العدد 4921 - الجمعة 26 فبراير 2016م الموافق 18 جمادى الأولى 1437هـ

قراءة لواقع الدولة الريعية ودعوة لبحث التوقعات المستقبلية

في الحلقة الفكرية حول خصائص تطور الرأسمالية في الخليج...

المتحدثون خلال الحلقة الفكرية
المتحدثون خلال الحلقة الفكرية

السهلة - محرر الشئون المحلية 

26 فبراير 2016

دارت أوراق عمل بحثية في مدار قراءة واقع الدولة الريعية وكيفية مواجهة استحقاقات المرحلة القادمة على مستوى دول الخليج، والدعوة إلى البحث العميق للتوقعات المستقبلية في المنطقة في غمرة الأزمة الاقتصادية وتدابير التقشف، وذلك في حلقة فكرية حول خصائص تطور الرأسمالية في بلدان الخليج العربي.

وعلى مدى جلستين في الحلقة التي تمثل المنتدى الثقافي السنوي الثاني لجمعية المنبر التقدمي عقدت صباح أمس الجمعة (26 فبراير/ شباط 2016) بفندق ريفيرا، تم تقسيم الأوراق والمعقبين في الجلسة الأولى للباحث محمد الصياد حول سيرورة وخصوصية النقل الرأسمالي من المركز إلى الأطراف «نشوء وتطور رأسماليات الخليج العربي» والمعقب عضو المنبر الباحث عبدالنبي سلمان، أما الورقة الثانية فكانت للباحث الكويتي أحمد الديين بعنوان: «خصائص تطور الرأسمالية في الخليج... الكويت مثالاً»، والمعقب الكاتب عبيدلي العبيدلي، وفي الجلسة الثانية طرح الباحث موسى الفواعير ورقة عمل بعنوان: «إن لم تكن في طور الرأسمالية، فما عساه يكون؟» والمعقب حميد خنجي، وجاءت الورقة الرابعة بعنوان: «هل أزفت نهاية الدولة الريعية في الخليج العربي؟»، تساؤل طرحه الباحث والكاتب حسن مدن والتعقيب للصحافية عصمت الموسوي.

ولخص الأمين العام لجمعية المنبر التقدمي الديمقراطي خليل يوسف رضي في كلمته الترحيبية أهمية موضوع المنتدى الذي شغل اهتمام العديد من الباحثين والكتاب وتوائم مع اهتمام المنبر التقدمي والقوى الوطنية ببحث القضايا المعاصرة ومنها موضوع الحلقة لما له من أهمية ودلالات، لافتًا إلى أن أوراق العمل والباحثين يسعون من خلال أطروحاتهم لتسليط الضوء على السمات الخاصة لتطور الرأسمالية في الدول الخليجية المعتمدة على النفط بشكل رئيس والوقوف على عناصر الخلل، وقراءة الواقع ووضع التصورات الصحيحة في مجالات السياسة والاقتصاد والاجتماع.

وتناولت ورقة الباحث محمد الصياد بعنوان: «سيرورة وخصوصية النقل الرأسمالي من المركز إلى الأطراف... نشوء وتطور رأسماليات الخليج العربي» الحديث في بداية الورقة عن التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية للمدن والقرى والأرياف التي ارتبطت عبر العالم بأسلوب الإنتاج الاقطاعي وبالاقتصاديات الطبيعية الأفقية، أي التي لا تخلق تراكماً لرأس المال، وذلك قبل أن تقتلع الثورات البرجوازية في أوروبا في القرنين السابع عشر والثامن عشر نظام الإقطاع وتقيم محله نظامها الرأسمالي الذي حرر الفلاح من استغلال مالك الأرض الإقطاعي واستقطبه إلى ورش عمل صناعاته وأدخل المكننة في القطاع الزراعي لجعله رافداً لقطاعاته التصنيعية.

وأشار بعد سرد العديد من المراحل التاريخية والنماذج إلى أن قراءة التاريخ الاقتصادي لبلدان منطقة الخليج العربي، فإن الباحث سوف يستدل على سيادة بنى اقتصادية اجتماعية هي أقرب إلى الاقتصاد الطبيعي القائم على الرعي وتربية الماشية والزراعة والصيد البحري، ظلت سائدة حتى منتصف القرن التاسع عشر، أي إنها الأقرب إلى الاقتصاد الذي لا يتسم بأي نوع من التراكم اللازم للتوسع الرأسمالي الكلاسيكي.

ووصف الباحث أحمد الديين موضوع الحلقة بأنه يكتسب أهمية تساعد على فهم العديد من تناقضات تطور مجتمعاتنا من حيث تحليل تركيبتها الطبقية المشوهة وانعكاس ذلك على الوعي الاجتماعي وعلى الصراع الطبقي وتأثيرها أيضاً على نشأة اليسار في بلدان منطقتنا وما واجهه ويواجهه من تعقيدات وتحديات، واختار أن تكون الكويت مثالاً للحديث عن خصائص تطور الرأسمالية في الخليج لعدم قدرته - كما وصف - على الإلمام التام بخصائص تطور الرأسمالية في مختلف بلدان المنطقة، ملقياً الضوء على التطور الرأسمالي التابع والريعي والطفيلي والبنية الطبقية للمجتمع الكويتي.

وبعد سرد عميق بالبحث والتحليل، وصف الديين بأن موضوع تطور الرأسمالية في بلدان الخليج يتطلب المزيد من الدراسة والبحث، مع الأمل في أن يواصل الباحثون وخصوصاً التقدميين واليساريين دراسة هذا الموضوع وتحليله.

وحسب صبغة ورقته النقدية الراديكالية التي أوردها في مقدمته، تحدث الباحث موسى الفواعير تحت عنوان :»إن لم نكن في طور الرأسمالية، فما عساه أن يكون؟»، ووراء هذا التساؤل أن عنوان خصائص الرأسمالية في الخليج يحيلنا إلى عدد من النقاط منها: الرأسمالية لا تزال قائمة.. رأسمالية تتطور، أي أن هناك أطواراً للرأسمالية، وهناك رأسمالية في دول الخليج هي في تطور.

وعن أطوار الرأسمالية وإنكارها، تساءل الفواعير: «هل هناك ما يمكن أن أسميه طوراً رأسمالياً أو مرحلة رأسمالية في الخليج؟»، وكانت إجابته بـ «لا»! لأنه ألقى نظرة عامة عابرة على الوضع العام لدول الخليج ووجد أن الاقتصاد قائم على قدم عجوز وعكاز مغشوش ونفط وخدمات، كما إن الوضع الطبقي يمكن تلخيصه بكونه يتضخم لصالح الطبقة الوسطى، أما الوضع الثقافي فإن لم يكن هناك إجماع لاعتباره ممسوخاً فلا اختلاف حول اعتباره في وضع (التمفصل)، في حين أن الوضع السياسي يميل لوضع المقايضة أي الاستقرار السياسي والرفاه الاقتصادي مقابل المشاركة وحرية التعبير. وبعد استعراض مسهب لمفهوم الدولة الريعية في ورقته التي بعنوان: «هل أزفت نهاية الدولة الريعية في الخليج العربي؟»، خلص الباحث حسن مدن إلى أن استخدام الريع النفطي بهدف تحييد المطالبات الشعبية بالإصلاحات السياسية قد أعطى نتائج ملموسة لصالح الحكومات، لكننا رأينا أيضاً أن نماذج محددة مثل الكويت والبحرين أظهرت وتظهر أن استخدامات الريع النفطي لاستيعاب الشرائح المجتمعية المختلفة، لم تفلح في وأد المطالبات بالمشاركة السياسية في اتخاذ القرار عبر دساتير حديثة ومؤسسات تمثيلية ذات صلاحية فعلية، وتمكين مؤسسات المجتمع المدني المستقلة من أداء دورها ضمن المنظومة السياسية.

وشدد في ختام ورقته على أن مواجهة استحقاقات المرحلة القادمة، هي استحقاقات كبيرة تتطلب مثل هذه الشراكة المجتمعية، ولن تؤدي المماطلة في تهيئة السبل لها إلا إلى تعقيد الأوضاع في مجتمعاتنا وتفاقم الأزمات حيث تتعامل الحكومات منفردة مع مثل هذه الاستحقاقات غير آبهة بالموقف الشعبي، الذي يطالب بتدابير صارمة في الرقابة على أوجه صرف المال العام في ظروف مستجدة ليس بوسع ما عرف بدولة الرفاه أن تتحاشاها.

العدد 4921 - الجمعة 26 فبراير 2016م الموافق 18 جمادى الأولى 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً