العدد 5040 - الجمعة 24 يونيو 2016م الموافق 19 رمضان 1437هـ

الاقتصاد البريطاني يغرق في المجهول مع قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي

مخاوف من غرق الاقتصاد البريطاني في المجهول بسبب الخروج من الاتحاد الأوروبي - AFP
مخاوف من غرق الاقتصاد البريطاني في المجهول بسبب الخروج من الاتحاد الأوروبي - AFP

مع قرار البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء توقعت وسائل الإعلام نتائجه، بغرق اقتصاد بلدهم في المجهول وقد يعاني من صدمة تزعزعه فتتسبب بتباطؤ النمو وارتفاع البطالة.

وركز أنصار البقاء في الاتحاد الأوروبي حملتهم على مخاطر انهيار الاقتصاد، غير أن تحذيراتهم لم تكن كافية، وباتت بريطانيا بعد الاستفتاء المدوي في مواجهة عاصفة أثارها قرار الخروج من الاتحاد.

والنتيجة الآنية لهذا القرار قد تكون أزمة مالية مصغرة قد لا تقتصر على حي المال والأعمال في لندن، بل تتخطى حدود المملكة المتحدة، إذ إن خروج القوة الاقتصادية الخامسة في العالم من أوروبا سيكون له حتماً وقع كبير في العالم.

وتراجعت بورصتا هونغ كونغ وطوكيو بنسبة 5 في المئة وقد تحذو حذوها أيضاً بورصة لندن والأسواق المالية العالمية الكبرى، كما أن أسواق السندات ستشهد توترات كبرى وقد تراجع الجنيه الإسترليني إلى 1.33 دولار في طوكيو، فخسر 10 في المئة من قيمته خلال النهار بعدما توقع رجل الأعمال الكبير جورج سوروس أن يهبط بنسبة لا تقل عن 15 في المئة.

وبمعزل عن تراجع الأسواق، من المتوقع أن تكون وطأة هذا القرار البريطاني على الاقتصاد كبيرة. وإن كان الخبراء اختلفوا على المخاطر التي قد تنجم عنه، إلا أنهم يتوقعون بصورة إجمالية عواقب سلبية، أقله للسنوات القليلة المقبلة، بسبب مجموعة من المخاطر الفادحة.

وحذرت الحكومة البريطانية من أن المفاوضات حول شتى المسائل التي يطرحها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ومنها شروط الخروج وإبرام اتفاقيات جديدة مع دول الاتحاد ومعاهدات تجارية مع دول خارج الاتحاد المرتبطة معه بتفاهمات، قد تستغرق ما لا يقل عن عقد من الزمن.

وهذا ما يجعل لندن تتوقع «فترة طويلة من الغموض» تترافق مع «عواقب بالنسبة للشركات البريطانية والتجارة وجاذبية الاستثمارات».

وقد تتكثف الحواجز التجارية خلال هذه الفترة الانتقالية وتوقعت منظمة التجارة العالمية أن يترتب على المصدرين البريطانيين دفع 5.6 مليارات جنيه إسترليني (7.2 مليارات يورو) سنوياً من الحقوق الجمركية الإضافية.

كما حذر مدير مركز الأبحاث في الاقتصاد والأعمال سكوت كورف من أن «العديد من الشركات تستخدم بريطانيا كبوابة دخول إلى أوروبا وحذر عدد منها بنقل مركزها الأوروبي في حال خروج بريطانيا من الاتحاد»، متوقعاً تراجع الاستثمارات الصينية والأميركية.

وخاض أنصار الخروج من أوروبا حملة أيضاً للحد من الهجرة، ما سيؤدي إلى تراجع تدفق اليد العاملة القادمة من أوروبا الشرقية والغربية والتي عززت الاقتصاد في السنوات الأخيرة.

استفتاء ينسف صورة

المنتجات البريطانية

وفي نهاية المطاف، فإن خروج بريطانيا قد يحد من النمو الاقتصادي الحيوي المسجل منذ سنتين، ويدرس صندوق النقد الدولي سيناريو سلبياً يشهد فيه الاقتصاد البريطاني انكماشاً العام المقبل، ما سيؤدي إلى ارتفاع البطالة مجدداً من 5 في المئة حالياً إلى 6.5 في المئة في غضون سنتين.

وهذا الوضع الاقتصادي سيجفف العائدات الضريبية ويتوقع معهد الدراسات المالية إرباحاً فائتة سنوية تتراوح بين 20 و40 مليار جنيه إسترليني حتى العام 2020، آخذاً بالاعتبار في حساباته وقف المساهمة البريطانية في ميزانية بروكسل.

وحذرت وكالة «ستاندارد اند بورز» للتصنيف الائتماني من أن بريطانيا ستخسر نتيجة لذلك تصنيفها الأعلى «ايه ايه ايه» الذي تمنحه لها بصورة متواصلة منذ نصف قرن. وفي سياق البلبلة المالية المرتقبة، فإن الحي المالي في لندن قد يخسر من جاذبه، وتخشى المصارف أن تفقد حقها في بيع خدماتها المالية من دون قيود انطلاقاً من المملكة المتحدة إلى دول الاتحاد الأوروبي.

وتعتزم مصارف «اتش اس بي سي» البريطاني و «جي بي مورغان» و «مورغان ستانلي» و «غولدمان ساكس» الأميركية نقل وظائف إلى خارج بريطانيا، بحسب ما أفادت مصادر داخل هذه المؤسسات، وقد تطاول هذه العمليات بصورة إجمالية نحو مئة ألف وظيفة مالية، بحسب شركة الضغط «ذي سيتي يو كاي».

وقد ينعكس قرار الانسحاب على قطاعات التصنيع مثل قطاع الطائرات ولاسيما شركة «ايرباص» الأوروبية، أو قطاع صناعة السيارات المزدهر في بريطانيا، وهي قطاعات قد تعاني من حواجز ضريبية جديدة، في حين لن يعود بوسع قطاع الإنشاءات والأشغال العامة الاعتماد كما الآن على تدفق اليد العاملة من المهاجرين.

ولن تقف الأضرار عند هذا الحد بل ستطاول صورة المنتجات البريطانية نفسها، وقال سكوت كورف: «هناك خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وبات الناس يتوقعون منذ الآن للبلاد نزاعاً حول استفتاء ثانٍ محتمل حول استقلال اسكتلندا. لم تعد بريطانيا تبدو آمنة بالقدر الذي كانت عليه من قبل».

العدد 5040 - الجمعة 24 يونيو 2016م الموافق 19 رمضان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 2:11 م

      حتي الاستثمارات الخليجية انظربة في بريطانيا....يوماً لك ويوماً عليك...او آنة باجلس اتشمت فيهم ولو انة الشماتة مو زينة وحنة في رمضان ولاكن مستعد أتلقي جزاي في الآخرة؟؟؟

    • زائر 1 | 6:44 ص

      مخاوف يتم تهويلها

      حدث هذا التهويل قبل حلول سنة 2000 وقالوا إنَّ العالم سيخسر بلايين الدولارات نتيجة عدم قدرة الكمبيوترات التعامل مع الرقم 2000 كسنه جديدة وبالتالي كل البيانات المخزنه تكون عرضه للفساد وإنَّ علي الحكومات والشركات في كل العالم شراء كمبيوترات جديدة بمليارات الدولارات لتجنب الوقوع في هذه المصيبه . ولم يحدث شيئ إطلاقاً
      وحتي الأزمات الاقتصاديه والماليه الحقيقيه التي ضربت العالم في المثمانينات والتسعينات وفي 2008 تمَّ تجاوزها في زمن قصير نسبياً

اقرأ ايضاً