العدد 4946 - الثلثاء 22 مارس 2016م الموافق 13 جمادى الآخرة 1437هـ

إزالة كبائن الصيادين بين الاختصاص والقانون والتمييز

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

القانون بنصوصه وتشريعه ومصادقته ونشره، يكتسب شرعية تطبيقه، لكنه ما لم يحقق العدالة والمساواة بين الناس، وما لم يحفظ الحق الإنساني في الوجود الآمن، وما لم يحمِ الإنسان من الضر الجسدي والنفسي والمالي والأدبي، وما لم يبعد عن الإنسان العوز والفاقة، وما لم يهيئ للمواطن أسباب العيش الكريم والكرامة الإنسانية، فإنه ليس بقانون يتوجب تطبيقه، وإنما هو نوع من التعسف في تطبيق القانون، هذا إذا ما عابَهُ في الأساس التعسف التشريعي، متى ما ساءت النوايا بنزعة تمييزية أو طائفية.

فقد أوردت صحيفة «الوسط» بتاريخ 17 مارس/ آذار 2016 خبراً مفاده، أن أمانة العاصمة (التي حلت محل بلدية المنامة من بعد إلغاء مجلس بلدي محافظة العاصمة وتبعاً لذلك إلغاء بلديتها وهيئاتها الأخرى) عمدت في اليوم ذاته الخميس 17 مارس 2016، بمعية عناصر أمنية، الى إزالة كبائن ومظلات البحارة من أمام ساحل كرباباد، وذلك بإجراء قسري أدى إلى تكسير وتدمير متعلقات شخصية للصيادين الممتهنين صيد البحر، إضافة الى متعلقات شخصية لهواة الصيد.

وذلك تطبيق بالإزالة بالطريق الإداري عبر قرار الأمانة وليس تنفيذاً لحكم قضائي، وأسندت إجراءها بأنه تطبيق لقانون تنظيم المباني لسنة 1977، من بعد القول إن قسم الرقابة والتفتيش بأمانة العاصمة، كان قد أخطر أصحاب الكبائن المخالفة بضرورة إزالتها، كونها تفتقر إلى أدنى مستويات السلامة، كأن أمانة العاصمة تتحدث عن بيوت آيلة للسقوط، وليست كبائن خشبية أو محميات بلاستيكية أو مظلات، وإن الأمانة كانت قد أشعرتهم أكثر من مرة بضرورة تصحيح الوضع يا ترى ما هو الوضع الصحيح الذي ترتئيه أمانة العاصمة، لكبائن الصيادين لكي يحتفظوا بها؟، ثم ما علاقة قانون تنظيم المباني لسنة 1977 بالكبائن والمظلات المؤقتة وغير الثابتة؟

أما محافظة المحرق فلم يفت على بلديتها هي الأخرى، أن ينال صيادوها وهواة الصيد البحري فيها أيضاً نصيب، فمن بعد العام 2013 كما أفاد رئيس اللجنة المالية والقانونية بمجلس بلدي المحرق، غازي المرباطي، بأنه تم تقدير اللجنة المشتركة لتنظيم الكبائن «تنظيم الكبائن وليس تدميرها»، لكلفة إزالة الكبائن بمبلغ مئة ألف دينار، واليوم تبلغ الكلفة للغرض ذاته مبلغ مئتين وخمسين ألف دينار، بمعنى أن عدد الكبائن زاد منذ 2013 إلى اليوم بمرة ونصف عددها السابق، بحصيلة عدد مضاعف مرتين ونصفاً.

ولم يتم ذلك خلسة في سواد الليل، بل في نور العلم والدراية والمباركة، وأمام ناظري الجهات المسئولة، وأولها بلدية المحرق التي تنذر اليوم أصحاب الكبائن في سواحل المحرق، بالمبادرة بإزالتها، وتهديدهم بتطبيق المرسوم بقانون رقم (2) لسنة 1996 بشأن إشغال الطرق العامة، قانون ليست معنية مواده لا بالسواحل ولا بالصيادين ولا بالكبائن، ولا قصد المشرع ذلك، فليس معلوماً من هو ذلك المارد الذي خرج من قمقمه وأوحى لبلدية المحرق بقانون غير ذي صلة بمبتغاها، ومثله بل أدهى، ما تجهد فيه أمانة العاصمة، في العبث بمحاولة تطويع المرسوم بقانون رقم (13) لسنة 1977 بإصدار قانون تنظيم المباني.

فأين المرسوم بقانون رقم (2) بشأن إشغال الطرق العامة منذ إصداره في 31 يناير/ كانون الثاني 1996، وأين المرسوم بقانون رقم (13) لسنة 1977 منذ إصداره أيضاً في 14 مايو/ أيار 1977، إلى اليوم من موضوع الكبائن وسواحل البحرين والحاجات المهنية للصيادين وهواة الصيد؟

ولم يفت الإعلام الرسمي أيضاً أن يقوم بدور ضد الصيادين وهواة الصيد في المحرق، في وسائل التواصل الاجتماعي التي أضحت وسيلة للمس بالآخر من دون حساب ولا عقاب، بالقذف الشائن ضدهم في أخلاقهم، بما أساء الى سمعتهم وإنسانيتهم من دون يقين ومن دون دليل، سوى التبلي والتطاول، لحاجة في نفس...، ولم يخلُ الأمر من النزعة الطائفية، في بعض التغريدات، بأن سواحل المحرق تم اختطافها من قبل أهالي المناطق الأخرى، ويتوجب هدم كبائنهم، ويدَّعي البعض أن المحرق خسرت إنشاء مركز إسلامي وأكبر جامع باسم جلالة الملك، بسبب الكبائن و «العشيش والصنادق».

ويتباكى البعض على حرمان المواطنين كما يَدَّعون، من كيلومترين أو ثلاثة طولاً من سواحل البحرين، بسبب وجود هذه الكبائن، في حين أنهم غضوا الطرف عن حرمان المواطنين من أكثر من خمسة وستين كيلومتراً مربعاً من السواحل والأراضي.

مع العلم أن الأصل في سواحل البحرين هي المراكب والطراريد وأقفاص صيد السمك وشباكها، وتلك الجلسات للصيادين وهواة الصيد، وأطفال هؤلاء الذين يرثون مهنة صيد البحر أباً عن جد، وهي الصورة التاريخية والتراثية لسواحل البحرين، ولولاها لما كانت روعة تلك السواحل. أم أن وراء الزوبعة ما وراءها من إفقار الصيادين وإغناء أصحاب المشاريع السياحية.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4946 - الثلثاء 22 مارس 2016م الموافق 13 جمادى الآخرة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 3:18 ص

      (إجلد من شأت ما دمت لن تجلد)

    • زائر 4 | 1:57 ص

      تعقيب على رد الأخ الفاضل "زائر3" بأن موقف مجلس المحرق البلدي هو إبقاء الكبائن إلى حين إيجاد البديل.
      مع تحيات العلاقات العامة والإعلام في مجلس المحرق البدي
      17350000

    • زائر 3 | 10:53 م

      جملة السطر الأخير هي المقصد من وراء الزوبعة التي يقوم بها مجلس بلدي المحرق وأمانة العاصمة ، لا مشروع إسلامي ولا تشويه منظر السواحل ولا هم يحزنون ، متنفذين يريدون مشاريع استثمارية على هذه السواحل وتعللوا بالأسباب التافهة. والمجلس البلدي للمحرق وأمانة العاصمة ينفذون أوامر تلقوها من متنفذين فقط وبعدين يقولون احنا مستقلين في قراراتنا .

اقرأ ايضاً