العدد 5125 - السبت 17 سبتمبر 2016م الموافق 15 ذي الحجة 1437هـ

من يسمع؟... حكاية مصطفى... حكاية واقع عربي

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

تغير العالم العربي كثيراً منذ العام 2011 وحتى اليوم، وعند الحديث عن الديمقراطية والحكم الصالح، فإن الأمر للأسف لم يعدُ سوى شعارات مكررة وكلمات مطاطة تستخدم من وقت لآخر في الإعلام العربي الذي لا يكترث كثيراً بوضع الإنسان.

الأمر لا يصل عند هذا الحد؛ بل أصبح إعلام اليوم مختلفاً عما كان عليه في 2011، فهو يحث على الفرقة والتطرف والترويج لفكر تكفيري أو آخر يحمي فيه أنظمة سياسية عاجزة عن خلق الحلول لشعوبها.

ولعل ما حذرت منه وزيرة الخارجية الأميركية السابقة والمرشحة الحالية لانتخابات الرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون قبل خمس سنوات، كان في محله، وهي التي وجدت في موضوع تجاهل تفعيل الديمقراطية والاستماع إلى حاجات الشباب ومطالبهم في البلدان العربية سبباً أساسيّاً للتغيير. ولكن هذا التغيير الذي تحدثت عنه كلينتون لم يؤدِّ إلى تفعيل الديمقراطية أو حتى الاستماع إلى الشباب العربي؛ بل بالعكس قاد إلى تجنيد واستغلال الشباب للتطرف وقلب مفاهيم الفكر الحر، وحوَّل مطالب الحقوق المدنية والسياسية إلى مطالب دول تستخدم الدين لقمع التعددية وتكفير الآخرين.

للأسف التغيير قلب معه أوضاع المجتمعات العربية، بل وصل الأمر إلى قهر ربيع الشباب إلى ربيع تطرف ودم وانقسام أدى إما إلى زجهم في السجون أو الهروب إلى المنافي والشتات بعيداً عن الموت، أو إشغالهم في مهاترات وفرقة، وهي مسألة أصبحت حقيقة لا يمكن تجاهلها؛ لأنها تزعزع اليوم استقرار أيِّ بلد عربي لا يسعى إلى تحسين علاقته مع شعبه، ولا يفعل إصلاحات موازية مع الاقتصاد الذي تتطلع الأنظمة إلى تحقيقها.

كلينتون قالت تصريحاتها السابقة في مؤتمر أمني في ميونيخ: «لم نرَ في الشرق الأوسط الديمقراطية والاقتصاد يسيران في الاتجاه نفسه، ووجدت ما يقوم به الشباب الذين يشكلون شريحة كبيرة من سكان العالم العربي أمراً طبيعياً»، مضيفة أن «وجود إصلاحات سياسية، إضافة إلى تزايد أعداد الشباب وتكنولوجيا الإنترنت الحديثة يهدد النظام القديم في منطقة مهمة لأمن الولايات المتحدة، والقائم حالياً لا يمكن أن يستمر».

اليوم وبعد مرور خمس سنوات، كثرت الحكايات والقصص بعد أحداث ومراحل غيرت من شكل كل بلد عربي. فتضاعفت السجون وتنوعت أساليب التعذيب وانتشرت ثقافة الأحقاد وتنامت لغة الكراهية عبر أدوات الإعلام الجديد. ولم يعد هناك متسع للإصلاحات السياسية؛ لأن كل بلد عربي مشغول في هدم ما أنجزه عبر الترهيب والإذلال.

وهذا بدوره أدى إلى ازدياد الفجوة بين الشعوب وحكوماتها وستزيد مع غياب الاستقرار. وسيتم استغلال تهديد الارهاب كذريعة لتأخير عجلة التغيير. على رغم أن الانتقال إلى الديمقراطية سيكون مجدياً فقط إذا كان مدروساً وشاملاً.

ويكفي أن نرى حجم المآسي عربيّاً، فهناك حكايات متشابهة تتكلم عن واقع الشتات والأزمة الحقيقية التي تعيشها المنطقة العربية برمتها التي إما تعيش حروباً أو غارقة في بناء السجون وتهميش الآخرين والمختلفين معها من بشر الأرض.

حكاية الطفل السوري مصطفى هي حكاية الألم العربي. هذا الطفل الذي لم يتجاوز أربعة عشر عاماً، يعيش في ألمانيا بعد أن فرَّ من الحرب السورية. مصطفى حاله حال باقي الأطفال الذين فرُّوا من الحرب، وهم الذين يمثلون نصف اللاجئين، 28 مليوناً هربوا من صراعات المنطقة و48 في المئة كانوا من سورية - بحسب تقارير الأمم المتحدة - متداولة إعلاميّاً في برامج بثت مثل حكاية مصطفى.

مصطفى قال بكلمات وبتعبير بسيط: «الله خلقك على الأرض ما قلك هاي ملكك ها هو لالك لحالك لكن لكل العالم».

ما قاله هذا الطفل صحيح «الأرض والعالم للجميع ولا يجب أن يستملكك أحد».

ما نحتاج إليه في وقتنا الحالي إلى نبرة عربية جديدة تختلف عما كان يقال، نبرة تتكلم بلغة الجميع وبتعددية تحترم الاختلاف وتحقق العدالة للجميع.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 5125 - السبت 17 سبتمبر 2016م الموافق 15 ذي الحجة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 4:44 ص

      شكرا للاخت العزيزة ريم نظرتك الغيورة والمحبة النصوحة للوطن

      أتوقع أن يفوز أحد أبناء المهاجرين الهنود بمنصب رئيس الولايات المتحدة قبل عام 2050، أي خلال جيل واحد من الآن. أصبحت كل الطرق تؤدي إلى القمة أمام أبناء أكبر دولة ديموقراطية في العالم.
      منقول للامانة
      فلينظر العالم كيف تتقدم الدول بالعقول والتفكير الانساني الحر ؟ وكيف بعض الدول ما همها الا التفكير المعاكس للتطور بحد العقول النيرة التواقة لخدمة وتقدم وطنها وجلب ما يؤخر الوطن ويسلبها خيراتها بعكس السليقة والخلقة الربانية الالهية بناء وتعمير الارض والاوطان والانسان ؟؟؟

    • زائر 4 | 4:33 ص

      اللذين فرُّوا من الحرب، نصف اللاجئين، 28 مليوناً ...يا للهول

    • زائر 3 | 2:35 ص

      الوضع العربي من سيء إلى أسوأ

    • زائر 2 | 12:58 ص

      الشعوب لها حق المشاركة في العملية السياسية في بلادها هذا امر لا يختلف عليه احد لكن:
      بعض الدول وبالذات الخليجية تتهرّب من هذا الاستحقاق
      بعض الدول الكبرى تتاجر بآلام شعوب المنطقة من أجل هذا الاستحقاق
      بعض الدول الكبرى بالتعاون مع دول الخليج تتلاعب بهذه الحقوق ففي بلد تطالب بشرعية رئيس وبلد آخر بإقالة رئيس وبلد تطالب بحقوق الشعب التي تمنعها في بلدها

    • زائر 1 | 10:46 م

      الكاسر
      اختي الكاتبة الله خلق الناس احرار وسواسية ولا فرق بين الأحمر والاسود
      وإنما في بعض البشر مو راضي يستوعب هدة الشي يضن انه خلق عبد مملوك لغيرة مستحيل يفسخ هالعبائة

اقرأ ايضاً