العدد 4970 - الجمعة 15 أبريل 2016م الموافق 08 رجب 1437هـ

العجمي... الشارع والجهات ليست هناك

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

ما الذي تبتغيه من كتابة بورتريهات النصوص؟ يسأل أحدهم: هل هي محاولة لترميم الجسر الذي لم تجْرِ تحته مياه أصلاً؟ تسأل امرأة كحلوى العيد في خبث مُحبَّب: ماذا لو راكمت حقداً من جانب الذين لم تلتفت إليهم، وأنت تظن أنك في مأمن من طرف الذي لم تسْهُ عنهم؟ يسأل ثالث لديه استعداد لتأليب سكَّان الكواكب والمجرَّات الأخرى إن لم تنجح مساعيه على الأرض!

كل كتابة تبتغي صداقة... كل كتابة تتوخَّى تراكم العداوات لا يُعوَّل عليها. كل كتابة تفتتن بما يستدرجها إلى تلك الممارسة: القراءة، بتوخِّيها الوقوف على ما لم يقلْه الآخرون، وما لم يمسكوا به، وما لم ينتبهوا إلى كمِّ الدهشة فيه، مع اختلاف طرائق التعبير عنه، تلك هي في الصميم مما يُعوَّل عليه.

أحمد العجمي، اسم في الأنيق والرصين من الممارسة. هل هو كذلك دائماً؟ ليس بالضرورة، لا أحد يظل أنيقاً ورصيناً في الكتابة على مدار التجربة. ذلك يعني أن مساحة من السهو... الضجر... الغياب في منفى لا رجوع بعده.

بالعودة إلى الأعمال الأولى في تسعينات القرن الماضي: «إنما هي جلوة ورؤى»، «نسل المصابيح»، «المناسك القرمزية»، «زهرة الروع»، «العاشق»، «ربما أنا»، مروراً بأعمال الألفية الجديدة: «مساء في يدي»، «كاكاو»، «أرى الموسيقى»، «تفاحة أو قلب»، «عند حافة الفم»، «كأنه الحب»، «مزامير العدم»، وما تبع من أعمال، لم يقترب العجمي من نص التفعيلة. ظل مخلصاً لتجربته الأولى، مُعمِّقاً لها من حيث كم ونوع الحمولات التي تمتلئ بها. بقدرته في كثير من النصوص على استحضار «المشهدية»: مشهدية التفاصيل التي تبدو عابرة، فيما هي مُقيمة ولا روح لتفاصيل المكان بما فيه من دونها.

في نصوص/ لوحات «همسات»، تلك المتاخمة للأشياء، وهي ليست أشياء بالفضاءات التي يضعها فيها العجمي. قد تتلبَّسك بعض أرواحها!

«انظروا في المرآة

لا توجد غيوم هذا اليوم»!

وحين يدنو من الفراغ، كلاماً عنه، يمنحه الروح الساكنة في منزل يُخْليه له: «أيها الفراغ

سأترك ليديك

هذا المنزل»!

ليس مثل الوصول أذى في كثير من الأحيان. أن تنشغل بالطريق فأنت في الممارسة لجانب من الحياة. يأخذنا العجمي إلى ما هو أبهى من المرمى السابق: «الوصول إلى الباب

غابة تنمو داخلي»!

في لعبة النقيض، وما يحضِّر القارئ إلى الصدمة/ الدهشة الممتعة. أن تعرف الشارع بِسِمَاته، ولكن الجهات ليست هناك: «إنه الشارع

لكني لم أعرف الاتجاهات»!

أحمد العجمي، يظل أكثر قبضاً على الدهشة والمعنى والقيمة في نصوصه المليئة بالتكثيف. بلوحاته إن شئت؛ ولا يعني ذلك أن نصوصه التي تجد امتدادها وتداخلها في الصور والدلالات، وحتى العناوين، ليست ممسكة ومتورطة في الإدهاش؛ إذ من طبيعة الأشكال الشعرية في تبدلاتها وقفزاتها، انجذاب القارئ، وأحياناً تماهيه معها. يجد في ذلك التكثيف والاختزال حالات أمضَّتْه أو سرحت به.

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 4970 - الجمعة 15 أبريل 2016م الموافق 08 رجب 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً