العدد 4964 - السبت 09 أبريل 2016م الموافق 02 رجب 1437هـ

بُنَيّ هل أنصفتك... هل أنا جزء مهم في حياتك؟

الشيخة نورة بنت عبدالله آل خليفة

المحامي العام رئيسة نيابة الأسرة والطفل

أنعش ذاكرتكم بنهاية موضوعنا السابق ونكمل قضية الطفلة التي ذكرت أنها كانت المعنفة لوالدتها، طفلة لم تتجاوز الثانية عشرة من عمرها تعامل الأم كأمة بازدراء وتعنيف لفظي ذهلت من مصدره في نهاية المطاف عرف السبب أتعلمون ما هو، هذه الطفلة نتاج تدليل وتسيب وعدم وضع حدود للتجاوزات بالمنزل تفرعنت وأطالت وتجاوزت بها حدود الأدب فعندما أصبحت مراهقة رفضت الحدود والالتزام وسيطرة القيم والسلوكيات لم تحسب الأم حساباتها بصحة فنسيت هذه المرحلة لتفرض على والدتها علاقات غير مشروعة وأكبر من سنها مع الشباب واعتبرت توجيهات الأم لها وحمايتها ليس بحق لها، فكانت الأم هي العدو ومحط التعنيف والتطاول، فيجب أن نؤسس ونعمل ويجب أن ننتهج العمل المدروس والجاد للحد من هذا النوع من الجرائم ذات الخطر على الطرفين ومن أساسها وسنجد أن السيطرة عليها لاحقاً ستؤتي بثمارها، فإذا عودنا أبناءنا من الأساس على آن هناك حدوداً وقوانين في المنزل يجب احترامها وعدم تجاوزها ولا تقبل معنى آخر وعدم السماح بتأويلها أو الخروج عليها، وخصوصاً إذا تذكرنا أن الأطفال أذكياء في البحث وإيجاد الفجوات لينفذوا منها، وإن اضطروا فعليهم اللجوء إلى جهة الاختصاص لطلب المساعدة في حالة الإخفاق في معالجة الحالة ويجب أن يكون التعامل معها منذ بدايتها ومن دون تردد، سواء في النيابة العامة أو مركز حماية الطفل أو أية جهات أخرى متخصصة من دون إبطاء فبقدر الالتزام تأتي النتائج.

ومما لا شك فيه أن جرائم العنف حالياً في مملكة البحرين هي جرائم مستجدة وليست بظاهرة لكنها ستتحول إلى ظاهرة إذا لم يعِ الآباء أهمية التصدي لها من المنزل، بتثقيف أبنائهم وتوجيههم فالسياسات في المملكة قد وضعت والاستراتيجيات والقوانين ومهدت دور الحماية والرعاية، فيأتي الآن دوركم كآباء ودورنا في النيابة العامة كموجهين ومرشدين ومعالجين.

كونوا موجودين في حياة أبنائكم بالتواصل معهم وبأي شكل وجهد من واقع عملي وفي جلسات التحقيق مع الأطفال وأقولهم عن تجربة نجد أن الطفل سواء المجني عليه أو المتهم فعندما تجد الطفل منطلقاً معبراً يتحدث بطلاقة الواضح الواثق يكون هو الطفل القريب من والديه ثقافة كلامه وتسلسل أفكاره تجدها حرة واثقة ومن مقابلته مع أسرته تحس لغة الحوار بينهم تنعكس على نقاش المشكلة أثناء الحضور وعلى شخصية الطفل وبوضوح، بعكس الطفل المهزوز الخائف الذي يكون دوره في الأسرة تلقي الأوامر وتنفيذها فقط من دون ترك أية مساحة لرأي له أو فكرة أو نقاش ببساطة لم يعود... فلابد أن نحرص على الحوار المستمر مع الأبناء ويكون هو الأساس الذي تكون عليه العلاقة، فالمناقشات والنشاطات ومشاركة الطفل ميوله والحديث إليه وانتظار ردوده وقراراته تخلق الثقة بالنفس، تبادل الحكايات والأخبار تخلق حميمية بين الأسرة بشكل عام، فليس تنفيذ طلباته هو المعيار، وعدم جعله متلقياً للأوامر فقط لا، بل لابد من خلق مساحة مشتركة بينك وبين الأبناء تسندك بقوة لوضع القواعد والقرارات في الأسرة ويتبعها الأبناء طواعية لوجود علاقة جيدة معهم، فيسهل توجيههم وتربيتهم كما أنهم يتعودون على التفاوض ووضع الحلول وكذلك يمكنكم توجيههم وحمايتهم ليس من العنف فقط ولكن من جرائم كثيرة كالمخدرات وغيرها والتي تنتج لطبيعتها الجرمية بالتأثر بالآخرين والانقياد لما يملى عليهم فهل نحن كآباء قريبين منهم ومنفتحين وعلى يقين أننا سنكون أقرب من يلجأون إليه فيما لو واجهتهم المواقف التي تعجزهم حداثة سنهم عن تفسيره والتعامل معه بايجابية هل يمكن أن نصل بهم إلى المقدرة على اتخاذ القرار بثقة، هل يمكننا الوصول مع أبنائنا إلى هذه المرحلة، في الحلقة القادمة سأعين ابني على التعود على اتخاذ القرار.

إقرأ أيضا لـ "الشيخة نورة بنت عبدالله آل خليفة"

العدد 4964 - السبت 09 أبريل 2016م الموافق 02 رجب 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 9:28 ص

      من المقولات "ما أقل الحجيج وما اكثر الضجيج"
      ما أكثر التسميات والمسميات والعنف ليس بواحد وإنما أنواع وتفاوت بين عنف وإعتداء جسدي حتى الحيوان لو كان له لسان لبكى على احوال الطفال كما الناس الكبار أيضاً. فليس بسر أن ما في الخفاء من عنف يعني تعذيب لا تكذيب في هل يحتاج إلى جلسات تحقيق أم أو من الأفضل والأحسن الإعتراف ان الضرب وإنزال الذي اللفظي أو الجسدي ليسا إلا من الجهل والجاهليه ليست مناهما ببعيد؟؟

    • زائر 3 | 2:54 ص

      شكرا للشيخه على هذا الموضوع المهم
      احنا عايشين في عصر اصبح للقنوات الفضائيه التاثير الكبير على اطفالنا وخصوصا معظم المسلسلات الخليجيه التي اصبحت دمار على تربيه النشا الحالي وكأن كتاب السيناريوا لم يجدوا موضوعا غير التشجيع على قله الادب وقله الحياء والتشجيع على المخدرات والجرائم وخصوصا المسلسلات الكويتيه رجاء من اي كاتب اذا ماعندك هدف فيه فضيله فنقطنا باسكاتك وبكتاباتك ترى طفح الكيل واحنا مو ناقصين بلاوي
      مع تحياتي للكاتبه

    • زائر 2 | 2:33 ص

      مقال ممتاز
      يستحق اعادة النظر لأولياء الامور بكيفية تربية الابناء

    • زائر 1 | 11:57 م

      درازي

      الف شكر لك على هذا الموضوع وبارك الله فيك

اقرأ ايضاً