العدد 4981 - الثلثاء 26 أبريل 2016م الموافق 19 رجب 1437هـ

بهدوء مع المساواة... ضد التمييز

منى عباس فضل comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

لم يكن حدثاً مميزاً ذاك الذي تعلق بإقرار غالبية من أعضاء مجلس الشورى المرسوم (70) لسنة 2014 الخاص بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم (5) لسنة 2002، المعني بالموافقة على انضمام البحرين إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، وهو بالمناسبة مرسوم يقضي برفع بعض تحفظات البحرين على الاتفاقية.

يوم الأحد الماضي وأثناء انعقاد جلسة «مجلس الشورى المعين» دارت مداخلات وصفت بالهادئة دون صخب أو ضجيج، بلا هوشات ولا تهويش، وبعد انقضاء ثلاث ساعات من حوارات تأكيدية متكررة تكاد تكون متطابقة في مضامينها ودلالالتها، وبما تتطلبه من دواعٍ إجرائية لتمرير المرسوم، ففي نهاية المطاف كلنا يدرك تمام الإدراك لماذا وكيف وأين ينتهي مصبُّ العملية التشريعية في هذه «الغرفة» التي هي ليست مقصدنا هنا، إنما قضية حقوق النساء واتفاقية «السيداو» ومآلاتها، وخصوصاً أن أغلب تلك المداخلات اتجهت إلى تأييد المرسوم، ونقد الآراء المعارضة التي تصدت له بالرفض في «مجلس النواب المنتخب» أو التشهير به في وسائل التواصل الاجتماعي، عدا ذلك ارتفعت أصوات تطالب بالاحتكام إلى «رأي المجلس الأعلى للشئون الإسلامية» كأحد حراس الشريعة لأي تجاوز قد يتم لها لا سمح الله.

مع المرأة أم ضدها؟!

في جلسة «الشورى» ليس جديداً ولا مستغرباً تكرار ذات المشهد الذي حدث في «مجلس النواب» قبل أسابيع؛ بامتناع صوت يتيم عن التصويت على المرسوم كون بعض مواد «السيداو» برأيه «تضرب ولاية الزوج على زوجته وولاية الأب على بناته، وفي هذا مخالفة واضحة للشريعة، وتساءل عن الضمانات في المستقبل بعدم المسّ بها ولاسيما أن هناك الكثير من القوانين التي تم التجاوز فيها خلافاً للشريعة الإسلامية، كما لم ينس التذكير بنظرية المؤامرة واستهداف البحرين، وأن المرسوم سيتفح أبواباً للعبث بأمنها واستقرارها...الخ». جرى التصويت أيضاً بغياب ثلاثة شوريين وبرفض فاقع من صوت صب نقده اللاذع على «الاتحاد النسائي البحريني» الذي يتصدر المطالبة برفع كافة التحفظات، داعياً إلى عدم الانسياق خلف التطرف والتمزق، وإنه مع مصلحة البلد، ويقف مع المرأة ولا يقبل بأن تجرح أو تمس، هو مع حمايتها وحماية الدين، لكنه يجد في تقرير «لجنة الشئون الخارجية والدفاع والأمن الوطني» المعني بإقرار المرسوم (70) كلاماً متطرفاً ومتشدداً جدّاً. وعليه يمكن القول إن قلة الحيلة والعجز لا يرفعان سياط النقد والتهويش إلا على من يُعتبر أنه يمثل الحلقة الأضعف في هذا المضمار، وهي المرأة ومن يمثلها من مؤسسات وخصوصاً حين تكون أهلية، هكذا يتم التعاطي باستخفاف مع حقوق النساء وقضاياهن.

سحب تحفظ أم ماذا؟

الأمر المهم والملتبس والمقلق في سياق الحدث الأبرز، يتمثل في الخطاب المتداول عند العامة والذي يردد دون تمعن في عبارة «أن البحرين تسحب بعض تحفظاتها على اتفاقية «السيداو»، بينما واقع الأمر يشير إلى أن الجانب الرسمي يتحفظ على تعبير «سحب التحفظ»، ويشدد على تعبير «إعادة صياغة التحفظات بما يؤكد التزام البحرين بالمبادئ التي كفلتها الاتفاقية، والتي تتوافق مع الدستور، وبما يضمن تنفيذها - أي المبادئ - وبما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية». هنا يعلل أحد الشوريين موقفه صراحة ودون مواربة قائلا: «إن المرسوم لا يلغي التحفظات فهو مقيد معلق بشرط، وهو الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية»، فيما تؤكد شورية قانونية: «أن البحرين لم تسحب التحفظات التي أوردتها عند الانضمام، بل أعادت صياغتها، بعد أن كانت غامضة وغير واضحة، هناك مواد متحفظ عليها عامة، ومنها عدم الإخلال بالشريعة الإسلامية، مشددة على عدم وجود تمييز بين المرأة والرجل في القانون البحريني».

السؤال: هل تشفع هذه العبارة من تنفيذ الدولة لالتزاماتها بإيجاد تدابير لتنفيذ بنود الإتفاقية ومؤامة التشريعات الوطنية بما يمكن المرأة ويحقق المساواة ويقضي على التمييز؟ ثم ماذا يعني الاختلاف بين تعبير «سحب التحفظات» و»إعادة الصياغة»؟

باختصار شديد يعني أن هناك بوناً شاسعاً بين التعبيرين عند القانونيين ونشطاء حقوق المرأة فـ»سحب التحفظ» يعني إقرار الانضمام إلى البند المتحفظ عليه، وبالتالي الموافقة على تنفيذ الالتزام بمضمون ذلك البند من الاتفاقية، أما تعبير «إعادة الصياغة»، فسننتظر البت في أمره إلى حين ترفع الدولة صياغتها القانونية المعتمدة إلى الأمم المتحدة وتشرح فيها ماهية الالتزام الذي حققته من إقرار المرسوم «70» لسنة 2014، وإلى وقتها سيستمر المعنيون بحقوق النساء اعتبار أن ما تم ما هو الا «سحب جزئي للتحفظات»، وسيواصلن المطالبة برفع كافة التحفظات عن المواد المتحفظ عليها.

تضليل الرأي العام

ثمة آراء كثيرة تناولت مسألة تضليل الرأي العام ونشر المغالطات بشأن «اتفاقية السيداو» وأقر الكثيرون بأن رفضها ما هو إلا تعبير عن غياب الوعي المجتمعي بأهميتها وضرورتها لمواءمة التشريعات الوطنية بما يحقق الإنصاف والمساواة للمرأة في كافة الحقوق كما أقرها الدستور وميثاق العمل الوطني. وعليه ومن خلال رصد بعض التعليقات في موقع صحيفة «الوسط» الإلكتروني تتكشف لنا إشكالية ما بين اتجاهين معارض وآخر مؤيد وما بينهما تكمن حالة الالتباس والتشويش.

عند اتجاه الضد كتب أحدهم: «تبون مساواة خلو الزوجة تصرف على نفسها ولا ترفع قضايا نفقة وتروح تشتغل وتكرف إن شاء الله حمالي وتصرف على نفسها وتجمع حق عرسها لأنه راح تشترك مع الزوج في مصاريف الزواج، الشقة والفرش...الخ، ما عندها تروح تقترض، الرجل ما عنده مشكلة يغسل مواعينه وثيابه، موضوع الحمل هذا بيد الله لو بيدكم جان خليتونه نحمل بعد»، أما الآخر فضرب كفاً بكف قائلا: «على المجتمع السلام» محذراً من التهوين في صلاحيات أهل الدين والشرع وتركها على شواذ الناس التي تستميت مدافعة عن السيداو».

وعند المؤيدين كتب آخر: «سيداو ما قال بيعطي البنت الحق بالخربطة... سيداو بيعطي حقوق مشروعة تمكنها ولا تفسح المجال للرجل بالالتواء على تلك الحقوق، كأن يعلقها فلا هي زوجة ولا مطلقة...»، وأفادت قارئة «هذا هو الواقع بالفعل... القوامة بالإنفاق على المرأة وتحمل مسئوليتها وحمايتها بقوته العضلية... وعدم تعريضها للإهانة وصون كرامتها... وأنتم بعيدون كل البعد عن ذلك... المرأة صار غصب عنها توقف في الكراج تصلح السيارة، وتقابل البايب فيتر والكهربائي وتشتري أغراض البيت من فلوسها وتصرف بعد على الرجال ايلي ما عنده ذرة غيرة في هالزمن... ويجي حضرته متفرغ يتكلم عن القوامة.. روحو اقراو القرآن الكريم وشوفوا وش مكتوب فيه تالي تعالوا تكلموا عن القوامة».

إلى هنا يستوجب التذكير بأن المرأة البحرينية تمثل «61 في المئة» من نسبة الملتحقين بالتعليم العالي مقارنة بالذكور «39 في المئة» حتى 2013، و»48 في المئة» من نسبة العاملات مقارنة بإجمالي المواطنين بالقطاع العام، و»32 في المئة» من نسبتهن في القطاع الخاص، ماذا يعنى هذا يا صاح؟ يعني أنها تعول وتساهم في دخل أسرتها ومن المعيب معايرتها.

أما الخلاصة فتتمحور حول ما توصلت إليه القانونية المغربية فريدة بناني في دراسة «عن مدى شرعية وقانونية تحفظات البلدان العربية على اتفاقية السيداو»، والتي مفادها: «أن اسم الاتفاقية يشكل قاعدتها الأساسية، وهي القضاء على التمييز ومبدأها المساواة الكاملة في الحقوق بين الرجال والنساء، باعتباره المؤسس للحقوق الإنسانية للمرأة، وهما القاعدة والمبدأ اللذان جاءت من أجلهما الاتفاقية، وهما مبدءان مركزيان للأمم المتحدة، ويشكلان واجباً ملزماً بمقتضى ميثاق الأمم المتحدة والمواثيق الدولية الأخرى، وتتساءل إذا كانت ميزة الاتفاقية هي الإلزام؛ «لأنها اتفاقية ملزمة للدول الأطراف» فكيف يمكن للدول العربية التي تحفظت على بعض موادها تحقيق ذلك؟

إقرأ أيضا لـ "منى عباس فضل"

العدد 4981 - الثلثاء 26 أبريل 2016م الموافق 19 رجب 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 3:20 ص

      الأختباء خلف بعض النصوص الدينية بطريقة خاطئة وغير صحيحة لتبرير حالات التخلف التي تعاني منها بعض العقليات في مجتمعاتنا العربية فيما يتعلق بحقوق المرأة،أنما تأكيد على الجهل وفقر الاستيعاب لمتطلبات التنمية والتطوير الضرورية لتقدم ورقي المجتمع ....س.د

    • زائر 3 | 1:28 ص

      من أين تأتي المساواة ؟
      من أين تأتي العدالة؟
      من الاسلام ؟ نحن مسلمون بلا اسلام

    • زائر 2 | 1:16 ص

      وكل الحكومات العربية تقول لك لا مساواة ولا عدالة والمطالب بهما هو عميل وخائن لوطنه

    • زائر 1 | 10:29 م

      نعم نعم مع السيداو

      وحتى قانون الأحوال الشخصيه
      ما شفنا بنات السنة الله يحفظهم
      أحد طلع من بيته وسو التفاهات لي قالوها البحارنه
      بس يقول ليهم فلان طلعوا شالو عباياتهم وراحوا وراهم بالشوارع مايدرون بالدنياااا
      ولي معلقه سنين
      ولي ممرمرنها زوجها
      لكن تبغون الذله لروحكم
      اني مع السيداو ومع الشرع
      سوو الشرع عددل مثل الموجود بالقرآن عشان محد يطالب بسيداو وبغيره
      لكن انتو شرع الله ما تطبقونه

    • زائر 5 زائر 1 | 6:25 ص

      اتفق معك، وللأسف الشديد أن كثير من قضايا المجتمع يسيرها رجال دين أو جمعيات سياسيه. الكثير لايملك ثقافة كافيه ليعبر عن رأيه الشخص، ويتخذ الأمور بنضره تعصببه حتي لوكانت غير واقعيه وتعمل ضد مصالحهم.

اقرأ ايضاً