنّك لا تدفع ولا تعطي ولا تسخي عليهم.

عندما تفتح عينيك لمن حولك، تذكّر الحرص على «اللي دايم الدوم شاريك»؛ لأنّ هذا الشخص صاحب قلب أبيض، لن يتخلّى عنك وقت الضيق والقحط والألم، ولن يقبل أن يتلحّف بلحاف وأنت عريان، بل سيعطيك كل ما يملك، بكل حب وبكل معاني الاخلاص التي لم ترها من قبل.

الذي يحرص عليك يساندك ولو من بعيد، ولا يقبل عليك الكلام ولا النميمة، وهو أيضًا لا يأخذ منك بل يزيدك، وإن أعطيته أعطاك أكثر، وإن أكرمته أكرمك أكثر وأكثر، وهذا النوع من الناس لن نقول كما يقول البعض إنّه اختفى، بل هذا النوع من الناس فئة غير قليلة وموجودة فعلاً، لكن عندما تغشى العين ويغشى القلب، لا يستطيع رؤية هؤلاء.

أمر العلاقات أمر عجيب، فالعلاقة قد تجعلك سعيدًا وتجعلك تعيسًا، وتجعلك سعيدًا فترة وتعيسًا مدّة طويلة من العمر، فاختر الذي يشتريك ولا يبيعك وقت الشدّة، واختر الناصح النصوح المحب لك، فهو قد يقطع لحمه من أجلك، ولا يتردّد في الدفاع عنك والذود عن مقتنياتك. فهل فهمت المغزى يا الغالي؟!