العدد 4 - الإثنين 09 سبتمبر 2002م الموافق 02 رجب 1423هـ

الطفح المعلوماتي

أنور الحربي comments [at] alwasatnews.com

.

الطفح هو زيادة الشىء عن حده .فنقول طفح الماء عندما ينسال أو ينسكب من وعائه بسبب زيادة مصدر الماء .ونقول طفح النهر على جانبيه أو ضفتيه ومعناه ارتفاع منسوب الماء عن مجرى الماء .وقد تفيض البحار بمائها وتغرق ما حولها بسبب الطفح المائى بحريا كان أو نهريا .

أعمل ومن حولى عشرات المجلات والأوراق المطبوعة حول مختلف الموضوعات في مجال تكنولوجيا المعلومات .أذهب الى معرض الكتاب كل عام في أرض المعارض بمشرف وأشتري مجموعة من الكتب التي تشدني عناوينها وأتصور انني سأقرأها خلال شهر أو اثنين على أكثر تقدير، ولكن تنقضى السنة والسنتان لأكتشف اننى لم اقرأها، هذا اذا لم اكن قد اشتريت نسخه ثانية من الكتاب نفسه لأكتشف التكرار ، أو يكتشفه غيرى ، لعدم وجود الوقت للاطلاع والقراءة. وهذا لا يعنى عدم الرغبة فهي بكل تأكيد موجودة خاصة عندما يدفع الشخص مبلغا من المال لاكتساب معرفة أو معلومة.

على كل حال اخترنا لهذا المقال عنوان «الطفح المعلوماتى» وهو بالضبط ما نقصده، وايضا واقع الحال والمعاش، فهناك آلاف المحطات الاذاعية وبمختلف اللغات وأيضا آلاف محطات التلفزة وبمختلف اللغات وهناك الهاتف النقال الذي لم يعد يستخدم للمحادثة فقط بل تحول الى بنك معلوماتى متحرك لاتصاله ببنوك المعلومات المتوفرة والمخزنة في سيرفرات كمبيوترية حول العالم، وهناك الكمبيوتر الكفي Palm والذي يحاول أن يحل محل الكمبيوتر الشخصي واللاب توب الذي يضاهي بمواصفاته هذه الأيام الكمبيوتر الرئيسى MainFrame قبل اعوام قليلة فقط .نعم فبعد أن كان يشد الرحال مشيا على الاقدام والجمال أو بالسيارات والقطارات ومن ثم الطائرات للوصول وبعدها البحث للحصول على المعلومة، وبعد أن كان بريد السلحفاة هو الوسيط بين الطرفين تحول الآن الى الايميل وضغطة زر واحدة لنقل ملايين من الكلمات التي لو جمعت لشكلت كتبا أو حتى موسوعات علمية وثقافية كاملة.

كل هذا الآن تحول وبشكل جذري ولم يعد هناك جهد يذكر أو كلفة مرتفعة أو فاصل زمني يثير التردد، لأن المعلومة متوفرة في كل مكان تتطاير عبر الاثير وبسرعات هائلة تضاهي سرعات الضوء وربما أكثر، وبحجم وكم من المعلومات يصعب معه استيعابها وهضمها جيدا .

فالمعلومات كالغذاء الطيب واللذيذ الوافر والكثير، مهما زاد فهناك قدر محدد للهضم لا أكثر، ولكن هناك بكل تأكيد طفح معلوماتي يفوق التصور أو ما نتصوره نحن بسبب الانفتاح العالمي على الشبكة المعلوماتية بحيث أصبح الحصول على المعلومة لا يستغرق أكثر من ثوان أو دقائق على أقصى تقدير وذلك من خلال عملية بحث بسيطة ، وليس هذا وحسب بل هناك آلاف الصفحات التي لها علاقة بالموضوع تحت البحث لم يخطر ببال المتصفح أو الباحث أنها موجودة، نعم ومن خلال بحث واحد تكون النتيجة طفحا معلوماتيا ويحتاج الباحث الى وقت أطول لفرز تلك البيانات.

اذا هو كم معرفي كبير متوفر على الانترنت وبالإمكان الحصول عليه من خلال ضغطة زر واحدة ليتحول الكمبيوتر الى موسوعة علمية تضاهي أعرق الموسوعات إن لم تكن تفوقه .وبلا جدال يضفي هذا التنوع في المصادر صدقية أكثر على نتائج البحوث التي يتم التوصل إليها.

اذا هو طفح معلوماتي وكيف لايكون وهناك تدفق معلوماتي عبر مختلف الوسائل والتكنولوجيات الحديثة لم تدع مجالا للانقطاع أو انتظار البحث عن المعلومة، فالمعلومة الآن هي التي تلاحق الشخص ولايكاد ينفك منها حتى لو حاول فهي تتبعه أنى وجد.

فصندوق الوارد inbox في البريد الالكتروني يمثل منعطفا كبيرا ومصداقا لأهم أوجه الثورة المعلوماتية، نعم هو ملف للبريد الوارد ولكن يا له من ملف كبير الحجم عظيم الاثر.

نعم فكيف لايكون هناك طفح معلوماتي وأنت تستقبل كل يوم في بريدك الوارد أكثر من 15رسالة وكل منها تحتوى على كم كبير من المعلومات والوصلات التي توصل هي الاخرى إلى مواقع أخرى، وهذا بالطبع لتوضيح البريد الوارد من تلك الجهات أو المؤسسات الخبرية المحددة .ولو أراد الشخص أن يزيد الاشتراكات المجانية في عدد النشرات أو المجلات المتخصصة لتعطل ملف البريد الوارد كما حصل لي أكثر من مرة .كما أنه لا داعى لذلك لأن الوقت المحدد سوف لن يسمح بقراءة كل ما وصل من المعلومات وأعتقد تبعا لذلك أننا بحاجة الى وقت اضافي لليوم الواحد لنتمكن من قراءة تلك المجلات والكتب والاخبار المرسلة بتقنية الدفع Push Technology

إقرأ أيضا لـ "أنور الحربي"

العدد 4 - الإثنين 09 سبتمبر 2002م الموافق 02 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً