العدد 4988 - الثلثاء 03 مايو 2016م الموافق 26 رجب 1437هـ

«النظام الموازي للبحرنة» وسياسة التفريط بالبحرنة

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في خطوةٍ مفاجئةٍ، أعلن الرئيس التنفيذي لهيئة سوق العمل أسامة العبسي، في مؤتمر صحافي، أن قرار اعتماد ما سُمّي بـ «النظام الموازي الاختياري للبحرنة»، دخل حيّز التنفيذ بدءًا من يوم أمس الأول (الاثنين 2 مايو/ أيار 2016).

القرار اعتبر مباغتاً للكثيرين، فقرارٌ أحاديٌ وخطيرٌ من هذا النوع، سيؤثر بصورة سلبية على زيادة مستوى البطالة حتماً بين البحرينيين، وبدا أشبه بعملية تفكيرٍ في جني ضرائب جديدة، بغضّ النظر عن آثاره السلبية على الاقتصاد أو سوق العمل أو زيادة نسبة البطالة بين المواطنين.

قبل 10 أعوام، وقف الرئيس التنفيذي نفسه في أحد فنادق العاصمة، أمام جمعٍ لا يقل عن 300 شخص، من مختلف القطاعات الاقتصادية، ليعلن إطلاق مشروع إصلاح سوق العمل، وقد أسهب في الشرح والتفاصيل. يومها كانت المبرّرات التي ساقها، عصيّةً على الفهم، حيث لم يستوعب عقلي الكيفية التي اقترحها لـ «جعل العامل البحريني الخيار الأول»! ولم يكن ذلك عن طريق التدريب والتأهيل، وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص، بل عن طريق زيادة تكلفة العامل الأجنبي بحيث يكون مساوياً لتكلفة العامل البحريني! يومها تساءلت مع نفسي: ماذا لو فضّل رجال الأعمال أو الشركات، الأجنبي على البحريني في هذه الحالة؟ وماذا ستفعل الهيئة لو كانوا مستعدين لتحمل تكلفة الأجنبي حتى لو أصبح «أغلى» من البحريني؟ كانت مجرد شكوكٍ، لكن الواقع أثبتها بعد مرور سنوات قليلة فقط.

كانت فكرةً هلاميةً ليس لها أساسٌ من الواقع، ولكن لم يكن ممكناً نقدها أو معارضتها، لئلا تُتهم بالتشكيك في الجهود المخلصة، وبفعل ما أحيطت به من هالةٍ إعلاميةٍ ضخمة، ووعود كبرى. ولكن سرعان ما أثبتت هذه الأطروحات النظرية خطأها، بدليل أنه بعد تطبيقها، انخفضت نسبة العمالة الوطنية في السوق إلى 18 في المئة، وزادت نسبة العمالة الأجنبية لتقبض على نصيب الأسد من فرص العمل الجديدة التي يولّدها الاقتصاد الوطني. ولم يقتصر ذلك على الأعمال غير الماهرة، بل وبالدرجة الأولى طال الأعمال ذات الرواتب العالية، وفي مهن تتطلب مهارات تتوفر لدى الخريجين الجامعيين البحرينيين، الذين تتزايد نسبة البطالة بينهم مع الأيام.

هذه التجربة فشلت في «جعل العامل البحريني الخيار رقم واحد»، ولكنها نجحت في زيادة سيطرة العامل الأجنبي على السوق. والأسوأ أنها ساهمت في خلق سوق رديفة «سوداء»، انتعشت فيها تجارة «الفيزا»، وخلقت للبحرين مشكلة «الفري فيزا»، حيث يتواجد عشرات الآلاف من العمالة الوافدة خارج النظام والرقابة، استغلتهم طبقةٌ طفيليةٌ للمتاجرة وجني الأرباح. واحتاجت الدولة في الأعوام الأخيرة، إلى تقديم تنازلات للتقليل من آثارها السلبية على الاقتصاد، بفتح الباب عدة مرات، أمام العمالة السائبة لتصحيح أوضاعها المخالفة للقانون، ومازالت المشكلة مستمرة حتى الآن.

اليوم، وبعد مرور عشرة أعوام، من التجربة التي لم تحقّق وعودها، يعود لنا منظّر سوق العمل ليفاجئنا بالأطروحة الجديدة: «النظام الموازي للبحرنة»، وهي تبدو نسخةً أخرى من سياسة «جني الضرائب» السابقة، ولكن دون وعود خلابة هذه المرة، بجعل «البحريني الخيار رقم واحد»، لأن هذه الفكرة لم تعد تخدع أحداً، خصوصاً مع اتجاه الدولة للتخلّي عملياً عن سياسة «البحرنة» التي اعتمدتها رسمياً منذ نهاية السبعينيات، وساهمت في الحفاظ على الحد الأدنى من حقوق العامل البحريني، والحصول على فرصة عمل في بلاده.

ًما سُمّي بـ «النظام الموازي للبحرنة»، أقرب إلى عمليات بيع التأشيرات على حساب العمالة البحرينية، وبدل احتضان الدولة لأبنائها، وإعطائهم الأولوية في التوظيف لخدمة بلدهم والمشاركة في تنميته، يتم فتح الباب على مصراعيه لزيادة «تمكين» العمالة الأجنبية، على حساب زيادة أعداد العاطلين من أبناء البلاد.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4988 - الثلثاء 03 مايو 2016م الموافق 26 رجب 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 22 | 4:59 م

      لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
      لا في اشغال و الوضع تعبان بدون هالقرار
      الحين ويش بيصير ، الله يستر

    • زائر 21 | 7:50 ص

      حسبي الله ونعم الوكيل فيكم
      احنا انروح مقابلات بالعزر ويفضلون الأجنبي علينا رغم إننا مؤهلون خبرات وشهادات
      الحين حتى ما بيطالعون البحريني في وطننا ولكن غرباء الفقر في الوطن غربة إضافة له قهر ومذلة

    • زائر 20 | 6:37 ص

      الله كريم انهاجر يعني السالفة چدي ؟

    • زائر 19 | 6:26 ص

      فلنترك اللف و الدوران في حل مشاكل البلد و نتجهه نحو الحلول الصحيحة الى متى سنستمر ؟

    • زائر 17 | 5:26 ص

      كل المبانى الموجوده فى المنامه وغيرها ساكنين فيها اجانب هم واولادهم ويدفعون اى اجار لانه رواتبهم مرتفعه والمواطن الغلبان ساكن ويه زوجته واولاده فى حجرة لانه لايستطيع يفتح شقه لانه راتبه ضئيل وقليل ولا يكفيه اله اسبوع واحد فقط انتبهوا الى شعبكم هو الذي سينفعكم وليس الاجانب اله افلوسهم المليارات خارج البحرين المشتكى لله ونفوض امرنه الى الله تعبنه فى بلدنه عايشين اغراب المشتكى لله

    • زائر 15 | 4:09 ص

      المشتكى لله .. أهم شي لا يفرضون ضريبة على القبور نبي نموت ونندفن وما نغربل عوائلنا ويانا

    • زائر 13 | 2:41 ص

      زائر
      احسن نظام حق اصحاب السجلات المؤجرة على أجانب وهم على استعداد لدفع 1000دينار بدل 500 دينار

    • زائر 12 | 2:20 ص

      الغاء سياسة البحرنة هو صفعة على وجه المواطن الأصيل وخصوصاً العاطليين الجامعيين الذين يعيشون الغربة وهم على تراب وطنهم ،،

    • زائر 11 | 1:31 ص

      س : هل جني الضرائب هو الحل أم وسيلة لخلق أزمة بطريقة رسمية ؟
      نبارك لكم خطوة من خطوات البطالة مقدما .

    • زائر 10 | 1:21 ص

      صرنا ما نستغرب من القرارت الي قاعده تتخذ في البلد لانه قلبنا تعود ع الصدمات صحيح كل بلدان العالم يوجد بها بطاله ولكن المواطن مقدم ع الاجنبي ع عكس ما يحدث في البحرين يقدم الاجنبي ع المواطن كل هذا حرب ع الموطن وتضيق وسياسه لوي الايد

    • زائر 9 | 1:01 ص

      يعني البحريني=300دينار؟

      300 دينار بين البحريني والاجنبي. كم اجنبي ممكن يتوظف على هذي 300؟ محد يدري ؟! يعني يوظف اللي يبي ولا أحد يقدر بتكلم

    • زائر 8 | 12:32 ص

      يعني توهم يفضلون الأجنبي على البحراني؟
      أنا عشت في الحياة الوظيفية لأكثر من ثلاثة عقود رأيت خلالها معنى كلمة التهميش وأنني صفر على الشمال وان الأجنبي له كل الحقوق والميزات والمعطيات والإرضاءات بينما نحن تحت رحمة الأجانب

    • زائر 7 | 12:05 ص

      هو ليس تفريط للبحرنة بل هو ضرب للمواطن في قوت يومه وسلبه حقوقه في الوظيفة التي يستحقها تسلب منه وتعطى للأجنبي وخلق المنافس مع اعطاء المنافس كل التسهيلات فيما التضييق يزداد على المواطن

    • زائر 5 | 10:32 م

      صح مشكلة البطالةفي جميع دول العالم لكن موتقديم الأجنبي على المواطن المفروض مو عذاري تسقي البعيد وتخلي القريب

    • زائر 3 | 10:25 م

      الدعاء اللهم دمر من مرمر الناس في لقمة عيشهم فقطعها أوسعى ويسعى في قطعها روانه اللهم فيه وفي عائلته وأذقه من ما أذاق الناس عاجلا غير آجل.

    • زائر 2 | 10:09 م

      مشكلة البطالة في جميع دول العالم

    • زائر 4 زائر 2 | 10:26 م

      الكاسر

      أقول لو ساكت ارحم لينا وليك
      كلامك صحيح في كل بلد ولكن في البحرين يوجد وظائف لمن تعطي الوظائف لمن الاولوية في التوظيف من المفضل في التوظيف
      وبعدين تعال قول في كل بلد عاطلين فكر قبل ما تكتب تعليق يرحم والديك مو ناقصين تنابل في البلد

    • زائر 6 زائر 2 | 10:35 م

      نحن في بلد صغير و موارده بالكاد تكفي مواطنيه و لو لا لطف الله بنا و من ثم معونات دول الخليج لهلكنا و اقترح ان تكون العمالة الأجنبية لأصحاب المشاريع الصغيرة فقط أما الشركات الكبرى و التي تقدر ارباحها بعشرات و مئات الملايين و الجهات الحكومية فيجب أن تبحرن ١٠٠٪‏ و من يعمل في بلده سيصرف ما يجنيه في بلده على عكس المغترب

    • زائر 1 | 9:47 م

      ويش دراهم عن معاناة العاطلين ؟! يوجد عاطلين جامعيين تجاوزا الخمسة عشر عاماً جالسين في بيوتهم والمسئولين يعلمون ذلك ولكنهم يغضون الطرف ، بلدنا مثل عذاري خيرها لغيرها تسقي البعيد وتخلي القريب ، ساعد الله ابناء بلادي

اقرأ ايضاً