العدد 4922 - السبت 27 فبراير 2016م الموافق 19 جمادى الأولى 1437هـ

الضرائب متى تفرض؟

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

تمتاز الدولة الريعية باختصاص حكوماتها، التي عادة ما تتشكل بقرار من السلطات، في تقسيم الريع المتحصل جراء مردود بيع ثروات الوطن الطبيعية، من المواد الخام ومستخلصات معالجاتها بالتجزيء والتقطير والتكرير، وكذلك إذا ما كانت هناك المحاصيل الزراعية النابتة طبيعياً وتلك المستنبتة، وغيرها وهي التي جميعها تشكل الإيرادات العامة للدولة، تقسمها إلى ثلاثة أبواب للصرف، ليست بالضرورة متساوية. الباب الأول للصرف على مشاريع البنية التحتية، مثل تخطيط المدن وشق ورصف الشوارع وتشييد الجسور، وبناء المدارس والجامعات والمستشفيات والمراكز الصحية... إلخ، إضافة إلى تمويل الوزارات والمؤسسات والإدارات الحكومية، من ناحيتها التشيِيدية البنائية والبشرية، بما يخدم تسهيل أداء السلطات وأمنها.

والباب الثاني للصرف مخصوص لتمويل تقديم خدمات ومعونات، تُوجِّهها الحكومات لعامة الناس من شعب البلاد، بعضها مجاناً من مثل المعونات الاجتماعية للأسر الفقيرة وذوي الإعاقة، وقاطني دور الرعاية، والخدمات الصحية والتعليم... إلخ، وبعضها دعم للشركات والهيئات الحكومية وغير الحكومية، لتخفيض أسعار بعض السلع الأساسية، من مثل دعم أسعار المواد الغذائية من طحين ولحوم بيضاء وحمراء وبيض ودقيق، ودعم أسعار الوحدات الاستهلاكية من الكهرباء والماء والمحروقات من البنزين والديزل والكيروسين... إلخ.

ومن الطبيعي أن يستفيد من استخدامات هذه المشاريع في البنية التحتية، من باب المصروفات الأول، وكذلك دعومات أسعار المواد الأساسية، جميع من يتواجد على أرض الوطن، من السلطات والمواطنين، والمقيمين من المستثمرين والسواح والعمالة والزوار، جميعهم على حد سواء، ما لم تعتد الحكومات، بفارق أن المواطن يبني وطنه، أما الوافد والمقيم، من المستثمرين والسواح والعمالة بجميع تصانيفها من الماهرة وغير الماهرة، فما هم إلا مستفيدون من ثروات الدولة الريعية لذاتهم، وتحويلاتهم إلى هناك لذويهم في بلادهم.

ولذلك تجد أن الدول الريعية، تمتاز بكثرة الوافدين، وبما يفوق أحياناً عدد المواطنين، وخاصة العمالة المتدنية المهارة، وتسود بين هؤلاء، العمالة السائبة من بعد استجلابهم ببيعهم تراخيص العمل.

والباب الثالث للصرف، هو على استحقاقات محتسبة لسلطات الحكم والحكومة، ومؤسسات وأفراد يسندونهما، من خاصة الشركات والتجار ومؤسسات مجتمع مدني محددة دون غيرها، وكذلك شخصيات مجتمعية، إضافة إلى متبرعين من عامة الناس لأدائهم نشيد التبجيل والتفريد لكل مسئول، وأيضاً في مقدمة كل أؤلئك، هناك الصرف الباذخ على أجهزة الحماية الرسمية.

وعليه تتعادل كل هذه المصروفات، بغض النظر عن حصة كل منها قياساً بالمجموع، مع إيرادات ريع الدولة، ولكن في حال ارتفاع إيرادات الدولة، لا تزيد حصة خدمات المواطنين ودعم الأسعار من المصروفات، في مقابل زيادتها لبابي الصرف الآخَرَين، في مجال مشاريع البنية التحتية ومخصصات مؤسسات الدولة وإنشاءاتها، والشاهد على ذلك فترات الطفرة في أسعار النفط.

وعلى العكس من ذلك، حين تنخفض إيرادات الدولة الريعية، تبقى أبواب الصرف المحتسبة للسلطات دون تخفيض أو إن كان ولابد فبأقله، مقابل جسامة التخفيضات في باب الصرف على المواطنين.

وهناك قولٌ في مقالة لإحدى الكاتبات، ممن تستحسن المديح للمسئولين، وتناصرهم على بعض من المواطنين، في اعتدادها بنفسها أنها محسوبة على الإعلام الرسمي، ولها عند الدولة ومسئوليها مكانة، حذرت فيها من حتى التفكير، في الاستجابة الشعبية لمطلب الحكومة المنتخبة، ودعمت تحذيرها بإجابتها على تساؤل وجهته لعامة المواطنين مفاده، «أتعلمون ماذا تعني الحكومة المنتخبة، إنها تعني الضرائب، وخسارة الدعم على المواد الغذائية والكهرباء والماء... إلخ».

فيا تُرى، وقد وقع الفأس في الرأس، من بعد رفع الدعم عن المواد الغذائية والكهرباء والماء والبنزين، والقادم أكثر.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4922 - السبت 27 فبراير 2016م الموافق 19 جمادى الأولى 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 1:18 ص

      فرضت خلاص
      الآن النقاش في زيادة الجرعات ومتى وكيف وأين

    • زائر 5 | 12:44 ص

      وهل بقي في دينارنا مجال لأي ضرائب ؟
      كنا نشتري شلف البيض بدينار أو أقل والآن دينارين و100 فلس
      اللحم قفز سعره 3 أضعاف
      البنزين ارتفع 60%
      باقي السلع ارتفعت بما يعادل 40 الى 50%

    • زائر 4 | 12:43 ص

      لا اتوصي حريص

    • زائر 1 | 9:22 م

      كلام جميل ولكن

      اخي الكريم كاتب المقال....هل لك ان تذكر لنا من من المجلس المنتخب اقترح ضريبة ال1 في المئة من رواتب جميع موظفي الدولة لمشروع تامين التعطل...اجوفك سكتت...عطونا فاصل

    • زائر 7 زائر 1 | 4:02 ص

      زائر رقم 1

      ياحبيبي فرضت 1% بسبب الفساد الذي كاد ان يدخلنا في النفق المظلم منذ عام 2005 .. نعم كلنا ندفعها للوطن ولكن الفساد كشر عن انيابه وقام بنهب كميه اكبر

اقرأ ايضاً