العدد 5074 - الخميس 28 يوليو 2016م الموافق 23 شوال 1437هـ

هل تصيب «اضطرابات ما بعد الصدمة» أغلبنا بعد الحوادث المروعة؟

هناك افتراض بأن كل شخص معرض للإصابة بهذه الحالة التي تعرف بـ «الاضطرابات النفسية ما بعد الصدمة»، بعد أن يشهد حادثاً مروعاً. لكن هذه ليست الخرافة الوحيدة التي تحيط بتلك الحالة، وفق ما ذكره موقع «بي بي سي».

أياً كانت الهيئة التي ستظهر بها حالة «الاضطراب النفسي ما بعد الصدمة»، فإن حادثة مرعبة، مثل حادث سيارة أو كارثة طبيعية، يمكنها أن تترك أثراً بليغاً وطويل الأمد على حالة الشخص.

وهناك افتراض شائع بأن كل شخص معرض للإصابة بتلك الحالة، وهو ما أدى، في تسعينات القرن الماضي، إلى محاولات لإشراك المصابين في جلسات للاستشارة الفردية أو التفريغ النفسي.

لم تتبين فعالية أسلوب العلاج النفسي هذا، واستنتجت إحدى المراجعات الشاملة لهذا الموضوع أنه ينبغي إيقاف الاستشارة النفسية الإجبارية بعد التعرض لحادث كبير. حتى أن البعض يذهب أبعد من ذلك ويجادل بأن «قطاع الكوارث» قد روج لهذه التدخلات بدون فحص دقيق.

وعندما تلقي نظرة على الأدلة المتوافرة، فسترى عدم صحة إصابة أكثرية الناس بهذه الحالة النفسية. وليست هذه الخرافة الوحيدة التي تحيط بهذا النوع من الاضطرابات النفسية.

يمكن تفهّم الصدمة والتوتر والخوف الذي ينتاب أي شخص مباشرة بعد حادث مؤلم، إذ تظهر الأحداث أكبر مما هي عليه في مخيلاتهم، وربما يجدون أنفسهم وقد ابتلوا بمعاناة تستمر لأيام أو أسابيع باستعادة ذكريات الحدث أو كوابيس، أو توتر مستمر وشعورهم بأنهم غير آمنين.

ليست أي من هذه الأحاسيس مريحة، ولكن جميعها ردود فعل طبيعية تجاه أي حدث، سواء كان تهديداً مباشراً لحياتك، أو أنك شاهدت أناساً آخرين وقد أصيبوا أو ماتوا أمام عينيك.

يمكن لاستذكار الحدث أن يتداخل مع حياة الشخص بحيث يشوش عليه التفكير. كما أن الشعور بالذنب قد يجعل الشخص يعيد الحدث في ذهنه مرة تلو الأخرى، فعلى سبيل المثال، يتكرر في ذهنه السؤال الخاص ما إذا كان باستطاعته بذل جهد أكبر لإنقاذ الآخرين.

وقد يبذل الأشخاص جهودا كبيرة لتجنب أماكن أو نشاطات تذكرهم بالحادث أو يفقدون الإحساس تجاه أي شيء في محاولة لإلغاء الشعور بأي شيء على الإطلاق. إن الإحساس الدائم بحالة التأهب القصوى يعني ببساطة أن مرور أي شخص بجانبهم في الشارع قد يسرع من ضربات قلبهم، ويعيد إليهم شعورهم بالرهبة.

مرونة استثنائية

إن أعراض حالة «الاضطراب النفسي ما بعد الصدمة» هي أعراض حقيقية ومقلقة جداً. ومن المهم أن يحصل كل من يعاني منها على العناية اللازمة. ومن بين علامات تشخيص هذه الحالة النفسية هي استمرار الأعراض لمدة شهر على الأقل بعد الحادث. كما أنها تؤثر على عمل الشخص وحياته الاجتماعية أو توقفه عن ممارسة الأمور التي يريد القيام بها.

اللافت للنظر أن هذه الأعراض تخبو تدريجياً عند معظم الناس، وبالتالي فإن حالة الاضطراب النفسي ما بعد الصدمة ليست شائعة كما نتوقع.

وفي الحالات القصوى، مثل الحروب، لا يصاب معظم الناس بهذه الحالة. فعلى سبيل المثال، أصيب فقط 4 في المئة من الجنود البريطانيين بهذه الحالة بعد خدمتهم العسكرية في العراق، وازدادت تلك النسبة إلى 6.9 في المئة عند أولئك الذين كانت لديهم مهمات قتالية.

أما عند الجنود الاحتياط فقد كانت النسب أعلى بقليل، بمعدل يقرب من 6 في المئة. ويعتقد الباحثون أن السبب قد يرجع إلى عودتهم إلى حياتهم المدنية السابقة، حيث يكون عليهم التأقلم معها بشكل تلقائي، بينما يظل أفراد القوات المسلحة مع زملائهم الذين يتفهمون بشكل أفضل معنى الحرب.

لكن يظل الأمر محيراً. وقد تضمن أحد أهم كتب الأطباء النفسيين في الولايات المتحدة الأميركية حتى وقت متأخر ردود فعل الناس تجاه الحادث الأولي. حيث كان الاعتقاد السائد أن الخوف الشديد والشعور بالعجز والرهبة يؤدي إلى حالات أكثر من الاضطراب النفسي ما بعد الصدمة.

الاضطرابات المؤلمة

لم يكن مستغرباً أن التعرض للعنف يُحدث تفاوتاً ملحوظاً، لكن لايزال من الصعب التكهن بشأن من يمكن أن يصاب بها. فحتى عدد المرات التي مروا فيها بحادث مؤلم لا يمكنه أن يساعد في التنبؤ بما إذا كانوا سيصابون بهذه الحالة أم لا.

إضافة إلى العوامل التي يتعرض فيها الناس إلى المخاطر، توجد أيضاً عوامل تساهم في مرونة الناس عند مواجهة الحوادث وتحميهم من الإصابة بهذه الحالة.

كما أن مساندة ودعم أفراد العائلة والأصدقاء له دور كبير قطعا. لكن، مرة أخرى، لا تدلنا هذه العوامل تماماً على من سيصاب بهذه الحالة من عدمه. وما لم نعرف المزيد عن هذه الحالة، فإن مفتاح الحل هو توفير الرعاية النفسية إذا ما احتاج الناس إليها.

العدد 5074 - الخميس 28 يوليو 2016م الموافق 23 شوال 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 3:38 ص

      انا صغيرة غرقت فس البركه من يومها كل كوابيس اني سوف تغرق حتى إلى الآن أنجبت أطفالي أخاف عليهم من البرك . ولا من البحر الله يحفظ الجميع

    • زائر 1 | 3:36 ص

      نعم. اقولكم عن تجربتي.انا تعرضت لموقف وأنا صغيرة لما كبرت يمكن اتناسى الموقف لا استطيع النسيان بذات الموقف شي من العرض. والشرف .على الرغم الآلام الذي سببها الآخرين ليست بقليل والكلام اجرح بالسهم بدون نزف الدم وبعدها انعزلت عن العالم جعلني أكره وجودهم في حياتي أكره اسمع اسمهم وحينما بلغت عمر الرشد تصوروا مآساتي حاولت اتمرد على هذا الظلم لكني لم أستطع حينما الله فتحها لي وأفرجها الحمدلله رب العالمين لم اسامح ولا أحلل من تكلم في عرضي وفي أهلي حسبي الله ونعم الوكيل على كل واحد من كبيرهم وصغيركم

اقرأ ايضاً