العدد 4927 - الخميس 03 مارس 2016م الموافق 24 جمادى الأولى 1437هـ

مواءمة نمط القيادة مع بيئة العمل

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

يتغير النمط السلوكي للقائد بحسب عوامل عدة. وفي هذا المجال، توضح نظـرية «المحور الاستمراري للقيادة» Leadership Continuum الذي طوّره كلٌّ من تانينبوم وشميت Tannenbaum and Schmidt، كيف يتحرك أسلوب القائد بين النمط التسلّطي ويتدرج حتى يصل الى النمط الديمقراطي، وتشرح النظرية كيف يتنوع الأسلوب القيادي بحسب المساحة المتاحة للمرؤوسين.

هذه النظرية تطرح مجموعة من الأساليب على امتداد «محور استمراري» continuum طرفاه الأسلوب التسلّطي والأسلوب الديمقراطي. هذا المحور الاستمراري لنمط القيادة يوضح العلاقة بين مستوى الحرية التي يختار القائد منحها للعاملين بناءً على الظرف والموقف، ومستوى الحزم الذي يستخدمه لإدارتهم، فإذا زادت حرية العاملين انخفضت سلطة القائد.

هذا الأنموذج يوضح القدرة على تطبيق مستويات مختلفة من تفويض الأعمال لفريق العمل واتخاذ القرارات بدرجات متفاوتة وفقاً لقدراتهم، وهو يتدرج من الإسلوب التسلطي، ويتجه نحو الإسلوب الديمقراطي، كما يلي:

1. نمط من السلوك التسلطي حين يقرر القائد ويعلن القرار. في هذا النمط يستعرض القائد الخيارات في ضوء الأهداف والقضايا والأولويات، ويحدد الجدول الزمني، ثم يقرر الخيار الذي يراه مناسباً، ويبلغ الفريق بقراره.

2. نمط من السلوك حين يقرر القائد أمراً ما، ومن ثم يقوم بتسويقه على فريق العمل. في هذا النمط يقرر القائد أمراً ما، ومن ثم يقوم بشرحه وتمريره على فريق العمل من أجل تنفيذه.

3. نمط من السلوك حين يعرض القائد خلفية المشكلة ويقترح حلاً ويطلب من فريق العمل طرح أسئلة ومناقشة الأسس وراء اتخاذ هذا القرار، والتي تمكن الفريق من فهم وتقبل القرار بسهولة أكبر مما كانت عليه في 1 و 2 أعلاه. هذا النهج أكثر تشاركية ويعطي فرصة لفريق العمل لتقدير القضايا ومعرفة أسباب القرار، والآثار المترتبة على كل الخيارات الأخرى. ولهذا السلوك قدرة تحفيزية أكثر من 1 أو 2 بسبب ارتفاع مستوى مشاركة فريق العمل في المناقشة.

4. نمط من السلوك حين يقترح القائد قراراً مؤقتاً ويدعو فريق العمل لمناقشته حول الموضوع، على أساس أنه سيأخذ في الاعتبار وجهات النظر الأخرى ومن ثم يصدر القرار النهائي. وهذا الأسلوب يتيح لفريق العمل الحصول على بعض النفوذ الحقيقي في اتخاذ القرار النهائي، ويشعر الفريق أنه مساهم في عملية صنع القرار، وبالتالي سيكون التحفيز للعمل أكبر من المستوى السابق.

5. نمط من السلوك حين يقوم القائد بعرض المشكلة والموقف، ويطلب الاقتراحات من العاملين، ومن ثم يقرر. القائد في هذا النمط يشجع الفريق على تقديم الأفكار والخيارات الإضافية، وثم يقوم بمناقشة الآثار المترتبة على كل خيار ممكن من العمل، ثم يقرر القائد الخيار ويتخذ القرار.

6. نمط من السلوك حين يشرح القائد الوضع، ثم يحدد المعالم الرئيسية للمشكلة، ويطلب من فريق العمل اتخاذ قرار. من خلال هذا النمط يفوض القائد مسئولية اتخاذ القرار إلى فريق العمل، ولو ضمن حدود الصلاحيات المتاحة. القائد قد يكون جزءاً من اتخاذ القرار، وقد يختار أن يكون جزءاً من الفريق الذي يقرر. هذا النمط يعطي مسئولية كبيرة للفريق، ويمكن للقائد التحكم في المخاطر والنتائج إلى حد ما، وفقاً للصلاحيات. هذا المستوى من القيادة أكثر تحفيزاً من أي أنماط سابقة، ويتطلب فريقاً ناضجاً لأية حالة أو مشكلة خطيرة.

7. نمط ديمقراطي من السلوك حين يسمح القائد لفريق العمل بتحديد المشكلة، ووضع الخيارات، واتخاذ قرار بشأن العمل، في حدود صلاحيات معينة. من الواضح أن هذا مستوى كبير من الحرية، حيث إن الفريق يعمل بشكل فعال ولديه مسئولية تحديد وتحليل الموقف أو المشكلة، وتطوير وتقييم الخيارات؛ وتقييم آثار الخيارات، ومن ثم اتخاذ قرار بشأن مسار العمل، وبعد ذلك تنفيذه بصورة جماعية مشتركة. القائد يتواجد لدعم قرار الفريق ومساعدة العاملين على تنفيذه. القائد قد يكون أو لا يكون جزءاً من الفريق. هذا الأسلوب أكثر تحفيزاً للجميع، ولكن أيضاً يمكن أن يكون أكثر كارثية إذا لم يكن الفريق ناضجاً ومختصاً أو قادراً على التصرف بمستوى صنع القرار الاستراتيجي.

وقد طرح عالم الإدارة تشارلز هاندي في كتابه Understanding Organizations مقاربة لتحديد النمط السلوكي الأفضل أطلق عليها Best-fit approach، أي مواءمة نمط القيادة مع بيئة العمل، وطرح بأن اسلوب القائد يجب أن يكون مرناً بما يكفي لملاءمة ثلاثة عوامل، وهي: الأسلوب المفضل للقائد، طبيعة المرؤوسين، ومتطلبات المهمة.

وقال هاندي ان على الشخص أن يختار نمطه القيادي وفقاً لبيئة العمل، وأن يوازن أسلوب الصرامة tight/structured مع اسلوب المساندة flexible/supportive، وأن النمط الأفضل الذي يختاره القائد يجب ان يأخذ بعين الإعتبار «بيئة العمل»، والتي تتحدد من خلال إدراك معالمها الآتية:

- منصب القائد وصلاحياته The power or the position of the leader

- طبيعة العلاقة بين القائد والمرؤوسين The relationship between the leader and the group

- القواعد التنظيمية The organizational norms

- هيكلية المؤسسة والتقنية المستخدمة The structure and technology

- تنوع المهمات The variety of tasks

- تنوع المرؤوسين The variety of subordinates

إن على القائد أن يطور الرؤية المستقبلية لما يقوم به، وأن يوصل تلك الرؤية للمرؤوسين، وأن يمتلك الخبرة والقدرة على تعزيز الثقة مع المرؤوسين، لكي يتمكن من تحديد النمط المفضل، والملائم best-fit بحسب بيئة العمل المتغيرة. النمط الأنسب - وفقاً لهاندي - هو النمط الذي تكون فيه جميع العوامل الثلاثة تتطلب التعامل بنفس الأسلوب الذي ينتهجه القائد.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4927 - الخميس 03 مارس 2016م الموافق 24 جمادى الأولى 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 3:53 ص

      يجب تدريس و تدريب القيادات في كل حقول العمل على هذه المعارف لاتخاذ قرارات صحيحة. بيئتنا يجب عليها الاهتمام بهذه العلوم و الادبيات حتى ينمو مجتمعنا الى التقدم و الرقي الاخلاقي بدل ما هو سائد من التخبط و الضياع.

    • زائر 3 | 12:56 ص

      علم الاداره هذا

      وإن كان الغرض منه تطبيقه في المؤسسات والشركات إلّا أنه يمكن إستخدامه وتفعيله في الأمور السياسيه أيضاً

    • زائر 1 | 12:19 ص

      مقال رائع

      احسنت استاذنا العزيز دائما تتحفنا بكل جديد في علم الادارة

    • زائر 2 زائر 1 | 12:52 ص

      ...

      هذا ليس جديد بل علم قديم ولكنّه نافع جدّا

اقرأ ايضاً