العدد 5128 - الثلثاء 20 سبتمبر 2016م الموافق 18 ذي الحجة 1437هـ

اقتصاديون: دول الخليج مُطالبة بتبني الصناعات التحويلية والمعرفية

زكريا هجرس
زكريا هجرس

رأى خبراء اقتصاديون في منتدى اقتصادي أقيم في البحرين أن دول الخليج عليها التوجه نحو الصناعات التحويلية والمعرفية بشكل رئيسي؛ لتنويع اقتصاداتها بعيداً عن النفط.

ورأى مشاركون في منتدى البحرين الصناعي 2016، الذي عقد أمس (الثلثاء)، في فندق آرت روتانا أمواج، أن الرؤى الاقتصادية الوطنية الأخيرة التي أقرتها دول مجلس التعاون قد تضعها على الطريق الصحيح، لكنهم أشاروا إلى ضرورة إشراك القطاع الخاص كمحفز في عملية النمو، وأن تتخلص حكومات المنطقة من الأصول والشركات التي بحوزتها لصالح القطاع الخاص، وأن يتركز دور الحكومات في التشريع والمراقبة.


منتدى يبحث الصناعة كمنقذ لدول الخليج... دعوة لتبني الصناعات التحويلية والمعرفية

جزر أمواج - علي الفردان

رأى خبراء اقتصاديون في منتدى اقتصادي أقيم في البحرين أن دول الخليج عليها التوجه نحو الصناعات التحويلية والمعرفية بشكل رئيسي؛ لتنويع اقتصاداتها بعيداً عن النفط.

ورأى مشاركون في منتدى البحرين الصناعي 2016 والذي عقد أمس في فندق آرت روتانا أمواج، أن الرؤى الاقتصادية الوطنية التي أقرتها دول مجلس التعاون الأخيرة قد تضعها على الطريق الصحيح، لكنهم أشاروا إلى ضرورة إشراك القطاع الخاص كمحفز في عملية النمو، وأن تتخلص حكومات المنطقة من الأصول والشركات التي بحوزتها لصالح القطاع الخاص، وأن يتركز دور الحكومات على التشريع والمراقبة.

على الطريق الصحيح

ورأى الاقتصادي السعودي البارز عبدالله القويز أن دول الخليج تقودها المملكة العربية السعودية «تسير على الطريق الصحيح»، حين اعتمدت الأخيرة خطة استراتيجية مستقبلية لرؤية المملكة الاقتصادية.

والقويز كان من بين عدد من المتحدثين في جلستين عقدتا في «منتدى البحرين الصناعي»، والذي شارك فيه عدد من الاقتصاديين والخبراء من البحرين والمنطقة عدد لبحث الموضوعات من بيها إمكانية أن ينقذ القطاع الصناعي المنطقة من أزمة الموارد والصناعات التي يعول عليها في المنطقة.

وأقرت السعودية في أبريل/ نيسان 2016 «رؤية السعودية 2030» للنهوض باقتصاد المملكة وتحريرها من الاعتماد على النفط.

وقال القويز، وهو رئيس المكتب الاستشاري لشركة أكاوباور لتطوير الكهرباء، إنها المرة الأولى التي يتحدث فيها الساسة عن خطة واضحة الملامح وفق مواعيد معينة وأرقام محددة وآلية للمراقبة، في إشارة إلى الخطة الاقتصادية السعودية الأخيرة. وتداعت دول مجلس التعاون الخليجي الست خلال العامين الأخيرين، بعد أن هوت أسعار النفط لمستويات تقارب العشرين دولارا، إذ رفعت أسعار المحروقات والكهرباء وقننت الدعم على عدد من الخدمات والسلع، حيث تعتمد معظم دول الخليج بشكل رئيسي على النفط كمورد حيوي للإيرادات العامة لحكوماتها. إذ تسبب التراجع الأخير لأسعار النفط في عجز مالي لدول خليجية وخصوصا البحرين وعمان والمملكة العربية السعودية.

وأشار القويز إلى التجربة الأخيرة التي شهدتها المملكة الأخيرة والتي تمثلت في العجز المالي الناتج عن تدهور أسعار النفط، أظهر وجود قيادة شابة قادرة على اتخاذ القرار، إذ كانت هناك إجراءات حازمة لمعالجة الوضع المالي.

ويفيد المستشار الاقتصادي السعودي إلى أن ما يعزز اعتقاده بأن بلاده تسير على الطريق الصحيح، عدد من الجوانب، ومن بينها الأهداف المعلنة للحكومة وفق الأرقام مثل تقليل الاعتماد على النفط إلى نحو 40 في المئة وتعزيز الصناعات الدفاعية لتشكل 50 في المئة من الاحتياجات «لأول مرة يجري الحديث عن موضوع تعزيز الإمكانات الصناعية الدفاعية، وهو مالم يتم التركيز عليه سابقاً».

الشراكة مع القطاع الخاص والديناميكية الجديدة

ويشير القويز إلى أن المملكة العربية السعودية اتبعت سياسية واضحة للتعاون مع القطاع الخاص، واستشهد بتجربة تخصيص خدمات الكهرباء، إذ قررت المملكة ألا يتم تشييد محطة كهرباء جديدة إلا عبر القطاع الخاص أو عبر الشراكة بين الطرفين.

وأوضح الخبير السعودي أن رؤية بلاده الاقتصادية المستقبلية من شأنها خلق فرص للقطاع الخاص.

وتحدث القويز عن نشوء ما وصفه بـ»الديناميكية الجديدة» من خلال التخطيط الاقتصادي.

إلا ان المستشار السعودي بدا متحفظاً من أن تتجه الحكومات لتخصيص جميع القطاعات، ورأى أنه يجب أن تتبع سياسية متأنية وحكيمة في هذا الجانب «قد لا يكون من الصائب سحب السيولة من السوق والتأثير على الاقتصاد، أعتقد أنه يجب العمل بحكمة».

الحكومات تنافس القطاع الخاص

وفي مداخلة مع عضو غرفة تجارة وصناعة البحرين تقي الزيرة، رأى أن الأدوار في الاقتصاد أصبحت معكوسة، فبدلاً من أن تكون الحكومة هي المشرف، وأن يكون القطاع الخاص والشركات هم المشغل والمحرك للاقتصاد، إلا أن العكس هو ما يحدث.

وشكك الزيرة في صحة الأرقام التي تتحدث عن تشكيل القطاع النفطي نحو 80 في المئة من الاقتصاد البحريني، لافتا إلى تصريح من القيادة في البلاد يشير إلى أن اقتصاد البلاد يعتمد بشكل رئيسي على النفط.

وقال الزيرة: «في البحرين سابقاً كان التجار يحركون كل شيء، وكان دور الحكومة هو الإشراف»، لافتاً إلى أن ما يحدث الآن هو أن الحكومة تنافس القطاع الخاص، إذ كان من المفترض لذراع تم تأسيسه ليكون نواة للخصخصة، قبل أن يتوسع في محفظة شركاته.

وفي معرض رده على الانتقاد الموجه للحكومة، قال الخبير الاقتصادي القويز إن القطاع الصناعي في المنطقة لم يثبت استقلاليته تماماً عن الحكومة، وأن الدعوة لإبعاد الحكومة عن القطاع الخاص قد يجافيه الحقيقة، في الوقت الذي تريد فيه المصانع والشركات ألا تنقطع فيها المساعدات المالية والدعم من قبل الحكومة.

وقال القويز إن القطاع الخاص الخليجي عليه أن يثبت استقلاليته، وأنه لا ينبغي التنكر لدور الحكومات التي نمت القطاع الخاص وخلقت له الفرص للنمو.

32 مليار دولار استثمارات في البحرين ثلثها من الشركات

من جانبه، تحدث سايمون جالبين من مجلس التنمية الاقتصادية، أنه سيتم ضخ استثمارات تقدر بنحو 32 مليار دولار في البحرين في الفترة المقبلو ثلثها سيتم عن طريق القطاع الخاص.

وأشار إلى أن المجلس طرح خطة لاستقطاب الاستثمارات في 6 قطاعات اقتصادية واعدة، وأن هناك فرقا متخصصة في هذه القطاعات مهمتها تذليل العقبات من أمام المستثمرين وإغراؤهم بفتح أنشطة في البلاد.

وعلى الرغم من أن الهبوط الأخير يشكل نقمة لدول الخليج، إلا أن جالبين رأى أنها ستشكل بداية لإعادة العمل نحو تنويع الاقتصاد في البحرين.

ومن بين عوامل القوة التي أشار لها المسئول، هو الكيان الموحد لدول الخليج العربي والتي يمكن أن يخلق فرصة للتبادل التجاري والصناعي بينها إلى جانب تعزيز النقل والدعم اللوجستي.

كما أشار إلى أن دول المنطقة تتمتع بسكان هم في ريعان الشباب، مما يجعلهم وقودا لعملية تنمية اقتصادية مستقبلية كمستهلكين وعمال، في حين تعاني دول عالم بارزة اقتصادياً من شيخوخة السكان والذي يعيق عملية التنمية المستقبلية.

تعزيز الصناعات التحويلية

أما المستشار الاقتصادي السعودي محمد المسلم فأشار إلى تجربة دول الخليج الصناعية، مركزا في حديثه على التجربة السعودية التي شهدت تقدماً في السنوات الماضية وخصوصا في الصناعات الأساسية. وأشار المسلم إلى أن المملكة العربية السعودية تمكنت من إيجاد أرضية صلبة لصناعات أساسية يمكن البناء عليها.

وتحدث المسلم عن بدايات الصناعة في السعودية حين تم تشكيل وزارة للصناعة إلى جانب تشكيل صندوق للتنمية السعودية معني بتقديم التمويلات، إلى جانب تشكيل هيئة ملكية لإدارة المناطق الصناعية في ينبع والجبيل قبل أن تتم إضافة مدينة راس الخير الصناعية لمسئوليات الهيئة.

وأشار إلى أن مدينة الجبيل تعد حالياً أكبر مدينة صناعية في العالم، وأن الشركات الرئيسية مثل سابك وأرامكوا ساهمت بشكل كبير في تشكيل بنية قوية للصناعات الأساسية.

البتروكيماويات فرصة كبيرة للصناعات الرديفة

إلا أن المسلم تحدث عن أن الرؤية الحالية تركز على الصناعات التحويلية Down stream، لافتاً إلى أن مصانع البتركيماويات وحدها والتي تتمتع بها السعودية، يمكن أن تخلق صناعات تحويلية أو رديفة في الكثير من المجالات مثل الادوية والملابس والأثاث وغيرها، وأن من شأن الإقدام على هذا التوجه توفير آلاف فرص العمل.

ويشكل السعوديون من إجمالي العاملين في قطاع الصناعات البتروكيماوية ما بين 40 و60 في المئة بحسب ما أفاد به المسلم.

ونوه المستشار السعودي إلى أن دمج وزارتي الصناعة والطاقة ضمن وزارة واحدة سيكون مفيدا لتحفيز القطاع الصناعي.

الموارد البشرية أهم مورد

من جانبه، رأى رئيس برنامج ترويج الاستثمار في منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) هاشم حسين أنه يصعب الحديث عن تنمية اقتصادية مستقبلية دون وجود كوادر بشرية مؤهلة لتنفيذ هذه الاستراتجية.

واعتبر حسين أن الموارد البشرية تعد أهم مورد يمكن أن تتمتع بها أي دولة في رفد تنميتها، لافتاً إلى أن دولا حققت طفرة في التقدم الاقتصادي على مستوى العالم بفضل مواردها البشرية في ظل قلة الموارد الطبيعية، مثل اليابان وكوريا وسنغافورة والهند.

وأشار إلى أنه في الهند مثلاً، بدأ التوجه نحو التعليم التقني قبل أكثر من 40 عاماً، حين رأى القائمون على التعليم في الهند أن قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات سيكون المستقبل، وبنوا مناهج التعليم وفق ذلك، لتكون الهند الدولة الأولى عالمياً في الكفاءات العاملة في تكنولوجيا المعلومات والكمبيوتر.

ثورة صناعية رابعة

ويرمي رئيس برنامج ترويج الاستثمار في منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) بنظره إلى الأمام، ويقول إن الثورة الصناعية الحالية «ثورة رقمية»، وأن على دول المنطقة التركيز على ما وصل إليه العالم وأن تبني عليه.

وأشار حسين إلى الإمكانات الكبيرة التي يمكن أن توفرها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاديات، ورأى أن هذه المؤسسات والثورة الرقمية هو ما ينبغي أن يتم التركيز عليه.

واتفق الباحث السعودي قويز مع الاتجاه الصناعي السائد في العالم، لافتاً إلى أن دول الغربية تخلت عن الصناعات التقليدية لصالح الصين والهند وغيرها من الدول النامية، في حين توجهت للصناعات المعرفية.

وأشار قويز إلى أن الحديث عن الصناعة لا يعني بالضرورة أن تكون هناك مصانع تنفث الدخان.

البحرين لديها فرصة سياحية

وأشار قويز إلى أن دول الخليج يجب أن تبحث عن المجالات التي تميزها ويمكن أن تتميز فيها، ولفت إلى أن البحرين مثلا تمتلك القدرة على تطوير القطاع السياحي لديها.

وأشار إلى أن البحرين قد يكون عليها التفاوض مع المملكة العربية السعودية ودولة قطر من أجل زيادة الزوار إليها.

كما أوضح أن السعودية تمتلك فرصا أخرى في مجال السياحة وخصوصا في مجال الحج والعمرة.

وعما إذا كانت دول الخليج يمكن أن تتجه للضرائب كبديل في الوقت الراهن، أشار القويز إلى أنه يصعب الحديث حالياً عن التوجه للاعتماد بشكل كبير على الضرائب كمصدر للدخل، وأن فرض الضرائب بالصورة المطلوبة يتطلب تنويع الاقتصاد.

وأشار إلى أن زيادة الرسوم أو فرض ضريبة القيمة المضافة ستشكل إجراءات معقولة.

التعليم أساس التنويع الاقتصادي

ورأى حسين أن التعليم قد يكون المدخل للتنويع الاقتصادي، واعتبر أن نظام التعليم الحالي في منطقة الخليج لا يوفر بيئة كافية للابتكار والإبداع.

وأقر الخبير الأممي بأن نظام التعليم قد شهد تطورا في السنوات الماضية في دول الخليج، لكنه أشار إلى أنه مازال يعتبر تعليما نمطيا.

واتفقت سيدة الأعمال هدى صنقور مع ما ذهب إليه حسين «أعتقد أن لدينا مشكلة في التعليم في دول الخليج».

لكن صنقور تحدثت كذلك عن مستوى الإنفاق المرتفع على التسليح والدفاع في دول المنطقة، ودعت إلى توكيل جزء من أعمال الدفاع للشركات الوطنية وخصوصا في مجال الصيانة، وهو ما سيوفر أموالا طائلة.

من جانبه، اتفق رئيس أمناء مركز مينا للاستثمار والشريك الاستراتيجي في «قمة مينا الصناعية 2016» زكريا هجرس، على أهمية أن تتوافق مخرجات التعليم مع متطلبات السوق، وأوضح أنه لا ينبغي أن يقتصر التعليم على مراحل التعليم الجامعي الأولية بل يجب حث الشباب على مواصلة التعليم العالي.

إشراك الحكومة للقطاع الخاص

من جانبها، فتحت سيدة الأعمال أفنان الزياني باب الجدل حول جدية توجهات الحكومات نحو إشراك القطاع الخاص، وتطرقت إلى البحرين بالقول ان رؤية الحكومة كانت أن يكون القطاع الخاص محركا لعجلة النمو الاقتصادي، مستغربة من عدم دعوة القطاع للمنتدى الحكومي الأخير.

وقالت الزياني: «هناك رؤى لكن ليست هناك خارطة عمل بحيث يكون هناك شراكة مع القطاع الخاص».

من جانبه، رأى المسئول التنفيذي في أحد المصانع محمد ناس أن موضوع تطوير موضوع التنافسية يعد من الأمور الحيوية التي ينبغي تطويرها، إلى جانب تعزيز الإنتاجية في القطاع الصناعي.

منتدى البحرين الصناعي بحث ما إذا كان يمكن للقطاع الصناعي أن ينقذ الخليج من أزمة الموارد - تصوير عقيل الفردان
منتدى البحرين الصناعي بحث ما إذا كان يمكن للقطاع الصناعي أن ينقذ الخليج من أزمة الموارد - تصوير عقيل الفردان

العدد 5128 - الثلثاء 20 سبتمبر 2016م الموافق 18 ذي الحجة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً