العدد 5008 - الإثنين 23 مايو 2016م الموافق 16 شعبان 1437هـ

باحثون عرب وأجانب يدعون لتوحيد الجهود لمكافحة الإرهاب ومحاربة «داعش» والحد من «المشروع الإيراني»

 المؤتمر الخليجي الاستراتيجي الثاني اختتم أعماله أمس
 المؤتمر الخليجي الاستراتيجي الثاني اختتم أعماله أمس

أكد باحثون عرب وأجانب ضرورة توحيد الجهود لمكافحة الإرهاب ومحاربة تنظيم «داعش»، مشددين على أهمية الحد من مشروع إيران التوسعي في المنطقة.

جاء ذلك في فعاليات اليوم الثاني من المؤتمر الخليجي الاستراتيجي الثاني بعنوان: «التحولات الجيوسياسية في الفضاء العالمي»، والذي ينظمه مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة (دراسات)، واختتمت أعماله يوم أمس الإثنين (23 مايو/أيار 2016) في فندق «ريتز كارلتون».

وخلال أعمال المؤتمر، قالت المدير التنفيذي في المؤسسة الأوروبية للديمقراطية في بلجيكا روبيرتا بونازي، إن عمل المؤسسة التي تنتمي إليها كان يركز على مواجهة الجدل المستقطب الذي أعقب هجمات «11 سبتمبر/ أيلول»، وهو الجدل الذي ارتأت أنه يختلف عن الاستقطاب الذي يعيشه العالم اليوم، والذي يركز على الأمن وانتقاد المعايير الأمنية، والرؤية التي تؤمن بأن التهديد الذي يشكله المسلمون هو أمر مبالغ فيه.

وأضافت «ردود الفعل التي أعقبت هجمات بروكسل وباريس كانت محبطة للغاية، وشعرنا أن لا شيء إيجابيّاً حدث في فترة ما بعد هجمات سبتمبر وحتى الهجمات الأخيرة، إذ ظهرت ذات الفكرة الإيديولوجية السطحية، وذات التساؤلات من قبيل: لماذا يكرهوننا؟ ولماذا هذا يحدث؟ وكأن هؤلاء الناس لم يروا الإشارات الراديكالية التي كانت تفرزها الجماعات المتطرفة في أوروبا».

وواصلت «هناك من يرى أن المسلمين سبب الإرهاب والتطرف والأصولية، وهذا ما يؤدي إلى العنف، كما أن هؤلاء لا يدركون أن المسلمين هم أول ضحايا هذه الايديولوجيات. بل إن معظم المقاتلين أجانب لا سوريون، ومن ارتكبوا الهجمات الأخيرة أيضا، هم أوروبيون».

وذكرت بونازي أن الكثير من السياسات الأوروبية أخفقت ليس فقط في دعم الأفراد، وإنما في دعم المواطنين المسلمين الذين لهم خلفيات إسلامية، وهو ما استمر لمدة طويلة، وقالت: «أستطيع القول إن المتطرفين هم الذين يلعبون دورا بارزا ويعيشون في ركن خاص بهم، وهذا يرجع جزئيا إلى الأخطاء التي ارتكبتها الحكومات الأوروبية، والتي أساءت تقدير الكثير من علامات التحول للراديكالية».

إلى ذلك، حذر مدير مركز الكويت للدراسات الاستراتيجية سامي الفرج مما أسماه «الخلط الذي يدور الآن في الإعلام بغزارة بين الإرهاب والحرب اللامتماثلة والإصلاحات»، مشيرا إلى أن هذا الخلط يروج لفكرة أن الإصلاحات ستمنع وجود ظاهرة مثل «داعش» أو تمنع وقوع ما حدث في البحرين، على حد تعبيره.

وقال: «هناك الإرهاب العابر للحدود، والإرهاب الذي يقوم به داعش أو حزب الله أو الفاطميون وقوات الحشد الشعبي، هذه القوات الآن تعد بعشرات الآلاف، والقوات المناوئة التي تحاول أن تضع لها حدّاً هي بعشرات الآلاف أيضاً. ويجب أن ننظر إلى هذا الأمر بالتحديد وبأبعاده وتأثيره علينا».

واعتبر الفرج أن إيران و»داعش» يمارسان الأسلوب ذاته، إذ يتحرك كلاهما في بيئة محددة لها ثلاث صفات، ويعملان في بيئة وضعها غير طبيعي وغير مستقر وتعاني من انقسام سياسي وطائفي، كما أن قواتها المسلحة تعاني من نفس الأمراض الاجتماعية والسياسية، بالإضافة إلى كون الوضع الأمني غير مناسب أو غير كاف.

وقال: «الإستراتيجية السياسية لداعش تقول سورية أولا والعراق ثانيا، ولم يتمكن داعش من التغلغل في المجتمع العراقي، وقبل انتقال داعش إلى سورية لم يتمكن من تجنيد الاضطرابات التي حدثت ضد نوري المالكي، وانتقل إلى هناك وتحدى جبهة النصرة».

وتابع «إيران لديها هدف الحكم تحت راية المرشد وداعش هدفها راية الخلافة، وتعمل بموجب مرحلية سياسية تتبعها استراتيجية عسكرية، ولب الاستراتيجية العسكرية لهما، هي منع الخصم من الوصول إلى أهدافه، وتفادي نقاط القوة عند الخصم».

وذكر الفرج أنه في حال وجود أدلة على أن ما حدث للطائرة المصرية عمل إرهابي، فإن ذلك سيكون ضربة كبيرة لجهاز الأمن في أوروبا، على حد تعبيره.

وقال: «إيران وضعت مبدأ يجب أن ننظر إليه وهي أن تخلق منظمات رديفة تحت سلطة الفقيه، واليوم توزعت وسائل التجنيد بالنسبة للإيرانيين، فالحالة الأوروبية تقوم على استخدام مواطنين أوروبيين من أصول عربية، بينما تجنيد حزب الله يركز على تجنيد أشخاص في دول الخليج؛ لأن جوازاتهم مقبولة في الدول الأوروبية».

وأضاف «التظاهرات التي تحدث في البحرين والسعودية ليست للمطالبة بالحقوق، وحتى إن تحققت هذه الحقوق، فلن تقف هذه التظاهرات، وبالتالي يجب أن ننظر إلى الأمور في سياقها الصحيح، ويجب أن ندرك حاجتنا إلى إعداد قوات لمواجهة الحرب اللامتماثلة».

أما رئيس مركز الدراسات العربية والإسلامية في معهد الدراسات الشرقية في روسيا فاسيلي كوزنيتسوف، فقال: «لدينا الكثير من المشكلات في المنطقة، ومن المستحيل حلها بشكل منفصل عن بعض، والمشكلة الكبرى هي ضعف بعض الدول، ولدينا دول فاشلة في المنطقة ودول أخرى هشة مثل لبنان ومصر وتونس، وضعف الدول يهيئ المناخ للجماعات التي تستخدم هويات مختلفة لتعبئة أنصارها».

وأضاف «هناك جماعات مثل حماس والإخوان المسلمين وبعض الأشخاص يتصرفون كدولة، ليس فقط داعش، لكن أيضا حزب الله الذي تصرف خلال حربه مع إسرائيل في العام 2006 كدولة. وهذا أخطر من الآخرين ليس فقط لمعارضتهم الدولة العصرية وإنما لأنهم يملأون فراغ القوة وعرضوا أنفسهم كبدائل للدول، وهذا الأمر نتيجة انهيار الدول والمجتمعات».

ولا يرى كوزنيتسوف أن داعش هو أسوأ شيء في المنطقة، وأن الأسوأ منه هو دعم الناس لداعش واعتقادهم أنه قد يكون الحل، داعيا في هذا الإطار إلى إيجاد أجندة إيجابية تقوم على مكافحة الإرهاب وبدء نظام إقليمي جديد، وختم حديثه بالقول: «يجب أن يكون هناك حوار بناء عن مستقبل الشرق الأوسط بمشاركة كل اللاعبين الرئيسيين في المنطقة وجامعة الدول العربية وإيران وتركيا وبوساطة روسية تحت مظلة الأمم المتحدة. كما أن التكامل الإقليمي بين دول الخليج في غاية الأهمية، ويمكن أن يكون أساساً لنظام إقليمي جديد».

فيما قال الأستاذ المساعد في السياسة النظرية بجامعة الملك سعود، سعود التمامي: «الجماعات العابرة للحدود هي جماعات تسيطر على حدود دولتين أو أكثر، وتتلقى التمويل وتجند أشخاصاً حول العالم، وداعش وحزب الله ينطبق عليهما مثل هذه الأمور».

وأضاف «الكثير يتحدث اليوم عن أن الجماعات ما دون الدولة هي نتاج ضعف وهشاشة الدول، لكن هذه الجماعات ظهرت في دول كبرى، وشهد العالم تصاعداً لتلك الجماعات ما دون الدولة، وفقدت الدول القوية السيطرة على تلك الجماعات واختراقها لنظامها الأمني».

واعتبر التمامي أن هذه الجماعات تتكيف بسرعة مع التغيرات الإقليمية، وأن تنظيم داعش غيّر اسمه أكثر من مرة في عدة مناطق من العراق إلى سورية، وأن داعش مع شعوره اليوم بالضغوط عليه يهيئ نفسه للرحيل من العراق وسورية للتوجه إلى مناطق أخرى.

وذكر أن تنظيم حزب الله الذي كان يدعي وجوده لمناهضة الوجود الأجنبي والاحتلال الإسرائيلي بدأ يغير من سياسته على مرور الزمن، وبدأ الحزب في التدخل في الحرب بسورية، وهو ما اعتبره دليلاً على أن هذه الجماعات تغير وظيفتها باستمرار وليس لها مهمة معينة.

وقال: «هناك تنافس بين داعش والقاعدة في سورية وأماكن أخرى في محاولة لسيطرة كل جماعة على الأخرى، وهذا التنافس يجعل التنظيمين أكثر خطورة عما سبق من خلال تنفيذ عمليات إرهابية أخطر وأكثر على مستوى العالم للفوز بأنصار أكثر وتمويل أكبر».

واعتبر التمامي أن التنظيمات ذات الوجهين التي ظهرت مؤخرا تعد من أخطر أنواع جماعات ما دون الدولة، والتي لها حضور سياسي وأيضا جهاز عسكري يوظفه لمصالحه، وأن هذه الجماعات يمكن تسميتها بجماعات موازية للدولة، مثل جماعة حزب الله، مؤكدا في الوقت نفسه ضرورة ملء الفراغ الأمني والسياسي في الدول الهشة وإعادة بناء الشرعية السياسية.

فيما تحدث مستشار أول للسياسات في المؤسسة الأوروبية للديمقراطية في بلجيكا ديمير مرات سيري عن أن العالم المتعدد الأقطاب يخلق ضرورة للتعاون الإقليمي، لافتا إلى أهمية التعاون بين تركيا والاتحاد الأوروبي، والأزمة السورية والمخاطر الأمنية التي نتجت عن ذلك.

وقال: «روسيا كانت تدعم نظام الأسد وتسهل وتسمح لإيران بدعم بعض المجموعات المعينة في سورية، والغرب كان يدعم بعض الجماعات المعارضة السنية في سورية، ولكن ذلك لم يتم بصورة صحيحة، وهو ما أدى إلى نتائج سلبية انعكست على العالم، وخصوصا وجود تنظيم داعش».

وأضاف «داعش ليست المنظمة الإرهابية الوحيدة، وهناك ديناميكيات تغيرت؛ لأنها حاولت الظهور على شكل دولة ولها مقاتلون في العالم. كما أن المقاتلين الأجانب باتوا ظاهرة جديدة من نوعها، وهم منظمون جدا، ونجحوا في فرض مستويات أمنية خطيرة على الدول الغربية، فهناك ستة آلاف أجنبي مقاتل في غرب أوروبا، من بينهم نحو 500 مقاتل أجنبي في بلجيكا».

أما مدير برنامج الدراسات الاستراتيجية في مركز دراسات أشرف كشك فذكر أن الاتفاق النووي نقطة توازن في المصالح بين الولايات المتحدة وإيران، والاتفاق ليس عملية فنية وإنما إعادة هيكلة للأمن الإقليمي، وهو بداية لمرحلة جديدة من الصراع لها أدواتها وآلياتها.

وقال: «دول مجلس التعاون تعاني من عدم وجود توازن قوي مع إيران، وعدم وجود قوة ردع حقيقية تجاه السياسات الإيرانية، هو ما جعل دول الخليج عرضة للتدخلات الخارجية من قبل القوى العظمى، وأصبحت دول الخليج محاطة بحزام أزمات مزمنة».

وأضاف «إيران لديها صراع محتدم بين مفهومي الثورة والدولة، وهي دولة بصورة ثورة لا تريد أن تتعامل كدولة إقليمية تحترم الدول الأخرى، وهي تريد أن تكون شرطي الخليج من دون إعطاء اعتبار للمنظومة الخليجية».

وذكر كشك أن الولايات المتحدة اختارت إدارة الأزمات دون حلها، وإعادة ترتيب الأولويات بالنسبة لها، لتصبح على رأس قائمتها داعش وسورية وثم إيران، واختزلت مخاطر إيران في المسألة النووية فقط. وتساءل: «لماذا تريد إيران إبقاء المنطقة في حالة من عدم الاستقرار؟، إيران تريد تصدير أزمتها الداخلية السياسية والاقتصادية والأمنية والهيكلية إلى الخارج، وهناك جدل بشأن مفهوم ولاية الفقيه، فكيف تقنع الشباب الإيراني بأن الشيطان الأكبر أصبح الآن حليفاً؟».

وأشار إلى أن السياسات الإيرانية بعد الاتفاق النووي تمثلت في استمرار التدخلات الإيرانية في شأن البحرين، لافتا إلى وجود مئة تصريح رسمي ضد البحرين خلال الفترة بين العامين 2011 و2015، و36 تصريحاً ضد دول الخليج، ناهيك عن إجهاض 300 حالة تسليح لليمن.

وذكر أن امتلاك إيران سلاحاً نوويّاً، سيؤدي إلى أربع نتائج، أولاها انتهاء الحديث عن الأمن الإقليمي، وتكريس الخلل في توازن القوى، والبدء في سباق نووي، بالإضافة إلى تغير الخيارات الاستراتيجية لدول الخليج والمعادلة التي حكمت أمنها.

ومن جهته، قال زميل أول بمعهد هولندا للعلاقات الدولية بيرتوس هندريكس: «هناك قلق بشأن الدور الإيراني في المنطقة، فإيران تريد أن تبسط نفوذها خارج حدودها بين المجتمعات الخليجية، وإذا كانت لدى المجتمعات الشيعية مظلومية شرعية ولم تتم مخاطبتها بشكل صحيح كما تم في عصر صدام حسين، فإن ذلك سيؤدي إلى استغلال إيران هذه المظلومية، لكن هذا لا يعني أن كل شيء بسبب السياسة الطائفية لإيران».

وتابع قائلا: «الأقلية العلوية التي تمثل النظام في سورية ليست مرتبطة بالشيعة الاثني عشرية، بل كان حزب البعث أقرب للشيعة من هذه الأقلية العلوية، والوضع ذاته يمكن أن ينطبق على إيران، وكان هناك بعد يصبو إلى السيطرة على ثورة الخميني (...). تخلى حزب الله عن أي حلم لتأسيس دولة إسلامية لبنانية على نفس نمط ولاية الفقيه في إيران، وأصبح جزءاً متكاملاً من النظام الطائفي في لبنان، عبر الاستفادة من المجتمعات الشيعية والدعم اللامحدود من إيران».

فيما اعتبر المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج في الكويت ظافر العجمي أن الاتفاق النووي الإيراني كشف ارتباك دول الخليج، وتركت للمشرع الأميركي سن ما يشاء من الخطط، مشيرا إلى أن «رعد الشمال» و»عاصفة الحزم» خير دافع للتعامل مع إيران، لأن هذا الأسلوب سيقلل من غطرستها، على حد قوله، مؤكدا أن دول الخليج باتت قادرة على رفع كلفة أية مغامرة إيرانية مقبلة.

العدد 5008 - الإثنين 23 مايو 2016م الموافق 16 شعبان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:53 ص

      رجاء عدم نسيان اسرائيل فهي ازالت شعب عربي مسلم من دولته وشجعت الاستيطان ، ودماء اريقت وجرحى وأيتام وأرامل ومعتقلون
      وتهديد للامن القومي العربي الاسلامي باستمرار والتصرف بالقدس وكأنها ليست قبلة المسلمين الاولى وثالث الحرمين وسرى الرسول الكريم
      من مصلحة من ان ننسى أعداءنا

    • زائر 1 | 1:09 ص

      الكيل بمكيالين يجعلنا نخبط الى الطريق المسدود بين كل المواطنين جميعا وبين الحق السليم

اقرأ ايضاً