العدد 4957 - السبت 02 أبريل 2016م الموافق 24 جمادى الآخرة 1437هـ

جعفري: 91 % من المؤسسات البحرينية ذات إدارة مستبدة... ويجب تحويل الشركات لـ «مجتمعات إنسانية»

منتدى الفكر الإداري يناقش نظريات تشارلز هاندي وتطبيقاتها

منتدى الفكر الإداري ناقش أفكار تشارلز هاندي يوم أمس - تصوير : عقيل الفردان
منتدى الفكر الإداري ناقش أفكار تشارلز هاندي يوم أمس - تصوير : عقيل الفردان

ذكر الرئيس التنفيذي لشركة الاستشارات «جافكون» لتحسين الإنتاجية والأداء أكبر جعفري أن مسحاً أجري على مؤسسات بحرينية في القطاعين العام والخاص أظهر أن نحو 91 في المئة منها تتبع الطريقة الاستبدادية في الإدارة، داعياً إلى الابتعاد عن الهيكل الإداري الذي يكرس السلطة القهرية.

وعقدت صباح أمس (السبت) في مقر صحيفة «الوسط» أعمال منتدى الفكر الإداري الذي ناقش أفكار عالم الإدارة تشارلز هاندي الذي تنبأ منذ ثمانينات وتسعينات القرن العشرين أن أسلوب الإدارة في المؤسسات يجب أن يتغير وأن على المؤسسات اللحاق بأساليب الإدارة غير النمطية لمواكبة التغيير القادم.

ومن بين النظريات التي أسس لها عالم الإدارة الايرلندي «مؤسسة الشمروك» والتي تقوم على احتفاظ المؤسسات بجزء أساسي من الأعمال Core Business في حين تعتمد على المتعاونين Freelancers وتوكيل المهمات لشركات أخرى Subcntracting كأسلوب في العمل وهو ما ظهرت تطبيقاته في الوقت الراهن مع ظهور شركات فيما يسمى بـ gig economy، كما طرح عدة أفكار حول جوهر التطور القائم على احترام معرفة وكفاءات الإنسان وليس سلطة المال أو المنصب في المؤسسات كما في كثير من الشركات بالوقت الراهن، إذ رأى أن المنصب السلطوي يمنع التطور ويخنق الطاقات.

سوء توزيع الثروة

واعتبر جعفري الذي تأثر بأفكار «هاندي»، أن أفكار الفيلسوف عُدَّت أنها «جدلية» لكنه استفاد منها خلال عمله في كثير من المؤسسات.

وتعكس أفكار هاندي - كما يقول جعفري - أن بعض الدول مثل بريطانيا فتحت الأسواق لكن مشكلة توزيع الثروة ظلت قائمة.

وذكر جعفري أن حجم الثروة في العالم يقدر بنحو 320 تريليون دولار (والناتج القومي للولايات المتحدة الأميركية يبلغ 16 تريليون دولار)، ولفت إلى أن نصف هذه الثروة هي بيد 1 في المئة فقط من الناس.

ويقول جعفري إن سوء توزيع الثروة جاء نتيجة ممارسات خاطئة في إدارة الثروة والشركات، أدت بدورها إلى نتائج سلبية.

ويسرد جعفري بعضاً من الأرقام التي تعزز من عواقب سوء الثروة، حيث لفت إلى أن 57 في المئة من سكان العالم هم تحت خط الفقر، وأشار إلى أن «تشارلز هاندي كان يفكر بعكس هذا الاتجاه».

إصلاح المؤسسات

ويعود جعفري إلى التاريخ، فيقول إن فكرة المؤسسة (الشركة) التجارية ليست قديمة فكانت الأعمال سابقاً تعتمد على مفهوم «الإقطاع»، وحتى وقت قريب كانت الشركات ترتبط بأعمال الحكومة مثل تأسيس شركة «الهند الشرقية» التي كانت تمثل مصالح الحكومة البريطانية... ففكرة المؤسسات جاءت بهدف زيادة الإنتاجية.

ويستدرك جعفري كيف تأثر لأول مرة بأفكار أنسنة الإدارة حين قرأ كتاب «مستقبل العمل»، ويشرح حين كان في بريطانيا كيف كانت بعض الجامعات المعنية بالأعمال والاقتصاد تربط الأعمال بالمؤشرات، لكن هاندي كان فلسفياً فكان يشرح الواقع ولم يكن يقدم الحلول «كانت النتائج تتحدث عنه».

ويشرح جعفري أن هاندي كان يرى أن المؤسسات بوضعها الحالي هي في وضع «خاطئ» ويجب إصلاحها، إذ إن ملكية المساهمين لأسهم الشركة لا تعني أنهم ملاك للشركة، فالملاك هم ممولون لرأس المال بينما الموظف هو ممول للمعرفة.

ويعترف جعفري بأن الفكرة قد تبدو للبعض للوهلة الأولى أنها «جنونية» لكنه يعتقد أنها بعد عشرين سنة ستكون واقعاً.

64 % تأثير الموارد البشرية على الشركات

ويسهب جعفري في الحديث عن موضوع الملكية والموظفين ويورد بعض الأرقام في هذا السياق، إذ اعتبر أن 16 في المئة من التأثير على نتائج عمل المؤسسات يأتي من رأس المال، في حين أن 20 في المئة من التأثير يأتي من موارد المؤسسة الأخرى، لكن أكبر تأثير على عمل المؤسسة يأتي من الموارد البشرية التي تشكل 64 في المئة من حجم التأثير.

وهنا يستدل جعفري على نظرة تشارلز هاندي بأهمية الجانب الإنساني في عمل الشركات وهو أكثر من رأس المال، إلا أن التركيز حالياً لدى المؤسسات ليس على الجزء الأكبر من التأثير وهو الموارد البشرية ولكن يذهب للجزء الأقل وهو المال «إذا كان الملاك موّلوا المؤسسة بأموالهم فإنّ الموظفين موّلوها بأفكارهم».

تحويل الشركات إلى «مجتمعات إنسانية»

وتطرق الرئيس التنفيذي لاستشارات «جافكون» إلى مفهوم «تحويل الشركات إلى مجتمعات» كما يتبنّاه تشارلز هاندي والتي من خلالها يتم إلغاء فكرة المؤسسة كما هي حالياً وتحويلها إلى مفهوم القرية.

ويسرد جعفري جزءاً من خبراته العملية السابقة في عدد من الشركات البحرينية «كنت أعمل مسئولاً في إحدى الشركات وحينها يتم دفع علاوة لجذب الموظفين الأجانب للعمل في البحرين ولكن رأيت أن هذه العلاوة لا يجب أن يتم تفضيلها للأجانب دون البحرينيين، ناقشت ذلك مع المدير مع تفهمه لذلك سواء من الناحية المادية وناحية عدم المساواة».

ويرى جعفري أن معظم البشر بنسبة 99 في المئة هم متشابهون ولكن ما يفرقهم هو ميولهم وانتماءاتهم، إذ يجب أن يتوازى أجر الشخص في المؤسسة والعمل بمقدار تحمله للمسئولية.

ويعود جعفري ليؤكد أن «الجانب الإنساني» في عمل المؤسسات يعتبر في غاية الأهمية.

51 % الرضا الوظيفي في البحرين

ويتطرق جعفري خلال استعراضه لأفكار تشارلز هاندي وتطبيقاتها المؤسسية إلى موضوع سوء استغلال السلطة، معتبراً أن هذه المشكلة لا تخص البحرين بل جميع الدول.

ويشرح جعفري أهمية العامل الإنساني في تحقيق الرضا الوظيفي للموظفين، فمستوى الرضا الوظيفي في أميركا مثلاً يقدر بنسبة نحو 35 في المئة وفي أوروبا الغربية 42 في المئة في حين تبلغ النسبة في البحرين نحو 51 في المئة.

ويقول إن أغلب عدم الرضا الوظيفي في البحرين يرجع إلى تأزم علاقات الموظف الإنسانية داخل العمل أو من تصرفات الرئيس «هؤلاء مجرمون يجب أن يحاكموا ويجب أن يكون هناك قانون يحد من هؤلاء الخارجين عن العمل المؤسسي».

ويحكي جعفري قصة إحدى الشركات حين كان هناك صراع بين مسئولين اثنين الأمر الذي حدا بأحدهما لوضع جاسوس ليعلم ما إذا كان الموظفون يخافونه أو يخافون المسئول الثاني.

ويسرد جعفري كذلك من واقع خبرته كيف كان سيتم طرد أحد الموظفين لمخالفة لم تكن تستحق بحسب رأيه خصوصاً أنه كان يعول 4 أطفال حيث كان قانون الشركة ينص على طرده لكنه رأى أن الجانب الإنساني والذي يتطرق له تشارلز ساندي في نظرياته تدفعه لمسار آخر، ما جعله يقوم بحل آخر وهو إنذار الموظف ومحاولة إصلاح الخطأ بطريقة عادلة.

ولكن البحرين قد تكون أفضل من غيرها في التعامل الإنساني، كما يرى جعفري، وذلك بشهادة الأجانب الذين يعملون فيها والذي ينعكس على تصرفاتهم مقارنة مع تصرفاتهم في دول أخرى.

ويرى جعفري أن «السلطة والاستبداد» هي صفات عامة بغض النظر عن طبيعة الإنسان، ويشرح كيف أن الكثير من المؤسسات هي مؤسسات غير ديمقراطية أو «عسكرية» فالموظف عليه سماع التعليمات والتنفيذ من دون أن يعارض حتى لو كانت هناك مناقشة لها، لكن مع صدور هذه التعليمات فيجب عليك كموظف تنفيذها.

نتائج المسار الخاطئ

ويقدم الفيلسوف هاندي نتائج «المسار الخاطئ» للإدارة كما يقول الرئيس التنفيذي لاستشارات «جافكون» لتحسين الإنتاجية والأداء، ومن بين هذه النتائج أن أغلب الدور تحت خط الفقر والتي يتراوح فيها نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من 5 إلى 8 آلاف دولار فأكثر من نصف سكان العالم يعيشون على 2.5 دولار يومياً في حين أن نصف الثروة العالمية في يد 1 في المئة من البشر.

ويشرح جعفري كيف أن أفكار تشارلز هاندي أنطلفت منطلقاً فلسفياً، وخصوصاً أن موضوعي الإدارة والاقتصاد كانا يدرسان في أقسام الفلسفة فيما مضى.

واعتبر أن أيادي «غير نظيفة» تعمل على تحقيق الإنجازات في حين أن «الأيادي النظيفة» تبقى بعيداً وهنا تنشأ في هذه البيئة مفاهيم «الرشوة» والممارسات غير الأخلاقية في الوقت الذي كان فيه من يقول إن الفساد مثلاً قد يكون مفيداً مثل مؤلف كتاب «تصادم الحضارات» في حين يبرر آخرون الجشع.

«ثورة» في إدارة المال

ويرى المفكر تشارلز هاندي منذ ثمانينات وتسعينات القرن العشرين أن العالم سيشهد ثورة معرفية في إدارة المال، كما يفيد جعفري.

وعلى رغم أن الفيلسوف الايرلندي لا يعترف بـ «الاشتراكية الشيوعية» ويصفها بـ «المهزلة»، فلا توجد وصفة جاهزة للخروج بأقل قدر من الخسائر من الوضع الحالي، ويشير إلى أن هناك تجارب مثلاً لم تُسمَّ بسمّيات محددة وقد تشكل نواة للحلول المستقبلية وتتمثل في تجارب الدول الاسكندنافية مثل النرويج والسويد.

وأوضح أن الحديث ليس عن التغيير القادم لا محالة ولكن متى سيتم الخروج من النمط الحالي واللحاق بركب التغيرات بأقل قدر من الخسائر.

الحاجة «هيكل دائري»

وبالحديث عن هرمية السلطة داخل المؤسسات، دعا الرئيس التنفيذي لاستشارات «جافكون» لتحسين الإنتاجية والأداء إلى تبني «هيكلاً دائرياً» قدر المكان لإدارة المؤسسات والشركات بدلاً من الاعتماد على «الهيكل الهرمي» المتبع حالياً.

ويرى جعفري أن «الهيكل الهرمي» استنبط من ثقافة النظام الطبقي وفق التقاليد القديمة والذي تأثرت به الثقافة الزرادشتية والهندوسية. وأشار إلى أن هذه الهرمية قد تم فرضها من العسكر في القرون الماضية، ولاسيما أن الشركات استلهمت أساليب التنظيم من الجيوش العسكرية.

فوضوية وبنّاءة

ويتطرق جعفري إلى تجربته في شركة «جافكون» لتحسين الإنتاجية والأداء، حيث يعتبر أنه اتبع نمط عمل مغاير وهيكل عمل دائري.

ووصف طريقة عمل شركته بأنها «فوضوية وبنّاءة» فلا يوجد وقت محدد للدوام ولا ضرورة للتواجد على المكاتب مع درايتهم بالأهداف التي يعملون على تحقيقها. وعلى رغم غرابة الفكرة، إلا أن الجعفري يقول إن هذا الأسلوب حقق طفرة في الإنتاجية تصل إلى 360 في المئة.

إلقاء اللوم على «الحلقة الأضعف»

ويتحدث جعفري عن فشل المدير أو الإدارة في بعض الحالات وتحميل هذا الفشل على ما أطلق عليه «الحلقة الأضعف» من الموظفين في أسفل الهرم.

وانتقد سياسة «إلقاء اللوم» على الحلقة الأضعف واصفاً من يقوم بذلك بأنهم «كائنات مريخية».

ويشير في السياق إلى أنه إذا كانت هناك أخطاء فإنّ الجزء الأعلى في هرم الإدارة يكون مسئولاً أو سبباً عن فساد الجزء الأسفل.

ويتداخل خالد القعود في هذا السياق، ويحكي قصته حين زيارته أحد المصانع وكيف كان أحد العمال يلوم المدير الذي يوبخه كل يوم ليكتشف الموظف نفسه أنه يكلم المدير الذي لا يعرفه أصلاً.

وخلص القعود إلى أن المدير قد يكون صالحاً ولكن الطبقة التي بين المدير والموظف هي من تسبب بسوء الفهم.

القيادة نزعة ولا تُدرَّس

وتطرّق جعفري إلى أن نظرة هاندي إلى مسألة القائد، بأنّ علمية القيادة لا تُدرَّب ولكنها نزعة موجودة لدى الإنسان ولا يمكن تدرسيها.

وانتقد جعفري برامج «أم بي آيه» (الماجستير في إدارة الأعمال) التي اعتبرها تنتزع نزعة القيادة، ورأى أن كثيراً من القياديين تمت برمجتهم للاستبداد، لكنه أشار إلى وجود استثناءات.

ومن هنا يعترض رضا فرج على استخدام مفهوم «رأس المال البشري» أو «الموارد البشرية» في وصف الموظفين في الشركات والمؤسسات، وأشار إلى أن المسمى الأفضل هو «الموارد الإبداعية».

كما أشار إلى جوانب التربية والبيئة في تفعيل العوامل الإنسانية في مهارات الفرد الإدارية، وأشار إلى ضرورة تحفيز الأفراد على الإبداع من مرحلة الطفولة، كما أن من الممارسات الخاطئة إسكات الطالب أو الطفل وعدم إفساح المجال له للتعبير عن رأيه.

وتطرق الحديث إلى أن المدير قد يكون في ظروف عليه اتخاذ قرارات حاسمة تنقذ المؤسسة بغض النظر عن كون النظريات صحيحة أو خاطئة، مشدداً على أن هناك تفهماً لوجود ضغوط جانبية أو حتى فوقية وأن على المدير التصرف وفق هذه الظروف «المشكلة ليست في الواقع ولكن كيف يمكن أن نغير هذا الواقع».

العدد 4957 - السبت 02 أبريل 2016م الموافق 24 جمادى الآخرة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 4:27 م

      أنا مستهدف

      أنا أعمل في شركة طيران ومديرتي من الجاليه الهنديه وتستهدفني بشكل شخصي لفصلي من العمل لكن ما أقول إلا حسبي الله ونعم الوكيل.

    • زائر 6 | 6:51 ص

      في أعتقادي بالنسبة الى النسب المذكورة تشوبها الدقة فمثلاََ:
      "51 % الرضا الوظيفي في البحرين"
      وكيف أن
      "91 % من المؤسسات البحرينية ذات إدارة مستبدة"
      إلا اذا كانت نسبة الرضا تكون لهذه الفئة:
      "ولكن البحرين قد تكون أفضل من غيرها في التعامل الإنساني، كما يرى جعفري، وذلك بشهادة الأجانب الذين يعملون فيها والذي ينعكس على تصرفاتهم مقارنة مع تصرفاتهم في دول أخرى."
      وخصوصاََ في القطاع الخاص

    • زائر 7 زائر 6 | 10:59 ص

      نسبة ٥١ ٪‏ نسبه متدنيه و هي انعكاس لنمط المستبد للادارات...تحياتي...اكبر جعفري

    • زائر 9 زائر 7 | 6:43 ص

      اذا كانت في أميركا مثلاً يقدر بنسبة نحو 35 في المئة وفي أوروبا الغربية 42 في المئة كيف نكون نحن 51% مع هالأستبداد!!!وشكراََ

    • زائر 5 | 2:53 ص

      ضدهم
      يا استاذ هاني هالايام اشوفكم تقلبون مواجعنا .
      الحمد لله على كل حال

    • زائر 3 | 1:35 ص

      الله كريم

      ياليت يشوفون لينه حل للهرم الا عدنا في الشركة
      ببتدي براس المال بعدين هندي والا بعده سوداني ،مصري وبعدين هندي ،هندي هندي وبنقالي وآآآآخر شي يجي كائن حي يسمونه مواطن!!! لاتقدير لاترقيات لازيادات!!!
      وادا رحت الوزارة تطلع انت الغلطان!!! على الله

    • زائر 2 | 12:45 ص

      الرقم اكبر

      الرقم أكبر بكثير النسبه هي 90%99

    • زائر 1 | 11:01 م

      أحسنت أستاذ علي الفردان, مقال رائع وملهم! يستحق القرائة! جزاك الله خير الجزاء!

اقرأ ايضاً