العدد 4990 - الخميس 05 مايو 2016م الموافق 28 رجب 1437هـ

ميراث النساء في الشريعة الإسلامية (3)

عبدالله الشملاوي comments [at] alwasatnews.com

محامٍ بحريني

خامساً: أحوال ميراث النساء:1- ميراث النساء عند الأئمة الأربعة:

أولاً - أحوال الأم: قال الله تعالى:»وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ، فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ» (النساء:11).

وقد استنبط الفقهاء من هذه الآية أن للام ثلاثة أحوال هي - أولاً: السدس إذا لم يكن معها فرع وارث، ذكرًا أو أنثى.

ثانيا: السدس إذا كان معها اثنان فأكثر من الإخوة والأخوات من أية جهة، كلاهما مذكر، أو كلاهما مؤنث، أو إحداهما مذكر والآخر مؤنث.

ثالثا: ثلث التركة وذلك عند عدم الفرع وعدم وجود اثنين فأكثر من الإخوة والأخوات. واختلف فيها الفقهاء إذا ما وجد مع أحد الزوجين، فالبعض قال إن الأم تأخذ ثلث كل التركة. وهو قول ابن عباس والظاهر من نص الآية السابقة. إلا أن الجمهور قالوا إن الأم لا تأخذ ثلث كل التركة وإنما تأخذ الثلث الباقي بعد فرض الزوج أو الزوجة، وقد لجأ الجمهور إلى هذا القول لئلا تأخذ الأم ضعف الأب، فالقاعدة في مسائل الإرث أن كل ذكر وأنثى في درجة واحدة يأخذ الذكر ضعف الأنثى، إلا ما استثني من هذا الأصل بنص. وعللوا أخذهم بهذا الرأي بالقول بأن ظاهر الكتاب يدل على نصيب الأم الثلث إذا انحصر الميراث فيها وفي الأب، بدليل قوله تعالى «وورثه أبواه»، أما إذا كان معهما وارث آخر - وهو أحد الزوجين - فالكتاب لم يتعرض لحكم هذه الحالة، فحتى تأخذ الأم الثلث اشترطت الآية شرطين، الأول عدم الولد، والثاني انحصار الميراث في أبويه. فلو لم يكن تفردهما شرطا لم يكن في قوله وورثه أبواه. والأم لا يحجبها أحد حجب حرمان أصلاً، ولكنها تحجب حجب نقصان من الثلث إلى السدس، وقد يدركها العول، عند من قال به من الفقهاء، وقد يُردُّ عليها. وهي تحجب جميع الجدات بالإجماع، سواء كن من جهتها أم من جهة الأب.

ثانياً - أحوال البنت: وهي بنت المتوفى أو المتوفاة مباشرة، ولها بالنسبة إلى الميراث حالتان، «الأولى» الإرث بالفرض وبه حالتان:

أ) النصف للواحدة إذا انفردت، ولمن كان معها ابن يعصبهما.

ب) الثلثان للاثنتين فأكثر إذا لم يكن معها ابن يعصبهما.

«الثانية» الإرث بالتعصيب بالغير، وهو الابن. وفي هذه الحالة تقسم التركة على الأبناء والبنات للذكر مثل حظ الاثنيين سواء تعددت البنات مع ابن واحد أو أكثر، وقد أخذ الفقهاء الأحوال السابقة من صريح سورة النساء قوله تعالى «يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ» (النساء: 11) وكذلك من الحديث النبوي الشريف، حيث روى أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم عن جابر قال جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى الرسول (ص) فقالت يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك في احد شهيداً، وان عمهما اخذ مالهما، فلم يدع لهم مالاً، ولا تنكحان إلا ولهما مال، فقال يقضي الله في ذلك، فنزلت أية الميراث، «يوصيكم الله في أولادكم ...»، فأرسل رسول الله (ص) إلى عمهما فقال اعط ابنتي سعد الثلثين وأمهما الثمن وما بقي فهو لك» (18 د. عبد الودود الشربيني – المرجع السابق – ص 357).

وروى البخاري واحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجه عن هديل ابن شرحيل قال: سئل أبو موسى عن ابنة وابنة ابن وأخت، فقال للابنة النصف وللأخت النصف، وأتى إبن مسعود، فسئل ابن مسعود، وأُخبر بقول أبي موسى، فقال لقد ضللتُ إذًا وما أنا من المهتدين. أقضي فيها بما قضى به النبي (ص)، للبنت النصف ولابنة الابن السدس تكملة للثلثين، وما بقي فللأخت. والبنت الصلبية لا يحجبها أحد عن الميراث أصلاً، بل قد يُردُّ عليها في حالة إرثها بالفرض، انفردت أو تعددت عند من قال بالرد، وقد يدركها العول فهي تحجب الإخوة والأخوات لأم، وتسقط فرض الأخت لأبوين وإذا تعددت البنت حجب بنت الابن عن فرضها دون ارثها بالتعصيب بغيرها.

ثالثاً - أحوال بنت الابن: وهي تشمل كل بنت ابن سواء أقربت درجة أبيها من المتوفى أم بعدت. ولها في الميراث حالتان أيضا. حالة فرض وحالة تعصيب.

فترث بالفرض في ثلاثة أحوال: أ) النصف إذا أنفرت ولم يكن معها من يعصبها أو يحجبها ودليلها من الآية السابقة في شأن البنت.

ب) الثلثان للاثنتين فأكثر عند عدم العاصب والحاجب، مع عدم بنات الصلب ودليلها كذلك من الآية السابقة في الشأن ذاته.

ج) السدس للوحدة فأكثر مع بنت صلبية واحدة فقط، تكملة للثلثين، بشرط ألا يكون في المسألة عاصب ولا حاجب، ودليلها من حديث هديل إبن شرحبيل سالف الذكر.

وترث بالتعصب في حالة واحدة، وهي ما إذا كان معها من يعصبها مع عدم الحاجب. والذي يعصبها هو ابن ابن في درجتها مطلقا، أو كان أنزل منها في الدرجة وقد احتاجت إليه. ومعنى احتياجها إليه أن يستوفي من فوقها في الدرجة من جنس البنات سواء أكن بنات صليبات، أم بنات أبناء أم خليط منهن الثلثين كبنتين مع بنت ابن، وكبنتي ابن مع بنت ابن ابن، وكبنت وبنت ابن مع بنت ابن ابن.

وبنت الابن يحجبها كل ابن ابن هو أعلى منها في الدرجة. وتحجبها عن الفرض بنتان فأكثر وكذلك كل بنتي ابن فأكثر يحجبن من تحتهن من بنات الابن عن الفرض فقط. وتحجب بنت الابن مهما نزلت درجة أبيها من الإخوة والأخوات لأم، وتصير الأخت لأبوين عصبة معها، وكذا الأخت لأب عند عدم الأخت لأبوين. شأنها في كل ذلك شأن البنت الصلبية عند عدمها، وقد يدرك بنت الابن العول وقد يرد عليها.

رابعاً - الأخت الشقيقة: قال الله تعالى: «يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ» (النساء: 176).

وقد اتفقت كلمة الأمة على أن المراد بالأخ والأخت في هذه الآية الأخت والأم لأبوين أو لأب ويؤكد ذلك ما رواه النسائي من طريق أبي الزبير عن جابر الأنصاري (رض): قال اشتكيت فدخلت على رسول الله (ص) فقلت يا رسول الله، أوصي لإخوتي بالثلث قال أحسن، قلت أوصي بالشطر قال أحسن ثم خرج ثم دخل علي وقال لا أراك تموت في وجعك هذا، إن الله انزل– أو بين- مـال أخواتك وهـو الثلثان: فكان جابر يقـول: نزلت هـذه الآيـة في «يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ» (النساء: 176) والسائل هو جابر بن عبدالله الأنصاري (رض)، وكان له أخوات ولم يكن له ولد وقد حددت هذه الآية ما تستحقه الأخت الشقيقة من الميراث، فقال الفقهاء إنها ترث بالفرض، وبالتعصيب بالغير وبالتعصيب مع الغير ( المرجع السابق – مغنية ص 515).

أ) فلها النصف فرضا إن كانت واحدة عند عدم الحاجب والعاصب.

ب) وللاثنتين فأكثر الثلثان فرضاً.

ج) وترث بالتعصيب بالغير إذا كان معها أخ لأبوين، للذكر ضعف الأنثى، وترث بالتعصيب مع الغير إذا كان للمتوفى فرع وارث مؤنث كبنت أو ابن، في هذه الحالة تأخذ الأخت لأبوين الباقي، أن بقي شيء، وإذا كان معها أخ لأبوين اقتسما ذلك الباقي للذكر ضعف الأنثى وكذا الحكم لو تعدد كلاهما أو حدهما كما في الحديث السابق المروي عن هديل وقد أخذ به على إطلاقها الائمة الأربعة. ويؤخذ منه أن الأخت عصبة مع البنت.

وعند تعدد الأخت الشقيقة فإنها تحجب الأخت لأب - ولو تعددت - عن الفرض، فإن كان مع الأخت لأب أخ لأب ورثت بالتعصيب به، للذكر ضعف الأنثى. ومتى صارت الأخت الشقيقة عصبة مع الغير كانت في قوة الأخ لأبوين فتحجب الأخ لأب كما يحجب كل منها بالأخ الشقيق.

خامساً - الأخت لأب: ترث بالفرض وبالتعصيب .

أ) فلها النصف فرضا إن كانت واحدة عند عدم الحاجب والعاصب وعدم الأخت لأبوين.

ب) وللاثنتين فأكثر الثلثان فرضاً.

ج) ولها السدس تكملة للثلثين عند وجود أخت لأبوين واحدة لا فرق في ذلك بين أخت لأب واحدة أو أكثر، عند عدم العاصب والحاجب.

د) وترث بالتعصيب بالغير إذا كان معها أخ لأب، للذكر ضعف الأنثى في جميع الأحوال.

هـ) وترث بالتعصيب مع الغير إذا كان المتوفى فرع وارث مؤنث، وذلك عند عدم الأخت لأبوين وعدم الحاجب. وإذا كان معها أخ لأب اقتسما ذلك، للذكر ضعف الأنثى. ودليل ذلك الآية السابق ذكرها في الأخت الشقيقة.

والأخت لأب لا تحجب أحداً من أصحاب الفروض مطلقًا، ولا من العصبات إلا إذا صارت عصبة مع الغير حيث تكون في قوة الأخ لأب، فتحجب كل من يحجبه الأخ لأب، ويحجب الأخت لأب الأخ لأبوين وكل من يحجب الأخ لأبوين، وكذا الأختان فأكثر. وقد يدركها العول وقد يرد عليها.

إقرأ أيضا لـ "عبدالله الشملاوي"

العدد 4990 - الخميس 05 مايو 2016م الموافق 28 رجب 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 11:52 ص

      ردا على التعليق ٣

      ردا على التعليق رقم(3)نقلت رأي قمقم من علماء الإمامية كالشريف المرتضى وابن الجنيد والسيد فضل الله والسيد خامنئي حيث تعدل القانون الإيراني وفقا لفتواه عن نصيب الزوجة من كل تركة زوجها وأجاز ذلك التعديل مجلس صيانة الدستور

    • زائر 11 | 11:50 ص

      ردا على التعليق ٣

      ردا على التعليق رقم(3)نقلت رأي قمقم من علماء الإمامية كالشريف المرتضى وابن الجنيد والسيد فضل الله والسيد خامنئي حيث تعدل القانون الإيراني وفقا لفتواه عن نصيب الزوجة من كل تركة زوجها وأجاز ذلك التعديل

    • زائر 10 | 11:06 ص

      طبعا علينا احترم وتقدير علماء الدين الافاضل هم مراجعنا واي فتوة نرجع إليهم هم حماة الدين واعمدته ..

    • زائر 9 | 4:24 ص

      لاتذهبن بك المذاهب

      المشكلة هي في احتكار الدين والعلم لفئة وفي تقديسها حتى العبادة واستحقار ما ومن سواها حتى ولو بلغوا الثريا....الزمن تغير الان وصحيح ان الفتيا للفقهاء فقط ولكن انتهاج الدين والعلم وفهمهما حق مشترك لكل اناء بحسب سعته

    • زائر 8 | 4:11 ص

      من المؤلم أن نرى المجتمع ينحدر إلى الأسفل. قال تعالى : ((كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر أنا أرسلنا عليهم ريح صرصرا في يوم نحس مستمرا تنزع الناس كأنهم إعجاز نخل منقعر )) القمر 18 /20صدق الله العظيم .

    • زائر 7 | 3:47 ص

      جنت على نفسها براقش

      من خلال ردّك هذا أثبت أنك شبه متعلم ،وذلك بإعتراف منك بأول كلمتين من ردّك المتشنج

    • زائر 6 | 3:41 ص

      طبعا يجب أن يكون الدين حكرا على رجال الدين وعلماءه وشيوخه ولا يحق إلى أي شخص سواء المحامي أو غير المحامي أن يفتي في دين الله فهو حكر عل رجال الدين وناخذ العلوم من مصدرها ومراجعها والحمد لله عندنا عمالقة الدين والفقه الجعفري حفظ الله لنا رجل الرجال الرجل المحترم الوقور الشيخ على ال مبارك حفظه الله للدين ورعاه.

    • زائر 5 | 3:14 ص

      شبه متعلم ؟؟؟ هذا مضحك. هناك اسر في البحرين مشهورة بالعلم والدين وهم من أسسوا الدين في البحرين مثل أسرة آل عصفور وأسرة ال مبارك .ولهم جذور في ذلك وعندنا شيوخنا مثل الشيخ عيسى قاسم وشيخ على المبارك وكثير من الشيوخ .فنحن لسنا أشباه متعلمين ولا أنصاف المتعلمين وأغلب المؤيدين للأستاذ هم من أنصاف المتعلمين والغير متعلمين وقليلي الدين والمفوهمية أو من لهم مصلحة في ذلك .هو محام وليس عليه الكتابه في مجال غير مجاله إلا في حدود القانون ولسنا بحاجة إلى أمثاله لاصدار الفتاوي.

    • زائر 3 | 12:17 ص

      ان الله تعالى قد أوجب العصمة في الإمام بقوله : ((لا ينال عهدي الظالمين)) جوابا لإبراهيم فالعهد مع الله هو الإمامة. بإجماع المفسرين والأخبار المتواترة عن المعصومين تعين أن يكون الحافظ للشرع هو الإمام والحافظ ويجب أن يكون معصوما .يجب أن يكون الإمام قد نصب من الله والأمام منصوص عليه في القران من الله تعالى .ومنها بوم نزول اية التطهير أكبر دليلا على تخصيص علي بالأمامة ((إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهير تطهير)).

    • زائر 2 | 11:35 م

      حسبي الله ونعم الوكيل .

    • زائر 1 | 11:22 م

      لا حول ولا قوة الا بالله
      . ألم يقولوا لك بأن البحرين بلد به الكثير من عمالقة الفقه الجعفري والشيوخ وهم عمالقة في الشرع قضوا كل حياتهم في دراسة الفقة والشريعة في الخارج. الشيخ علي آل مبارك حفظه الله ورعاه وجعله سندا للدين الإسلامي و الفقه هو منارة من منارات الدين ومن يريد يسأل ممكن يسأل الشيوخ في ذلك والمراكز المتخصصة لذلك . وماذا يعني أنك تفتي في مجال غير مجالك. لتشتيت الناس يا حضرة المحامي .انت لا تستطيع ان تتحدث إلا في مجال القانون وايضا في حدود القانون المناط به في مملكة البحرين.

    • زائر 4 زائر 1 | 2:17 ص

      هدا رد متشنج صادر اما عن حاسد او غير قادر علي الفهم . من قال لك بأن المحامي لا يفهم الا في القوانين الوضعيه ؟ الا تعرف بأن بعص المخامين متخصصين في الأحكام الشرعيه ام ان دلك حكرا علي.رجال الدين ؟ واضح من المقالات ان الاستاد الشملاوي قد قام بجهد كبير من اجل كتابة هده المقالات والا فلمادا يعرض اسمه وسمعته ومكانته للنقد من اشخاص شبه متعلمين ؟ شكرا للأستاد المحامي الشملاوي .

اقرأ ايضاً