العدد 5009 - الثلثاء 24 مايو 2016م الموافق 17 شعبان 1437هـ

«البنك الدولي»: 60 % من سكان العالم محرومون من الإنترنت والمشاركة بالاقتصاد الرقمي

في تقريره الصادر بشأن العوائد الرقمية

قال تقرير أصدره البنك الدولي هذا الشهر (مايو/ أيار 2016)، إنه على رغم انتشار التقنيات الرقمية، فإن العوائد الرقمية لم تواكبها، ويرجع ذلك إلى سببين اثنين، الأول، أن قرابة 60 في المئة من سكان العالم مازالوا محرومين من الاتصال بشبكة الإنترنت، ومن ثمَّ لا يُمكِنهم المشاركة في الاقتصاد الرقمي بأية طريقة مجدية، والثاني أن مخاطر جديدة تحول دون تحقيق بعض المنافع المُتصوَّرة للتقنيات الرقمية، ويواجه اقتصاد الكثير من البلدان المُتقدِّمة الاستقطاب المتزايد في أسواق العمل وازدياد التفاوتات، وهو ما يرجع في جانب منه إلى أن التكنولوجيا تُعزِّز المهارات العالية، لكنها تحل في الوقت نفسه محل الوظائف الروتينية فتُجبِر الكثير من العمال على التنافس على وظائف أقل أجراً.

وأشار تقرير «العوائد الرقمية» الصادر مؤخراً عن البنك الدولي، إلى أنه مع غياب مؤسسات خاضعة للمساءلة، تؤدي استثمارات القطاع العام في التقنيات الرقمية إلى تعزيز صوت النُّخَب، وهو ما قد يؤدي إلى سيطرة البعض على السياسات وزيادة سيطرة الدولة، ولأن الخصائص الاقتصادية للإنترنت تحابي الاحتكارات الطبيعية، فإن غياب بيئة أعمال تنافسية قد يفضي إلى أسواق شديدة التركُّز مما يعود بالنفع على الشركات القائمة.

وجاء في التقرير: «لا عجب أن الأفراد الأفضل تعليماً والأكثر قدرة من أصحاب العلاقات الجيدة هم من يجنون معظم المنافع، وهو ما يحد من انتشار المكاسب الناجمة عن الثورة الرقمية. ويستلزم تعظيم العوائد الرقمية تحسين الفهم لكيفية تفاعل التكنولوجيا مع غيرها من العوامل المهمة للتنمية، أو ما يمكن تسميته «المكملات المناظرة». فالتقنيات الرقمية تجعل المهام الروتينية ذات المعاملات الكثيفة أقل كلفةً، وأسرع إنجازاً، وأيسر تنفيذاً بدرجة كبيرة».

وأضاف التقرير: «معظم المهام لها أيضا جانب غير قابل للأتمتة يتطلَّب التقييم والحدس والتقدير البشري. وعندما تُطبَّق التكنولوجيا لأتمتة المهام دون أن يقترن ذلك بتحسينات في المُكمِّلات، فإنها قد تفشل في تحقيق مكاسب واسعة النطاق. وقد تؤدِّي الثورة الرقمية إلى نشوء نماذج أعمال جديدة تعود بالنفع على المستهلكين، لكنها لن تنجح في ذلك إذا كانت الشركات القائمة تتحكَّم في الدخول إلى السوق. ويمكن أن تزيد التكنولوجيا من إنتاجية العمال، لكنها لن تحقق ذلك إذا كانوا يفتقرون إلى المعرفة التقنية لاستخدامها».

واعتبر التقرير أن التقنيات الرقمية قد تساعد في مراقبة حضور المُدرِّسين وتحسين نواتج التعليم، لكن لن يتسنى ذلك إذا كان النظام التعليمي يفتقر إلى المساءلة.

وأكد التقرير ضرورة إتاحة خدمات الإنترنت للجميع وبكلفة ميسورة، مشيرا إلى تزايد استخدام الإنترنت بمعناها الواسع زيادة سريعة، إلا أنه لفت في الوقت نفسه إلى أن شبكة الإنترنت غير متاحة للجميع بأي حال من الأحوال، وأنه في مقابل كل شخص يمكنه الاتصال بالإنترنت عالية السرعة ذات النطاق العريض، فإن خمسة أشخاص لا تتاح لهم هذه الخدمة.

4 مليارات شخص

لا يستطيعون الاتصال بالانترنت

وفي السياق نفسه، أكد التقرير أنه على مستوى العالم، لا يستطيع نحو أربعة مليارات شخص الاتصال بالإنترنت على الإطلاق، ولا يستخدم قرابة ملياري شخص الهاتف المحمول، ويعيش نحو نصف مليار شخص خارج مناطق تغطيها شبكات الهاتف المحمول.

وقال التقرير: «المهمة المعلقة حتى الآن والمتمثلة في إتاحة الإنترنت للجميع هي أحد مقاصد أهداف التنمية المستدامة التي اُتفِق عليها حديثاً، يمكن تحقيقها من خلال مزيج حصيف من المنافسة في السوق، والشراكات بين القطاعين العام والخاص، والتنظيم الفاعل لقطاع الإنترنت والاتصالات».

كما أكد التقرير الأهمية البالغة للاتصال بالإنترنت، إلا أنه اعتبره في الوقت نفسه، غير كافٍ، إذ يتطلَّب الاقتصاد الرقمي أيضاً أساساً مناظراً قويًّا، يتألَّف من لوائح تنظيمية تخلق مناخ أعمال نشطاً وتتيح للشركات الاستفادة من التقنيات الرقمية في المنافسة والابتكار، ومهارات تسمح للعمال ورواد الأعمال وموظفي الحكومة بانتهاز الفرص المتوافرة في العالم الرقمي، ومؤسسات خاضعة للمساءلة تستخدم الإنترنت في تمكين المواطنين.

وبين التقرير أن التأثير على التنمية على الأمد الطويل ليس محدداً بأي حال من الأحوال، إنَّما يتشكَّل باستمرار نتيجةًّ لتطور التكنولوجيا (إمكانية الاتصال)، وما يختاره البلد المعني من ترتيبات اقتصادية واجتماعية وفي مجال الإدارة العامة (المُكمِّلات).

وجاء في تقرير البنك الدولي أيضاً: «تجني البلدان، التي تستطيع التكيُّف سريعاً مع هذا الاقتصاد الرقمي دائم التطوّر، أكبر العوائد الرقمية، أمَّا البلدان الأخرى فتتخلَّف عن الركب على الأرجح. وإن المُكمِّلات الثلاثية: مناخ أعمال مؤات، ورأس مال بشري قوي، وإدارة عامة رشيدة، ستبدو مألوفة، ويجب أن تكون كذلك؛ لأنها أساس التنمية الاقتصادية».

وتابع التقرير: «التقنيات الرقمية تضيف بُعْدين على جانب من الأهمية. الأول، هو أنها تزيد من كلفة الفرصة الضائعة الناجمة عن عدم القيام بالإصلاحات الضرورية. فهي تُبرِز تأثير السياسات الجيدة (والسيئة)، ومن ثمَّ فإن أي تقاعس عن الإصلاح ينذر بمزيد من التخلُّف عمّن يقوم بهذا الإصلاح. ومع وجود التقنيات الرقمية، تزيد المخاطر أمام البلدان النامية، التي قد تحقق مكاسب أكبر مما تحققه البلدان المرتفعة الدخل، لكنها قد تُمنى أيضاً بخسائر أكبر منها. والثاني، هو أن التقنيات الرقمية ليست طريقا مختصرا إلى التنمية، فهي يمكن أن تكون عامل تيسير وربما تسريع للتنمية، وذلك من خلال تحسين نوعية المُكمِّلات».

التحوُّلات الرقمية - الفجوات الرقمية

ذكر التقرير أن خدمات الإنترنت وما يرتبط بها من تقنيات وصلت إلى البلدان النامية بسرعة أكبر كثيراً مما حدث مع الابتكارات التقنية السابقة، إذ استغرقت إندونيسيا لجني ثمار السفن البخارية 160 عاماً بعد اختراعها، واستغرقت كينيا 60 عاما حتى تستفيد من الكهرباء، واستغرقت فيتنام 15 عاماً لإدخال أنظمة الحاسوب.

وأشار إلى أن عدد الأسر التي تملك هاتفا محمولا في البلدان النامية أكبر من عدد من تتوافر لهم الكهرباء أو خدمات الصرف المُحسَّنة، وأن زيادة إمكانية الاتصال بالإنترنت أدت إلى انفجار معلوماتي حول العالم على جانبي الإنتاج والاستهلاك، ولكن رغم وصول الإنترنت سريعا إلى كل البلدان تقريباً، فإن كثافة استخدامها تقل في البلدان الفقيرة، وهو ما يرجع إلى حد كبير إلى عدم انتشارها على نطاق واسع داخل تلك البلدان.

وجاء في التقرير: «في حين تتوافر الكثير من الأمثلة الرائعة لاستخدام التقنيات الجديدة في البلدان النامية، فإن البلدان المتقدمة استخدمت هذه التقنيات على نحو أكثر فاعلية».

اتصال الأفراد بالإنترنت

أكد التقرير، أنه في المتوسط، فإن ثمانية من كل عشرة أفراد في العالم النامي يمتلكون هاتفا محمولا، والعدد يزداد باطراد، وأنه حتى بين أفراد أفقر خُمْس السكان، يمتلك قرابة 70 في المئة منهم هاتفا محمولا، وتسجل إفريقيا جنوب الصحراء أقل نسبة انتشار للهاتف المحمول 73 في المئة، مقابل 98 في المئة في البلدان مرتفعة الدخل.

وعاد التقرير ليقول، إن استخدام الإنترنت يأتي في مرتبة متأخِّرة كثيرا، إذ إن 31 في المئة فحسب من سكان البلدان النامية أتيح لهم الاتصال بالإنترنت في العام 2014، مقابل 80 في المئة في البلدان مرتفعة الدخل، مؤكدا أن لدى الصين أكبر عدد من مستخدمي الإنترنت في العالم، تليها الولايات المتحدة، وتشغل الهند واليابان والبرازيل المراكز الباقية في فئة الخمسة الكبار.

العدد 5009 - الثلثاء 24 مايو 2016م الموافق 17 شعبان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً