العدد 5028 - الأحد 12 يونيو 2016م الموافق 07 رمضان 1437هـ

«السياسة تتديّن»

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في ظلِّ اللغط الكبير والحاصل على أقل تقدير «سياسيّاً» على الساحة البحرينية بشأن قانون جديد دخل حيِّز التنفيذ يمنع الجمع بين المنبر الديني والعمل السياسي، وذلك في خطوة يراها البعض أنَّها تستهدف «قيادات» جمعيات سياسية محددة.

هناك من يرى أنَّ ذلك القانون خطوة نحو «المدنية»، في سياق التحرر من هيمنة الجمعيات السياسية الإسلامية.

ربما أن القانون ليست له علاقة له بالتنظيم الإداري أو فصل الدين عن السياسة، بقدر ما هو يستهدف شخصيات بعينها؛ لإبعادها عن المشهد السياسي.

هناك من يحاول فصل مفهومي «العمل السياسي» و«الرأي السياسي» عن بعضيهما حتى لا يصطدم بالدستور الذي يؤكد أن «حرية التعبير والرأي مكفولة بموجب دستور المملكة وفي إطار القانون، والذي يشجع على تنمية الأفراد والمجتمع في جميع المجالات ومن بينها التنمية السياسية».

أحد المتداخلين، قال: «إن السياسة لا تتدين، لكن الدين هو من يسيَّس»، وهو يختلف كثيراً عن تصريح سابق قال فيه: إن «إدخال السياسة في الدين يفسد الدين ويفسد السياسة».

«تديين السياسة»، ليس بدعة، ولا خرافة، اذ لا يخلو خطاب سياسي من أحاديث دينية وآيات قرآنية، والسعي في كثير من المناسبات إلى تفسير أحداث سياسية من منطلق ديني.

وفي البحرين، فان «التديين» للسياسة تعاظم في الفترة ما بعد 2011، وكان هناك حرص شديد على ظهور رموز دينية في المناسبات والخطابات والكلمات واللقاءات والبرامج التليفزيونية بما فيها المناسبات المختلفة.

ربما شاهد بسيط جدّاً، على أن «السياسة تتدين» هو جلب رجل دين لا يفهم في السياسة، ليخطب ويشكل جمعية سياسية، ويبرز في الواجهة في مختلف المناسبات، بل تهيأ له الفرصة للبروز، ويبعث به في كل مكان ليتحدث عن السياسة بصبغته كرجل دين، ويفتح له الباب على مصراعيه للحديث عن الانقسامات الطائفية والظروف السياسية.

في تلك الحالة، لم يستغل رجل الدين السياسة لـ «تسييس الدين»، بل قام البعض بـ «تديين السياسة» في لحظة كانت الأمور تحتاج الى لون سياسي - ديني لمواجهة طرف آخر.

مؤسسات دينية أيضاً تحولت بدورها إلى الظهور كأنها «مؤسسات سياسية» وبتوجيهات، أصدرت بيانات، ونشرت إعلانات، وتحركت، وحركت أيضاً استجابة لمتطلبات السياسة.

المشكلة أن من يتبنون فصل الدين عن السياسة «لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين»، لا يجدون غضاضة الآن في استخدام الدين لدعم السياسات الجديدة المتبعة، حتى ذهب البعض من الساسة إلى الحديث عن أن «الحرب بيننا وبين من يحارب الله باسم الله»!

لن تستغرب أبداً عندما تذهب إلى لقاء مسئول يتحدث عن الأوضاع السياسية في البلاد وهو محاط برجال الدين... فما دخل رجال الدين في سياسة وزارة والأوضاع السياسية في البلاد؟ إلا إذا كانت هناك حاجة ملحَّة لإضفاء صفة خاصة وتأييد لتلك السياسة!

المنحى الحالي يقوم على منع رجال الدين من الاشتغال والانشغال بالسياسة، بينما قد يسمح للساسة - بحسب الحاجة - استخدام الدين ورجال الدين في تمرير أجنداتهم السياسية، وتدعيمها وتقويتها.

إن المفهوم الموجود حاليّاً والمطبق فعليّاً في «تديين السياسة»، واستخدام الدين من قبل الساسة لتمرير أجنداتهم، وفرض وصاياهم، فهذا المفهوم موجود في بلدنا ومعمول به، فالشارع البحريني ملمٌّ وبشكل جيد برجال الدين والمؤسسات الدينية المستخدمة في هذا الجانب.

الدين يسيس وهذا صحيح، لكن السياسة أيضاً تتدين وهذا ثابت وواضح للجميع.

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 5028 - الأحد 12 يونيو 2016م الموافق 07 رمضان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 26 | 3:28 م

      هذا الواقع في بلدنا وليس جديد كل ما قلته صحيح

    • زائر 25 | 2:07 م

      السياسة في البحرين من زمان متدينه

    • زائر 24 | 2:04 م

      واحنا بعد ما نستغرب اذا وجدنا العمائم يريدون ان يحكمون البحرين

    • زائر 23 | 9:28 ص

      الرسول محمد (ص) كان سياسيا ورجل دين وعرف كيف يمشى امور المسلمين لماذا لاتقتدون به لامور السياسه فى البلد

    • زائر 22 | 7:02 ص

      الغرض الطفل يعرفه وهو منع الشيخ علي سلمان وامثاله ممن دخل معترك السياسة

    • زائر 21 | 6:22 ص

      الإسلام يدعوا للوحدة والتعايش مع بعض فلماذا نجعل السياسة تفرقنا

    • زائر 19 | 5:18 ص

      هذا يزيد اهل البحرين قناعة واصرار على التغيير . كل الخطوات والقوانين التي تستخدم لغلّ الالسن عن المطالبات بالحقوق لا تغني من الحقّ شيئا ولا تجدي مع شعب يعرف ان هذه القوانين تشرّع لمزيد من الكبت

    • زائر 18 | 4:13 ص

      يعني الحين المعممين الي في البرلمان والشورى بيفصخون عمايمهم....؟

    • زائر 17 | 4:03 ص

      السلام عليكم

      ويش الفرق بين سياسي معمم لو سياسي عليه بدله . الفرق اذا واحد مو سياسي اسوي روحه سياسي و واحد مو دارس في الدين إسوي روحه آية الله هذا الفرق.
      ترى السياسه يبي ليه أهلها.
      الله يفرج عنك يا شيخ علي سلمان و عن المؤمنين و المؤمنات بحق محمد و آل محمد.

    • زائر 16 | 3:31 ص

      التبدأ الحكومة بمنع انتساب عامليها في الجمعيات الاسلامية المتشددة

    • زائر 15 | 3:29 ص

      ولهذا وجب علينا التصدي لتأليف كتب الدين المتطرفه التابعه >>>>

    • زائر 14 | 2:34 ص

      لا تعمم مو زين لو خليت لخربت

    • زائر 13 | 2:33 ص

      ويجب ابتعاد الانظمة عن التدخل في الدين ايضاً
      هذا ما يقوله الكاتب

    • زائر 12 | 2:32 ص

      شنو يعني؟؟؟

    • زائر 11 | 2:09 ص

      جميع المواطنين يحق لهم العمل في السياسة بما فيهم شيوخ الدين المختلفين مذهبين أو المنتمين لهذا التيار أو ذاك فليشتركوا في جمعيات تجمعهم مع باقي المواطنين فهذه الجمعيات تكون من جميع الأطياف أي تجمع ولا تفرق

    • زائر 9 | 1:32 ص

      الدين فيه عبادات وأخلاق وعقائد، هذة العلوم التي يجب إبعادها عن السياسة وإبعاد السياسة عنها، أما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو من صلب العقيدة الإسلامية فمن غير الممكن منع تدخلة في السياسة أو غيرها ...

    • زائر 8 | 1:06 ص

      لا يحق لرجل الدين بتكلم في السياسية .. ولكن يسمح لرجل الامن التكلم في الدين

    • زائر 7 | 12:59 ص

      في الصميم
      قتلت الوزير

    • زائر 6 | 12:58 ص

      أتمنى سن قانون يمنع اصحاب اللحى الطويلة و العمائم السود و البيض من التدخل في الشأن العام و إغلاق اي جمعية سياسة تم تأسيسها على أساس طائفي

    • زائر 10 زائر 6 | 1:32 ص

      صباح الخير
      لا تعمم على الكل ولكن اشر الى جهه وهي معروفه ولكن ......

    • زائر 5 | 12:39 ص

      الفساد هنا بسبب ان السياسة و التجارة متداخلان و ليس السياسة و الدين متداخلان. ماذا يعني عندما يشتغل اصحاب القرار بالتجارة و العقار ! من اين لك هذا!

    • زائر 4 | 12:07 ص

      هذا قانون المهاوسين ومعروف من مهم سوف نصل يومأ الي عكس دوارن الساعه وليس بعيدا هذااليوم ان شاء الله

    • زائر 3 | 11:22 م

      احسنت استاذى . صكيت عليهم لأنهم لا يفقهون شيئا لا سياسيا ولا دينيا هم فقط عرفوا كلمه: لا تتكلم فى السياسه فزينوها ومكيجوها لتصبح (السياسه غير .والتدين غير )ونسوابأن الدين والسياسه لا يفترقاان.

    • زائر 2 | 10:56 م

      في المستقبل ستحصل أمور في البلد تحتاج الى موقف من العلماء ورجال الدين وعندها سنجد السلطة تأمر رجال الدين بتسجيل موقف أو أصدار بيان ليخدم سياستها فرجال الدين يحق لهم الخوض في السياسة فقط عندما تطلب السلطة ذلك

    • زائر 1 | 10:49 م

      بإختصار ؛

      بإختصار ؛ قانونهم هذا موجه بسرعة 360 كيلو متر في الساعه إلى سماحة الشيخ المناضل علي سلمان الله يفرج عنه، ،، أقول لمن هندس لهذا القانون بأن الكلام الذي يقوله سماحته على منبر الجمعيات السياسية سيقوله على المنبر الديني ، سماحته لن يرهبه قانونكم هذا.

اقرأ ايضاً