العدد 5056 - الأحد 10 يوليو 2016م الموافق 05 شوال 1437هـ

البحرين تُودِّع حسن أبل: «عروبي» أثقله هاجس الإصلاح السياسي

جموع من المشيعين يحملون جثمان الفقيد حسن أبل في مقبرة المحرق أمس
جموع من المشيعين يحملون جثمان الفقيد حسن أبل في مقبرة المحرق أمس

ودّع البحرينيون، أمس الأحد (10 يوليو/ تموز 2016)، الفقيد حسن علي عبدالله أبل، «العاشق المُتيَّم بوطنه البحرين، والمثقل حتى آخر سنوات عمره، بهاجس الإصلاح السياسي»، كما يوضح الشهود على سيرة الفقيد.

ومن مقبرة المحرق، وبحضور شخصيات وطنية وتجارية من مختلف الأطياف، شيَّعت الحشود جثمان الفقيد أبل لمثواه الأخير. فيما اختارت «الوسط» المشاركة في واجب العزاء بتوثيق السيرة الممتدّة لـ90 عاماً، بين حقول التجارة والسياسة والنضال الوطني، والتي أوقفها المرض العضال قبل 7 سنوات من وفاته.


أسس نادي الإصلاح... وصادق شجاعة فخرو ووطنية مراد

البحرين تودِّع حسن أبل: «عروبي» أثقله الحب و«الرسائل» وهاجس الإصلاح

الوسط - محمد العلوي

ودع البحرينيون، أمس الأحد (10 يوليو/ تموز 2016)، الفقيد حسن علي عبدالله أبل، «العاشق المتيم بوطنه البحرين، والمثقل حتى آخر سنوات عمره، بهاجس الإصلاح السياسي»، كما يوضح الشهود على سيرة الفقيد.

ومن مقبرة المحرق، وبحضور شخصيات وطنية وتجارية من مختلف الأطياف، شيعت الحشود جثمان الفقيد أبل لمثواه الأخير. فيما اختارت «الوسط» المشاركة في واجب العزاء بتوثيق السيرة الممتدة لـ90 عاماً، بين حقول التجارة والسياسة والنضال الوطني، والتي أوقفها المرض العضال قبل 7 سنوات من وفاته.

يتحدث عضو برلمان 73 جاسم مراد، عن رفيق دربه، بالقول «كان دائم المطالبة بالإصلاح حتى تقدمه في السن وقبل وفاته بسنوات قليلة»، مضيفاً «ينتمي الفقيد لعائلة أبل المشهورة في المحرق بالحماس الوطني، وهكذا كان ابنها حسن أبل، حماسياً لمطالب الإصلاح ولانتمائه العروبي، ومن المحرق صاغ الفقيد علاقاته المتشعبة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا، تحديداً من «فريج الشيوخ»، حيث يسكن بالقرب من بيت الشيخ عيسى بن علي آل خليفة».

وتابع «للفقيد أثر وكلمة وبصمات لا تمحى في النضال الوطني، أذكر منها مشاركته وإصراره على عروبة البحرين والاستقلال عن الاستعمار البريطاني، إلى جانب حضوره القوي والممانع لحل برلمان 1975».

جريء في حب الوطن

في عقول محبيه، ظلت صفة الجرأة والإقدام ثابتة عن الفقيد حسن أبل، حتى قال عنه ابنه فؤاد أبل: «كان ما في قلبه، يصدر على لسانه، دون أن يمايز في ذلك بين موظف عام أو مسئول أو لحظة الحديث في مجلس من المجالس البحرينية، لكنه كان حريصا في كل ذلك على الحديث المهذب والمحترم».

أما مراد، فيعود ليصف الفقيد «كان جريئاً في ما يقول من حبه لوطنه، وكانت مطالباته تأتي في سياق مطالبات البحرينيين بشكل عام والتي تنحصر في إطار الثوابت الوطنية دون تغييرات جذرية في النظام، قناعة منه بأن خلاف ذلك يعني الفوضى».

يواصل مراد استذكاره لرفيق دربه «كنا معاَ أعضاء في نادي الإصلاح لمدة طويلة قبل أن نغادر لأسباب مختلفة»، وأضاف «بجانب حماسه السياسي، كان الفقيد حريصاً على استقرار البلد وعدم التفريط في أمنه وفي توازناته، متكئاً في ذلك على الانتماء القومي الضامن الوحيد للاستقرار»، وتابع «كان محباً لبلده حباً قل نظيره، مقتنعاً قناعة راسخة بأن العروبة، أرضية صلبة ووحيدة للبحرين».

حماسه السياسي هذا، لم يخل من ضريبة، حيث تؤكد عائلة الفقيد حسن أبل تعرضه المتكرر للاعتقال، حتى بلغت 10 اعتقالات تقريباً؛ نتيجة إصراره على رفع المطالب الوطنية في عقود الأربعينات والخمسينات والستينات والسبعينات، بما شكل محطات بارزة في مشواره الذي شهد إلى جانب ذلك، تأسيسه بمعية آخرين لنادي الإصلاح في عقد الأربعينات، وترؤسه مجلس إدارة النادي في فترة من الفترات.

ومع نهاية الخمسينات، اختار أبل مغادرة البحرين متجهاً للكويت؛ وذلك نتيجة لانزعاجه مما آلت إليه الأوضاع في البلد في تلك الفترة.

رسائل الإصلاح

في إقدامه، يشبهه القريبون بالراحل عبدالله فخرو، صديق الفقيد والشخصية المحرقية الشهيرة بين البحرينيين بجرأتها في المطالبة بالإصلاح السياسي.

يختلف قليلاً في منسوب الجرأة كما تقول عائلة الفقيد حسن أبل، وتضيف «كانت الجرأة حاضرة، مقداماً ولا يتردد في قول كلمة الحق، مصراً عبر ذلك على مواجهة الفساد والمفسدين، وطرح القضايا الاقتصادية، دون أدنى اكتراث».

وفي نشاطه السياسي، «كانت الرسائل الموجهة بشكل فردي للسلطة ورموز الدولة، أسلوباً مفضلاً للفقيد، وكانت سطورها تتضمن مطالباته بالإصلاحات والاستقلال، وتكتب بنفس قومي ووطني»، تقول العائلة.

وتضيف «دون مجاميع، كان يتبع أسلوباً مباشراً في كتاباته، منطلقاً في ذلك من شعوره بمسئوليه تجاه وطنه، مضمناً رسائله الحديث عن قضايا عدة، من بينها الأسعار وفواتير الكهرباء وشركة الاتصالات، وقبل ذلك كان شديد المواجهة مع الاستعمار ومكرراً مطالباته برحيل المستعمر».

عصي على الطائفية

لم تدنسه الطائفية. هكذا بدا الفقيد حسن أبل في سيرته، داخل الأسرة، وخارجها.

لم يمانع اقتران 3 من أبنائه بالطائفة الشيعية الكريمة، مظهراً بذلك أريحية تجاه فكرة التزاوج المشترك.

يعلق على ذلك مراد بالقول «كان الفقيد ينطلق في ذلك من مرتكزات عدة، من بينها شعاره الخالد: الوطن للجميع»، مضيفاً «آنذاك لم يكن للطائفية وجود، بل لم نكن نعلم عنها شيئاً، وهي اليوم داء جديد ابتلي به بلدنا وابتليت به أوطاننا العربية. كنا نعلم عن مذاهب بعضنا بعضا، لكن ذلك لم يحل دون العيش المشترك في ظل أخوة لم يعكر صفوها أي شيء».

وفي حياة الفقيد الأسرية، كان الحديث عن أبنائه الأربعة (عبدالعزيز، عبدالمجيد، عبدالرحمن، فؤاد)، وبناته الخمس (لولوة، سعاد، سهام، لطيفة، زكية)، وعن علاقاته العائلية التي تتسم بالأبوية والحنان لجميع أفراد العائلة. يتحدث عنه ابنه فؤاد أبل «حنون لأبعد حد، ويتفاني كثيراً من أجل عائلته، ومن بين المواقف التي تسعفنا الذاكرة للحديث عنها، حرصه على التواصل مع الاحفاد فضلا عن الابناء، والخروج معهم، وفي فترة من الفترات حين توجه عدد من بناته للدراسة في سورية، أصر بدافع الخوف عليهم على مرافقتهم ولم يكن له ما أراد، قبل أن يطمئن قلبه عليهم بعد إيصالهم للسكن». أما حياته التجارية، فمن والده، ورث الفقيد حسن أبل حبه للتجارة، فكان عمله الذي تركز في المجال العقاري وفي التجارة العامة، «مسجلاً في ذلك نجاحات»، تحدث عنها مراد. ويعلق مراد «لعائلة أبل صيتها وحضورها في مجال التجارة»، فيما توضح العائلة «اشتغل الوالد حسن أبل بالتجارة، لكنها لم تأخذه من همه الأول ممثلاً في الإصلاح». وفي الشأن الاقتصادي، كان الفقيد أبل حاضراً عبر بصمته في تدعيم الحركة التجارية في مملكة البحرين، جنباً إلى جنب قيادات واعضاء غرفة تجارة وصناعة البحرين.

معزون من مختلف المناطق توافدوا لتقديم واجب العزاء في وفاة حسن أبل أمس
معزون من مختلف المناطق توافدوا لتقديم واجب العزاء في وفاة حسن أبل أمس

العدد 5056 - الأحد 10 يوليو 2016م الموافق 05 شوال 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً