العدد 4971 - السبت 16 أبريل 2016م الموافق 09 رجب 1437هـ

زراعة الخوف!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

هل الخوف يُزرَع في النفوس؟ ولماذا يتم زرعه؟ وكيف يمكن زرعه في النفوس؟ وأي النفوس تستسلم لزراعة الخوف؟ وما نوع الخوف الذي نتكلّم عنه؟ هل هو خوف من البشر؟ أم خوف من الدين؟ أم خوف من المستقبل المجهول؟ أم هو ذلك كلّه؟

زراعة الخوف التي نتكلّم عنها هي زراعة الخوف في البشر عن طريق استغلال الدين والمستقبل، ولنا في التاريخ أمثلة كثيرة، منذ أن أرهب قابيل أخاه هابيل وقتله، ومنذ أن زرع فرعون الخوف بين شعبه وبني إسرائيل، واستخدم أبشع الإرهاب لمن آمن من السحرةِ برب موسى فقطع أيديهم.

أيضاً لا ننسى قصّة الفيلسوف العظيم سقراط، الذي قبِل تجرّع السم استناداً لرأي القضاء في اليونان آنذاك، وكان سبب حكم تجرّع السم هي أفكاره المتحرّرة من العبودية، فأرهبوه وقتلوه ليزرعوا الخوف في نفوس الآخرين، وحتى لا ينتشر العلم بينهم!

لا يُخفى علينا كذلك الدولة الرومانية والدولة الفارسية، اللتان زرعتا الخوف واستعبدتا شعوبهما، لا لشيء إلاّ من أجل التحكّم وفرض السيطرة عليها، وقد كانوا يحرقون ويقطعون الرؤوس ويستخدمون أبشع أنواع التعذيب من أجل بثّ الرعب في النفوس.

دعونا نرجع بالتاريخ إلى الدولة الأموية والدولة العبّاسية والدويلات التي بعدها حتى الدولة العثمانية، جميعهم استخدموا أنواعاً شتّى لزرع الخوف في نفوس الشعوب، وكان استغلال الدين هو المدخل للاستعباد، وقد تمّ تلقيب مؤسّس الدولة العبّاسية بالسفّاح، لأنّه كان يقتل من دون رحمة، ويهدر دماء الأبرياء، فكما يروى بأنّه قتل مئات الآلاف من أجل قيام الدولة العباسية، وحذا حذو الدولة الأموية في القتل والإرهاب وزراعة الخوف.

أما العصور المظلمة إبان سيطرة الكنيسة، فهي الأخرى أخذت مكانتها الكبيرة في زرع الخوف في نفوس الناس، وتمّ قطع رؤوس المفكّرين والفلاسفة والعلماء باسم الدين، وحرق بعضهم أحياء أمام الناس، لزرع الخوف والسيطرة على النفوس.

ثمّ جاء الاستعمار الغربي ببشاعته التي لا تُنسى على مر العصور، حيث استعبد المستعمرون الشعوب، وقاموا بإرهابهم وزرع الخوف فيهم عن طريق التعذيب والقتل وتدمير المدن والقرى.

بعد هذا كلّه نقول لا قابيل ولا فرعون ولا اليونانيون ولا الدولة الفارسية والرومانية، ولا الدول الاسلامية من الأمويين إلى العثمانيين، ولا العصور المظلمة ولا الاستعمار، استطاعوا الوقوف أمام مطالبات الشعوب بحقوقها، ففي النهاية كانت الشعوب هي المنتصرة، وعقول المفكّرين هي المحرّكة لتلك الشعوب.

فالعدالة هي الميزان الرئيسي في بقاء أي دولة، ومهما وصلت زراعة الخوف من درجات الغلو، فهي لا شيء أمام الإنسان، لا شيء أمام العقل البشري، ولا شيء أمام الحرّية، فالحرّية والعدالة دائماً ثمنهما غالٍ لا يرخص، ولابد من التضحيات وعدم الخنوع أمام زراعة الخوف من أجل الوصول إليهما.

وفي مقابل زراعة الخوف، لابد للدول من زرع العدالة والكرامة لشعوبها، والحرّية غير المطلقة، لأنّ الحرّية المطلقة هي الأخرى مفسدة مطلقة، حتى يبدأ فجر جديد شعاره التعاقد الاجتماعي، تكون فيه الشعوب متساويةً تماماً على أساس المواطنة والانتماء.

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 4971 - السبت 16 أبريل 2016م الموافق 09 رجب 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 6:20 ص

      الحضارات

      أغلب الدول والحضارات كانت تتخذ من الخوف وسيلة لتركيع الناس وترويعها ومن ثم يسهل التحكم بها وتطويعها بحسب الأنماط التي يضعها ذلك الحكام .

    • زائر 9 | 4:38 ص

      فى فئه كبيره فى البلد تخاف ان تقول الحق ودائما تريد كل شى بارز والضحيه الفئه الاكبر كلكم فهمتون ما اقصده اللهم فرج عن شعب البحرين الطيب اللهم اخد الحق ممن ظلمنا

    • زائر 8 | 2:14 ص

      يقال

      اختارت الدول ان تقيد الحريات و تقمع الناس باسم الامان .. فلم تحصل لا على امان و لا على حريات ..
      و من اختار ان يفتح الحريات .. حصل على الامان ..
      هذا ما فعله الامام علي في زمانه و كذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه ..

    • زائر 4 | 12:04 ص

      تسلمي يا اخت مريم على مقالك القيم هذا وجميع الحضارت التي ذكرتيها في مقالك اندثرت باستثتاء الدولة الفارسية التي مازالت تستعمل جميع الوسائل من تعذيب وتنكيل واعدامات بالجملة في حق شعبها ولك الشكر

    • زائر 3 | 11:06 م

      طال الزمن

      أو قصر لابد أن تنتصر الشعووب وماالترهيب الذي تتخذه لاسكات الأصوات الادليل على هوانهم وضعفهم بمقارعه الحجه بالحجه فيكون إرهاب الناس وتخويفهم ليصمتو

    • زائر 2 | 11:02 م

      الحمد لله الكاتبة شابة و تستطيع ان تحلم كما شائت و كتبت في الفقرة الاخيرة. عجبي من علمها و ذكرها استغلال الخوف منذ الازل.
      سيدتي كان و سيكون كما في الماضي. النظام الذي وضعه البشر علي هذه الكرة هكذا و يتبع في كل العالم و لا فرق في ذلك بين قارة و اخري.
      ان شئتي فإحلمي. احلام سعيدة.

    • زائر 1 | 10:42 م

      ويكونون المواطنون متساون لابن قبيلة وله مفضل ولابن الطائفة
      الفلانية مفضل.

اقرأ ايضاً