العدد 4955 - الخميس 31 مارس 2016م الموافق 22 جمادى الآخرة 1437هـ

لقاء مع جون أدير حول نظرية «القيادة الوظيفية»

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

البروفيسور جون أدير (82 عاماً)، لازال يبحث ويدرب ويحاضر ويوجه ويطرح تنظيرات حول القيادة، وهو كان، ولايزال، من أوائل من طرحوا مفهوم القيادة بصورة جوهرية، وحثّ على استلهام الدروس وتدريب الأشخاص ليمارسوا دورهم القيادي في حياتهم.

التقيت مع أدير، و تحدّث أثناء اللقاء عن الأفكار الرئيسية لنظريته في القيادة الوظيفية Functional Leadership، وفيما يلي جانب من تسلسل الأفكار، كما طرحها في لقاء جمعني معه في مدينة ويندسور البريطانية بتاريخ 10 مارس/ آذار 2016.

يقول جون أدير: «عندما ألّفت كتبي في العام 1968 حول القيادة كان هناك فقط 3 أو 4 كتب تتحدث عن موضوع القيادة كمفهوم مستقل، أما الآن فهناك على الأقل 84 ألف عنوان لكتب مسجّلة في مكتبة الكونغرس تحمل عنوان القيادة، وهذا يوضح أن ثورةً حدثت في هذا المجال، لأنني عندما كنت أدرّس القيادة في كلية ساندهيرست العسكرية في ستينيات القرن العشرين، كنت نوعاً ما وحيداً، أما الآن فإن برامج التدريب المتخصصة في القيادة بلغت قيمتها في الولايات المتحدة الأميركية في 2014 نحو 50 مليار دولار، وهناك أكثر من 100 جامعة تطرح برامج تعليمية عن القيادة. والآن نجد في المدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية أن هناك مركزاً متخصصاً في علم القيادة، وهناك معاهد ومراكز في كل مكان في العالم. ففي الصين هناك ثلاثة مراكز متخصصة في القيادة، أحدها مخصص فقط لنخبة القيادات في الحزب الشيوعي، وآخر مفتوحٌ للجميع في شنغهاي، وفي 2005 قدّمت محاضرات هناك لمجموعة يبلغ عددها 800 شخص من بينهم رئيس وزراء الصين ، وهذا يوضح مدى أهمية الموضوع بالنسبة للصينيين.

«لقد قدّمت استشارات للأمم المتحدة من أجل تدريب قياديين في المنظمة الدولية، ولنتذكر أن الأمم المتحدة تأسست في 1945، وأن أول بروفيسور في الإدارة كان بيتر دراكر، وهو لم يصبح بروفيسورا الا في 1950. هذا له معنى، فمفاهيم الإدارة التي برزت في مطلع القرن العشرين كانت ترتبط بـمفهوم Administration، وحتى أن ماجستير الإدارة التي انطلقت منذ ذلك الحين اسمها Master of Business Administration ، وهذا الاسم لم يتغيّر حتى بعد أن تطوّر مفهوم Administration إلى Management. ومنذ مطلع الثمانينيات من القرن العشرين تطوّرت المفهوم إلى Leadership، ولكن لازال اسم الماجستير يحمل الصفة القديمة، وهذا نرى أثره في الأمم المتحدة التي لازالت تلتزم بثوابت العلم على نهجه القديم. وعندما طلبت الأمم المتحدة مني مساعدتهم في هذا المجال مؤخراً، كان الهدف نقل المفاهيم والممارسات من صيغها القديمة المعتمدة على مبادئ Administration إلى مبادئ القيادة Leadership .

«لقد كان أول كرسي جامعي في القيادة قد تشكّل في جامعة سريSurrey البريطانية في العام 1979، وكنت أول شخص يحمل لقب بروفيسور في القيادة، وكانت الجامعة جريئةً في تسمية كرسي باسم القيادة، لأن هذه الخطوة تشترط وجود حجم كبير من المعرفة الأكاديمية Body of knowledge في هذا المجال، وفي تلك الفترة كان حجم المعرفة أقل بكثير مما هو الآن، ولكن الجامعة أدركت أن علم الإدارة بدأ ينتقل إلى مفاهيم القيادة بصورة جوهرية، ولذا سبقت غيرها من الجامعات في تسمية كرسي للقيادة.

«لقد كانت المفاهيم المطروحة في القيادة تركّز في بادئ الأمر على (الصفات) التي تولد مع الشخص، ولذا فإن البحوث في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين ركّزت كثيراً على هذه الصفات. ولكن تلك الصفات لم يكن لها منهج علمي يحدّدها، وإذا كانت بالوراثة فلا مجال لتخصيص برامج تدريبية لها على أي حال. ثم إنه لم يتم الاتفاق على الصفات اللازمة للقيادة، ولذا لم تصمد تلك الدراسات رغم أهميتها وتطوّرها لاحقاً بصورة مختلفة.

«بعد ذلك ركّزت الدارسات والبحوث على السلوك القيادي وعلى المواقف التي تحدّد طريقة تعامل القائد مع الآخرين، وهذا النهج يركّز على المعرفة والخبرة التي يتحصّل عليها الشخص وتساهم في صوغ سلوكه القيادي. هذه الدراسات كانت خطوة الى الامام، وبعد ذلك ركّزت الدراسات والبحوث حول العمل الجماعي Group وكيفية تنظيم العمل الجماعي داخل المؤسسات، على أساس أن مجموع العمل الناتج عن الجماعة أكبر بكثير من عددهم إذا تم تنظيمهم بصورة مناسبة. وفي هذا المجال، فقد طرحت في ستينات القرن العشرين نظرية (القيادة الوظيفية) والتي تتحرك في ثلاثة دوائر متداخلة فيما بينها... دائرة تعنى بالمهمة Task ومتطلبات تنفيذها، ودائرة تعنى بالجماعة Group وكيفية تحقيق العمل الجماعي، ودائرة تعنى بالفردIndividual وكيفية تلبية احتياجاته.

«هذه الدوائر الثلاث تفسر نظرية القيادة الوظيفية، وهي نظرية متماسكة منذ أن طرحتها في ستينيات القرن الماضي، وتعزّزت أكثر مع الدراسات التي طرحت لاحقاً، لأنها تجمع كل ما توصلت إليه البحوث في مجالات القيادة وتصبّها في دوائر ثلاث يتوجب الالتفات إلى (وظائفها) بصورة متناسقة ومتجانسة من أجل تحقيق النجاح في تنفيذ المهمة، ومن أجل تحقيق التجانس بين المجموعة، ومن أجل تلبية احتياجات الفرد.

«إن القيادة الوظيفية تعني أن هناك وظائف أساسية يتوجب تحقيقها، ويمكن إجمالها في سبعة وظائف، يتوجّب على القائد إنجازها، كما يلي:

1 - تحديد التوجه والغرض من العمل (لماذا؟)، وتثبيت رؤية لثلاث أو خمس سنوات مقبلة، والإفصاح عن القيم التي تحدّد البوصلة الأخلاقية للعمل والمهمة والمؤسسة.

2 - القدرة على التفكير الاستراتيجي والتخطيط من أجل الحصول على التزام جميع الأطراف المعنية لتمكين المؤسسة أو الجماعة من السير نحو الهدف.

3 - القدرة على تحقيق ما تصبو إليه المؤسسة أو الجماعة.

4 - ضبط العلاقات داخل العمل، وتحديد طريقة تسيير العمل عبر المركزية أو اللامركزية، وتحديد من يعمل ماذا.

5 - إقامة شراكات وحلفاء من أجل دعم ما تهدف إلى تحقيقه المؤسسة أو الجماعة.

6 - القدرة على إطلاق طاقات الآخرين وتحقيق التآزر والتعاون بين المجموع لتحقيق ما هو أكبر من عددهم الرقمي synergy.

7 - القدرة على تطوير قادة آخرين للفترة الحالية وللمستقبل.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4955 - الخميس 31 مارس 2016م الموافق 22 جمادى الآخرة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً