العدد 4982 - الأربعاء 27 أبريل 2016م الموافق 20 رجب 1437هـ

«الوسط» في الشارقة: بعيداً عن الضجيج... قريباً من الثقافة والاسترخاء والتبسم

45 مؤلفاً لحاكمها... سيارته صممت لـ «القراءة» وجديده «موسوعة الخليج»

مسئول جناح منشورات القاسمي أيمن السامرائي
مسئول جناح منشورات القاسمي أيمن السامرائي

الشارقة - محمد العلوي 

تحديث: 12 مايو 2017

«لا تكترث الشارقة كثيراً، بما يدور حولها من ضجيج. تنطلق عوضاً عن كل ذلك، لهدفها الرئيسي، إلى المزيد من الثقافة والعلم والاسترخاء والتبسم».

على هذا النحو بدا الإجماع حاضراً لدى كل من استطلعت انطباعاتهم «الوسط»، مواطنين ومقيمين وزواراً، بشأن شخصية الإمارة الثالثة من حيث المساحة، والتي يقودها الشيخ سلطان القاسمي، الحاكم والمثقف، منذ 4 عقود ونصف العقد.

ففي الوقت الذي يغرق فيه محيطها العربي، في مستنقعات من الدم والطائفية والإرهاب، تختار الشارقة، الفكر، أداة للمواجهة، مستعينةً على ذلك بفعاليات ثقافية تنتظم كل عام، وتستقطب إليها، مشاركين من مختلف قارات العالم الخمس.

يعلق على ذلك، المدير العام لمشروع ثقافة بلا حدود راشد الكوس، بالقول: «لا نتحدث عن الشارقة وحسب، فالتناغم سمة للمشهد العام لدولة الإمارات، فأبوظبي هي العاصمة السياسية، أما دبي فهي العاصمة الاقتصادية والسياحية، فيما كان الخيار للشارقة لأن ترتدي الجلباب الثقافي ولتغدو على إثره العاصمة الثقافية للدولة».

هذا الجلباب الذي اختارته الشارقة، بدا مزيجاً من الأصالة والتحديث. ففي الإمارة، التي تضم خليطاً متنوع الأعراق والانتماءات قوامه اليوم أكثر من 1.300.000 نسمة، الحاكمية للدين الإسلامي بوصفه «جزءاً لا يتجزأ من الحياة في إمارة الشارقة، جنباً إلى جنب ما ينص عليه دستور الدولة من حرية للأديان الأخرى حيث تسمح لمعتنقيها بممارسة معتقداتهم الدينية بما لا يتعارض مع الإسلام».

ويدين «الشارقيون» لحاكمهم، في الدفع بعجلة التقدم من دون التفريط في القيم المتأصلة في التقاليد والتراث والثقافة، حيث الرؤية التي ترى في التمسك بالتراث الماضي، ضرورة حتمية للحفاظ على الهوية الوطنية.

في ذلك، يقول الكوس: «يقف الزائر للشارقة، على ملامحها ذات الطابع الثقافي والإسلامي، ولكن بصورة حضارية بعيداً عن التشدد، وقريباً من الانفتاح على العالم»، مضيفاً «يجد الزائر للإمارة، فرصة الاستمتاع بالهدوء والاسترخاء وبالمواقع السياحية الجاذبة، بما في ذلك واجهة المجاز المائية ومسرح المجاز، بالإضافة للمشاريع السياحية ذات طابع المنتجعات الصحراوية، كمنطقة «مليحة» التي تم اكتشافها بأنها منطقة أثرية، يتواجد إفطار في الصحراء، إلى جانب الجولة السياحية التي تمتد للمحميات الطبيعية البرية والبحرية والزراعية».

ويملك حاكم الإمارة، الذي يتشبث بمقولته «البطون إذا جاعت أكلت الجيف، والعقول كذلك، فيجب أن نغذيها بكل ما هو مفيد لكي تتسلح بالعلم»، يملك تجربة ثقافية ملفتة، نتاجها حتى اليوم 45 مؤلفاً، تتنوع بين مجالات التاريخ، الثقافة، المسرح، والأدب.

يتحدث المسئول عن جناح منشورات القاسمي في مهرجان الشارقة القرائي للطفل، أيمن السامرائي، فيقول: «تجربة صاحب السمو في التأليف مستمرة، وقلمه دائم الكتابة والعطاء، مستثمراً في ذلك جميع الأوقات، بما في ذلك في لحظات تواجده في الطائرة أو سيارته الخاصة التي صممت خصيصاً لتضم طاولة في داخلها».

ويضيف «لدى الحاكم عادة سنوية، ففي كل عام من معرض الشارقة الدولي للكتاب، يصدر مؤلف جديد للشيخ، حتى اعتاد زوار المعرض على ولادة كتاب سنوياً، وفي بعض السنوات ترتفع الحصيلة لكتابين وأحياناً لثلاثة»، منوهاً إلى طغيان الجانب التاريخي على تلك المؤلفات، نظراً لتخصصه في هذا المجال».

ويتابع «ترجمت كتب الشيخ سلطان من العربية للغات عدة، فيما كتب بعضها باللغة الإنجليزية وتمت ترجمتها للعربية في الفترة الأخيرة، من بين ذلك كتاب «القواسم والعدوان البريطاني» الذي كتب باللغة الإنجليزية وكان رسالة الدكتوراه للشيخ سلطان، أما أكثر الكتب ترجمةً فهو كتاب «سرد الذات» والذي يوثق فيه الشيخ سلطان لسيرته الذاتية، وهو الأكثر مبيعاً مقارنةً ببقية الكتب».

ووفقاً لحديث السامرائي، فإن حاكم الشارقة، الذي يخط كتبه بصورة مباشرة، لإنتاج مشروعه القادم، ممثلاً في الموسوعة المكونة من 7 أجزاء والخاصة بمنطقة الخليج العربي.

أما الكوس، فيصف الحاكم بالقول: «أنعم الله علينا بحاكم مثقف وقارئ نهم ومحب للثقافة، وهو عطفاً على كل ذلك يقدر قيمة بناء الإنسان وتسليحه بهذه الثقافة، ولذلك كان حرصه باتجاه تأسيس مراكز الناشئة والمجلس الأعلى لشئون الأسرة والعديد من البرامج والأنشطة التي تخدم وتبني الأسرة».

ويضيف «في هذا السياق جاءت مبادرة «ألف عنوان وعنوان»، والتي هي منبثقة من مشروع ثقافة بلا حدود والذي أطلقه سمو الحاكم العام 2008 مستهدفاً من خلاله تعزيز ثقافة القراءة لدى مجتمع دولة الإمارات وذلك عبر مجموعة مبادرات ومشاريع».

ويتابع «من بين ذلك، كانت مبادرة «المكتبة المنزلية»، والتي توفر للأسرة باقة متنوعة من الكتب، بما ساعد على بناء أسرة متماسكة في إمارة الشارقة، لينعكس ذلك إيجاباً على اجتذاب السائح للإقامة في الشارقة والتي تسمى بالإمارة الباسمة».

وتطرق الكوس إلى تفاصيل مبادرة «المكتبة المنزلية»، مبيناً أن المبادرة أتمت حتى الآن توزيع 20 ألف مكتبة على 20 ألف أسرة إماراتية وهي بصدد الصعود بالعدد إلى 30 ألف في الفترة المقبلة، لضمان تغطية كل بيت في الشارقة، والهدف من ذلك يتمثل في زرع بذرة المكتبة في البيت ليتم تطويرها لاحقاً من الأسرة نفسها.

ولا تقتصر جهود الشارقة الخاصة بتشجيع القراءة عند ذلك، فيقول الكوس: «لدينا أيضاً (المكتبة الجوية) بالتعاون مع العربية للطيران، حيث تتواجد مكتبة متنقلة داخل الطائرة تقدم خدمات الاستعارة، وكذلك هنالك «عربة الثقافة» في المستشفيات في إمارة الشارقة وفي إمارات أخرى تقدم خدمات الاستعارة لزوار المستشفى والنزلاء، وأيضاً تتواجد العربة في الدوائر الحكومية بما يضمن استفادة المراجعين، وأبعد من ذلك تم تزويد صالونات الحلاقة بمجموعة كتب، وهي خطوات تشترك في تحقيق هدف واحد يتمثل في نشر الكتاب في كل بقعة وزاوية».

ويضيف «بالنسبة للمنتزهات، ففي كل حي تم إنشاء حديقة، وفي هذه الأحياء تم تأسيس مكتبات سميت بمكتبات الأحياء السكنية، وتمارس دوراً فاعلاً عبر الأنشطة والقراءات القصصية والمسابقات، التي تضمن تفعيل دور هذه المكتبات، ومن أجل ذلك يتم رصد النتائج عبر الدراسات المباشرة لأثر هذه المبادرات والمشاريع على سلوك القراءة لدى الأسر في الشارقة».

حالة الثقافة التي تعيشها الشارقة، جعلت منها «حضناً لدور النشر العربية»، كما يعبر عن ذلك صاحب دار المكتبي، غياث مكتبي.

ويضيف أن «دار المكتبي هي دار سورية، وانتقالنا للإمارات جاء على خلفية ما نراه في هذا البلد الواعد بالثقافة والفكر، وبدعم الكتاب، حتى أضح بالنسبة لنا كناشرين، عاصمة للثقافة العالمية، فحين نشارك على سبيل المثال في مهرجان الشارقة القرائي للطفل جنباً إلى جنب دور النشر الأجنبية والكتاب والرسامين الأجانب، فإننا أمام حالة احتضان للإبداع قل نظيرها».

ويتابع «لا يقتصر ذلك على الشارقة، فبعد هذا المهرجان، نحن على موعد مع الحدث الأكبر ممثلاً في معرض أبوظبي الدولي للكتاب، في فعاليات مستمرة ومتصلة تستهدف الاستثمار في الثقافة».

وعبر حديثه، سلط مكتبي الضوء على عنوان الاستثمار الثقافي في الإمارات، وقال: «الإمارات تعد الآن، من الدول العربية التي انتبهت لأهمية الثقافة والاستثمار فيها، والذي يمثل عنواناً رئيسياً هنا في الإمارات، يتجلى من خلال المبادرات الثقافية الكثيرة، حتى بات الكتاب يعيش حالة تصاعد في الوقت الذي يعاني فيه من حالة انحدار في بقية الدول، والفضل في ذلك للمبادرات التي من بينها مبادرة (ألف عنوان وعنوان)».

وأضاف «على مستوى الإمارات، نحن نعيش عام القراءة، وهي، أي الثقافة، أنجع الوسائل للقضاء على الإرهاب والتطرف والأفكار المنحرفة، وهو ما شعرت به الإمارات فشرعت في الاستثمار في الثقافة، فأطلقت «تحدي القراءة» لتشجيع الطلاب في الوطن العربي على القراءة، ما خلق حالة تنافس داخل المدارس وبين الطلبة».

ودعا مكتبي، الدول العربية إلى الاحتذاء بالتجربة الإماراتية، وقال: «الدول غالبيتها يعاني من التطرّف والإرهاب، ولا يقضى على هذه المشاكل إلا بالثقافة».

صاحب دار المكتبي غياب مكتبي
صاحب دار المكتبي غياب مكتبي




التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً