العدد 5056 - الأحد 10 يوليو 2016م الموافق 05 شوال 1437هـ

«عام الشباب»... والاستفادة من تفوقنا في ريادة الأعمال

أحمد صباح السلوم

رئيس جمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

دول العالم المتقدمة تعتبر الشباب كنزا لا يعادله كنز، القوة العاملة الشابة اليافعة عندهم أهم من النفط والغاز والذهب والفضة؛ لأن الشباب يعني الإنتاجية والطاقة والعمل والفكر المتجدد، والقدرة على النهضة بالأمم، في اليابان ليس لديهم نفط ولا غاز ولا شيء! دولة قليلة الموارد جدّاً، كل اقتصادهم كان قائماً على الصيد، لم يكن لديهم إلا جيل شاب قادر ومحب للعمل، زرعت فيه منذ طفولته العزة ببلده وبتاريخه، فنشأ وتربَّى على حب بلاده، فعمل وأتقن وصنع وأجاد، وساد العالم بفكره وصناعته.

في كل دول العالم التي تريد أن تنطلق وتتقدم، ستجد للشباب دوراً، ماذا فعلت ألمانيا مع أشقائنا السوريين ،قالت «أهلا وسهلا بالشباب» لا لجانب إنساني فقط ولكن لأن ألمانيا باتت «دولة عجوز» مثلها مثل الكثير من بلدان أوروبا وحتى اليابان التي يلحظ الجميع أن نجمها «يقفل» حاليًّا، لماذا؟

لأن جيل الشباب الذي قاد ثورة النجاح والتقدم التكنولوجي لم يعد شبابا، وقلة الإنجاب في هذه الدول والاكتفاء بطفل أو اثنين مع تقدم الرعاية الصحية باتت أعمار المواطنين أكبر، ونسبة كبار السن إلى الشباب أعلى من معدلاته في بلدان الشرق الأوسط والصين والهند وإفريقيا، فباتت هذه البلدان الأخيرة هي مناجم «الطاقة البشرية» لأوروبا وكندا وأستراليا وغيرها، فتجد باب الهجرة دائما مفتوحا للشباب المميز المتعلم صاحب الفكر والموهبة... ومثلما فعلتها ألمانيا مع الأتراك بعد الحرب العالمية الثانية التي راحت بأعداد مهولة من خيرة شبابها، ها هي تفعلها ثانية مع الشباب السوري؛ لكن في دولنا العربية للأسف الشديد، فإن الشباب في ذيل القائمة، وفي نهاية الاختيارات.

وبكل صراحة لم نستفد بفورة الشباب في أغلب بلدان العرب، وأنهم يمثلون نسبة الغالبية بين جميع الفئات العمرية، فأمتنا العربية وشعبنا الخليجي شاب فتي، ولاتزال الفرصة أمامنا حاضرة للاستفادة بفتية هؤلاء الشعب وتصريف أفكارهم وطاقتهم إلى أمور إيجابية وخاصة في القطاع الاقتصادي، بدلا من تركهم فريسة للأفكار الهدامة.

أتمنى أن تتبنى الحكومة بأذرعها الاقتصادية وعلى رأسها وزارة الصناعة والتجارة ومجلس التنمية الاقتصادية مبادرة شاملة عن الشباب البحريني ورعايته اقتصاديا، ولا مانع من أن تساهم غرفة التجارة (بتشكيلتها الفاعلة والنشيطة الجديدة) واتحاد البحرين الاقتصادي «تحت التأسيس» ولنطلق عليه مثلا «عام الشباب» بحيث يكون التركيز على دعم مشروعات الشباب وأفكارهم والخروج بها إلى النور بدون تعقيدات موظفي الحكومة و»روتينهم القاتل» لأي فكر وأية مبادرة.

وعندما أتحدث عن رواد الأعمال البحرينيين بشكل خاص والخليجيين بشكل عام، فأنا أتحدث عن أرقام حاضرة ودراسات فعلية عما يمكن أن نستفيده حقيقة من وجود هذه «الثروة» التي نغفل عنها ويقدرها الآخرون تمام التقدير.

حديثا صدر تقرير دولي عن بنك HSBC للخدمات المصرفية الخاصة كشف أن منطقة الشرق الأوسط تعتبر موطناً لأعلى نسبة من رواد الأعمال من جيل الشباب عالميّاً... وبينت نتائج البحث الذي شمل أكثر من 2800 شخص من رواد الأعمال الفاعلين عالمياً ممن تتراوح قيمة ثرواتهم ما بين 250 ألفاً و20 مليون دولار أميركي، أن منطقة الشرق الأوسط تتميز عن غيرها بمتوسط عمر أصغر من رواد الأعمال وهو 26 عاماً فقط.

وفي المتوسط فإن رواد الأعمال في منطقة الشرق الأوسط والصين وهونغ كونغ يقومون بتوظيف 100 موظف ويحققون إيرادات تزيد قيمتها على 10 ملايين دولار أميركي. وتمثل هذه الأرقام ضعف النتائج التي تحققها المشاريع المماثلة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا تقريباً.

وبالنسبة إلى 46 في المئة من رواد الأعمال في منطقة الشرق الأوسط، فإن مسيرة ريادة الأعمال تبدأ وهم في مرحلة التعليم المدرسي أو الجامعي، وتصنف هذه النسبة بأنها الأعلى مقارنةً بأية دولة أو منطقة أخرى. بينما تبدأ مسيرة ريادة الأعمال بالنسبة إلى 25 في المئة من رواد الأعمال خلال مسيرتهم المهنية.

أما على صعيد المنطقة، فإن هناك رغبة قوية في تأسيس شركات أعمال، إلا أن الكثير من رواد الأعمال يبحثون عن اكتساب المزيد من الخبرة المهنية قبل تأسيس هذه الشركات بأنفسهم.

وفي منطقة الشرق الأوسط، فإن 63 في المئة من رواد الأعمال تقريباً ينحدرون من عائلات تمتلك شركات أعمالها الخاصة. إلا أن 23 في المئة فقط من جيل رواد الأعمال الشباب يقولون إنهم شركاء أو موظفون تنفيذيون في شركات عائلاتهم الخاصة. وبدلاً من ذلك، يسعى رواد الأعمال الشباب لإثبات أفكارهم الخاصة في شركات الأعمال وإلى تنمية حصتهم في السوق. ولذلك، فإن رواد الأعمال الشباب لايزالون يتمسكون بتقليد «شركة الأعمال العائلية» نظراً لكونهم يولون أهمية لإشراك العائلة في شركات أعمالهم الخاصة، بدلاً من ترك شركات أعمالهم مع العائلة.

انطباعي عن هذا التقرير كان إيجابيا جدا لأنني شعرت أن هناك «نواة حقيقية» في جينات الشباب الخليجي وخاصة لدينا في البحرين للبناء عليها ومساعدتها وتأهيلها لتقود اقتصاد الوطن في العقود القادمة، فيا ليت ننطلق سريعا قبل أن يفوتهم «قطار العمر».

إقرأ أيضا لـ "أحمد صباح السلوم"

العدد 5056 - الأحد 10 يوليو 2016م الموافق 05 شوال 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً