العدد 5038 - الأربعاء 22 يونيو 2016م الموافق 17 رمضان 1437هـ

قرية رومانية تصبح واحة للنساء المعنفات

في آخر العام 2015، اعلنت قرية كونشيستي الرومانية التي افرغتها الهجرة من سكانها استعدادها لاستقبال العائلات المعدمة، وبعد ستة أشهر أصبحت واحة سلام للنساء ضحايا التعنيف الزوجي.

ومن المقيمين في هذه القرية سيدة في السادسة والثلاثين من العمر تدعى كلوديا، وهي ام لثلاثة صبيان وثلاث بنات تراوح اعمارهم بين العامين والثمانية عشر عاما.

وتقول "نحن في وضع جيد جدا هنا، لقد وجدت السلام والهدوء اخيرا".

ففي التاسع والعشرين من ديسمبر/ كانون الأول، اقتحم زوجها منزلها على رغم انه مأمور بالابتعاد عنها بموجب امر قضائي، فأخذت اطفالها وركبت الحافلة متجهة الى مستقبل جديد في هذه القرية، تاركة وراءها 16 عاما من الزواج العنيف.

وتروي هذه السيدة لوكالة "فرانس برس" انها قصدت القرية بعدما سمعت عبر التلفزيون ان بلديتها تقدم المسكن للعائلات التي تضم اطفالا عدة. وتقول "لم اكن متأكدة من انهم سيستقبلوننا، لكني كنت مستعدة لأنام مع اطفالي في محطة القطار".

وبعد رحلة 800 كيلومتر، بين مدينتها الواقعة في جنوب غرب رومانيا، وقرية كونشيتسي، امضت كلوديا واولادها اول ليلة هانئة لهم في منزلهم الجديد.

حياة جديدة

على مقربة من منزل كلوديا، يقع منزل فالنتينا، وهي سيدة في الثانية والاربعين من العمر تقيم مع اولادها الثمانية.

وفيما تستعد فالنتيتنا لاستقبال خمسة من اولادها العائدين من المدرسة، وتعد لهم طعام الغداء، تروي قصصا مشابهة لما ترويه النساء المعنفات عموما عن قسوة الزوج، الى ان طلب منها اولادها فعل اي شيء يخرجهم من ذاك الجحيم.

عندها قررت ان تجرب حظها في قرية كونشيستني على رغم انها لم تكن مقتنعة كثيرا. وتقول "حين وصلنا الى هنا وجدنا ما نأكله وكان المنزل نظيفا".

وفد الى القرية منذ ديسمبر الماضي 12 عائلة، سبع منها مؤلفة من نساء مع أطفالهن، والباقي فيها رجال، بحسب ما يقول رئيس البلدية كوستل نازاري لوكالة "فرانس برس". إضافة إلى ذلك، تنتظر ست عائلات اخرى موافقة البلدية لتنتقل الى القرية.

ويرى رئيس البلدية ان مشروعه الذي لم يسبق له مثيل في رومانيا، ولد من الرغبة في انقاذ المدرسة التي توشك ان تقفل أبوابها ان استمر الانخفاض في اعداد التلاميذ على ما هو عليه، بسب الهجرة وتراجع نسبة الولادات.

وقد اشترت البلدية عشرة منازل لهذه الغاية، قيمتها الاجمالية مئة ألف يورو.

ويقول "في البداية، كنت اتوقع ان نواجه بعض المشاكل، لكني لاحظت بعد ذلك ان رد فعل السكان كان ايجابيا".

واضافة الى تأمين المسكن، تساعد البلدية الوافدين الى القرية في العثور على عمل في الزراعة والبناء.

ايام السبت، تعمل فالنتينا في الحقل او في مستودع للخضار، وتكسب هناك 11 يورو يوميا، تضاف الى ما تتقاضاه من البلدية كمساعدة عائلية، ما مجموعه 370 يورو، وهو مبلغ لا بأس به في بلد يبلغ فيه متوسط الاجور 470 يورو.

لا خيار آخر للضحايا

وتقول ميهايلا مانغو المتخصصة في علم النفس والعاملة في منظمة "اناييس" المتخصصة في مساعدة ضحايا العنف "انها مبادرة مهمة، ينغي على القرى الأخرى أن تحذو حذوها". وتضيف لمراسل "فرانس برس": "في رومانيا عدد قليل جدا من مراكز الرعاية، وخصوصا في المناطق الريفية، الامر الذي لا يترك للضحايا اي خيار آخر".

ومنذ العام 2012، يجيز القانون لنساء الحصول على امر قضائي بالحماية، لكن هذا الاجراء غالبا ما لا يحترم، ولا يعاقب الرجال المعتدون، بحسب مانغو. وفي العام 2015، أحصت رومانيا 12 ألفا و461 حالة عنف منزلي، لكن الواقع اسوأ بكثير من هذه الأرقام، بحسب الوكالة الوطنية لتكافؤ الفرص.

وفقا لدراسة اوروبية نشرت في العام 2014، عانت 24 في المئة من النساء الرومانيات من العنف الزوجي، وهو رقم اعلى بقليل من المعدل الاوروبي (22 في المئة).

ترى مانغو أن هذه الأرقام أقل بكثير مما يجري في الحقيقة، وذلك لأن "قلة قليلة من النساء يجرؤن على الكلام".

وترجع السبب في ذلك الى إرث النظام الشيوعي الذي كان الحديث عن العنف ضد النساء في عهده من المحرمات، وايضا الى ضعف الثقة بقدرة السلطات على حماية المرأة وتحصيل حقوقها.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً