العدد 5052 - الأربعاء 06 يوليو 2016م الموافق 01 شوال 1437هـ

استخدام المساعدات الإنسانية سلاحاً في الحرب السورية

الوسط – المحرر السياسي 

تحديث: 12 مايو 2017

عمد الفرقاء المتناحرون في سورية إلى تسييس مسألة المساعدات عبر التحكّم بآلية منح الأذون لوصول الإغاثة الإنسانية أو حجبها، وذلك بغية تنفيذ استراتيجياتهم العسكرية وتحقيق مآربهم السياسية، وذلك بحسب تقرير نشره موقع "صدى" المختص في التحاليل الشرق اوسطية.

وقال التحليل إن النظام يلجأ من جهته إلى تعطيل وصول المساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في إطار استراتيجية متعمّدة الهدف منها معاقبة مجموعات المعارضة وإضعافها، والحؤول دون قيام نظام سياسي بديل.

ويستخدم النظام أيضاً مسألة تنظيم السلع العامة الأساسية وتوزيعها، من المواد الغذائية إلى التيار الكهربائي، من أجل مكافأة الموالين له وتعزيز تبعية المواطنين واعتمادهم عليه. وفي بعض الأحيان، جرى حتى تحويل المساعدات لدعم الجهود الحربية للجيش السوري.

أما تنظيم "داعش" فيستند في منعه لوصول المساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرته، إلى منطق مختلف إنما سياسي بالدرجة نفسها، يريد "داعش" ممارسة سيطرة مطلقة وفرض حالة من التبعية الكاملة على المواطنين. في هذا السياق، تصبح المساعدات مسيَّسة وتُستخدَم سلاحاً في الحرب بحكم الأمر الواقع.

نظراً إلى هذه الأوضاع، عمد المجتمع الدولي، خلال الأعوام القليلة الماضية، إلى تطوير مقاربته لتوزيع المساعدات في سورية، بعدما كانت الخطة التي تم التوصل إليها في البداية عن طريق المفاوضات تقوم على الاعتماد بشكل شبه كامل على التنسيق مع الحكومة المركزية من أجل تنفيذ عمليات الإغاثة الإنسانية في سورية. لسوء الحظ، عندما يُنظَر إلى مسألة المساعدات بأنها من الأدوات العسكرية الأساسية عبر التحكّم بوصولها وتوزيعها، سرعان ما تصبح عمليات الإغاثة رهينة السياسة، إذ يعمد النظام إلى تبطيء الآلية أو يمتنع عن الموافقة على مرور المساعدات بحسب ما تمليه مصالحه الاستراتيجية، فيساهم بدوره في تقويض حياد المساعدات الإنسانية وعدم انحيازها.

منذ جنحت المعارضة السياسية التي انطلقت سلمية في البداية، نحو العنف والتعصب المذهبي والتسلّح، سعى النظام الذي يقوده الرئيس بشار الأسد إلى تحقيق النصر عن طريق هزم مجموعات المعارضة في ساحة المعركة وبذل جهود منهجية ومستمرة لإحباط محاولاتها الهادفة إلى إقامة بديل سياسي عن النظام.

وقد عنى ذلك في الممارسة استهداف المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة بهدف تدمير البنى التحتية وقطع خطوط الإمدادات التي تستخدمها التنظيمات المعارضة، فضلاً عن شن هجمات على المدنيين عن سابق تصوّر وتصميم، واستهداف المستشفيات والمدارس والأسواق – وخير دليل على ذلك الدمار المروّع في مناطق على غرار دوما وحلب.

من التكتيكات الأخرى المستخدَمة على نطاق واسع منع وصول المدنيين إلى السلع والخدمات الأساسية، منها المساعدات الإنسانية، والهدف منه إما تهجير المدنيين بالقوة – وبالتالي فرض مزيد من العزلة على المعارضة – وإما إرغام المعارضة في نهاية المطاف على التنازل عن الأرض والسكان على السواء.

وقد برز بشكل خاص في حرب الحصار السورية منع الوصول إلى السلع الأساسية، مثل الغذاء والماء والكهرباء، في تكتيكٍ بغاية الهمجية يؤدّي إلى إضعاف المقاتلين والمدنيين على السواء. من الأمثلة الشهيرة الحصار الشديد الذي فرضه النظام على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة شرق دمشق وجنوبها؛ وعلى مخيم اللاجئين الفلسطينيين في اليرموك؛ وبلدتَي مضايا وداريا. مع فرض حظر على دخول السلع إلى هذه المناطق، ومنع المدنيين من المغادرة عبر إنشاء نقاط تفتيش عسكرية أو زرع ألغام أرضية مضادة للأفراد، تضوَّر السوريون المحاصَرون جوعاً حتى الموت.

بحسب التقرير الصادر عن لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية في فبراير/ شباط 2016، تعرّض أكثر من 400 ألف مدني للحصار، فيما تقيم 4.5 ملايين نسمة في مناطق حيث المساعدات نادرة ومتقطّعة (مع العلم بأن هذه الأرقام متحفظة إلى حد كبير).

لكن على رغم الحالات التي أتاح فيها النظام وصولاً مؤقتاً لعمليات الإغاثة إلى المناطق المحاصَرة، والتي حظيت بترويج واسع، ازدادت الأوضاع سوءاً. ففي يونيو 2016، أشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية إلى أن نحو 600 ألف شخص لا يزالون عالقين في ثمانية عشر موقعاً محاصَراً في مختلف أنحاء البلاد – على أيدي النظام، إنما أيضاً على أيدي أفرقاء آخرين في النزاع، منهم تنظيم "داعش".

من التكتيكات التي تُستخدَم أيضاً على نطاق مكثّف في هذه الحملة ضد المدنيين مَنْع الوصول إلى العناية الطبية واستهداف الطاقم الطبي والبنى التحتية. فعلى سبيل المثال، أوردت لجنة التحقيق الدولية التابعة للأمم المتحدة المذكورة آنفاً أنه من أصل 33 مستشفى كانت تستقبل المرضى في حلب في العام 2010، استمرت أقل من عشرة مستشفيات في مزاولة عملها في فبراير/ شباط 2016. وفي الشهر عينه، أعلنت منظمة "أطباء بلا حدود" عن اتخاذها قراراً بالامتناع عن إطلاع القوات السورية والروسية على البيانات المتعلقة ببعض منشآتها الطبية، مبديةً خشيتها من أنه من شأن تشارُك هذه البيانات أن يجعل المنشآت أكثر عرضة للاستهداف بدلاً من حمايتها وضمان أمنها.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً