العدد 5103 - الجمعة 26 أغسطس 2016م الموافق 23 ذي القعدة 1437هـ

سوق العبيد

سعيد محمد saeed.mohd [at] alwasatnews.com

التجارة فيه عادةً ما تكون مربحة من ناحية بيع الذمم والضمائر وإظهار بشاعة المتاجر فيه وانعدام قيم الدين والإنسانية لديه... ذلك هو سوق العبيد، وليس الحديث هنا عند استعباد البشر والاتجار بهم كرقيق، وهذا موجود أيضاً ورائج في قاموس الدواعش ومن لف لفهم، إلا أن القول هنا يتعلق بسوق العبيد الطائفي.

وهذا السوق لم يعد يعاني من الكساد بين الحين والحين، بل ميزته تكمن في وجود رؤوس كبيرة ممن استحوذ على هذه التجارة في الوطن العربي، حتى أصبحوا يعرضون البضائع الطائفية بأسعار أحياناً لا تتجاوز قيمة قبحهم! ومع ذلك، فلا توجد دولة عربية أو إسلامية صدقت في مقولتها الإعلامية الترويجية المجوفة ضمن (بروباغاندا) الحفاظ على السلم الاجتماعي واحترام الأديان والمذاهب والملل... كل ذلك كلام استهلاكي مكشوف حتى وإن انخدع به الملايين.. ولا دولة عربية أو إسلامية صدقت في تشديد صيانة حقوق الناس في أديانهم ومعتقداتهم وحقهم في الحياة الكريمة، ولم تصدق في محاربة تجار الطائفية، واكتفت بالعناوين الصحفية بأنها ستفعل... ولن تسمح... ويهمنا... وبيتنا واحد... والمواطنون سواسية... وتتوالى تلك العبارات التي لا يدري من صرح بها - أصلاً - من كتبها له ولماذا كتبها ولماذا يكذب على نفسه وهو يعرف حقيقةً أنه سلطان من سلاطين تجارة عبيد الطائفية.

سوق العبيد تلك تراها في كل دولة عربية وإسلامية... ولها بالطبع تجار ورواد وعشاق في البلدان غير الإسلامية، إلا أن ما يميز المجتمعات الغربية هي احترامها لقوانينها، فهي لا تدعي بأنها ستفعل وستفعل، بل تطبق القانون على الجميع... على الوافد المخالف والمتجاوز لحدوده بذات الدرجة والضبط الذي تطبقه على مواطنها المخالف والمتجاوز.

وكما يعلم الكثير من الناس، فإن هناك عبارة جميلة انتشرت في العديد من وسائل التواصل الاجتماعي ورسائل المجموعات الإلكترونية والمواقع تقول :»في الغرب... يعيش المسلمون من مختلف الطوائف، لكنهم لا يجرؤون على إثارة النعرات الطائفية أو ممارستها... فكل له حقوقه، أما في الأوطان العربية والإسلامية، فالطائفية يمسك بها الطرف القوي الذي يملك المال والإعلام والسلطة والنفوذ»... في الغرب، الذي لا يخلو بالطبع من التمييز والعنصرية والطائفية، هناك أطراف تفعل فعلها البغيض في بني البشر، لكن حين تصل إليها يد العدالة، فلا مجال هناك لتدخل الرؤوس الكبيرة كواسطات وكحماية لمن يشعل الصدام الطائفي أو يعمد إلى ازدراء الأديان أو يسفه معتقدات الناس وأفكارهم... لعلهم في الغرب يؤمنون بأن الحكم الأعدل هو عند الله سبحانه وتعالى... فلا أحد يستطيع أن يقول عن نفسه (موحد) وغيره (مشرك)، وأنه (مسلم) وغيره (كافر)، ذلك أن مظاهر الإسلام من صلاة وملامح كاللحية والهندام مهما طال أو قصر، فهي ليست دلالة على تدين حقيقي... فهناك الملايين أصبحوا يمارسون (التدين المظهر) ويشتركون بأسهم عالية في تجارة العبيد.

وتجار الطائفية من العبيد الذين لا يطيقون تحمل معنى (الضمير... الحرية... احترام الرأي والرأي الآخر... المواطنة المخلصة... العمل المخلص لوجه الله)، لهم من القوة والمكانة بحيث يظهر خطرهم الكبير في تدمير الأوطان وتحويلها إلى حالة من المواجهة الدموية، حتى لو تقدم طرف للشكوى ضدهم وفق القانون، فإنهم يلقون من يحامي ويدافع عنهم بل وقبل ذلك يحصنهم لئلا يصل إليهم القانون ولا يطبق عليهم! وفي المقابل، هناك من يؤمن بحقوق كل مواطن... كل بني آدم... كل عرق وأصل... كل دين ومعتقد في الحياة الكريمة، واحترامه كإنسان، وهذا ما يواجهه بكل قوة... أقطاب سوق العبيد.

*همسة للحكومات العربية والإسلامية: تجار الطائفية وعبيد سوق الدمار هم عبارة عن قنابل فتاكة وأنتم تعلمون مدى فتكها والسلام.

إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"

العدد 5103 - الجمعة 26 أغسطس 2016م الموافق 23 ذي القعدة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 8:06 ص

      ﻻفرق بين مسلم اندونسي ولا مسلم مورتاني إﻻ بالتقوى

    • زائر 9 | 5:08 ص

      الاسلام سيبقى عربي مهما طال الزمان و تكالبت القوى الخارجية و تحالفت مع الأقليات الحاقده على الاسلام الحقيقي العربي الأصيل

    • زائر 10 زائر 9 | 6:55 ص

      كلام في قمة العنصرية والجهل فالإسلام دين عالمي ولكن عقلك اختزل بصورة مشوهة. ..أليس هناك مسلم غير عربي. ..وربما إسلامه أفضل منك ومني مع تحياتي لصحيفة الوسط
      اختكم
      أم يوسف

    • زائر 16 زائر 10 | 8:18 ص

      لك التحية اختي. هذا الشخص ليس عربيا.
      ولو كان عربيا لعرف الاسلام بحق وحقيقي.
      وقد ترين من امثاله امثال كثيرة. لك تحياتي
      والي صاحب المقال المحترم والسلام..!

    • زائر 11 زائر 9 | 7:00 ص

      الاسلام لجميع الناس وما ارسلناك الا رحمة للعالمين وفي الحديث لا فرق بين عربي ولا أعجمي ( الذي لا يتكلم اللغة العربية ) وابو لهب عربي وعم الرسول ص اين مأواه النار وبئس المصير .

    • زائر 14 زائر 11 | 7:28 ص

      رد ولا اروع بصراحة
      مختصر مفيد
      أحسنت وافحمت

    • زائر 17 زائر 9 | 1:03 م

      يسوى عليك يا زائر 8 ..يمكن عندي لك مقترح علشان نستفيد من علمك. ..ليش ما تتصل الجريدة وتطلب تحاور الكاتب وجها لوجه علشان نعرف فكرتك بشكل معمق. ..ويش رأيك
      نتمنى أستاذ سعيد نشوف حوار عميق اذا زائر 8 تفضل عليكم بالموافقة. ..لأن كلامه ما يقوله من قرأ كتاب الله وعرف تعاليمه

    • زائر 18 زائر 9 | 1:04 م

      ما فهمت. .شلون إسلام عربي والرسالة المحمدية الخاتمة هي لكل العالمين. ..فهمنا يا خوك ترى كلامك مضحك

    • زائر 8 | 5:07 ص

      من الطبيعي ان تنتشر الطائفية تقريباً كل ٣٠٠ عام اول اقل لان الأقليات في عقله من الزمن تدعمها بعض القوى الخارجية و لكن سرعان من تترك القوى الخارجية الأقليات و يعودون الى مكانهم الطبيعي فلا يمكن أبداً للاقليات ان تحكم الأكثرية الطبيعية للعروبة و الاسلام الحقيقي الخالي من الخزعبلات و الدجل و الخرافات التي ادخلها جيراننا الأعداء للأمة العربية و الاسلام في شرق دجله و الفرات

    • زائر 12 زائر 8 | 7:01 ص

      هذا الكلام يمثل واحدة من أكبر الكوارث في مجتمعاتنا وهي عقلية القطيع البعيد عن صحيح الإسلام. ..وركز في كلامك لأنك على ما يبدو ليس لك عهد وعلاقة بالقرآن الكريم وتعاليم الإسلام. ..فليس هناك في الدين الإسلامي أقلية أو أكثرية بل المقياس بين عربي واعجمي هي التقوى. .والتقوى هي أساس الإيمان لكن شكلك يا خوك تهرف بما لا تعرف ولديك أسس وميول جاعشية واضحة الله يهدينا ويهديك.

    • زائر 13 زائر 8 | 7:03 ص

      بول البعير مو زين لك. .لا تشربه
      نساك أن الإسلام قضى على القبلية والعنصرية

    • زائر 6 | 2:51 ص

      حتى من يقفون في صفهم ويناصرونهم يعرفون حقيقتهم جيدا ....

    • زائر 5 | 2:36 ص

      قال امير الموحدين امير المؤمنين عليه السلام متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احراراً

    • زائر 3 | 1:19 ص

      كان لي شرف النقاش مع الكاتب الأخ سعيد محمد عدة مرات حول وجود عناصر في الحكومات ....يكرهون مذهب او طائفة أو مكون فيقومون بالتنكيل بهم والاستهداف والشتم. ....... ولماذا؟ لأنهم يعتبرون أنفسهم سادة والباقي عبيد

    • زائر 2 | 12:41 ص

      أحسنت أستاذ سعيد محمد وهذا من أحلى ما قرأته اليوم! ما شاء الله! خاصة هالعبارة أعجبتني صراحه!
      لعلهم في الغرب يؤمنون بأن الحكم الأعدل هو عند الله سبحانه وتعالى... فلا أحد يستطيع أن يقول عن نفسه (موحد) وغيره (مشرك)، وأنه (مسلم) وغيره (كافر)، ذلك أن مظاهر الإسلام من صلاة وملامح كاللحية والهندام مهما طال أو قصر، فهي ليست دلالة على تدين حقيقي... فهناك الملايين أصبحوا يمارسون (التدين المظهر)

    • زائر 1 | 11:50 م

      من مهامّ الاسلام الأولى محاربة هذه الظاهرة لذلك خصّص لها أبواب كثيرة للخلاص التدريجي منها. لكن للأسف المتأسلمون الجدد حنّوا الى تلك الحقبة التي سبقت الإسلام فعادوا يحاولون الرجوع للأصول

اقرأ ايضاً