العدد 5121 - الثلثاء 13 سبتمبر 2016م الموافق 11 ذي الحجة 1437هـ

بالفيديو ... «المراخ»... موروث شعبي ينافس المساج الآسيوي

السيد قاسم الموسوي
السيد قاسم الموسوي

تتوارث الشعوب عن أجدادها الكثير، والمرأة البحرينية ورثت عن جداتها أيضاً الكثير، ومما ورثته مهنة «المراخة» لعلاج الأطفال والكبار من آلام العضلات والحنجرة والمعدة، وكذلك أمراض النساء.

وفي ظل توافد العديد من الجاليات الآسيوية على البحرين، شهدت البحرين دخول الجالية الآسيوية في مجال المنافسة، فانتقلت جلسات المراخة من أزقة القرى إلى أحضان الصالونات. وعلى رغم ذلك، لاتزال المراخة التقليدية البحرينية تحظى بشارع واسع من المعجبين والمرتادين.


«المراخ»... موروث شعبي ينافس المساج الآسيوي

المنامة - حوراء مرهون

تتوارث الشعوب عن أجدادها الكثير، والمرأة البحرينية ورثت عن جداتها أيضاً الكثير، ومما ورثته «المراخة»، لعلاج الأطفال والكبار من آلام العضلات والحنجرة والمعدة، وكذلك أمراض النساء.

وفي ظل توافد العديد من الجاليات الآسيوية على البحرين، شهدت البحرين دخول الجالية الآسيوية في مجال المنافسة، فانتقلت جلسات المراخة من أزقة القرى والأحياء البسيطة الى احضان الصالونات وأماكن المساج المتخصصة التي تعمل فيها الجاليات الآسيوية.

وعلى رغم ذلك، لاتزال المراخة التقليدية البحرينية تحظى بشارع واسع من المعجبين والمرتادين.

إيمانٌ متوارث ويقينٌ بعباده الصالحين

جلسات المراخ الشعبية البحرينية لا تعتمد فقط على مهارة اليد وحرفية الأصابع، بل تعتمد بشكل رئيسي على الايمان بالله، وبأنه وحده الشافي المعافي، وما تقوم به المراخة ليس الا بعض الحركات باليد، وتلاوة آيات قرآنية، ودعاء خالص للمريض بالشفاء.

‪»‬اليقين بالله هو أساس العلاج، الشك مو زين، اذا الواحد يشاكك ما يستفيد من ولا علاج في الدنيا! نقرأ الآيات والمعوذات ونمسح بزيت الزيتون أو الكريمات ثم نعمل (شبّة) أي بخور الحرمل في المنزل ويطيب الطفل من أوجاعه»‬.

هكذا بدأت الحاجة الخمسينية عبده أحمد حسين حديثها حين سألتها عن أهم نقطة لنجاح «المراخ»، عملها الذي تتقنه وتقوم به في زاوية بسيطة من زوايا منزلها في قرية كرزكان.

ما يعرف بِـ»المراخ»، هو عبارة عن جلسات مساج علاجية شعبية، توارثتها الاجيال في البحرين، للتخفيف من آلام الظهر والرجلين والعضلات، او مشاكل الحمل والانجاب، او حتى للتقليل من اوجاع الاطفال حديثي الولادة.

وكانت الحاجة عبده ورثت الحرفة عن والدتها، حيث تقول: «كانت أمي احسن مني، كانت ولادة ومراخة ومنها تعلمت، جدتي أيضاً كانت تشتغل في الحجامة».

«رحمة والدين» وليس عملاً ماديّاً

«‬ولا في عمري أخذت بيزات على أحد! كل شي أسويه رحمة والدين»... غضبت الحاجة عبده وكأنها شعرت بإهانة حين سألتها عن المردود المادي لعملها، لكنها صمتت برهة واستدركت «الكذب ليس بأمر حسن، أحياناً بعض النساء في الأعياد والمناسبات يرسلن الهدايا وأقبلها، لكنني لا أضع أسعاراً ولا أطلب مالاً مقابل عملي».

بعيداً عن الحاجة عبده، فإن بعض المراخات يمتهنَّ المراخة لكسب رزق معيشتهن، ليس هنالك من سعر ثابت للحصول على هذه الخدمة.

لكنها مبالغ رمزية وبسيطة، أحياناً لا تُطلب بل كما يقول المصطلح الدارج في هذه البيئة «على مدة اليد»، أي أنه يقبل بأي مبلغ تقدمه الزبونة للمراخة.

الثقافات الأجنبية تقتحم عالم المراخة

لعقود طويلة، اقتصرت المهنة على نساء بحرينيات ورثن المهنة عن الجدّات، لكننا بتنا نشهد واقعاً جديداً مغايراً، فقد اقتحمت الثقافات الوافدة على البلاد هذا المجال.

انتشرت العمالة الآسيوية التي تقوم بجلسات المساج العلاجية المتوارثة شعبيّاً، حتى صارت معظم الصالونات النسائية تضيف خدمات المساج ضمن جدول خدماتها، وبشكل مختلف تماماً عما يحدث في البيوت البحرينية البسيطة، فنحن نلحظ العناية بالديكور وتهيئة الجو بالشموع والزيوت المعطرة لتهدئة الأعصاب وغياب منطق «رحمة الوالدين»، بل اسعار ثابتة لقاء الخدمة.

ارسلي كاسترو، سيدة فلبينية في نهاية الأربعين من عمرها، امتهنت المساج في أحد الصالونات البحرينية لأكثر من عشر سنوات، وحصلت على ترقيات مجزية ليصل راتبها الى 450 ديناراً بحرينيّاً.

‫«قبل أن آتي للبحرين، كنت أملك صالوناً صغيراً في مانيلا في الفلبين، داخل حي قديم جدّاً».‬.. هكذا بدأت ارسلي حديثها، وواصلت بفخر: «عالجتُ بعض الزبونات اللاتي تأخر حملهن الى عشر سنوات، وبفعل المساج الفلبيني استطعن الانجاب، بعضهن يلقبنني بالدكتورة».

كانت ارسلي تنظر بثقة وابتسامة ساخرة، وتضيف «لدي زبونة طبيبة لكنها لم تخبرني بذلك، ربما لأنها تتحرج من الاعتراف بذلك؛ كونها طبيبة ودرست لسنوات طويلة، وأنا مجرد موظفة مساج في صالون وعلاجها في يدي».

أساليب تقليدية لمراخة الأطفال

تعمل الحاجة عبده على مراخة الأطفال عن بعض الأمراض في البطن، كالترجيع والإسهال، أو أمراض أخرى في الحلق، لكنها أيضاً تقوم بالمراخ لمن يطلبها من النساء الحوامل لتعديل وضعية الجنين قبل الولادة.

وتضيف أن العمر المناسب للطفل للخضوع لجلسات المراخ التي تتراوح بين جلسة واثنتين، هو من 3 أشهر إلى 7 سنوات.

كما أن من أهم الأساليب العلاجية المستخدمة والموروثة شعبيّاً هي «العطابة»، وهي عبارة عن قطعة قماش مربوطة، يتم اشعالها بنار ثم حرق بعض الأجزاء من رأس الطفل، ثلاث أو أربع مناطق مركزية».

وتضيف بخبرتها التي اكتسبتها عن والدتها «أحياناً تكون «النطابة» نازلة، يتم تنبيهها بإدخال الاصبع في الحلق ورفعها إلى الأعلى، بذلك يتخلص الطفل من الترجيع المستمر، يقل بكاؤه ويهدأ».

كما تختلف الطرق العلاجية بحسب الثقافة، فـ «ارسلي كاسترو تستخدم في العلاج اروما ثيرابيAromatherapy، وهو عبارة عن استخدام الزيوت الطبيعية المعطرة لتعزيز الراحة النفسية والجسدية».

وتستخدم صالونات المساج طرقا حديثة اخرى مثل جهاز G5 للتدليك العميق وإزالة الدهون والسليوليت.

الطب الحديث يقبل بعض

أساليب المراخ ويرفض أخرى

المرض وطريقة العلاج هو ما يحدد رأي الأطباء في المراخ، في الحالات البسيطة مثل الغازات لدى الأطفال حديثي الولادة، مساج البطن مع الزيت يهدئ الطفل في العادة.

وهذا لا يشكل ضرراً بحسب رأي استشاري طب الأطفال والمواليد والربو نادر ديواني، كما ينصح به اخصائي العلاج الطبيعي السيد قاسم الموسوي حيث يؤكد انها ان لم تأت بالنفع للطفل فهي لا تضره.

اما اذا كان الطفل لا يهدأ فالأفضل ان يكشف عليه الطبيب المختص، ربما يكون سبب آلام البطن المستمرة يحتاج إلى جراحة او بحاجة الى علاجات بالادوية.

وتعليقا على مراخ الحلق يضيف دواني «في مشكلة التهاب البلاعيم اواللوز، بعض الامهات يذهبن الى المراخة التي تدخل اصبعها في حلق الطفل لتتخلص من الصديد على اللوز او تحرك اللهاة الى اعلى، وهذا يسبب في كثير من الاحيان ادخال الميكروبات الى الدم وتسمم جسم الطفل وإحداث مضاعفات خطيرة».

وبالنسبة لكي رأس الطفل يؤكد الموسوي أنها مبالغات ورثت عن الاجداد، يجب تجنبها حتى لا تُسبب ضرراً ما.

ويذهب دواني إلى أبعد من ذلك تعليقا على كي الرأس: «إنها جريمة بحق الطفل! في كثير من الأوقات، الحرق أو الكي يسبب التهاباً في الجلد، السبب في هدوء الطفل بعد الحرق ليس الشفاء، بل لأن ألم الحرق يلهي الطفل عن المشكلة الأصلية». على رغم أن بعض الأطباء لا ينصحون كثيراً بالعلاج لدى المراخة في بعض الأمراض، فإن إيمان الكثيرين بقدرة العلاج الشعبي، ونتائجه الفعالة مازال يقودهم إلى المراخ الشعبي، أو جلسات المساج الآسيوية.

عبده حسين تباشر «مراخ» أحد الأطفال
عبده حسين تباشر «مراخ» أحد الأطفال

العدد 5121 - الثلثاء 13 سبتمبر 2016م الموافق 11 ذي الحجة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 6:33 ص

      أعتقد أنه يجب تطوير مهنة المراخه حيث أنه جزء من العلاج الطبيعي في دول أخري يوجد بها معاهد لتدريب المدلكين و منتجعات علاجه وغيرها لا كن هني الوضع مهمل...كما أنها مهنه محبوبه من السياح والذي ن يبحثون عن العلاج والاسترخاء وغيرها

    • زائر 4 | 5:19 ص

      الله يعطيش الصحة والعافيه ام جاسم

    • زائر 2 | 2:25 ص

      تقرير جميل والفيديو لطيف

    • زائر 1 | 1:10 ص

      انا لا اعترف بالطب الشعبي ومنه المراخ... انه محاولة لكسب المال عن طريق بيع الوهم.

اقرأ ايضاً